إن ما يميز نظرة الفلاسفة لحقوق الإنسان هو أنها نظرة قاصرة تركز على فئة أو نوع معين من الحقوق وتغلب عليها الأهواء والنزوات الشخصية والسعى لتحقيق المصالح الخاصة0وشتان ما بين الفطرة التى فطرالله الناس عليها وهى التوحيد وما يدل الناس على الخير ويمنعهم من الشر0 وبين حالة الطبيعة التى قد تعنى الإنفلات من كل القيم والأخلاق والأعراف والهبوط إلى درجة أقل من درجة الحيوان0 هذا ونظرا لغياب المرجعية الإلهية عند الفلاسفة0 فقدد إتخذوا عقولهم المحدودة حاكما وحكما فى قضاياهم وفهمهم لماهية وغاية وجوده فى هذه الحياة الدنيا فا تفقوا هنا وفترقوا هناك0 كما أن المقارنة بين منهج الشريعة الإسلامية السماوية وبين المناهج التى وضعوها الفلاسفة مقارنة خاطئة ولا ينبغى فى الحقيقة الوقوع فيه ومن ذلك طبعا القول بأن إبراز التطابق بين الكفية التى تعالى بها الإسلام بمضامين دعوته بما فيها حقوق الإنسان0 وبين الطريقة التى سلكها فلاسفة أوروبا فى التبشير بالإعلان العالمى لحقوق الإنسان هو فى ما نعتقده عملية تبرزها وظيفتها فى تأصيل تلك الحقوق فى وعينا العربى الإسلامى المعاصر0 كما أنه من الأخطاء الجسيمة التى وقع فيها بعض المفكرين من العرب والمسلمين هى السعى لإيجاد قواسم مشتركة بين منهج الإسلام والمناهج الغربية ومحاولة التسوية بينهما فيما يتعلق بالأسس التى قامت عليها حقوق الإنسان0 فالدين لم يكن حاضرا أثناء وضع الأسس وإنما قامت على تصورات الفلاسفة وقناعاتهم الشخصية 0 كما أن هناك إجماع على أن الحداثة مرتبطة تماما بفكرة حركة الإستنارة الذى ينطلق من فكرة أن الإنسان هو مركز الكون وسيده وأنه لا يحتاج إلا إلى عقله سواء فى دراسة الواقع أو إدارة المجتمع أو للتمييز بين الصالح والطالح 0 وفى هذا الإطار طبعا يصبح العمل هو أساس الفكر مصدر المعنى0والقيمة التكنولوجيا هى الآلية الأساسية فى محاولة تسيخير الطبيعة وإعادة صياغتها ليتحقق للإنسان سعادته ومنفعته0 ومع هذا يمكن القول بأن الحداثة ليست مجرد إستخدام العقل والعلم والتكنولوجيا بل قد تكون حقيقة هى إستخدام العقل والعلم والتكنوجية المنفصلة عن القيمة 0 طبعا وهذا البعد هو بعد مهم لمنظومة الحداثة الغربية0 كما أن الدين لم يكن هو المرجعية الكلية العالمية التى أسس عليها فلاسفة أوروبا فى القرن الثامن عشر عالمية حقوق الإنسان التى بشروا0بها بل لقد عمدوا إلى بناء مرجعية عقلية مستقلة تتجاوز سلطة الكنيسة وتعلو عليها ثلاث مرجعية تتألف من ثلاث فرضيات رئيسية هى القول بالتطابق بين نظام الطبيعة ونظام العقل وكذا إفتراض ما أسموه بحالة الطبيعة ثم فكرة العقد الإجتماعى0 ويبقى القول بأن فلاسفة أوروبا وظفوا مبدأ أو فرضية التطابق بين نظام الطبيعة ونظام العقل ليجعلوا العقل المرجعية الأولى والحكم الأول والأخير0 كما نعتقد كعرب مسلمين بأن هذا النوع من المطابقة بين نظام العقل ونظام الطبيعة يهدف إلى جعل العقل المرجعية التى لا تعلو على كل مرجعية يمكن أن نقرأة بسهولة فى خطاب الدعوة الإسلامية وفى القرآن الكريم0كما أن القانون الطبيعى عند الكثير هو فلسفة وليس دينا0 كما الإعلان العالمى لحقوق الإنسان والمعاهدتين الرئيسيتين قائمة على مبادئ القانون الطبيعى وتتضمن الكرامة المتأصلة والحقوق التى لا يمكن إنتزاعها لجميع أعضاء الأسرة الإنسانية 0 كما تقدم الكثير من أمثال كارل ماركس مبادئ يمكن أن تستخدم كمصادر لحقوق الإنسان والحقوق الأساسية للإنسان فى الإتفاق الأميريكى لحقوق الإنسان قائمة على أساس صفت الشخصية الإنسانية0 أما فى الميثاق الإفريقى لحقوق الإنسان والشعوب طبعا فإن حقوق الإنسان الأساسية تنبع من صفات البشر0علما بأن المفهوم الغربى لحقوق الإنسان قد إستمد أصوله من المذاهب الفلسفية التى ظهرت خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر0 حول الفرد المستقل وحقوقه الطبيعية0 وهى طبعا حقوق ليست مستمدة من النظم السياسية 0 ولكنها مؤسسة على حقوق طبيعية أسبق من سيادة الدولة بل أسمى منها0 هذا من جهة ومن جهة ثانية فإن المؤامرة الصهيونية قد راحت تحرض على إخراج المرأة من بيتها إلى الطريق حيث نجد أن كارل ماركس يقول : أن المرأة لابد أن تعمل ودركايم يقول : إن الزواج ليس بفطرة0وفرويد يقول لابد للمرأة أن تحقق كيانها تحقيقا جنسيا خالصا من القيود0 هذا وقد إستغلت الصهيونية العالمية النظرية الدروينية ونظرية التطور أبشع إستغلال لتحطيم كل فضيلة باقية فى الجاهلية الأوروبية على يد ثلاثة مفسدين كارل ماركس وفرويد ودركايم0 فهؤلاء الثلاثة راحوا يتكلمون عن الدين بزراية وتحقير ويلوثون صورته فى نفوس الجماهير فدركايم يقول : أن الدين ليس بفطرة وكارل ماركس يقول أن الدين أفيون الشعوب وأنه مجموعة من الأساطير إبتدعها الإقطاعيون والرأسماليون لتخذير الجماهير الكادحة وتلهيها بنعيم الأخرة عن حياة الحرمان فى الأرض0 وأن الأخلاق مجرد إنعكاس للوضع الإقتصادى المتطور على الدوام وليست قيمة ثابتة وفرويد يقول : أن الدين ناشئ من من الكبت من عقدة أوديب من العشق الجنسى الذى يحسه الولد نحو أمه ومن رغبة الإبن فى قتل أبيه0 وأن الأخلاق تتسم بطابع القسوة حتى فى صورتها العادية وهى عبارة عن كبت ضار بكيان الإنسان 0 هكذا راح هؤلا ء الثلاثة يحطمون الأخلاق0فدركايم يقول أن الجريمة ظاهرة سوية فالزواج ليس من الفطرة والأخلاق لايمكن الحديث عنها ككيان ثابت 0 وقد تم تمثيل هذه الأفكار بإعتبارها تفسيرا وتبريرا فى الوقت نفسه للنظام الرأسمالى الذى يعتبر الملكية الحد الأساسى للنزعة الإنسانية البرجوازية 0 والتى تعنى تأكيد ذات الإنسان ضد عبودية الإقطاع باسم الفردية وضد الكنيسة باسم حرية التفكير وضد قوى الطبيعة باسم إرادة الإنسان الذى يريد لها أن تصبح سيدة الطبيعة ومالكتها0 ويبقى القول بأن كثرة أراء و شطحات الكثير من فلاسفة الغرب والشرق هى فى الحقيقة السبب الرئيسى للبلاء والشقاء التى تعيشه الشعوب وتعيشه الأمم قبل الأمس و أمس واليوم 0 نقول هذا لأن هذا الحصاد الفكرى الطويل قد أثقل كاهل الإنسان هوى به إلى مكان سحيق من الإضطربات والقلق والشذوذ0 فى حين يظل الإسلام وحده شامخا مناديا للتوحيد الخالص لله رب العالمين بلاطاسم للعقل وبلاذنب موروث0 فعقيدة القرآن الكريم هى الفطرة فى نقائها والعقل فى صفاته والقلب فى نوره 0 كما أن التدين هو صفة عامة لجميع بنى البشر حديثهم وقديمهم 0 حيث لم يعثر على أمة من الأمم لا دين لها ولا على قبيلة من القبائل البائدة قبل أن يدون التاريخ إلا ولها آثار تدل على أنها كانت تدين لنحلة0 وأنها كانت تعرف أن وراء المحسوسات عالما محجوبا عن الأبصار فيه كائنات ترجى معونتها وتستدر رحمتها0 ويبقى القول بأن محاولة المطابقة بين نظام العقل الذى 0على الإسلام من شأنه ونظام الطبيعة الذى يحتكم إلى العقل القاصر وحده قد تعتبر حقيقة نوع من الخلط والتدليس0 فالعقل فى الإسلام ليس مرجعية مطلقة0 وإنما أداة للوصول إلى المقاصد الشرعية والتدبر فى خلق الله عزوجل أما المرجعية فهى للشرع وحدة0