إنّه زمن الفرح والبهجة، زمن زرع كلمة المحبّة فينا حتّى نحصدها قيامة في نهاية الصّوم المبارك. إنّها فترة التّهيئة لما قبل العرس، والتّحضير للّقاء بالمسيح الممجّد والقائم من بين الأموات. كلنا يعلم كيفيّة الاستعداد للعرس. تمضي أيّامه بفرح وسعادة رغم التّعب والتّحضيرات، وكلّنا يحاول أن يكون في ذلك اليوم السّعيد بأبهى صورة وأقرب ما يمكن إلى الكمال. فحبذا لو تكون أيّام الصّوم المبارك أشبه بتلك الاستعدادات للعرس، فنحيا هذه المرحلة من حياتنا بفرح عظيم، متشوّقين للقاء الرّبّ وسعيدين بنعمه الكثيرة الّتي يغدقها علينا. إن كنّا نرجو السّعادة والفرح في هذا العالم فنحن أتعس النّاس وأشقاهم. فالفرح الحقيقيّ والكامل هو ذاك الّذي ينبثق عن لقائنا الحميم بالسّيّد ومرافقتنا له طيلة أيّام حياتنا. وهو ذاك المرتبط بالألم البعيد بمعناه عن الوجع والمرض. الألم سرّ الفرح لأنّه ألم الحبّ الّذي يمنح الإنسان قيمته الإنسانيّة الّتي هي على صورة الرّبّ. أمّا الوجع والمرض والصّعوبات فليست سوى أمور طبيعيّة تخضع لطبيعتنا البشرية ونتجاوزها مع الوقت. بيد أنّنا إذا عرفنا كيف نعطيها قيمة بإشراكنا إيّاها مع المسيح، نرفعها إلى مستوى مشروع الله. نحبّ الرّبّ فنتألّم حبّاً وشوقاً إليه، ونحرّر أنفسنا من كلّ طارئ على علاقتنا بحبيبنا الأوحد. من هنا، في الصّوم المبارك نغسل ذواتنا وننفتح على الحبّ الإلهي تاركين خلفنا هشاشة هذا العالم، مهملين مغرياته الفانية. أيها المسيح الحبيب، الفرح الحقيقيّ والكامل، هبنا أن نسير درب الصّوم المبارك بقلوب منفتحة على الفرح والمحبّة. أعطِ عيوننا نظرات تصبو نحوك لا غيرْ، حتّى إذا ما تعثّرنا أمسك بنا قلبك الوافر الرّحمة والمحبّة. أنت الّذي يليق بك كلّ حبّ ومجد وإكرام، مع أبيك وروحك الحيّ القدّوس، الآن وكلّ أوان وإلى دهر الدّاهرين. أمين.