/ لبنان ليس من تعزية للقلب الحزين أفضل من الكلام عن فرح الرّبّ. وما أحوجنا اليوم، نحن الغارقون في ضجيج العالم وقسوته وعنفه إلى هذا الفرح المحيي لنفوسنا. وليكن كلام التّعزية نابعاً من قلوبنا الّتي اختبرت فرح المسيح، ولننقله إلى إخوة كثيرين يتألّمون من الحزن لفقدانهم أحبّائهم أو لاغترابهم عن أوطانهم أو لافتراقهم عن عائلاتهم... ولا يكنْ كلام تعزية مصطنعة تخدّر الحزن ولا تعالجه، بل مشاركة حقيقيّة نحمل من خلالها قدر الإمكان بعضاً من ألم الإخوة. إنّ الرّبّ يسمع أنين أبنائه وصراخهم، ويرى مذلّتهم وهوانهم، فينزل إليهم ليرفعهم من أرض الشّقاء إلى أرض جديدة، فيكون هو العزاء والمعزّي، والخلاص والمخلّص، والحرّيّة والمحرّر. لا يترك أبناءه تائهين في هذا العالم المضطرب، ويتدخّل كلّ حين ليمنحهم فرح الحياة. لذا فكلّ نفس متألّمة تلقى اليوم بل الآن لمسة تعزية وتحنّن من يد الرّبّ، وتتبارك كلّ نفس بنور الطّفل الإلهي. " ستفرح البرّيّة ويبتهج القفر ويزهر كالنّرجس يزهر إزهاراً، ويبتهج ويرنّم طرباً. مجد لبنان أعطيَ له، وبهاء الكرمل والشّارون، فيرى كلّ بشرٍ مجد الله وبهاء الرّبّ إلهنا." ( أشعيا 2،1: 35). وحده الرّبّ يفهم بعمق حزن قلوب البشر ووحده يحتمل معهم حزنهم وألمهم ويترأّف بهم، ويعدّ لهم فرحاً لا ينتهي ولا يزول. ونحن بدورنا علينا أن ننقل لهم بصدق محبّة الرّبّ وتفهّمه وتحنّنه، ونتشارك معهم في هذا العيد المبارك ولو بكلمة محبّة أو ابتسامة رقيقة أو انحناء رحمة. فكلّ إنسان على هذه الأرض يستحقّ أن يحيا بفرح لأنّ مشيئة الله هي سعادة الإنسان. من الميلاد إلى القيامة تجلّى الرّبّ فرحاً لكلّ شخص قابله أو رافقه، ولم يتوانَ عن إسعاد النّاس واحترام كرامتهم الإنسانيّة. واليوم وكلّ حين وإلى الأبد يبقى المسيح فرح الحياة وسلامها، ونبع الحبّ المنسكب في قلوب البشر حتّى يحيوا فرحاً وحبّاً. إلى كلّ شخص محزون ومتعب، متألّم ومنحنٍ من شدّة الوجع، هشّم ملامحه الأسى واستحكمت فيه ظلال الكآبة، ويبتعد عن العيد بمقدار اقترابه من حزنه وأساه، معتبراً أنّ لا معنى للعيد في هذه الظّروف القاسية نقول: الحياة تستحقّ التّحدّي والمقاومة في سبيل هبة الحياة الممنوحة لنا من الله. وفرحة العيد هي العلاقة بين الأرض والسّماء، تتّجه أنظارنا نحو القدير وتكون علاقتنا معه متكاملة. ومن لا يشعر بالعيد هو من انقطعت علاقته بالسّماء. وبقدر ما نعيش فرحة العيد ونتواصل مع الآخر من خلالها، بقدر ما يبدأ العيد يأخذ معناه الحقيقيّ. أيّها الطّفل الإلهي الفائق العذوبة، أرح قلوب إخوة كثيرين من الحزن والألم، وأنعم عليهم بفرحك الغامر. يا رئيس السّلام، هبّ كل معوز للسّلام طمأنينة من قلبك الطّاهر وانزع من نفوس كثيرة كلّ قلق واضطراب. يا سيّد السّادة وملك الملوك وربّ الأرباب، الآتي إلى عالمنا الحزين، إرفعنا من أرض الشّقاء إلى أرضك الجديدة. أيّها المسيح الحبيب، ليفض سلامك على العالم أجمع فيتهيّأ للقائك المجيد ويعيّد معك العيد الّذي لا ينتهي ولا يزول. أنت الّذي مجدك يملأ السّماء والأرض والّذي يليق بك كلّ مجد وإكرام، الآن وكلّ أوان وإلى دهر الدّاهرين. أمين. كاتب الأيقونة: أيمن نعمة/ سوريا