عندما كنت طالبا بمدرسة الرمل الثانوية بالاسكندرية في منتصف خمسينيات القرن العشرين ( أعوام 1953، 54، 55 ) كانت فرصتي للممارسة الرسم والتلوين متاحة عن طريق الالتحاق بحجرة الرسم في الوقت المخصص للهويات. استمتعت استمتاعا لا حدود له بحصة الهوايات، ساعتان كل اسبوع، أحصل علي الورق، والالوان والفرش، ويتركني المشرف أفعل ما أريد........... وحسب ما كنت اشاهده من أعمال الفنانين المعاصرين وقتها، كان التشخيص و محاكاة الواقع هو غاية الفنان، ولم أكن أدرك - لصغر سني - أن هناك تكعيب وتجريد، اذ كانت تلك مستحدثات لا يعرفها سوي القلة، ينظر لها العامة باعتبارها مستحدثات عبثية مستهجنة، لهذا كان اختياري للموضوعات التي اصورها منصبا علي مناظر من الواقع حولي والتعبير عن المجتمع الذي اعيشة. أما فيما يتعلق بالجانب التقني، فقد كان الاسلوب التأثيري هو الأكثر شيوعا، باعتباره الموضة المنتشرة في مصر، فتخلي كثير من الفنانين عن الرسم الخطي وركزوا اهتماماتهم علي التلوين، وفرش الالوان علي سطح اللوحة دون التقيد بخطوط كونتورية تحكمها ، فالتأثير والانطباع كانا الغاية والقصد، ولم يهمهم تفكك اللوحة، وفقدها للخطوط ...........لما كان ذلك هو الحال الذي وعيته وقتها، لم يكن هناك أمامي من بد سوي اتباع النهج الذي أراه من خلال أعمال الفنانين المعاصرين. في اطار هذه الظروف والمعطيات، ولافتقاري للتدريب في تلك السن الصغيرة، صورت لوحاتي في مرحلة الصبا علي النحو الذي تبدي في لوحة (صالون الحلاقة) بألوان الجواش عام 1956، فجاء اختياري لموضوع شعبي من البيئة، يهتم بالتشخيصية، ولا يهتم بالتفاصيل والخطوط،، وكنت أضع الألوان في ضربات للفرشاة علي الورق مقلدا بعضا مما اشاهده من لوحات الفنانين المعاصرين................لقد كان همي الأول هو التأثير والايحاء. ويسرني أن أعرض، لمتابعي رسائلي الالكترونية، تلك اللوحة التي ظللت محتفظا بها لما يقرب من 58 عاما، ورغم عفوية الاسلوب وركاكته، الا أني اعتز بتلك اللوحة كثيرا، لأنها البرهان الذي يوضح مدي عشقي وتعلقي بفن التصوير منذ خمسينيات القرن العشرين.