قبل أن أختم عرض نماذج من أعمالي التي أنجزتها في حقبة الستينيات، يبقي أن أعرض للمشاهدين الأعزاء تجربتي مع استخدام أسلوب الكولاج. استهوتني فكرة استخدام الكولاج والعناصر الجديدة في التشكيل، وجائتني الفكرة من خلال مطالعاتي في كتب الفن وعدد من الجرائد والمجلات الاجنبية التي تعني بمتابعة أحداث المعارض بالخارج والاتجاهات الفنية الجديدة، ولم أكن قد رأيت بعد رؤية العين أعمالا فنية من هذا القبيل، إلي أن تعرفت علي أعمال الفنان منير كنعان (1919- 2000) عبر المجلات المصرية، فلفتت انتباهي. يعد الفنان منير كنعان من أبرز رواد الكولاج في مصر، ومن أوائل مستخدمي الخامات غير التقليدية، وجائت أعماله صادمة لكثير من المهتمين بأمور الفن ببلادنا، وكانت في نفس الوقت محفزة لشريحة من شباب الفنانين للإقدام علي مغامرات فنية جديدة. تسربت فكرة الكولاج إلي نفسي، بمثل ما تسربت إلي نفوس فنانين آخرين، فأقدمت علي تجريب ذلك الاتجاه، واللوحة التي يسرني عرضها اليوم، عنوانها (استيقاظ) من إنتاج عام 1960 مقاسها 39 في 30 سم، استخدمت فيها قصاصات من جرائد مصرية باللغة العربية وإنجليزية، وأجزاء من علبة كرتون، وقطعة قماش، بالإضافة إلي ألوان مائية، وتصور اللوحة فتاة تستيقظ في الصباح، جالسة علي حافة السرير، تتأهب للنهوض. ملحوظة: الأعمال الأولي التي استخدمت فيها أسلوب الكولاج، لم تبتعد عن التشخيص، بعكس اللوحات التي أنجزت في أواخر الستينيات، التي مالت إلي عالم التجريد البحت، وكانت بمثابة بداية لاسقاط التشخيص من حساباتي، والاهتمام بالعلاقات بين الاشكال الهندسية والمساحات والالوان، وسوف أعرض بعض تلك الأعمال في رسائل تالية.