خرجنا من أزمة كورونا كدولة أقوى، ونركز حاليًا على الاستدامة في الطاقة الإمارات من أفضل الدول تعاملًا مع الأزمة، وأكثرها تقدمًا في توزيع اللقاح. نعمل على مشاريع الربط مع العراق ومصر وصولًا إلى شمال أفريقيا والسودان. تحدّث وزير الطاقة والبنية التحتية في دولة الإمارات، سهيل بن محمد المزروعي، عبر برنامج "حوار مسؤول" في فوربس الشرق الأوسط، مشيدًا بالتعاون الدولي الذي حدث العام الماضي في ظل أكبر مقاطعة للطلب النفطي. والخطط التي اعتمدتها منظمة أوبك+ للتعامل مع الانخفاض الكبير في الطلب. كما أبرز الجهود التي قامت بها دولة الأمارات لتخطي تداعيات الجائحة والمكاسب التي حققتها بعد هذه الازمة. الهدف: استعادة ثقة المستثمرين ذكر المزروعي أن خطط منظمة أوبك+ بدأت تؤتي ثمارها في الربع الأخير من عام 2020، إذ تعافى الطلب العالمي على النفط وزاد الإنتاج. مشيرًا إلى أنّ التعديلات في عام 2021 أسهمت في استقرار الأسعار. كما أوضح أنّ الهدف ليس السعر، بل أن تكون الأسعار مناسبة للمستثمرين، واسترجاع ثقتهم في القطاع لإنعاش الطلب النفطي. وأوضح أنّ الخطة التي بدأت منظمة أوبك باعتمادها منذ اجتماعها الأخير مدتها عامان، وتقضي بتمديد الخفض الحالي بواقع شهر واحد. ومن المتوقع أن "نباشر بعد ذلك بوضع أفكار للعودة التدريجية إلى الأسواق" علمًا أنّ كميات الضخ لن تكون أكبر مما يتحمله السوق. كذلك أشاد المزروعي ب"العقلانية التي يتميز بها تحالف أوبك+" الذي تقوده المملكة العربية السعودية وروسيا. مشيرًا إلى أنّ خلال الاجتماعات الشهرية المقبلة، يمكن وضع خطة طريق للتعامل مع متغيرات الأسواق كورونا وحملات التلقيح في حين رفض المزروعي التقييمات المتشائمة بشأن عدم قدرة اللقاحات الحالية على الوقاية من الجائحة، وتصريح خبراء الصحة بأنه علينا التعايش مع المرض ل5 أعوام مقبلة، مؤكدًا على التطور الكبير الذي تم إنجازه منذ الربع الأخير لعام 2020، والوضع الحالي للبلدان، لا سيما في مجال النفط، إذ شهد الربع الأول من العام 2021 انفتاحات اقتصادية وتعافيًا في الطلب، وعادت خطوط الطيران إلى العمل بإجراءات احترازية. ويرى المزروعي أنّ أغلب شركات اللقاحات قادرة على التكيف وتعديل برامجها، بحيث يختفي المرض نهائيًا. وأعرب عن تفاؤله بالعام 2021، معتبرًا أنّه سيكون عام التعافي التدريجي. أما عن الإمارات تحديدا، فلفت المزروعي إلى أنّ الدولة تُعد من أفضل الدول تعاملًا مع الأزمة، وأكثرها تقدمًا في توزيع اللقاح. كما أوضح أنّ الإمارات منذ البداية ركزت على الأمور الرئيسة وهي: سلامة وصحة المقيم في البلاد. ووضعت الحكومة سياسة متكاملة للتعامل مع انتشار المرض، بالإضافة إلى إجراءات احترازية التزم بها الجميع. وتمكنت الإمارات من أن تكون الأقل تأثرًا من ناحية عدد الوفيات. أما اقتصاديًا، فركزت الحكومة الإماراتية على دعم القطاعات الأكثر تضررًا، سواء أكانت في مجال السياحة أم التجزئة، وقدمت تحفيزات اقتصادية بنحو 70 مليار دولار. ولفت المزروعي بقوله" :أعتقد أننا خرجنا من هذه التجربة كدولة أقوى. ثقتنا بحكومتنا أكبر، وثقة السكان ارتفعت بدولتهم لا سيما في النظام الصحي. ورغم تأثرنا سلبًا بالجائحة إلا أننا حققنا إنجازات مهمة مثل: تشغيل محطة الطاقة النووية الأولى، وإطلاق مسبار الأمل ."وذكر أنّ الإمارات تتجه حاليًا للتركيز على مجالات عدة منها الأمن الغذائي والصناعة. استراتيجية الإمارات للطاقة 2050 أطلقت الإمارات في عام 2017 استراتيجية الدولة للطاقة 2050، التي ترتكز على تطوير قطاع الطاقة، وفرص التصدير عبر تنويع المصادر، ومحاولة تحقيق التوازن بين الإنتاج والاستهلاك. ولفت المزروعي إلى أنّ الخطة تُحدّث كل 5 أعوام. وقد بدأت وزارة الطاقة حاليًا بتحديثها، ومن المتوقع أن تُطلق النسخة الجديدة في عام 2022، وتتضمن سُبل التحول نحو الطاقة الخضراء، وجعل الإمارات من أفضل الدول عالميًا في مجال جودة الهواء، وجودة المدن، وتقليل البصمة الكربونية. فيما أضاف المزروعي" :نعمل على تخفيض ثاني أكسيد الكربون بواقع 70%، عبر إدخال 50% من مصادر توليد الطاقة، ونتوقع أن تنخفض الكلفة لنحو 700 مليار درهم (190 مليار دولار) مقارنة بالعمل في الغاز الطبيعي ."وأشار إلى أن العالم بأكمله سيستفيد إن استطاعت الإمارات مستقبلًا خفض كلفة الطاقة بشكل أكبر. مشاريع ربط التعاون الخليجي أكد المزروعي على أنّ مشاريع الربط الخليجي قائمة، وتستفيد منه دول مجلس التعاون الخليجي منذ أعوام. وهدفه الربط في حالات الطوارئ، فإن انقطعت أي من المنظومات الخليجية يحدث انتقال سلس للكهرباء من أي دولة لديها فائض. مشيرًا إلى أنّ الإمارات تتطلع حاليًا إلى نقل هذا المشروع لدول أخرى، وتعمل على الربط مع العراق ومصر وصولًا إلى شمال أفريقيا والسودان. كما تأمل أن يصل المشروع مستقبلًا إلى أوروبا، لا سيما أنّه يعتمد على الكهرباء النظيفة. دور التكنولوجيا والتقنيات الحديثة في المشاريع النفطية المستقبلية يرى المزروعي أنّ التكنولوجيا والتقنيات الحديثة، تُشكل ضغطًا على على المنتجين لرفع المهنية في الإنتاج. وأكد بقوله: "ستكون الإمارات من أكثر المنتجين مسؤولية في تخفيض البصمة الكربونية من إنتاج النفط والغاز. حيث تبنّت الشركة الإماراتية الوطنية للنفط، مشروع تجميع وحقن الكربون في الأرض. وكانت الإمارات أول دولة تجرب هذه التقنية، ولدينا مشاريع للتوسع في هذا المجال، ومن المتوقع أن تصبح شركة بترول أبوظبي الوطنية من أفضل الشركات مسؤولية في إنتاج كل برميل من النفط يشكل تأثيرًا أقل على البيئة". المنصة المائية أطلقت الإمارات مؤخرًا، مشروع المنصة المائية التي تمثل منظومة معلوماتية لقواعد البيانات. علمًا أن الخليج يستثمر مبالغ كبيرة لتأمين المياه الصالحة للاستهلاك. ويرى المرزوعي أنّ الأمن المائي سيكون من أكبر التحديات أمام كل دول العالم، حتى لدى الدول التي تملك الماء، فمن المهم وجود الماء بكميات كبيرة وبجودة المناسبة. وذكر أنّه في دول الخليج لا توازي مناسيب الأمطار معدلات الاستهلاك، لذلك أطلقت الإمارات منصة لجمع البيانات أولًا، إضافة إلى خطة الأمن المائي التي تستهدف فصل توليد الكهرباء عن تحلية المياه، باستخدام التقنيات الأكثر تطورا وكفاءة، وهي تقنية "التناضح العكسي Reverse osmosis)) التي خفضت الكلفة بنسبة 70%، ووفرت كميات كبيرة من الغاز الطبيعي التي كانت تُحرق لتحلية المياه. كذلك تحدث المزروعي عن مشروع الإمارات للاستمطار، أي لزيادة كميات الأمطار، ومشروع الربط بين جميع الخزانات المائية في الدولة، وتحقيق نسبة معقولة من التخزين الاستراتيجي للمياه، باستخدام خزانات أرضية وصناعية. في المقابل، أشار المزروعي إلى أنّ هذه المشاريع كافة لن تكتمل إلا إن استطاعت دولة الإمارات إقناع الأفراد بخفض استهلاكهم للمياه أو الكهرباء بنسبة 40%، عبر فرض قوانين وأنظمة من جهة، وتحفيز ثقافة استهلاك المياه للفئات كافة. وختم بحديث لولي عهد إمارة أبوظبي، ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد، يقول فيه ":الماء أغلى من البترول"، داعيًا إلى التركيز على البيئة والمشاركة في تحقيق الاستدامة العالمية.