كنت دائما كثير النقاش والجدال مع الأحبة من الزملاء والأقران حول الفساد والفاسدين وكان من بين بنود مناقشاتنا : من أين يأتى الفساد؟ من القاعدة أولا أم من القمة؟هل بدأ الفساد فى الشعوب أولا فكان جزاء ذلك أن سلط الله علينا الفاسدين ؟ أم أن الفساد بدأ من الحكام أولا ففرضوا الفساد علينا فأصبحنا فاسدين؟ أعتقد أننا ينبغى أن نتغير للأحسن حتى يرزقنا الله بحاكم صالح. أما حالنا اليوم نحن المصريين فى الداخل وعلى مستوى الأفراد خاصة شىء يندى له الجبين فتارة تجد تجارا جشعين يستغلون حال الوطن وما نحن فيه من حالة انتقالية وعدم استقرار فيرفعون الأسعار عن عمد ، وتارة أخرى تجد أغنياء لديهم بدلا من البيوت عمارات وأبراج ومع ذلك يشيدون عمارات كاملة على الأراضى الزراعية غير مبالين بقانون ولا حكومة ولا دولة ولا يبالون بأى شىء حتى تجد نفسك متعجبا : هل كانوا يخافون الحكومة الظالمة وهم الآن لا يخافون الله وهم يهلكون ثروة قومية واقتصادية هى الأساس فى مصر حيث أننا فى الأساس بلد زراعى. إننى أذكر هؤلاء وأمثالهم ونفسى قبلهم بواقعة ابنة بائعة اللبن التى قالت لأمها التى أمرتها بغش اللبن "إذا كان أمير المؤمنين لا يرانا فرب أمير المؤمنين يرانا" . قامت الثورة ولكن أزعم أنها لم تنتهى بعد : فنحن فى أمس الحاجة إلى أن يراعى رئيس العمل فى عمله ضميره وأن يراعى المرؤوس أيضا ربه وضميره وأن نخلص جميعا العمل لوجه الله .وليعلم الجميع أن الله تعالى لن يغير حالنا حتى نغير ما بأنفسنا."إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" إن ثورة أسقطت نظاما مستبدا ظالما لهى قادرة إن شاء الله على أن تسقط ما فى النفوس من الحقد والأنانية واللا مبالاه والبلطجة واحداث الفتن فى بلد وصفها الله بالأمن والأمان . ليتنا نجعل فى كل نفس ميدانا لتحريرها من كل ما يشوبها من دنس الخصال السيئة ، وليتنا نسقط –كما أسقطنا الظالمين- ما بداخلنا من بلطجة وهمجية وفساد أخلاقى ونفسى مازال يسيطر على عدد غير قليل من النفوس. والله المستعان.