الحمدلله و الصلاة و السلام على رسوله الأمين و على آله و صحبه أجمعين , أما بعد : كل مصيبة تحصل للعبد اما بكسب اليد لقول الله (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) و اما بلاء لقول رسول الله عليه الصلاة والسلام : (أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى) و البلاء تكفر السيئات و تضاعف الحسنات. فالمؤمن تحصل له المصائب اما بلاء لتكفير سيئاته و رفع درجاته و اما بما كسبت يده و أما الكافر بما كسبت يده. و أما ما حصل في اليابان فيها فوائد و عبر كثيرة , منها : 1) أن الله يمهل و لا يهمل : للأسف كثير من المسلمين يظنون أن الشخص اذا أنعم الله عليه بمال و جاه و غيره فان الله يحبه و هو على خير عظيم و هذه من الأخطاء الشائعة بين الناس اليوم فلا تظن أن الكفار يتمتعون بالحياة الدنيا لأنهم على الحق – و العياذ بالله – و انما يمهلهم الله (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) و قال تعالى (وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) و هذه الدنيا يعطيها الله لمن يشاء من عباده (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ). 2) التكنلوجية ليست كل شيء : البعض يعجبه بما تسمى بالدول المتقدمة لقوتهم و صناعاتهم و غيره , فاعلم أن الله فوق كل هذه المخلوقات (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). اليابانيون يذهبون الى أعمالهم في الصباح الباكر و هم ملايين و بعضهم يذهب سيرا على الأقدام و بعضهم يذهب على الدراجة و بعضهم يذهب بالسيارة. و أما الذين يذهبون بالسيارات و قدر الله أن يحصل حادث في الشارع فهل تظن أن سيستغرقهم فترة من الزمن ليبعدوا السيارة عن الطريق أو ينتظروا الشرطة لتأتي ؟ كلا ,بل في بضع دقائق تأتي بما تسمى ب(الهيلكبتور) ثم تحمل السيارة حتى لا تسبب الزحمة و يستمر نظام السير ! فمن يستطيع أن يدفع قدرة الله من زلازل و غيرها ؟! 3) التفكر بآيات الله و قدرته : قال تعالى (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) و قال (وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ). 4) الموت قريب و ان طال الأمل : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يكبر ابن آدم ويكبر معه اثنان: حب المال وطول العمر) ! و ما يحصل من براكين و زلازل يتذكر الانسان ان الموت قريب و لن يستطيع أحد الفرار منه بل اذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة و لا يستقدمون و لو كانوا في بروج مشيدة ! و الله اذا أخذ شخصا أخذه أخذ عزيز مقتدر. 5) القوة لله : مهما بلغ أيا كان مبلغا من القوة سواء كان شخصا أم جيشا أم دولة أم مملكة فانهم لن يستطيعون أن يعجزوا الله و قدرته, قال تعالى (أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا) لذلك يجب الرجوع الى الله و فيها فضل عظيم لقوله (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) و ما سوى الله فهو مخلوق ضعيف و لو قصر بعض المسلمين في أدائهم للمأمور أو اتيانهم للمحظور فاعلم ان الله ناصر دينه (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ ).