حماة الوطن يُهنئ الرئيس والشعب المصري بذكرى تحرير سيناء    الإعلان عن المرشحين من جامعة عين شمس لمنح المبادرة المصرية اليابانية للتعليم    وزير التعليم: القيادة السياسية تدعم "التعليم المنتج للإبداع والابتكار"    إنفوجراف| أسعار الذهب اليوم في بداية تعاملات الأربعاء 24 أبريل    بدء اجتماع الحكومة الأسبوعي بالعاصمة الإدارية الجديدة    «الغرف التجارية»: 9.9 مليار دولار صادرات مصر من مواد البناء خلال 5 سنوات    ؤالبنك المركزي: سداد مستحقات ديون خارجية ب8.16 مليار دولار خلال الربع الأول من 2023- 2024    نائب وزير الإسكان يفتتح معرض إدارة الأصول    «النقل» تتعاقد على بناء سفينتين جديدتين مع ترسانة هانتونج الصينية    وكيل «خطة النواب»: 90 مليار جنيه لدعم الخبز في موازنة 2024/ 2025    مقتل فلسطينية برصاص القوات الإسرائيلية قرب الخليل    تقرير: ضباط إسرائيليون كبار يعتزمون الاستقالة    حظر سفر وعقوبات.. كيف تعاملت دول العالم مع إرهاب المستوطنين الإسرائيليين بالضفة الغربية؟    الأمم المتحدة تدعو لإجراء تحقيق بشأن مقابر جماعية بغزة داهمها الاحتلال    صور الأقمار الصناعية تكشف الاستعدادات لعملية رفح    موعد مباراة الأهلي ومازيمبي في إياب نصف نهائي دوري أبطال أفريقيا    محمد الشناوي يدخل قائمة الأهلي أمام مازيمبي    مفاجأة تنتظر المصريين بعد انتهاء الموجة الحارة.. أمطار لمدة 5 أيام    ننشر محظورات امتحانات الثانوية العامة 2024 وعقوباتها    «الشيوخ الأمريكي» يوافق على مشروع قانون لفرض قيود على «تيك توك»    قصة حب انتهت بالزواج ثم القتل لسبب صادم.. جريمة تهز المحلة    DMC تعرض تقريرا عن الفنان الراحل محمود مرسي في ذكرى رحيله    مصر تفوز بعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الإفريقية    مستشفيات جامعة المنيا تستقبل الدفعة الأولى من مصابى غزة (صور)    الحج في الإسلام: شروطه وحكمه ومقاصده    رئيس جامعة القاهرة يشارك في مؤتمر الذكاء الاصطناعي التوليدي وأثره على حقوق الملكية الفكرية    تفاصيل الحالة المرورية بالمحاور والميادين صباح الأربعاء 24 أبريل    اليوم.. استكمال محاكمة المتهمين باستدراج طبيب وقتله بالتجمع الخامس    بسبب الحرب على غزة.. كل ما تحتاج معرفته عن احتجاجات الجامعات الأمريكية    «خيال الظل» يواجه تغيرات «الهوية»    طرح فيلم ANYONE BUT YOU على منصة نتفليكس    بعد عودة الشناوي.. تعرف على الحارس الأقرب لعرين الأهلي الفترة المقبلة    دعاء الحر الشديد.. 5 كلمات تعتقك من نار جهنم وتدخلك الجنة    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 24-4-2024 والقنوات الناقلة    "لا يرتقي للحدث".. أحمد حسام ميدو ينتقد حكام نهائي دوري أبطال آسيا    تقديم خدمات طبية لأكثر من 600 مواطن بمختلف التخصصات خلال قافلتين بالبحيرة    رئيس هيئة الرعاية الصحية: خطة للارتقاء بمهارات الكوادر من العناصر البشرية    رئيس «المستشفيات التعليمية»: الهيئة إحدى المؤسسات الرائدة في مجال زراعة الكبد    8 مليارات دولار قيمة سلع مفرج عنها في 3 أسابيع من أبريل 2024.. رئيس الوزراء يؤكد العمل لاحتياط استراتيجي سلعي يسمح بتدخل الدولة في أي وقت    تاريخ مميز 24-4-2024.. تعرف على حظك اليوم والأبراج الأكثر ربحًا للمال    متحدث "البنتاجون": سنباشر قريبا بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة    دعاء العواصف والرياح.. الأزهر الشريف ينشر الكلمات المستحبة    الذكرى ال117 لتأسيس النادي الأهلي.. يا نسر عالي في الملاعب    تعرف على مدرب ورشة فن الإلقاء في الدورة ال17 للمهرجان القومي للمسرح؟    نتائج مباريات الأدوار من بطولة الجونة الدولية للاسكواش البلاتينية PSA 2024    مصطفى الفقي: مصر ضلع مباشر قي القضية الفلسطينية    بايدن يعتزم إرسال أسلحة جديدة لأوكرانيا اعتبارا من "هذا الأسبوع"    بعد وصفه بالزعيم الصغير .. من هم أحفاد عادل إمام؟ (تفاصيل)    بقيادة عمرو سلامة.. المتحدة تطلق أكبر تجارب أداء لاكتشاف الوجوه الجديدة (تفاصيل)    رئيس البنك الأهلي: «الكيمياء مع اللاعبين السر وراء مغادرة حلمي طولان»    إصابة العروس ووفاة صديقتها.. زفة عروسين تتحول لجنازة في كفر الشيخ    ‏هل الطلاق الشفهي يقع.. أزهري يجيب    بالأسماء.. محافظ كفر الشيخ يصدر حركة تنقلات بين رؤساء القرى في بيلا    تعيين أحمد بدرة مساعدًا لرئيس حزب العدل لتنمية الصعيد    تونس.. قرار بإطلاق اسم غزة على جامع بكل ولاية    فريد زهران: دعوة الرئيس للحوار الوطني ساهمت في حدوث انفراجة بالعمل السياسي    ما حكم تحميل كتاب له حقوق ملكية من الانترنت بدون مقابل؟ الأزهر يجيب    أجمل مسجات تهنئة شم النسيم 2024 للاصدقاء والعائلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أخلاقنا الجميلة: الصبر
نشر في اليوم السابع يوم 14 - 07 - 2009

الصبر: هو حبس النفس عن الجزع، يقال: صبر على الأمر: احتمله ولم يجزع، وحبس نفسه وضبطها(1).
يقول الشيخ محمد عبده - رحمه الله-: «الصبر هو تلقى المكروه بالاحتمال وكظم النفس عليه مع الروية فى دفعه، ومقاومة ما يحدثه من الجزع، فهو مركب من أمرين: دفع الجزع ومحاولة طرده، ثم مقاومة أثره حتى لا يغلب على النفس»(2).
والصبر قوة فى النفس تمكنها من: «احتمال الآلام والمكاره بغير تبرم يحملها على ترك الحق أو اجتراح الباطل»(3).
وقال ابن الجوزى: إن الصابر على المصائب سمى صابرًا «لأنه حبس نفسه عن الجزع»(4).
والصبر يمكننا من النهوض بأعباء الفضائل الأخرى التى تتطلب احتمال المشاق، فالثبات يوم الزحف يتطلب الصبر على الرباط، وبر الوالدين يحتاج إلى الصبر على احتمال رعايتهما، وكفالة اليتيم تحتاج إلى الصبر على النهوض بمطالبه حتى يلى شئون نفسه، والحج والصيام، والتعليم والعمل، كل ذلك يحتاج إلى الصبر كشرط للنجاح فيه.
وفى حالات الحرمان من المواهب الجسدية أو من الولد والمال، يكون الصبر هو الفضيلة التى يعتصم بها المسلم ضد مزالق السخط، والطريق الذى يصون دينه وهدوءه النفسى.
وليس معنى هذا أن الصبر يوجب على المسلم الاستسلام.
إن المسلم إذا استطاع أن يعمل شيئًا لدفع البلاء، فالإسلام يوجب عليه ذلك: «كل بلاء يقدر الإنسان على دفعه لا يؤمر بالصبر عليه.. وإنما يكون الصبر على ألم ليس إلى العبد إزالته(5).
وقد ذكر الله تعالى الصابرين بأوصاف، ذكر الصبر فى القرآن الكريم فى نيف وسبعين موضعًا، وأضاف أكثر الدرجات والخيرات إلى الصبر، وجعلها ثمرة له، فقال عز من قائل: }وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ
بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا} [السجدة: 24] وقال تعالى: { وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِى إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ } [الأعراف: 137].
وقال تعالى: { وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [النحل: 96].
وقال تعالى: { أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} [القصص: 54].
وقال تعالى: { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ } [الزمر: 10].
فما من قربة إلا وأجرها بتقدير وحساب إلا الصبر!!(6)
وسُئل رسول الله – صلى الله عليه وسلم - أى الناس أشد بلاءً؟ قال: «الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى الناس على قدر دينهم فمن ثخن دينه اشتد بلاؤه، ومن ضعف دينه ضعف بلاؤه، وإن الرجل ليصيبه البلاء حتى يمشى على الأرض ما عليه خطيئة»(7).
وقال – صلى الله عليه وسلم -: «مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيئها الريح، تصرمها مرة وتعدلها أخرى حتى يأتيه أجله. ومثل الكافر كمثل الأرزة المجذبة على أصلها لا يصيبها شيء حتى يكون انجعافها مرة واحدة»(8).
ولا يتحقق أجر وفضل الصبر بمجرد نزول البلاء، ولكن الحد الأدنى من الصبر المقبول هو حبس النفس عن الجزع، وحبس اللسان عن النطق بما لا يرضى الله، وحبس القلب عن الاعتراض على قدر الله، وأعلى درجات الصبر هو الرضا المطلق، والاطمئنان الكامل بقدر الله، أما أن يتلقى العبد البلاء بالجزع والكفر والاعتراض على قضاء الله وقدره، ثم بعد ذلك يقول أنا صابر! فهذا ليس صبرًا يثيب الله عليه أهل البلاء.
فعن أنس - رضى الله عنه- قال: مر النبى – صلى الله عليه وسلم - على امرأة تبكى عند قبر فقال: اتقى الله واصبري» فقالت: إليك عنى فإنك لم تصب بمصيبتى، ولم تعرفه، فقيل لها: إنه النبى – صلى الله عليه وسلم - فأتت النبى – صلى الله عليه وسلم - فلم تجده عنده بوّابين فقالت: لم أعرفك فقال: إنما الصبر عند الصدمة الأولى»(9).
وعن أبى هريرة - رضى الله عنه - أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - قال: «يقول الله تعالى: «ما لعبدى المؤمن عندى جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة»(10).
أقسام الصبر:
الصبر فضيلة صعبة المنال؛ لأن الذين يثبتون على ما يشق على النفس، ويتحملون البأساء والضراء، لا يمكن أن يكونوا أفرادًا عاديين؛ إنهم ذوو قدرات روحية وطاقات خلقية متميزة، وإيمان بالله لا يتزعزع.
ولقد قسّم أبو الحسن الماوردى الصبر إلى ستة أقسام(11):
الأول: الصبر على امتثال ما أمر الله تعالى به، والانتهاء عمّا نهى الله عنه؛ لأنه به تخلص الطاعة، وبها يصح الدين، وتؤدى الفروض ويستحق الثواب، كما قال فى محكم الكتاب: { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ } [الزمر: 10].
ولذلك قال النبى – صلى الله عليه وسلم -: «الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد». وليس لمن قل صبره على طاعة حظُّ من برّ ولا نصيب من صلاح.
وهذا النوع من الصبر إنما يكون لفرط الجزع وشدة الخوف، فإن من خاف الله -عز وجل- صبر على طاعته، ومن جزع عقابه وقف عند أوامره.
الثانى: الصبر على ما تقتضيه أوقاته من رزية قد أجهده الحزن عليها، أو حادثة قد كدّه الهم بها، فإن الصبر عليها يعقبه الراحة، ويكسبه المثوبة عنها. فإن صبر طائعًا وإلا احتمل همّا لازمًا وصبر كارهًا آثمًا.
وروى عن النبى – صلى الله عليه وسلم - أنه قال: يقول الله تعالى: «من لم يرض بقضائى ويصبر على بلائى فليختر ربًا سواى». وقال على بن أبى طالب - كرم الله وجهه - للأشعث بن قيس: إنك إن صبرت جرى عليك القلم وأنت مأجور، وإن جزعت جرى عليك القلم وأنت مأزور.
الثالث: الصبر على ما فات إدراكه من رغبة مرجوة، وأعوز نيله من مسرّه مأمولة، فإن الصبر عنها يعقب السلوّ منها، والأسف بعد اليأس خرق.
وروى عن النبى – صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من أُعطى فشكر، ومُنع فصبر، وظُلم فغفر، وظَلم فاستغفر، فأولئك لهم الأمن وهم مهتدون».
وقال بعض الحكماء: اجعل ما طلبته من الدنيا فلم تنله مثل ما لا يخطر ببالك فلم تقله.
الرابع: الصبر فيما يخشى حدوثه من رهبة يخافها، أو يحذر حلوله من نكبة يخشاها فلا يتعجل همّ ما لم يأت، فإن أكثر الهموم كاذبة، وإن الأغلب من الهم مدفوع.
وقد روى عن النبى – صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «بالصبر يتوّقع الفرج، ومن يدمن قرع باب يلج».
وقال الحسن البصرى: لا تحملنى على يومك همّ غدك، فحسب كل يوم همه.
الخامس: الصبر فيما يتوقعه من رغبة يرجوها، وينتظر من نعمة يأملها، فإنه إن أدهشه التوقّع لها، وأذهله التطلع إليها انسدّت عليه سبل المطالب واستفزّه تسويل المطامع، فكان أبعد لرجائه وأعظم لبلائه.
وإذا كان مع الرغبة وقورًا، وعند الطلب صبورًا تجلت عنه عماية الدهش، وانجابت عنه حيرة الوله، فأبصر رشده وعرف قصده.
وقد روى عن النبى – صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «الصبر ضياء»، يعنى أنه يكشف ظلم الحيرة ويوضح حقائق الأمور.
السادس: الصبر على ما نزل من مكروه، أو حلّ من أمر مخوف. فبالصبر فى هذا تنفتح وجوه الآراء، وتستدفع مكائد الأعداء، فإن من قلّ صبره عزب رأيه، واشتد جزعه، فصار صريع همومه، وفريسة غمومه.
وقد قال الله تعالى: { وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } [لقمان: 17].
وروى عن ابن عباس - رضى الله عنهما- عن النبى – صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن استطعت أن تعمل لله بالرضى فى اليقين فافعل، وإن لم تستطع فاصبر، فإن فى الصبر على ما تكره خيرًا كثيرًا».
واعلم أن النصر مع الصبر، والفرج مع الكرب، واليسر مع العسر.
والمرء محتاج إلى الصبر فى كل الأحوال: فهو يحتاج إليه فى السراء، كما يحتاج إليه فى الضراء. بل هو إليه فى السراء أحوج، فالرجل كل الرجل من يصبر على العافية(12).
نماذج من صبره – صلى الله عليه وسلم - :
لقد بلغ رسول الله – صلى الله عليه وسلم - مبلغًا عظيمًا فى الصبر، وعلّم أصحابه كيف يصبرون من ذلك:
1- صبره – صلى الله عليه وسلم - على المشركين بمجرد إخبارهم ببعثته، رموه بالكذب، والكهانة، والسحر، والجنون، فصبر على كل ذلك.
2- صبره – صلى الله عليه وسلم - على أذى بعض أصحابه، كما هو الحال من حادثة الإفك، وغيرها من المواقف، حتى أنه كان يسمع أذى بعضهم فيشق عليه ويتغير وجهه ولكن كان يقول: أوذى موسى بأكثر من ذلك فصبر(13).
3- صبره – صلى الله عليه وسلم - على المرض وآلامه: وفى ذلك تقول عائشة - رضى الله عنها- «ما رأيت رجلاً أشد عليه الوجع من رسول الله – صلى الله عليه وسلم - »(14).
4- صبره – صلى الله عليه وسلم - على موت أحبابه وأصحابه: فقد صبر على وفاة زوجه خديجة، وعمه أبى طالب، وأبنائه الذكور(15).
وإذا كان النبى – صلى الله عليه وسلم - قد بلغ الشأن فى الصبر فقد علَّم أصحابه كيف يصبرون فى مختلف الأمور وضروبها، فقد علمهم الصبر من أجل هذا الدين، والتضحية فى سبيله.
فعن أسيد بن حضير أن رجلا من الأنصار خلا برسول الله – صلى الله عليه وسلم - فقال: ألا تستعملنى كما استعملت فلانًا؟ فقال: «إنكم ستلقون بعدى أثرة، فاصبروا حتى تلقونى على الحوض»(16).
وقد علمهم النبى – صلى الله عليه وسلم - الصبر على جميع أنواع المحن والبلاء والمصائب، فعن صهيب -رضى الله عنه- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرًا له»(17).
جزاء الصابرين فى الدنيا:
قد يُعجّلُ الله للصابرين بعض الجزاء فى الدنيا فضلا عما يدخره لهم فى الآخرة. فعن أم سلمة - رضى الله عنها- قالت: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرنى فى مصيبتى واخلف لى خيرًا منها إلا أخلفه الله خيرًا منها، فلما مات أبو سلمة قلتُ: أى المسلمين خير من أبى سلمة؟ أول بيت هاجر إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ثم إنى قلتها فأخلف الله لى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - »(18).
وعن أنس - رضى الله عنه- قال: «كان ابنٌ لأبى طلحة -رضى الله عنه- يشتكى، فخرج أبو طلحة فقُبض الصبى، فلما رجع أبو طلحة قال: ما فعل ابنى؟ قالت أم سليم - وهى أم الصبى-: هو أسكن ما كان فقرّبتْ له العشاء ثم أصاب منها فلما فرغ قالت: واروا الصبى فلما أصبح أبو طلحة أتى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - فأخبره. فقال: «أعرستم الليلة؟ قال: نعم، قال: اللهم بارك لهما فولدت غلامًا، فقال لى أبو طلحة: احمله حتى تأتى به النبى – صلى الله عليه وسلم - وبعث معه تمرات. فقال «أمعه شىء؟» قال: نعم، تمرات، فأخذها النبى – صلى الله عليه وسلم - فمضغها ثم أخذها من فيه فجعلها فى فم الصبى ثم حنكه وسماه عبد الله».
وفى رواية للبخاري: قال ابن عيينة: فقال رجل من الأنصار: فرأيت تسعة أولاد كلهم قد قرءوا القرآن -يعنى من أولاد عبد الله المولود»(19).
وفى كتاب الله الكريم، ما يفيد أن الصبر فاضل، وأن من يتحلى به، هو الجدير بالسعادة والهناء، وأن من يتخلى عنه حقيق بأن يكون فى خسران وبوار وضلال، يقول تعالى: { وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ } [العصر: 1- 3].
والصبر وسيلة طيبة يستعان بها على الخير { اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } [البقرة:153].
(1) المعجم الوسيط، 1/525.
(2) تفسير المنار، 4/277.
(3) المرجع نفسه، 9/77
(4) ذم الهوى، ص58
(5) مختصر منهاج القاصدين، ص302
(6) إحياء علوم الدين،4/33
(7) رواه ابن حبان
(8) رواه مسلم. ومعنى انعجافها : قلعها
(9) متفق عليه
(10) رواه البخاري
(11) أدب الدنيا والدين،ص287-290
(12) الأخلاق عند الغزالى، زكى مبارك، ص177
(13) فتح البارى بشرح صحيح البخارى، كتاب الأدب : 10/513
(14) صحيح مسلم، كتاب البر والصلة، 4/1990
(15) الأخلاق الإسلامية، حسن السعيد المرسى، ص197
(16) صحيح مسلم، كتاب الإمارة، 3/1474
(17) صحيح مسلم، كتاب الزهد والرقائق، 4/295
(18) رواه مسلم، ومالك فى الموطأ، وأبو داود، وابن ماجة
(19) متفق عليه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.