رئيس جامعة قناة السويس يتابع أعمال سير امتحانات كلية الزراعة    القوات المسلحة تنظم زيارة للملحقين العسكريين إلى عدد من المنشآت.. صور    وزير الصحة يعتمد خطة التأمين الإسعافية لامتحانات الثانوية العامة    هيئة الرقابة النووية تنفي أي تغير أو زيادة بالخلفية الإشعاعية في مصر    اختيار مصر للاستفادة من برنامج CIF لخفض الانبعاثات بالقطاع الصناعي بقيمة مليار دولار    رئيس الحكومة: نحرص على عدم اللجوء لتخفيف الأحمال في فصل الصيف    محافظ الدقهلية: يؤكد على استمرار انطلاق أسواق اليوم الواحد الجمعة والسبت كل أسبوع    إزالة 60 حالة تعدٍّ بأسوان ضمن الموجة ال 26    قوات الدفاع الجوي الإيرانية تعلن إسقاط مقاتلة إسرائيلية جديدة    وزير الدفاع الباكستاني يدين الهجوم الإسرائيلي على إيران    أهم أخبار الكويت اليوم السبت 14 يونيو 2025    بريطانيا تنفي تقديم الدعم لإسرائيل في الهجوم على إيران    غياب نجم إنتر عن كأس العالم للأندية بسبب حرب إيران وإسرائيل    الأرصاد: غداً طقس شديد الحرارة نهاراً معتدل ليلاً على أغلب الأنحاء    تأجيل محاكمة 61 متهمًا في قضية "اللجان النوعية بالتجمع الخامس" للمرافعة    السجن المشدد 10 سنوات لتاجر سلاح خزن الأسلحة داخل مطعم بالسادات وفيلا بالشيخ زايد    "حسب اختيارات الجمهور"... متاحف الجمهورية تعرض كنوزها في شهر يونيو    ثقافة الإسماعيلية تنفذ أنشطة متنوعة لتعزيز الوعي البيئي وتنمية مهارات النشء    غدا.. بدء التقديم "لمسابقة الأزهر للسنة النبوية"    فضل صيام أول أيام العام الهجري الجديد    محافظ المنوفية يدشن القافلة الطبية والغذائية بالمجان لعمال منظومة النظافة    وزير الصحة يعتمد خطة التأمين الإسعافية تزامنًا مع بدء امتحانات الثانوية العامة    توقيع بروتوكول تعاون بين جامعة كفر الشيخ وأمانة المراكز الطبية المتخصصة في مجالات الرعاية الصحية والتعليم    أحدث ظهور ل ميرنا نورالدين أمام البحر.. والجمهور يعلق (صور)    رئيس الوزراء يتفقد مركز تنمية الأسرة والطفل بزاوية صقر    رئيس الوزراء يتفقد مدرسة رزق درويش الابتدائية بزاوية صقر الطلاب: البرنامج الصيفي مهم جدا لصقل المهارات    "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" ومؤسسة "شجرة التوت" يطلقان فعاليات منصة "القدرة على الفن - Artability HUB"    يسرى جبرى يرد على من يقولون إن فريضة الحج تعب ومشقة وزيارة حجارة    تل أبيب تلوّح بالهيمنة الجوية على طهران.. فهل تغيّر إيران معادلة الرد؟    غدا .. انطلاق فعاليات مؤتمر التمويل التنموي لتمكين القطاع الخاص    "أبدى مرونة".. مصدر بالزمالك يكشف ليلا كورة تطورات المفاوضات مع السعيد    فنانو المسرح يودعون المخرج سعيد عزام: «ربنا يعوضك في آخرتك عن دنياك»    إجرام واستعلاء.. حزب النور يستنكر الهجمات الإسرائيلية على إيران    طلب إحاطة يحذر من غش مواد البناء: تهديد لحياة المواطنين والمنشآت    إيران تؤكد وقوع أضرار في موقع فوردو النووي    تأجيل محاكمة " أنوسة كوتة" فى قضية سيرك طنطا إلى جلسة يوم 21 من الشهر الحالي    مواطن لرئيس الوزراء: "بنتي اتعمت".. ومدبولي: "هنعمل اللازم فورًا"    نجاح استئصال جذرى للكلى بالمنظار لمريض يعانى من ورم خبيث بمبرة المحلة    "الحياة اليوم" يناقش آثار وتداعيات الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران    ضبط 3 عاطلين وسيدة بتهمة ارتكاب جرائم سرقات في القاهرة    وزير التموين: توافر كامل للسلع الأساسية ومدد الكفاية تفوق 6 أشهر    وزير الري يؤكد توفير الاحتياجات المائية بمرونة خلال ذروة الصيف    نجم الأهلي: لن نبخل بنقطة عرق أمام إنتر ميامي    جوليانو سيميوني: جاهزون لمواجهة باريس سان جيرمان    وكيل تعليم الإسماعيلية يجتمع برؤساء لجان الثانوية العامة    استعراض خطير على الطريق الدائري بالقاهرة.. والشرطة تتمكن من ضبط السائق    ريال مدريد يحصن مدافعه الشاب راؤول أسينسيو بعقد حتى 2031    خاص| سلوى محمد علي: سميحة أيوب أيقونة فنية كبيرة    «عمال الجيزة»: اتفاقية الحماية من المخاطر البيولوجية مكسب تاريخي    الطبيب الألماني يخطر أحمد حمدي بهذا الأمر    مدرب إنتر ميامي يراهن على تأثير ميسي أمام الأهلي    إحالة عامل بتهمة هتك عرض 3 أطفال بمدينة نصر للجنايات    خاص| محمد أبو داوود: «مشاكل الأسرة» محور الدراما في «فات الميعاد»    الصحة: قافلة متخصصة في جراحات الجهاز الهضمي للأطفال ب«طنطا العام» بمشاركة الخبير العالمي الدكتور كريم أبوالمجد    جماهير الأهلي توجه رسائل مباشرة ل تريزيجية وهاني قبل مباراة إنتر ميامي (فيديو)    معاذ: جماهير الزمالك كلمة السر في التتويج ب كأس مصر    «الإفتاء» توضح كيفية الطهارة عند وقوع نجاسة ولم يُعرَف موضعها؟    ما حكم أداء النافلة بين الصلاتين عند جمع التقديم؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أخلاقنا الجميلة: الصبر
نشر في اليوم السابع يوم 14 - 07 - 2009

الصبر: هو حبس النفس عن الجزع، يقال: صبر على الأمر: احتمله ولم يجزع، وحبس نفسه وضبطها(1).
يقول الشيخ محمد عبده - رحمه الله-: «الصبر هو تلقى المكروه بالاحتمال وكظم النفس عليه مع الروية فى دفعه، ومقاومة ما يحدثه من الجزع، فهو مركب من أمرين: دفع الجزع ومحاولة طرده، ثم مقاومة أثره حتى لا يغلب على النفس»(2).
والصبر قوة فى النفس تمكنها من: «احتمال الآلام والمكاره بغير تبرم يحملها على ترك الحق أو اجتراح الباطل»(3).
وقال ابن الجوزى: إن الصابر على المصائب سمى صابرًا «لأنه حبس نفسه عن الجزع»(4).
والصبر يمكننا من النهوض بأعباء الفضائل الأخرى التى تتطلب احتمال المشاق، فالثبات يوم الزحف يتطلب الصبر على الرباط، وبر الوالدين يحتاج إلى الصبر على احتمال رعايتهما، وكفالة اليتيم تحتاج إلى الصبر على النهوض بمطالبه حتى يلى شئون نفسه، والحج والصيام، والتعليم والعمل، كل ذلك يحتاج إلى الصبر كشرط للنجاح فيه.
وفى حالات الحرمان من المواهب الجسدية أو من الولد والمال، يكون الصبر هو الفضيلة التى يعتصم بها المسلم ضد مزالق السخط، والطريق الذى يصون دينه وهدوءه النفسى.
وليس معنى هذا أن الصبر يوجب على المسلم الاستسلام.
إن المسلم إذا استطاع أن يعمل شيئًا لدفع البلاء، فالإسلام يوجب عليه ذلك: «كل بلاء يقدر الإنسان على دفعه لا يؤمر بالصبر عليه.. وإنما يكون الصبر على ألم ليس إلى العبد إزالته(5).
وقد ذكر الله تعالى الصابرين بأوصاف، ذكر الصبر فى القرآن الكريم فى نيف وسبعين موضعًا، وأضاف أكثر الدرجات والخيرات إلى الصبر، وجعلها ثمرة له، فقال عز من قائل: }وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ
بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا} [السجدة: 24] وقال تعالى: { وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِى إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ } [الأعراف: 137].
وقال تعالى: { وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [النحل: 96].
وقال تعالى: { أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} [القصص: 54].
وقال تعالى: { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ } [الزمر: 10].
فما من قربة إلا وأجرها بتقدير وحساب إلا الصبر!!(6)
وسُئل رسول الله – صلى الله عليه وسلم - أى الناس أشد بلاءً؟ قال: «الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى الناس على قدر دينهم فمن ثخن دينه اشتد بلاؤه، ومن ضعف دينه ضعف بلاؤه، وإن الرجل ليصيبه البلاء حتى يمشى على الأرض ما عليه خطيئة»(7).
وقال – صلى الله عليه وسلم -: «مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيئها الريح، تصرمها مرة وتعدلها أخرى حتى يأتيه أجله. ومثل الكافر كمثل الأرزة المجذبة على أصلها لا يصيبها شيء حتى يكون انجعافها مرة واحدة»(8).
ولا يتحقق أجر وفضل الصبر بمجرد نزول البلاء، ولكن الحد الأدنى من الصبر المقبول هو حبس النفس عن الجزع، وحبس اللسان عن النطق بما لا يرضى الله، وحبس القلب عن الاعتراض على قدر الله، وأعلى درجات الصبر هو الرضا المطلق، والاطمئنان الكامل بقدر الله، أما أن يتلقى العبد البلاء بالجزع والكفر والاعتراض على قضاء الله وقدره، ثم بعد ذلك يقول أنا صابر! فهذا ليس صبرًا يثيب الله عليه أهل البلاء.
فعن أنس - رضى الله عنه- قال: مر النبى – صلى الله عليه وسلم - على امرأة تبكى عند قبر فقال: اتقى الله واصبري» فقالت: إليك عنى فإنك لم تصب بمصيبتى، ولم تعرفه، فقيل لها: إنه النبى – صلى الله عليه وسلم - فأتت النبى – صلى الله عليه وسلم - فلم تجده عنده بوّابين فقالت: لم أعرفك فقال: إنما الصبر عند الصدمة الأولى»(9).
وعن أبى هريرة - رضى الله عنه - أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - قال: «يقول الله تعالى: «ما لعبدى المؤمن عندى جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة»(10).
أقسام الصبر:
الصبر فضيلة صعبة المنال؛ لأن الذين يثبتون على ما يشق على النفس، ويتحملون البأساء والضراء، لا يمكن أن يكونوا أفرادًا عاديين؛ إنهم ذوو قدرات روحية وطاقات خلقية متميزة، وإيمان بالله لا يتزعزع.
ولقد قسّم أبو الحسن الماوردى الصبر إلى ستة أقسام(11):
الأول: الصبر على امتثال ما أمر الله تعالى به، والانتهاء عمّا نهى الله عنه؛ لأنه به تخلص الطاعة، وبها يصح الدين، وتؤدى الفروض ويستحق الثواب، كما قال فى محكم الكتاب: { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ } [الزمر: 10].
ولذلك قال النبى – صلى الله عليه وسلم -: «الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد». وليس لمن قل صبره على طاعة حظُّ من برّ ولا نصيب من صلاح.
وهذا النوع من الصبر إنما يكون لفرط الجزع وشدة الخوف، فإن من خاف الله -عز وجل- صبر على طاعته، ومن جزع عقابه وقف عند أوامره.
الثانى: الصبر على ما تقتضيه أوقاته من رزية قد أجهده الحزن عليها، أو حادثة قد كدّه الهم بها، فإن الصبر عليها يعقبه الراحة، ويكسبه المثوبة عنها. فإن صبر طائعًا وإلا احتمل همّا لازمًا وصبر كارهًا آثمًا.
وروى عن النبى – صلى الله عليه وسلم - أنه قال: يقول الله تعالى: «من لم يرض بقضائى ويصبر على بلائى فليختر ربًا سواى». وقال على بن أبى طالب - كرم الله وجهه - للأشعث بن قيس: إنك إن صبرت جرى عليك القلم وأنت مأجور، وإن جزعت جرى عليك القلم وأنت مأزور.
الثالث: الصبر على ما فات إدراكه من رغبة مرجوة، وأعوز نيله من مسرّه مأمولة، فإن الصبر عنها يعقب السلوّ منها، والأسف بعد اليأس خرق.
وروى عن النبى – صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من أُعطى فشكر، ومُنع فصبر، وظُلم فغفر، وظَلم فاستغفر، فأولئك لهم الأمن وهم مهتدون».
وقال بعض الحكماء: اجعل ما طلبته من الدنيا فلم تنله مثل ما لا يخطر ببالك فلم تقله.
الرابع: الصبر فيما يخشى حدوثه من رهبة يخافها، أو يحذر حلوله من نكبة يخشاها فلا يتعجل همّ ما لم يأت، فإن أكثر الهموم كاذبة، وإن الأغلب من الهم مدفوع.
وقد روى عن النبى – صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «بالصبر يتوّقع الفرج، ومن يدمن قرع باب يلج».
وقال الحسن البصرى: لا تحملنى على يومك همّ غدك، فحسب كل يوم همه.
الخامس: الصبر فيما يتوقعه من رغبة يرجوها، وينتظر من نعمة يأملها، فإنه إن أدهشه التوقّع لها، وأذهله التطلع إليها انسدّت عليه سبل المطالب واستفزّه تسويل المطامع، فكان أبعد لرجائه وأعظم لبلائه.
وإذا كان مع الرغبة وقورًا، وعند الطلب صبورًا تجلت عنه عماية الدهش، وانجابت عنه حيرة الوله، فأبصر رشده وعرف قصده.
وقد روى عن النبى – صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «الصبر ضياء»، يعنى أنه يكشف ظلم الحيرة ويوضح حقائق الأمور.
السادس: الصبر على ما نزل من مكروه، أو حلّ من أمر مخوف. فبالصبر فى هذا تنفتح وجوه الآراء، وتستدفع مكائد الأعداء، فإن من قلّ صبره عزب رأيه، واشتد جزعه، فصار صريع همومه، وفريسة غمومه.
وقد قال الله تعالى: { وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } [لقمان: 17].
وروى عن ابن عباس - رضى الله عنهما- عن النبى – صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن استطعت أن تعمل لله بالرضى فى اليقين فافعل، وإن لم تستطع فاصبر، فإن فى الصبر على ما تكره خيرًا كثيرًا».
واعلم أن النصر مع الصبر، والفرج مع الكرب، واليسر مع العسر.
والمرء محتاج إلى الصبر فى كل الأحوال: فهو يحتاج إليه فى السراء، كما يحتاج إليه فى الضراء. بل هو إليه فى السراء أحوج، فالرجل كل الرجل من يصبر على العافية(12).
نماذج من صبره – صلى الله عليه وسلم - :
لقد بلغ رسول الله – صلى الله عليه وسلم - مبلغًا عظيمًا فى الصبر، وعلّم أصحابه كيف يصبرون من ذلك:
1- صبره – صلى الله عليه وسلم - على المشركين بمجرد إخبارهم ببعثته، رموه بالكذب، والكهانة، والسحر، والجنون، فصبر على كل ذلك.
2- صبره – صلى الله عليه وسلم - على أذى بعض أصحابه، كما هو الحال من حادثة الإفك، وغيرها من المواقف، حتى أنه كان يسمع أذى بعضهم فيشق عليه ويتغير وجهه ولكن كان يقول: أوذى موسى بأكثر من ذلك فصبر(13).
3- صبره – صلى الله عليه وسلم - على المرض وآلامه: وفى ذلك تقول عائشة - رضى الله عنها- «ما رأيت رجلاً أشد عليه الوجع من رسول الله – صلى الله عليه وسلم - »(14).
4- صبره – صلى الله عليه وسلم - على موت أحبابه وأصحابه: فقد صبر على وفاة زوجه خديجة، وعمه أبى طالب، وأبنائه الذكور(15).
وإذا كان النبى – صلى الله عليه وسلم - قد بلغ الشأن فى الصبر فقد علَّم أصحابه كيف يصبرون فى مختلف الأمور وضروبها، فقد علمهم الصبر من أجل هذا الدين، والتضحية فى سبيله.
فعن أسيد بن حضير أن رجلا من الأنصار خلا برسول الله – صلى الله عليه وسلم - فقال: ألا تستعملنى كما استعملت فلانًا؟ فقال: «إنكم ستلقون بعدى أثرة، فاصبروا حتى تلقونى على الحوض»(16).
وقد علمهم النبى – صلى الله عليه وسلم - الصبر على جميع أنواع المحن والبلاء والمصائب، فعن صهيب -رضى الله عنه- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرًا له»(17).
جزاء الصابرين فى الدنيا:
قد يُعجّلُ الله للصابرين بعض الجزاء فى الدنيا فضلا عما يدخره لهم فى الآخرة. فعن أم سلمة - رضى الله عنها- قالت: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرنى فى مصيبتى واخلف لى خيرًا منها إلا أخلفه الله خيرًا منها، فلما مات أبو سلمة قلتُ: أى المسلمين خير من أبى سلمة؟ أول بيت هاجر إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ثم إنى قلتها فأخلف الله لى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - »(18).
وعن أنس - رضى الله عنه- قال: «كان ابنٌ لأبى طلحة -رضى الله عنه- يشتكى، فخرج أبو طلحة فقُبض الصبى، فلما رجع أبو طلحة قال: ما فعل ابنى؟ قالت أم سليم - وهى أم الصبى-: هو أسكن ما كان فقرّبتْ له العشاء ثم أصاب منها فلما فرغ قالت: واروا الصبى فلما أصبح أبو طلحة أتى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - فأخبره. فقال: «أعرستم الليلة؟ قال: نعم، قال: اللهم بارك لهما فولدت غلامًا، فقال لى أبو طلحة: احمله حتى تأتى به النبى – صلى الله عليه وسلم - وبعث معه تمرات. فقال «أمعه شىء؟» قال: نعم، تمرات، فأخذها النبى – صلى الله عليه وسلم - فمضغها ثم أخذها من فيه فجعلها فى فم الصبى ثم حنكه وسماه عبد الله».
وفى رواية للبخاري: قال ابن عيينة: فقال رجل من الأنصار: فرأيت تسعة أولاد كلهم قد قرءوا القرآن -يعنى من أولاد عبد الله المولود»(19).
وفى كتاب الله الكريم، ما يفيد أن الصبر فاضل، وأن من يتحلى به، هو الجدير بالسعادة والهناء، وأن من يتخلى عنه حقيق بأن يكون فى خسران وبوار وضلال، يقول تعالى: { وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ } [العصر: 1- 3].
والصبر وسيلة طيبة يستعان بها على الخير { اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } [البقرة:153].
(1) المعجم الوسيط، 1/525.
(2) تفسير المنار، 4/277.
(3) المرجع نفسه، 9/77
(4) ذم الهوى، ص58
(5) مختصر منهاج القاصدين، ص302
(6) إحياء علوم الدين،4/33
(7) رواه ابن حبان
(8) رواه مسلم. ومعنى انعجافها : قلعها
(9) متفق عليه
(10) رواه البخاري
(11) أدب الدنيا والدين،ص287-290
(12) الأخلاق عند الغزالى، زكى مبارك، ص177
(13) فتح البارى بشرح صحيح البخارى، كتاب الأدب : 10/513
(14) صحيح مسلم، كتاب البر والصلة، 4/1990
(15) الأخلاق الإسلامية، حسن السعيد المرسى، ص197
(16) صحيح مسلم، كتاب الإمارة، 3/1474
(17) صحيح مسلم، كتاب الزهد والرقائق، 4/295
(18) رواه مسلم، ومالك فى الموطأ، وأبو داود، وابن ماجة
(19) متفق عليه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.