هل كان من الممكن _قبل 25يناير_تصوّر أن تتفق إرادة الحزب الوطنى _التى كان يمرّرها على الشعب والقوى السياسية كالسكين فى الزبد_مع إرادة الإخوان علنا؟!وعلى الرغم من قناعتى الشخصية والموضوعية فى طبخ صفقات بينهما على امتداد تاريخهما الحاف بتبادل المصالح ودون أن يكون للشعب نصيبا فى هذه الوجبة,إلا إننا نتحدث هنا عن اتفاق علنى غير مدعوم بشبهة (طبخة)تمت فى الغرف السرية كما كان يحدث فى السابق(علينا أن نتذكر صفقة السادات مع الإخوان لضرب التيار الشيوعى والليبرالى وكذا حصول الإخوان على 88مقعدا فى برلمان 2005لتمرير ملف التوريث دون كثير من الرتوش ووجع الدماغ). جاء 25يناير ليطرح صورة مغايرة للعمل السياسى يتبادل فيه الإخوان والوطنى مقعديهما _لا من حيث آليات العمل السياسى_من منظور ليونة الاستقبال الشعبى للإخوان وتصلبه للوطنى من ناحية ,ومن منظور الممارسة الشرعية الممنوحة حاليا للإخوان فى مقابل (محظوريتها)للوطنى من ناحية أخرى.إذ ينبغى إدراك أن حركة الإخوان ستكون تحت غطاء شرعى حافظ الوطنى على عدم بسْطه تماما سابقا,بل واستخدمه _انكماشا وبسطا محدودا_لتدعيم تواجده طوال فترة (احتلاله)للسلطة.بينما سسيعمل الوطنى فى الخفاء_ألم نقل تبادل أدوار؟!_من خلال نخبته,التى مازالت تسيطر على هيئات ومؤسسات الدولة ,وجيوبه المنتشرة فى البلاد فى محاولة لاستقطاب شلة من المنتفعين لتسريع وتيرة التغيير ,كى تؤول فى النهاية إلى أشكال مفرغة من مضامينها . أحسب إننا قد نتفهم الآن السر فى استجابة الإخوان والوطنى الفورية والترويج الحزبى ل"نعم"الاستفتاء,فالاول بحكم الايديولوجيا المتبعة والبرنامج المتكىء على الخطاب الدينى يجد دائما فرصته مواتية فى ظل القلاقل (تذكر صفقة السادات والإخوان)وتغيير المواقع والسيولة السياسية فى البيئة الخصبة لمرعى هذا النوع من الفكر.ناهيك عن السخونة الشعبية للمواطنين والمركونة على طبيعة حماسية بريئة ,لم تستعِد بعد عقلانيتها كاملة لاستجلاء الصورة السياسية العامة ,بما يسمح للمواطن بقراءة خطابات أخرى يحفل بها الشارع السياسى ؛لاختيار أفضلها وما يتناسب مع تطلعاته وطموحاته.وهو ما يعوّل عليه الإخوان فى لغة خطابهم الأقرب للنفاذ فى حالة اهتزاز الكيان البشرى وتقبله مثل هذا النوع من الخطابات فى ظل الانكماش العقلى المؤقت لغيوم الرؤية وعدم انجلاء المشهد السياسى . استفتاء التعديلات الدستورية ليس محطة الإخوان الرئيسة _بل الانتخابات البرلمانية_فهم يصارعون الزمن فى إيقاف أى حاجز يمنع الوصول لهذه المحطة وتقريبها ب "نعم"حتى يتسنى لهم استغلال قاعدتهم العريضة فى الحصول على مكاسب استراتيجية فى البرلمان كمرحلة أولى ,إضافة إلى وعيهم باللغط الحاصل فى أبنية القوى السياسية الأخرى وتعثرها فى ابتداع آليات عمل مفترضة لحجز كرسىّ فى قطار التغيير. غير أننا _على وجه التأكيد_لن نعدم وجود الوطنى فى رحلة هذا القطار ؛حيث يراهن على ما يراهن عليه الإخوان _تقليص الزمن كى تلوح المحطة الرئيسة_إذ يدرك جيدا أنه لو لم يقتنص فرصة تحكم قياداته فى الهيئات والمؤسسات والنقابات (طالبنا سابقا بضرورة فك هذا الارتباط)فلن تقوم له قائمة بعدها فى ظل تشوه صورة ممثل الحزب_حتى لو كان نزيها!_فى عقل ووجدان المواطن.لذلك سيعمل جاهدا _مع امتلاكه لقدرات تنظيمية خبرها من رموزه المسجونة والطليقة_لاستقطاب المنتفعين (وربما البلطجية)لضمانة الوصول إلى (كََمِين)الانتخابات البرلمانية مدعوما بما يمكن أن يتم تدبيره فى (مطبخ) شرم الشيخ! الإخوان والوطنى الآن يسابقون الزمن فى تسريع قطار التغيير و"لا"تعطل الوصول وتمنح الفرصة لقوى سياسية أخرى فى إعادة تنظيم نفسها وخلق آليات تجعلهم يسيرون جنبا إلى جنب مع الصديقين اللدودين! تساؤلات هل سيصور الإخوان برنامجهم من نسخة حزب العدالة والتنمية فى تركيا لكسب تعاطفا خارجيا وداخليا؟لماذا وضع الرئيس لسابق محمد نجيب تحت الإقامة الجبرية ولم يتم ذلك مع الرئيس السابق حسنى مبارك؟ماهو السند الدستورى والقانونى الذى يمنع ترشح السيد جمال مبارك لانتخابات الرئاسة القادمة؟