في وقت سابق اعلن السيسي انه يمكن ان يقدم نفسه كمرشح في الانتخابات الرئاسية القادمة في حال "طلب الشعب وتفويض الجيش"، بغض النظر عن التصريح والرغبة لدى الفريق عبد الفتاح السيسي في القيام بهذه المهمة، هل لديه القدرة على خوض معترك الانتخابات ؟ الاجابة تتحدد بناء على ما اذا كان لديه برنامج ام لا فربما هو يكتسب هالة قدسية من قبل مؤيديه ومعارضي الاخوان فقط لأنه ابعدهم عن السلطة وأعادهم الى حجمهم الطبيعي لكن الامر يختلف في حال توليه منصب الرئاسة اذ يجب ان تكون لديه رؤية واضحة لكيفية بناء مستقبل مصر والتعامل مع مصاعب وتحديات المرحلة الانتقالية فهناك كثير من الملفات الشائكة التي لن تحل فقط بالتمتع بالكاريزما والقبول الشعبي مثل الملف الاقتصادي ،اضافة الى تعقيدات الحياة السياسية المصرية التي ادت الى لفض عدد من الشخصيات من مناصب سياسية قيادية فقط لأنها لم تفهم التوازنات الحرجة للمرحلة وطريقة الاحتفاظ بالحلفاء . بناء على السابق افاد بعض المحللين ان السيسي لا يستطيع ان يلعب دور عبد الناصر الذي استطاع ان يجمع العرب حول مشروع سياسي وحدوي والمصريين حول مشاريع تنموية رائدة رغب عيوب عهده ، فالسيسي قائد اللحظة التي تلت سقوط الاخوان لكن بعد زوال العدو الذي وحد مؤيديه ستبدأ مرحلة طرح الاسئلة الصعبة ، لكن هذا الامر لا يعد عاملا حاسما يمنعه من المخاطرة لان السيسي نفسه لم يقل انه لن يترشح للرئاسة إلا بعد ان يكون لديه مشروع متكامل ، اذا ما هي العوامل التي قد تؤدي الى منعه من الترشح ، اظن ان تصريحه اجابة جيدة على هذا السؤال اضافة الى عامل اخر هو رفض الحلفاء العرب نتيجة الضغوط الدولية . العوامل التي قد تؤدي الى رفض القوات المسلحة ان يترشح السيسي هو الخوف من اقحامها في الحياة السياسية بطريقة فجة وعلنية عن طريق مرشح يطلب تفويضا بدل ان يستقيل من منصبه ويعلن ببساطة انه يحمل ثقافة عسكرية لكن لم يعد يقوم بمهام او يتقلد وظيفة عسكرية ، فالجيش الذي بقي في ذهنية المصرين رمزا للوحدة الوطنية ومنزها عن الخلافات السياسية سيخاطر بكل هذا ليلعب دور "حزب " يقدم مرشحا ،خصوصا ان المرحلة قاسية جدا على كل السياسيين الذين تقلدوا مناصب سياسية رفيعة في الدولة كما كانت قاسية على الجيش في اثناء تسيرهم للمرحلة الانتقالية قبل انتخاب رئيس جمهورية ، وان كانت الحالة المصرية توضح ان الجيش في المقابل قد وصل الى مرحلة متقدمة من الغضب من النخبة السياسية المدنية المشرذمة والتي قادت البلاد نحو هاوية اقتصادية وأمنية ، اضافة الى ان الوضع الامني قد يدفع فريقا الى التفكير بأنه ربما يجب ان يكون الرئيس شخصا مؤمنا بمنهج الجيش في التعامل مع الحالة الامنية الطارئة على مصر من انتشار التفجيرات وظهور جماعات تمارس نشاطا معاديا ضد اهداف مصرية بدل استقدام رئيس يشكك في اساليب تعاملهم ويعرقلها ،لكن رغم ذلك دعم مرشح عسكري يعلن علنا انه يحتاج لتفويض الجيش _ وهو ما قد يثير ازمة علاقات عامة _ يعد مخاطرة غير مضمونة . هذا اضافة الى امتعاض قوى دولية من قرار ترشح السيسي فان كان الاتحاد الاوروبي لم يعبر صراحة عن أي موقف حتى الان ، فان الولاياتالمتحدةالامريكية قد بدأت في خوض حركة دبلوماسية لإقناع الدول الداعمة للانقلاب في مصر في ان تضغط لمنع ترشح السيسي ببساطة لان ذلك سيعمل على تعميق اثار تدخل الجيش في الحياة السياسية في مصر اكثر ،في وقت ادار فيه السيسي اكثر من مرة لاوباما وبدأ بالبحث عن بديل في روسيا ،كما انه تجاهل تحذيرات و تلميحات قدمت له بشأن عدد من القضايا اخرها " اعلان جماعة الاخوان كجماعة ارهابية ، فاخر ما تريده الولاياتالمتحدةالامريكية شخصية متمردة جديدة تفاجئها كل يوم بإجراء كانت قد حذرت من قبل بعدم اتخاذه هذا من جهة ، كما ان دعم شخصية عسكرية سيؤدي الى تقويض مصداقيتها من جهة اخرى . لكن استجابة الدول الداعمة للانقلاب في مصر ،وهي السعودية والإمارات والكويت لهذه الجهود ليست امرا بديهيا خصوصا في ظل الغضب السعودي من الولاياتالمتحدة التي تجاهلتها مؤخر في عقد اتفاق النووي مع ايران ،وأدارت لها ظهرها عندما الغت الضربة العسكرية على الاسد بعد جهود السعودية الحثيثة لتحقيقها ، كما ان السعودية قد تفضل المضي قدما في دعم السيسي ليترشح الى الرئاسة بهدف دفن الاخوان نهائيا ، هذا رغم تعبير الامارات انه ربما من الافضل ان لا يترشح السيسي في الانتخابات القادمة . اما فيما يتعلق بطلب الجماهير من السيسي ان يقدم نفسه كمرشح فلا يمكن التكهن بأي شيء حيالها فهناك حملات على الواقع هدفها تحقيق التفاف حول هذه الشخصية ،رغم رفض بعض الشخصيات السياسية و ناشطين من المؤيدين له الذين يعتبرون ان ترشحه سيكون خطأ وهناك من وضع شروطا لترشحه ، لكن من يدري ربما سيتم التحضير لمظاهرات حاشدة تطالب بترشحه تحرج الجميع . من استقراء ظروف الحياة السياسية المصرية واتجاهات ومواقف الدول العربية والغربية ،نجد ان فرص ترشح الفريق السيسي تكاد تكون 50 بالمئة مقابل 50بالمئة ، ومن الصعب ومن المبكر التأكد من انه سيترشح ام لا ،لكن على الاقل الرغبة الشخصية في الترشح لا يمكن نفيها .