جامعة الأزهر تتألق في 7 تخصصات علمية لأول مرة بالتصنيف العالمي (QS)    ننشر جدول أعمال الجلسات العامة لمجلس النواب من الأحد إلى الثلاثاء    الحكومة تكشف حقيقة وجود عرض استثماري جديد ل"رأس جميلة" بشرم الشيخ    غرفة الحبوب: مفيش مخبز في مصر هيبيع بأكثر من 1.5 جنيه يوم الأحد.. الغلق للمخالفين    وزير المالية يلقى البيان المالى لموازنة 24/25 أمام مجلس النواب الاثنين    د.حماد عبدالله يكتب: صندوق موازنة للأسعار !!    "المحاصيل الحقلية" تكشف المساحة المصرح بزراعتها في موسم الأرز الحالي    مصر تأسف لعجز مجلس الأمن عن منح فلسطين العضوية الكاملة بالأمم المتحدة    نبيل فهمي: الشرق الأوسط على حافة الهاوية.. وإسرائيل وإيران لم تنتصرا    مصر: الاعتراف بالدولة الفلسطينية حق أصيل للشعب الفلسطيني    خبير عسكري: هجوم إسرائيل على إيران في لبنان أو العراق لا يعتبر ردًا على طهران    الكعبي يشارك في تأهل أولمبياكوس لنصف نهائي دوري المؤتمر    محمود عاشور يفتح النار على بيريرا ويكشف كواليس إيقافه    مارسيليا يكمل عقد المتأهلين إلى نصف نهائي الدوري الأوروبي    إصابة محمد شكري بقطع في الرباط الصليبي    كلوب بروج يواجه فيورنتينا في نصف نهائي دوري المؤتمر    مدرب زد ردًا على تفويت علي لطفي للأهلي : «كلام عيال»    رئيس البنك يكشف حقيقة اهتمام الأهلي بضم أسامة فيصل    إصابة 4 أشخاص فى انقلاب سيارة على الطريق الإقليمى بالمنوفية    ظهور أسماك حية في مياه السيول بشوارع دبي (فيديو)    مصرع شخص وإصابة 8 آخرين إثر حادث تصادم بطريق المريوطية فى العياط    مصرع شاب وإصابة آخر فى اصطدام سيارة وميكروباص بطريق "المطرية - بورسعيد" بالدقهلية    برج الميزان.. حظك اليوم الجمعة 19 أبريل 2024 : حل نزاع مالي    أحمد الطاهري يروي كواليس لقاءه مع عبد الله كمال في مؤسسة روز اليوسف    هدى المفتي جريئة وفيفي عبده كلاسيك.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    حدث بالفن| كواليس اللحظات الأخيرة في حياة شيرين سيف النصر وعمر كمال يرد على الهجوم عليه    نيللي كريم ترد على اعتذار باسم سمرة: حصل خير عارفة إن قلبك أبيض    للبلطجة والتزوير| محام بالنقض يطالب الموسيقيين بشطب بيكا وشاكوش وعمر كمال    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    دعاء للمريض في ساعة استجابة يوم الجمعة.. من أفضل الأوقات    النشرة الدينية.. هل يجوز تفويت صلاة الجمعة بسبب التعب؟.. وما هي أدعية شهر شوال المستحبة؟    طريقة عمل الدجاج سويت اند ساور    طريقة عمل الكب كيك بالريد فيلفت، حلوى لذيذة لأطفالك بأقل التكاليف    مات حزنا على فراقه، مؤذن يلحق بابنه الإمام بعد أسبوع من وفاته بالغربية    تحذير شديد بشأن الطقس اليوم الجمعة : تجنبوا السفر لمدة 4 ساعات (بيان مهم)    محافظ الإسكندرية يفتتح أعمال تطوير "حديقة مسجد سيدى بشر"    فورين بوليسى: الهند تجرى أكبر انتخابات فى العالم وسط فوز متوقع لمودى    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. الاتحاد الأوروبى يشيد بدور مصر فى تحقيق السلام المستدام بالمنطقة.. ونتنياهو يطلب تدخل بريطانيا وألمانيا لمنع إصدار أوامر اعتقال ضده من الجنائية الدولية    القوات الجوية الروسية تقصف مواقع للمسلحين فى سوريا    سيد عيد يدخل تاريخ الدورى المصرى.. 4 قصص صعود للممتاز مع 3 أندية مختلفة    الصفدي لنظيره الإيراني: الأردن يريد علاقات طبية مع إيران لكن تحقيقها يتطلب إزالة أسباب التوتر    شعبة الخضر والفاكهة: إتاحة المنتجات بالأسواق ساهمت في تخفيض الأسعار    متحدث التعليم: لا صحة لدخول طلاب الثانوية العامة لجان الامتحانات بكتب الوزارة    نبيل فهمي يكشف كيف تتعامل مصر مع دول الجوار    50 قرشا للرغيف وزن 25 جراما.. تطبيق خفض سعر الخبز الحر من الأحد.. فيديو    يقفز بقيمة 120 جنيهًا.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 19 أبريل «بيع وشراء» في مصر (التفاصيل)    دعاء الضيق: بوابة الصبر والأمل في أوقات الاختناق    بسبب أزمة نفسية.. فتاة تنهي حياتها بالحبة السامة بأوسيم    المشدد 5 سنوات لشقيقين ضربا آخرين بعصا حديدية بالبساتين    لإقامتها دعوى خلع.. المشدد 15 عامًا لمتهم شرع في قتل زوجته بالمرج    أخبار 24 ساعة.. مساعد وزير التموين: الفترة القادمة ستشهد استقرارا فى الأسعار    فحص 1332 مواطنا في قافلة طبية بقرية أبو سعادة الكبرى بدمياط    جامعة برج العرب التكنولوجية تختتم اليوم مشاركتها في مؤتمر «EDU-TECH»    الشرقية.. إحالة 30 من العاملين المقصرين بالمنشآت الخدمية للتحقيق    مسئول بأوقاف البحر الأحمر: زيارة وكيل مطرانية الأقباط الكاثوليك تعزز روح المحبة    شوقي علام يفتتح أول معرض دولي بدار الإفتاء بالتعاون مع روسيا (صور)    وكيل الأزهر يتفقد التصفيات النهائية لمشروع تحدى القراءة في موسمه الثامن    ردد الآن.. دعاء الشفاء لنفسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معالم الشخصية المتوازنة في وصايا لقمان الحكيم لابنه
نشر في شباب مصر يوم 21 - 06 - 2012

يمثل القرآن الكريم معينا لا ينضب من الأفكار والرؤى الواقعية الإنسانية في تجلياتها الفردية والاجتماعية المجتمعية التي تهدف إلى تعديل السلوك الإنساني على المستويين الفردي والجماعي ضمن منظومة من القيم والأخلاقيات التي تسعى إلى ترسيخها في الشخصية الإنسانية لجعلها أكثر توازنا نفسيا وعقليا، وقد حفلت القصص القرآنية بالعديد من الأمثلة الحية لتقديمها للإنسان في كل زمان ومكان، وهي في مجملها تركز على القيم الثلاث الإنسانية الخالدة: الحق والخير والجمال.
وقد بين القرآن الكريم في سورة لقمان وفي وصايا لقمان الحكيم لابنه جانبا مهما من صقل الشخصية الإنسانية لجعلها أكثر خدمة لمجتمعها، لأن الفرد في النهاية هو لبنة هذا المجتمع، والمواطن الصالح بأفكاره ومعتقداته وسلوكياته ومفاهيمه هو العنوان الأول في أي مجتمع من المجتمعات؛ إذ إن كل التشريعات والمعتقدات لا بد أن تتجسد في الأشخاص، فتتحول إلى مفاهيم تربط بين أفراد ذلك المجتمع.
ويؤسس القرآن الكريم للأرضية المنطقية التي تؤهل الشخص لأن يقدم وصاياه للآخرين، وتستند هذه الأرضية أولا على الحكمة، التي تبع أولا من الاعتراف بحمد الله وشكره على نعمائه، فهو اتصال عقائدي وخلقي منهجي قائم في نفسية الشخص الحكيم وعقليته، وينبثق عن ذلك شكر الخلق، ولذلك جاء في الحكمة العربية "من لا يشكر الناس لا يشكر الله" على اعتبار أن الله هو المتفضل والمنعم الجدير بالشكر، والاعتراف بمعروف الناس وجميلهم هو اعتراف تلقائي بنعم الله سبحانه، وعليه سبق افتتاح الوصايا بهذه الآية: "وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ".
يبدأ الحكيم لقمان وصاياه مع ابنه بأهم الوصايا التي تجعل الوصايا الأخرى تابعة لها ومتصلة فيها، فيوجهه إلى العقيدة الصحيحة والسليمة، فينهاه عن الشرك، ففي الشرك ظلم عظيم للنفس البشرية، لأنه يحمل كفران نعمة الخالق العظيم، فإذن لا بد من الاتصال بالله روحيا وعقليا حتى تظل الأجواء الإيمانية متصلة بالإنسان وتشع حياة في جوانب نفسه الراضية المرضية المطمئنة، فيتلو لقمان على ابنه الوصية الأولى قائلا: "وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ".
وأما ثاني تلكم الوصايا التي ربطها القرآن الكريم بالخالق مباشرة، وجاءت بين وصايا لقمان، ولم تكن من كلامه، وإنما كانت مباشرة من الله متوجهة بالإنسان إلى محيطه الاجتماعي، ولهذا النسق دلالة عظيمة في أهمية هذه الوصية. فأول ما يلزم في هذا المحيط الاجتماعي أن يعترف له بالجميل والحق بعد الله تبارك وتعالى، إنهما الوالدان، فلا بد من أن يحسن الإنسان التعامل مع والديه تعاملا قائما على الاحترام والطاعة، ويرد القرآن الكريم السبب المنطقي في الطاعة للوالدين أنهما هما السبب المباشر الحياتي الواقعي في وجودك أيها الابن حملا ورضاعة ورعاية وتربية وتقويما، ولذلك تجده يقول "وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ"، وجعل شكرهما بعد شكر الله جلت قدره، ولتعظيم شأن الوالدين وضرورة الطاعة والاحترام، فقد جعل القرآن الكريم ذلك قائما على أساس تلك القرابة في الدم والنسب بغض النظر عن العقيدة، فشرك الوالدين لا يمنع من ودهما وطاعتهما، ولكن دون أن يردا الإنسان إلى الشرك والكفر، لأن ذلك يتناقض مع الأساس التي وضعه القرآن للسلوك البشري الفردي، وهو معرفة حق الخالق وشكره وتوحيده، وكل ما يتعارض مع ذلك لا وزن له، ولذلك قال القرآن "وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا"، وحصر الاتباع والطاعة في ذلك إلى من أناب إليه وحده.
وتتابع الوصايا على لسان لقمان لتخرج من نطاق التعامل الفردي إلى التعاملات المجتمعية، فيوجه لقمان الحكيم ابنه إلى أهمية صنع المعروف مع الناس وتقديم الخير لهم، فلا يحقرن من المعروف شيئا، وإن كان مثقال حبة من خردل، فإن الله سيأتي بها ويجزي بها إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، ويلفت الحكيم الانتباه إلى أن التعامل مع الناس في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا بد له من الصبر، وكيف لك أن تصبر على الناس وأنت تعظهم تأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر؟ فلا بد لك من أن تستعين على ذلك بالصلاة وطلب العون من الله، فإن هذين الأمرين هما ما يجعل الإنسان صاحب همة وعزم شديدين، الصبر والصلاة، ولذلك اقترنا في آيات أخر في القرآن الكريم؛ لما لهما من عظيم الأثر في ترويض النفس البشرية على المواجهة وصناعة التغيير.
وأما آخر الوصايا فقد كانت توجيه السلوك البشري في التعامل مع الناس بالتواضع وعدم التكبر على خلق الله، فهم ليسوا بأدنى منك مرتبة، فالخلق كلهم عيال الله، وأحب الخلق إلى الله أنفعهم لعياله، كما جاء في الحديث الشريف، ومن أهم مظاهر تواضع الشخص، والتي تبدو واضحة في السلوكيات المشية باعتدال والابتعاد عن الخيلاء وضرورة خفض الصوت عند الحديث، وعدم التبجح فيه، ولذلك قرن القرآن رفع الصوت في الحديث بأنكر الأصوات "واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير".
هذه هي معالم الشخصية الإنسانية في الحياة التي تعيشها، استقامة ذاتية وارتباط مع الخالق رباطا صحيحا عقائديا، ثم التعامل الصحيح بسلوكيات إنسانية لا يختلف على صحتها شرقي أو غربي، في ضرورة احترام الوالدين وطاعتهما، والتعامل الإنساني في المجتمع، والتحلي بالقيم التي تجعلك إنسانا بلا تكبر ولا خيلاء أو رفع صوت في الحديث ما يعني الابتعاد عن كل مظهر من مظاهر الغضب والعصبية، وعلى ذلك تكون معالم الشخصية الإنسانية المتوازنة بهذه السلوكيات الفردية التي يظهر أثرها نافعا جليا في المجتمع لنصل إلى مجتمع مبني على القيم الإنسانية الرفيعة، والمتجسدة في القيم الثلاث: الحق والخير والجمال، فالقيمتان الأوليان هما اللتان تصنعان الجمال الإنساني سلوكا راقيا حضاريا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.