وزير العمل يفتتح ورشة تثقيفية حول قانون العمل الجديد بمقر وزارة البترول    تكليف عاجل من الرئيس السيسي ل رئيس مجلس الوزراء.. تفاصيل    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 20 أكتوبر 2025 في بورسعيد    رئيس جامعة قنا يستقبل وفد الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد    الذهب يتعافى بعد تراجعه من أعلى مستوى قياسي    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الاثنين 20 أكتوبر 2025    تهديد لأصحاب المعاشات| مسئول يعلق علي رفع أسعار الوقود ويطالب برفع الحد الأدنى للأجور ل 9 ألاف جنيه    إنشاء 4 مشروعات جديدة بالمنطقة الصناعية في السخنة باستثمارات 65 مليون دولار    أسعار اللحوم البلدي والكندوز اليوم الاثنين 20-10-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    أسعار الحديد والصلب بأسواق البناء المصرية – الإثنين 20 أكتوبر 2025    محاولة اغتيال ترامب| أمريكا تحقق في واقعة استهداف طائرته الرئاسية    عاجل-قافلة المساعدات ال54 من "زاد العزة" تدخل قطاع غزة محمّلة بالإغاثة للفلسطينيين    فوز رودريجو باز في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة ببوليفيا    مواعيد مباريات اليوم الاثنين 20 أكتوبر والقنوات الناقلة    نشرة أخبار طقس اليوم الإثنين 20 أكتوبر| أجواء حارة لكن احذروا "لسعة البرد"    التحفظ على والد طفل الإسماعيلية بعد اعترافه بالعلم بجريمة قتل زميل ابنه وتقطيع الجثة    وزارة الداخلية تقرر إبعاد شخص يمنى خارج مصر    مقتل طالب إعدادى على يد زميله ب"مفك" فى شربين بالدقهلية    إصابة شخصين في تصادم بين 3 سيارات بطريق مصر–الفيوم الصحراوي    ضبط شخص انتحل صفة موظف بنك.. «الداخلية»: نفذ 8 وقائع نصب بزعم تحديث البيانات البنكية عبر الهاتف    نظر محاكمة 7 متهمين بخلية مدينة نصر اليوم    سرقة مجوهرات نابليون من متحف اللوفر تشعل السوشيال ميديا| إيه الحكاية!    ليلة في حب الطرب.. هاني شاكر يطرب جمهور الأوبرا في رابع سهرات «الموسيقى العربية»    هشام جمال: ليلى انهارت من العياط لما اكتشفت إن أغنية «فستانك الأبيض» ليها    بعد 30 عامًا من النجاح.. عمر رياض يعلن التحضير لجزء جديد من "لن أعيش في جلباب أبي"    حسام حسني يروي تفاصيل بدايته الفنية مع محمد محيي وعمرو دياب    وزير الصحة يبحث خطة تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل في المنيا    نحافة مقلقة أم رشاقة زائدة؟.. الجدل يشتعل حول إطلالات هدى المفتي وتارا عماد في مهرجان الجونة    أطعمة صحية مع بدايات الشتاء.. تناولها لتقوية المناعة وتجنّب نزلات البرد    سماع دوى انفجار داخل قطاع غزة    قطع الكهرباء عن عدد من قرى المحمودية بالبحيرة لمدة 7 ساعات    التاريخ ويتوج بكأس العالم للشباب    مراقب مزلقان ينقذ سيدة حاولت العبور وقت مرور القطار بالمنيا    حوار مع يسرا وشريف عرفة الأبرز، برنامج مهرجان الجونة السينمائي اليوم الإثنين    ترامب يعلن فرض رسوم جمركية إضافية على كولومبيا اليوم    الحكم في طعون المرشحين لانتخابات مجلس النواب 2025 بالدقهلية غدا    ضوابط إعادة القيد بنقابة المحامين بعد الشطب وفقًا لقانون المهنة    عثمان معما أفضل لاعب في كأس العالم للشباب.. والزابيري وصيفا    الأهلي يحصل على توقيع صفقة جديدة.. إعلامي يكشف    ويتكوف: التقديرات بشأن كلفة إعادة إعمار غزة تبلغ نحو 50 مليار دولار    هبوط الأخضر الأمريكي.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الإثنين 20-10-2025    صححوا مفاهيم أبنائكم عن أن حب الوطن فرض    ولي العهد السعودي وماكرون يناقشان جهود إحلال الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط    ملخص وأهداف مباراة المغرب والأرجنتين في نهائي كأس العالم للشباب    هل ينتقل رمضان صبحي إلى الزمالك؟.. رد حاسم من بيراميدز    ميلان يقفز لقمة الدوري الإيطالي من بوابة فيورنتينا    يسرا تشعل أجواء احتفال مهرجان الجونة بمسيرتها الفنية.. وتغنى جت الحرارة    موعد التحقيق مع عمر عصر ونجل رئيس اتحاد تنس الطاولة.. تعرف على التفاصيل    6 أبراج «نجمهم ساطع».. غامضون يملكون سحرا خاصا وطاقتهم مفعمة بالحيوية    ثقافة إطسا تنظم ندوة بعنوان "الدروس المستفادة من حرب أكتوبر".. صور    د. أمل قنديل تكتب: السلوكيات والوعي الثقافي    مضاعفاته قد تؤدي للوفاة.. أعراض وأسباب مرض «كاواساكي» بعد معاناة ابن حمزة نمرة    محافظ الغربية يجوب طنطا سيرًا على الأقدام لمتابعة أعمال النظافة ورفع الإشغالات    سهام فودة تكتب: اللعب بالنار    ميلاد هلال شهر رجب 2025.. موعد غرة رجب 1447 هجريًا فلكيًا يوم الأحد 21 ديسمبر    لدغات عمر الأيوبى.. بيراميدز "يغرد" والقطبين كمان    «المؤسسة العلاجية» تنظم برنامجًا تدريبيًا حول التسويق الإلكتروني لخدمات المستشفيات    هل زكاة الزروع على المستأجر أم المؤجر؟ عضو «الأزهر العالمي للفتوى» توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار النخبة مع فائز الحداد الحلقة العاشرة مع الدكتور حسين أبوسعود
نشر في شباب مصر يوم 03 - 01 - 2012


شاعر الثلاثية المقدَّسة وال "مدان في مدن"
الحلقة العاشرة – د. حسين أبو سعود

أ. د.. إنعام الهاشمي (حرير و ذهب)

الحلقة العاشرة: وفيها يجيب الشاعر فائز الحداد على أسئلة الأديب الشاعر والقاص والناقد العراقي د. حسين أبو سعود المغترب في المملكة المتحدة. ( تجد في نهاية الحلقة نبذة موجزة للتعريف به)
أ. د. إنعام الهاشمي – الولايات المتحدة : أرحِّبُ بالأديب الشاعر القاص والناقد د. حسين أبو سعود ضمن المشاركين في حوارِ النخبة.
كتبَ د. حسين أبو سعود الشعرَ والقِصَّةَ والنقدَ والعمودَ والمقالةَ ونشَرَ في صحفٍ ومجلاّتٍ عربيَّةٍ كثيرة ، وفي مواقعَ الكترونيَّةٍ عديدةٍ ، كما ترجَمَ بعضَ الأعمالِ إلى العربيَّة. ما لم أعرفُهُ عنهُ مِن قبل أنّه قامَ بدورِ البطولَةِ في مسرحيَّتينِ عربيَّتينِ وأنه يهوى الخطَّ العربيَّ ويمارسُِه. عرفتُه شاعِراً رقيقاً تتَّسِمُ نصوصُه بالحزنِ الشفيف، وقد ترجمتُ لهُ نصّين ِمن نصوصِهِ إلى الإنجليزية ، أحدهما بعنوان "ضوء البحث عن حكايات" الذي شقَّ طريقَهُ بسهولةٍ بينِ نصوصِي المتَرجَمة، يشفعُ لهُ في ذلكَ عمقُ معانِيهِ وجمالُ الخطوطِ التي خطَّ بها صورَهُ الشِعريَّة رغمَ الحزنِ الذي يكتنفُها،. أعجبَنِي بالأخَصّ المقطعَ الأخيرَ وفيهِ يقول:
( سيجيئك طيفي ... أوقدي معه نار الحكايات؛ ...وابني معه من الطين أساطير ...لأناس كانوا ... يمزجون الضحك بالبكاء ... والدمع بالغناء ؛ .................)
ويقول كذلك:
(ودعي الطفل الذي بيننا ...يرحل في عنفوانه بلا انكسار...قبل أن تتعبه الأسفار؛
وعلميه ان جرحى الطيور... لن تصمد طويلا في دوامة العاصفة؛)

الأخ الأديب حسين أبو سعود، تقبَّل منّي ترحيبيِ بكَ، وكعادَتِنا مع ضيوفِنا مِنَ النخبةِ، ، نمدُّ لكَ البساطَ السومريَّ الأحمر الفاخرَ وفيهِ رائحةِ الوطن، وتقبّل منّي باقة زهورٍ عبقةِ تليقُ بك وبمقدمِك.
الشاعر فائز الحداد - العراق : وأنا أرحب بزميلي الأديب الشاعر الكريم والقدير د. حسين أبو سعود لمشاركتنا في حوار النخبة .. هذا الحوار الذي زخر بالأدباء النخبة ، وهو منهم، وأسئلتهم التي جعلت منه حواراً نوعيا نفخر به، فألف أهلا بك يا صديقي .
الأديب د. حسين أبو سعود – العراق/ لندن : تحية واحترام وتقدير للأديبة الدكتورة إنعام الهاشمي والشاعر المتألق فائز الحداد وأتمنى لهذا العمل المشترك النجاح والموفقية.
الحوار
سؤال 70 – الأديب د. حسين أبو سعود : كيف يتصور الشاعر العالم إذا حكمه الشعراء؟
أسيحكم الشعراء العالم فعلا يوما ما يا لهذا الحلم من معنى في ميزته المثالية والجمالية .. ولكن هذا الكون مأخوذ بكعب !؟ .

جواب 70 - الشاعر فائز الحداد : هذا سؤال مأخوذ على محمل الافتراض كرؤيا ويقارب الاحتمال بمعنى الحلم حيث لا حلم هناك وإذا أخذناه على محمل التمني فهذا الحكم أكيد سيماثل العدل المثالي ويضارع الجنات بتفاصيلها الجميلة التي صورت تصويرا جميلا في المنزلات السماوية . فهمي كمدينة الحلم التي يسعى إليها البشر بكل توجهانه المتأملة .. فما سبق في التاريخ أن حكم الشعراء العالم ولن يحكموا أحدا في التاريخ القادم لأنهم كالزهور يتركون العطر ويذبلون أللهم ما عدا الشاعر الأفريقي الكبير ليوبولد سنغور وطريقة وصوله إلى سدة حكم السنغال وقصة هذا الشاعر الرئيس والتي كتب عنها الكثير معروفة واعتقد لولا ولادته وثقافته الفرنسيتين وسلوكه الذي هو أشبه بالسلوك الغربي ما كان ليصل إلى سدة الحكم ، ومثله في ذلك أسماء أخرى قيل عنهم مناضلون وإن لم يكونوا شعراء كبورقيبة ولكنهم كانوا أفارقة بجبة فرنسية فالعالم الغربي يتوجه و يبحث عمن يتوجه له وإليه .

سؤال 71 – الأديب د. حسين أبو سعود : هل يحتاج الشعراء إلى نوع خاص من التعامل من قبل حكومات العالم؟

جواب 71 - الشاعر فائز الحداد : في ثراء الكنوز ظل الشعراء أهم كنوز المعارف في كل أمصار الدنيا لكونهم الصفوة فيما خلق الله بعد الأنبياء والرسل وذرياتهم الحسنة لأنهم كانوا ومازالوا دائما مثار جدل وحسد وغيرة لهذا توجهت إليهم الأنظار بالثناء والهجاء والرعاية والاضطهاد وحالهم بقي يتراوح بين بين .. فإذا تبنى الشعراء خطاب السلطة ( وهم القلة ) ودافعوا عنها وانتموا إليها سيكونون مقرّبين ومعززين وينالهم أحسان الحاكم كما جرى مع المتنبي وأبي تمام والبحتري وأبي نؤاس تمثيلا لا حصرا .. وإذا عارض غيرهم خطاب السلطة ( وهم الكثرة ) فله ما ناله الشعراء الصعاليك وكل الشعراء المعارضين للسلطات الجائرة ..

إن منطق العدل يجب أن ينحى منحى معرفيا في رعاية أصحاب الفكر والعلم والعلماء والأدباء والفنانين وكل من له صله بالإبداع .. فالدول التي ليس فيها مبدعون ليس فيها بالضرورة أي شرط من شروط الحياة، والشعراء جزء من هذا التكوين وإن كانوا في مقدمة المبدعين . لذلك تجد الدول الحية عبر التاريخ تعز شعراءها وتقدمهم على غيرهم، و لك في حضورهم ومكانتهم الكبيرة عند الفلاسفة دليل كاف على منزلتهم الكبيرة والمتقدمة ، وما خصهم به أفلاطون في جمهوريته الحالمة وبعده الفلاسفة الآخرون برهان معرفة .

نعم يجب أن يكون للشاعر ولكل مبدع ومثقف حصانة ورعاية خاصة من قبل الحكومات حتى وإن لم يلتق معها ويتجافى مع منهجها العام. ولكن هل سيتحقق ذلك والخلاف أزلي مابين الثقافي والسياسي؟ ومن له أحقية القيادة ؟

أنا أعتقد بأن السلطة لم ترع ذلك بعنايتها كرعايتها للسلطة الفقهية ولحاشيتها وجيوشها المؤدلجة وهي من تمارس دور البطش والقتل قبل غيرها بحق الشعراء ، ونأخذ ( الحلاج ) وما جرى له مثالا كافيا لإدانة السلطات الديكتاتورية على مر التاريخ.. لذلك أدعو إلى تأسيس منظمة عالمية لرعاية الأدباء والشعراء والفنانين بعيدة عن أي سطوة سياسية تقصي دورهم الإنساني الكبير فالبلاء بالسياسيين وبسياسة اٌلإقصاء و العنف دائما.

سؤال 72 – الأديب د. حسين أبو سعود : هناك تخوف من حدوث فاجعة أليمة في العالم ، هل يرى الأستاذ فائز بان أرباب القلم سواء كانوا شعراء أو رسامين وغيرهم تقع عليهم مسؤولية من نوع خاص لتغيير العالم أو تأخير حدوث الفاجعة؟
جواب 72 - الشاعر فائز الحداد : لا أدري أية فاجعة تقصد يا صديقي فالفواجع تترى في عالمنا هذا منذ أول الخليقة والعالم محاط بالفواجع المستديمة الإلهية منها كالزلازل الكبيرة والبراكين والأعاصير فهل نقف الآن على ( سونامي ) كونية تقضي على العالم ؟
ولكن تبقى الفواجع البشرية كالحروب الكونية هي الأخطر في زوال شعوب وإمبراطوريات وأمم كما جرى في العالم القديم والحديث وفق شريعة الغاب والغطرسة والاستعمار والاسترقاق فهل نسينا جرائم أمريكا والغرب بحق شعوب الشرق وأفريقيا .. وفي مقدمتها فاجعة هيروشيما ونكازاكي وأيتيناوا في اليابان آبان الحرب العالمية الثانية وما حصل لشعب الزولو من آباده جماعية وما حصل ويحصل في فلسطين والعراق وكل الأمصار العربية والإسلامية كأمثلة .

للأسف أستغل العقل البشري لتطوير الإبداع والعلم لا لخدمة الإنسان بل لإبادته في أضخم مبتكرات العالم العسكرية وأنت ترى ما يحفل به العالم من سباق تسلح مضطر ينهي العالم بدقائق من قبل دول الموت بحيث أستفردت وحوش العالم المتطور بنا كالذئاب لتقودنا كالخراف والنفايات إلى محرقة الموت دائما ..
فماذا سيكون بأيدي المبدعين كي يحدوا من حصول كارثة حروب نووية تمحينا من الوجود دون حصانة تذكر .. فهل سنواجهها بلوحة بيكاسو أو قصيدة للمتنبي ؟ لذلك سيبقى الكون قائما على حوار القوة والعلم لا في حوار الأدب والفن .


سؤال 73 – الأديب د. حسين أبو سعود : العراق بلد الشاعر مر بفتنة طائفية مقيتة والخوف قائم من حدوث فتنة مدمرة أخرى ، فما هو يا ترى دور أصحاب القلم في رسم صورة جديدة للعراق ومنع حدوث كارثة جديدة في البلاد؟
جواب 73 - الشاعر فائز الحداد : باعتقادي ما حصل في العراق بعد الاحتلال الأمريكي الغاشم من حروب أريد لها أن تكون حروب طائفية وهي في حقيقتها وخلفياتها من صنع الأحزاب الحاكمة الآن.. فهي حروب أحزاب ومصالح ولفرض السطوة والنفوذ الطائفي للتفرد بالسلطة كأنها حروب تصفية حسابات قديمة تستمد جذورها وحضورها بدعم خارجي وإقليمي وعربي . وحين هدأت واستتب الأمن نوعاً ما لم نر مواطناً عراقياً يقتل أخاه على الهوية أو الطائفة أو القومية أو الدين !؟

السبب في تلك الجرائم هو محاولة محو الانتماء الوطني لصالح الانتماءات الجزئية والمناطقية لتقسيم العراق ونهب ثرواته وحماية أمن إسرائيل هذه الدولة اللقيطة وإلحاقه تابعا لدول الجوار ولا أبريء أحدا من لعبة المصالح السياسية الاقتصادية.. وبالمناسبة كل ما حصل للعراق يتحمله النظام الديكتاتوري الجاهل السابق الذي لم يع الثوابت والمتغيرات في السياسة الدولية في عالم تسوده سطوة المصالح وتسيره نوازع القوة والتفرد ولا نزال نتذكر حروبه المفتعلة مع إيران وغزو الكويت وعداء سوريا وتركيا والهجوم على السعودية .. فهل وقفت هذه الدول مكتوفة الأيدي إزاء ما حصل لها دون إيقاع الأذى بنا ؟

وربي أنا لم أجد شعبا طيبا وكريما وذكيا وعزيزا مثل شعب العراق بكل أطيافه ومكوناته وتاريخه لكن العلة بحكام العراق الذين يسعون لذاتياتهم وحاشياتهم والشعب يعاني الأمرين في الجوع والموت على مر التاريخ .. فهل عاش الإنسان العراقي برخاء يوما وفي بلد يعد ثالث أغنى دولة نفطية في العالم في موجوده ومخزونه النفطي ؟ يا للخسارة إذن ..!؟

نعم يترتب على المثقف دور كبير وعلى المؤسسات الثقافية دور أكبر في التوعية الوطنية ثقافيا وسياسيا .. وأنا أراهن على وعي المواطن العراقي وحبه للعراق في درء الفتنة والوقوف بجانب العراق الموحد فليس هناك من أمل نعقده على أية جهة إن كانت داخلية أو خارجية .. فالعراق للجميع وفق نظرة شعبية تنتمي للعراق لا لغيره .

سؤال 74 – الأديب د. حسين أبو سعود : رعاية الشاعر ماديا ومعنويا هل هي مسئولية الحكومات المحلية أم أنها مسئولية عالمية يجب أن تتصدى لها منظمة الأمم المتحدة؟
جواب 74 - الشاعر فائز الحداد : اعتقد يا صديقي هذا السؤال يرتبط روحيا وتعبيريا بالسؤال الثالث وقد أجبت عنه ولننتقل إلى السؤال التالي.

سؤال 75– الأديب د. حسين أبو سعود : عندما يحترق الشاعر والفنان لإخراج قصيدة أو لوحة وتقديمه إلى العالم ، إلى أين يريد أن يصل بنور احتراقه ؟
جواب 75 - الشاعر فائز الحداد : بدأنا هنا نقارب الفلسفة بجدلها وتناقضها .. كأنك تمازج في هذا السؤال بين سلطتي ( النار والنور ) نحو مفاد ذاتي وموضوعي في آن ولكن النار غير النور وإن يلتقيان بهدف نقطوي مدبب واحد هي ( القدحة ) التي تشظيهما بين الضوء والحريق . فما بين النور والنار ثمة ظلام إذا خمدت النار وكيلا نمعن في النار ونقترب من النور المعبر عن الفكر والمعرفة واجتراح العقل والعلم والآداب أقول بان حرائق المبدع تبدأ من قدحة ضميره الأعلى في تبني الأشياء التي تثيره وتستفزه ليدونها بنجيع دمه وفكره فتدونه مبدعا يحمل هما إنسانيا كبيرا .
إن هدف المبدع الكبير هو أن يجسد ذاته في أقصى مدى وأعلى مرتبة صوت وأسخن لون في لوحة أو قصيدة أو موسيقى أو منحوته، فإذا بلغ حضوره في متلقٍ وقارئ نال إعجابه فهذا هو أقصى مؤديات هدفه وحلمه أما الشهرة والانتشار والجاه فأعتقد بأنها ستبقى دون ما يحلم به كفنان إزاء نكران الذات المبدعة .. أما ما سيأتي بعد ذلك لا يمثل سوى حصاد ما يناله عن رضا الناس بأنه قد قدم فنا يستحق الثناء ويوصف بالإبداع .

سؤال 76 – الأديب د. حسين أبو سعود : ما هي مسئولية الشعراء أمام سفك الدماء الحاصل في العالم في مختلف أنحاء العالم؟
هل يكون الشاعر عراقيا أو أفغانيا أو مصريا أو إسرائيليا؟ أم انه يتحرر من الحدود الوهمية والقطرية الضيقة ليكون جزءا من العالم الكبير.
جواب 76 - الشاعر فائز الحداد : الشاعر كمخلوق نادر يتعدى التعريف بالهوية غير هويته الإنسانية وهذا بشكل عام . أما في التخصيص والتشخيص أحيلك إلى أجمل ما قاله الشاعر الكبير محمود درويش في تاريخه ما قاله بحق العراق والعراقي ( كن عراقيا كي تكون شاعرا ) هذه الشهادة تضع الشاعر العراقي في المقدمة والعراق في مقدمة العالمين العربي والإسلامي ففيه ولدت كل ثورات الشعر العربي وما ستولد لاحقا فهل بعد هذا القول من قول جاء على لسان شاعر حداثي عربي كبير رحمه الله ؟

المسألة يا صديقي أن العراق هذا المخلوق الكبير تاريخيا وإنسانيا هو مصدر الكون المعرفي والشعري الأول وإنسانه جبل على الحياة مختلفا وهذا ما تؤكد عليه الدراسات المختلفة البيولوجية والسايكولوجية والسيمالوجية .
وفي هذا الصدد أتذكر قولا لصديقي الشاعر سلمان داود محمد حين قال ( كل الخلق خلقوا من طين وماء إلا الإنسان العراقي فقد خلق من طين ودم . وإذا أخذت هذا القول الكبير على محمل التحليل والتأويل ماذا سينتج عندك من قول ورأي ؟

أما كان الشاعر الأول في التاريخ ( كونوش ) عراقيا ؟ ولا أريد أن اكرر ما قلته في حوارات سابقة بحق الشعر العراقي ولكن بجملة مختصرة أقول لك /
بان الشعر ولد في العراق وسيموت فيها .

سؤال 77 – الأديب د. حسين أبو سعود : من يوصل الأخر إلى مدارج الشهرة الشاعر أم الناقد؟
جواب 77 - الشاعر فائز الحداد : أي شهرة لا يمكن أن يبلغها الناقد بدون وجود الشاعر فلولا الشاعر ماذا سيكتب الناقد ؟ هذه ببساطة القول والوصف . فعلى صعيد الذات فالشاعر مبدع وفي قمة سلم الإبداع والناقد محلل لهذا الإبداع ومكمل له وعلى صعيد الكتابة فإن الشعر هو الصفوة فيما يكتب من إبداع والنقد إجراء كتابي عن ذلك الإبداع ومن المفروض أن يكون منتميا ومحاك له في العملية الأدبية ولو أنا من الداعين إلى كتابة النص المحايث في الكتابة النقدية كي تبلغ العملية النقدية أسبابها في التحليل والتقييم فكثير من الكتابات النقدية لم تبلغ مدارك النصوص فيما كتب عنها وكثير من النصوص أقل شأنا من النقد الذي كتب عنها ، وهذا ما يضع العلاقات الإبداعية عرضة للعلاقات غير الأدبية المضرة بالأدب عموما .
أما موضوع الشهر وذيوع الصيت فأعتقد بأن للنقد حسناته ودوره الخطير في تقديم الشاعر سلبا كان أم إيجابا وحسبي أرى بان النص المتميز هو أفضل من يقدم نفسه وشاعره قبل أن يقدمه أحد على قارعة القراءة والمعرفة . ووفق هذا الفهم يبقى الناقد بحاجة إلى الشاعر فهو سبب شهرته وذيوعه في المشهد الأدبي وليس العكس .
سؤال 78 – الأديب د. حسين أبو سعود : كيف ينظر الشاعر الحداد إلى تعدد الآراء وتعدد الأديان والفلسفات والمذاهب الدينية والفكرية؟
جواب 78 - الشاعر فائز الحداد : موضوع علاقة الفلسفة في الدين والدين في المسائل الفكرية موضوع طويل وشائك الشرح منذ بزوغ شمس الله على الأرض وظهور الإمبراطوريات القديمة وتناسخها بهيئة ممالك ودول لكن أستقر الرأي بأن الفكر الإنساني يشترك بكل توجهاته على تبني مبدأ الحرية والتعبير عن الرأي واحترام الرأي الآخر مهما تعددت الفلسفات والأديان واختلفت المذاهب الدينية والفكرية.
فهي تشترك وتصب معاً في نسيج معنوي رائع يعبر عن جوهر الإنسان والكون ، فالأديان والفلسفات والمذاهب الموحدة مثلا تلتقي على مبدأ التوحيد وتختلف في الطرائق شاهدها وجود الخالق ودليلها الحكمة في الوصول إلى جوهر الإنسان الموحد رغم أن هناك من يعتقد خلافا لذلك كالفكر الوضعي المادي في علاقة الإنسان بالكون وبتعبرها علاقة خيالية غير حقيقية واختلفوا أيضا على سر خلق الكون وابتعدوا كثيرا عن المفكرين الموحدين .
لقد سادت في العصور القديمة شرائع التكفير والإقصاء ونكران الآخر فدالت دول وزالت أخرى ووجدت لها سبيلا آخرا في عالمنا المعاصر وكانت نتائجها السببية كوارث وحروباً خفية ومعلنه واعتقد بأن للتدين الطائفي والسياسي دورا كبيرا فيه ونموذجه في الشرق ما يجري في العراق والبلاد العربية والإسلامية .
أنا شخصيا أجد في الاختلاف طريقا للتحاور وفي التعددية قوة متبادلة بينك وبين الآخر لا وسيلة للعداء والتناحر وما يحصل خلافا لذلك إنما يعبر عن التعصب والانغلاق والعصبية ويهدف إلى محو الآخر في الانتماء والهوية.
سؤال 79 – الأديب د. حسين أبو سعود : هل أن التغييرات الجديدة في الأقطار العربية واتساع مساحة الحرية ستجئ بثقافة جديدة مختلفة؟

جواب 79 - الشاعر فائز الحداد : إذا فهمنا ثوابت السياسة والمتغيرات في ظل العولمة الأمريكية الجديدة سيرشح لنا الجواب من خلال ذلك فمنذ مؤتمر يالطا عام 1945 والعالم محكوم بظلال يافطة كبيرة وهي شعار المؤتمر ( لا يحق للدول المستقلة حديثا أن تقيم نظاما سياسيا إلا بمشيئة الدول الكبرى ) ويقصد هنا الأعضاء الدائميين في مجلس الأمن أي دول الحلفاء المنتصرون في الحرب العالمية الثانية .
من خلال المتغيرات أنفة الذكر سيكون حكامنا مجرد دمى وألاعيب بأيدي أمريكا والعالم الغربي يبدلونهم وفق مستجدات الأحداث ويحركونهم كما يشاءون على لوح شطرنج السياسة العربية ووفق مصالحهم وحاجاتكم السياسية والاقتصادية .. واعتقد مشروع شرق الأوسط الكبير الآن هو مفتاح العلاقة العربية والإقليمية مع إسرائيل فقد انتهى دور هؤلاء التماثيل القبيحة وعليه يجب أن يجيء من سيكمل سيناريو الخنوع العربي تحت يافطة الديمقراطية الأمريكية الكاذبة فلو كان هناك سعي يهدف التغيير نحو الديمقراطية الحقيقية فعليهم أن يغيروا أنظمة الممالك والمشايخ الجاثمة على صدور شعوبهم منذ ما يقارب من القرن ..
إن تغيير الوجود لن يأتي بأكله في عالم عربي مسلوب الإرادة والرأي والذي سيأتي لن يخرج عن دائرة الثقافة المسيَّسة أمريكيا وغربيا والذي يحلم بغير ذلك لواهم ويجري خلف سراب الشعارات والضحك على الذقون .
المسألة هي أعادة تقسيم الأدوار والمصالح تحت جنح ما سمي ( بثورات الربيع العربي ) فلا ربيع هناك حسبما أرى .. صحيح بأنها أطاحت برموز الديكتاتورية العربية لكنها لن تجيء إلا بدكتاتوريين جدد وسيترتب الوضع وفق العولمة ومن يمثلها لخدمة إسرائيل وليس هناك من ثقافة جديدة فهي مصادرة سياسيا و على العكس ربما سيطارد المثقف مستقبلا بشكل أكبر مما عانيناه من الأنظمة الفاسدة السابقة ( وإن غدا لناظره قريب ) .
سؤال 80 – الأديب د. حسين أبو سعود : كيف تولد القصيدة عند فائز الحداد وهل له في ذلك طقوس خاصة به؟
مع تحيات حسين أبو سعود
لندن
جواب 80 - الشاعر فائز الحداد : القصيدة بالنسبة ألي عالم تشترك في اكتشافه جملة عوامل محركة لذاتي المحضة وما يحيط بها من مؤثرات وردود أفعال وتتقدم ذلك الموهبة فأنا عرفت العمود الشعري وسبرت العروض الخليلية ولي فيها مؤلف مطبوع أي أنني أدرك جرس المفردة الإيقاعي وتفعيلاته في الجملة الشعرية العمودية والتي انصرفت في ذهني فيما بعد إلى جرس المفردة الحسي في جملة الشعر الحر.
عن ولادة القصيدة يقول الشاعر العربي السوري سليمان العيسى بأنها ( تشبه ولادة الطفل‏ ) وبذلك تكون الإشارة وفق هذا القول على أنها ولادة إما طبيعية وأما قيصيرية وفي الحالتين هي عسيرة فهل هي كذلك حقا ؟
إنني أرى بأن لولادة القصيدة طقوس خاصة ليس عندي فحسب بل عند كل شاعر منذ أوغاريت ومرورا بجلجامش ولحد الآن .. فالقصيدة عبارة عن كائن مارد في تكوينه الأول وعلى ذات الشاعر قبل محيطه لذلك يتوالد قلق القصيدة بشكل انشطاري وفي كل الجهات وحين طغيانها تأخذه بفيضها فتقوده أول الأمر وحين امتلاك زمامها الجامح يقودها الشاعر ليوجهها إلى مضماره المختار مدونا لها ومتوحدا بها .. وأخالها أحيانا كالمرأة الجميلة التي تختارني تستفز قلبي فتطرقه فيخرج ليراقصها على الورقة .
هذا باختصار عن حالة التجلي في كتابة القصيدة أما عن مقوماتها فأولا تبدأ منذ ولادة ثيمتها المجادلة أي فكرتها المجسدة والمرسخة في روحي ويبقى قلقي في سؤالها .. كيف سأصير هذه الثيمة شعرا في اللغة والبناء والمعنى والمعنى المضاعف كجماليات . فالقصيدة تقوم على الشك والشك دائما وهي بنت اللحظة الحرجة الجارحة لذات الشاعر فعليه الإمساك بعنان لحظتها كي لا تغادره إذ ليس لها من زمن محسوب مسبقا فهي تولد في زمنها ولا شأن لها في المكان وليس للشاعر من سطوة عليها إلا حين يمتلك مفاتيح الدخول إليها كفاتح جديد .. لذلك أقول عن مفتاح الشاعر بأنه يدخل قبل قدمه إلى دارة القصيدة المختارة .
وختاماً: أشكرك جدا أيها الأديب والشاعر القدير د. حسين أبو سعود عسى أن أكون قد أوفيت حوارك الجميل حقه وأتمنى لك المزيد من النجاح مع تقديري الكبير .
فائز الحداد
العراق



وأنا أقدِّمٌ كلَّ الشكرِ والتقديرِ للأديبِ د. حسين أبو سعود لاستجابتِه لدعوتِنا ومشاركَتِهِ وإضافته القيمة في هذا الحوار الزاخر بالمعرفة. والشكرُ مجدَّدٌ وموصولٌ مع التقديرِ لشاعِرِنا العرّاب الفائز الحداد ، ولجهدِه الدءوب في الإجابة على الأسئلةِ العديدةِ التي مازالت أمامنا وتنتظرُ دورَها في الظهور والتي ورَدَتنا من نخبةِ الأدباءِ التي سترافقُنا في الحلقات القادمة لننهلَ ممّا لديها ولدى شاعِرِنا مِن ثقافةٍ واطّلاعِ .... وقبل أن أغادِرَك هذه المرة إليكَ كل زهورِ جنائِنِ شِعرَك المميَّز و لكَ أن تقطفَ منها ما يروقُ لك وتهديهِ إلى محبّيكَ ومتابِعي الحوار.
وسنلتقي في الحلقةِ القادمة.
حرير و ذهب (إنعام)
الولايات المتحدة


سيتم نشر الحلقة الحادية عشرة من حوار النخبة خلال الأيام القليلة القادمة
وفيها يجيب الشاعر فائز الحداد على أسئلة الأديبة السورية المغتربة فرات إسبر


نبذة موجزة عن المشارك في حوار النخبة
د. حسين أبو سعود – العراق

· من مواليد مدينة كربلاء عام 1954 ويقيم حاليا في لندن
· دكتوراه في العلوم الإسلامية
· كتب في الدين والسياسة والوجدان والتاريخ والرحلات
· كتب الشعر والقصة والنقد والعمود والمقالة ، نشر في صحف ومجلات عربية كثيرة ، وفي مواقع الكترونية عديدة ،
· وترجم بعض الأعمال إلى العربية . وترجمت بعض نصوصه إلى لغات أجنبية.
· يهوى الخط العربي ويمارسه أحيانا
· ومثل دور البطولة في مسرحيتين
· وقدم العديد من الندوات السياسية والثقافية والأدبية والدينية وشارك في العديد من المهرجانات والمؤتمرات والندوات الفكرية والثقافية.

المطبوعات

· ديوان سجين في حي سكني(طبع على نفقة وزارة الثقافة الجزائرية)

المخطوطات المعدة للطبع :

· نظرية الخروج على الحاكم في المذاهب الإسلامية
· قاتل الرئيس – رواية
· مقاطع من ألف جرح وجرح – شعر
· شئون تركمانية – مقالات في الشأن التركماني
· شئون عراقية ، من الملكية إلى صدام

الجوائز ونشاطات أخرى

· حاز الجائزة الأولى في مسابقة مؤسسة النور الثقافية عن النص المترجم عام 2010
· رئيس الديوان الثقافي العراقي سابقا _ لندن
· عضو اللجنة الاستشارية لمجلة المهجر سابقا – لندن
· عضو مؤسس في منتدى الوحدة الإسلامية- بريطانيا
· عضو مؤسس في مركز ايسيكس الإسلامي – لندن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.