مدرب صن دوانز: الفشل في دوري الأبطال؟!.. جوارديولا فاز مرة في 12 عاما!    وزير التعليم العالي يهنئ رئيس الجمهورية والقوات المسلحة والشعب المصري بذكرى تحرير سيناء    وزير التنمية المحلية يتابع مع وفد البنك الدولى الموقف التنفيذي لبرنامج التنمية المحلية بصعيد مصر    غير مستقر.. سعر الدولار الآن بالبنوك بعد ارتفاعه المفاجئ    محافظ القليوبية يتفقد أعمال النظافة بمدينتي الخصوص وأحياء شرق وغرب شبرا الخيمة    خبير اقتصادي: الدولة نفذت 994 مشروعا تنمويا في سيناء بنحو التريليون جنيه    الدورة 15 لحوار بتسبيرج للمناخ بألمانيا.. وزيرة البيئة تعقب فى الجلسة الأفتتاحية عن مصداقية تمويل المناخ    ضمن الموجة ال22.. إزالة 5 حالات بناء مخالف في الإسكندرية    تحصين 434 ألف رأس ماشية ضد الحمى القلاعية والوادي المتصدع في الشرقية    بعد مغادرة قادتها لتركيا.. حقيقة غلق مكتب حماس في قطر    بلجيكا: استدعاء السفير الإسرائيلي لإدانة قصف المناطق السكنية في غزة    "حماس": حال قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس سنضم جناحنا العسكري للجيش الوطني    الأردن يدين سماح الشرطة الإسرائيلية للمستوطنين باقتحام الأقصى    تطرح مرحلتها الأولى اليوم للمستفيدين... مدينة رفح الجديدة" درة تاج التنمية" على حدود مصر الشرقية بشمال سيناء ( صور)    إمام عاشور وديانج بقائمة الأهلي أمام مازيمبي بفرمان كولر    أنطوي: أطمح للفوز على الزمالك والتتويج بالكونفدرالية    تشافي يبرّر البقاء مدربًا في برشلونة ثقة لابورتا ودعم اللاعبين أقنعاني بالبقاء    مصر تنافس على ذهبيتين وبرونزيتين في أول أيام بطولة أفريقيا للجودو    «الجيزة» تزيل تعديات وإشغالات الطريق العام بشوارع ربيع الجيزي والمحطة والميدان (صور)    السيطرة على حريق نشب أمام ديوان عام محافظة بني سويف    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    التحقيق مع المتهم بالتحرش بابنته جنسيا في حدائق أكتوبر    إصابة سيدة وأبنائها في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالدقهلية    بالصور .. بدء طباعة وتظريف امتحانات الترم الثاني 2024    نقابة الموسيقيين تنعي مسعد رضوان وتشييع جثمانه من بلبيس    رد فعل غير متوقع من منة تيسير إذا تبدل ابنها مع أسرة آخرى.. فيديو    الصحة: فحص 6 ملايين و389 طفلًا ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج ضعف وفقدان السمع    علماء يحذرون: الاحتباس الحراري السبب في انتشار مرضي الملاريا وحمى الضنك    كيفية الوقاية من ضربة الشمس في فصل الصيف    أحدهما بيلينجهام.. إصابة ثنائي ريال مدريد قبل مواجهة بايرن ميونخ    بنات ألفة لهند صبرى ورسائل الشيخ دراز يفوزان بجوائز لجان تحكيم مهرجان أسوان    خبيرة فلك: مواليد اليوم 25 إبريل رمز للصمود    عقب سحب «تنظيم الجنازات».. «إمام»: أدعم العمل الصحفي بعيداً عن إجراءات قد تُفهم على أنها تقييد للحريات    الكرملين يعلق على توريد صواريخ "أتاكمز" إلى أوكرانيا    وزارة العمل تنظم فعاليات «سلامتك تهمنا» بمنشآت السويس    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    محافظ شمال سيناء: كل المرافق في رفح الجديدة مجانًا وغير مضافة على تكلفة الوحدة السكنية    أبورجيلة: فوجئت بتكريم النادي الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    هشام الحلبي: إرادة المصريين لم تنكسر بعد حرب 67    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    حبس شاب لاستعراضه القوة وإطلاق أعيرة نارية بشبرا الخيمة    بيلاروسيا: في حال تعرّض بيلاروسيا لهجوم فإن مينسك وموسكو ستردّان بكل أنواع الأسلحة    انعقاد النسخة الخامسة لمؤتمر المصريين بالخارج 4 أغسطس المقبل    7 مشروبات تساعد على التخلص من آلام القولون العصبي.. بينها الشمر والكمون    موعد مباراة الزمالك وشبيبة أمل سكيكدة الجزائري في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    آخرهم وائل فرج ومروة الأزلي.. نجوم انفصلوا قبل أيام من الزفاف    منها طلب أجرة أكثر من المقررة.. 14 مخالفة مرورية لا يجوز فيها التصالح بالقانون (تفاصيل)    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    عادل الغضبان يهنئ أبناء محافظة بورسعيد بالذكرى ال 42 لعيد تحرير سيناء    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    أمر عجيب يحدث عندما تردد "لا إله إلا الله" في الصباح والمساء    افتتاح وتشغيل 21 سرير عناية جديد بمستشفي الكرنك في الأقصر تزامنا ذكرى تحرير سيناء    حدث ليلا.. تزايد احتجاجات الجامعات الأمريكية دعما لفلسطين    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار النخبة مع فائز الحداد الحلقة التاسعة مع مالكة عسال
نشر في شباب مصر يوم 31 - 12 - 2011


شاعر الثلاثية المقدَّسة وال "مدان في مدن"
الحلقة التاسعة – مالكة عسال

أ.د.. إنعام الهاشمي (حرير و ذهب)


الحلقة التاسعة : وفيها يجيب الشاعر فائز الحداد على أسئلة الأديبة القاصة والشاعرة المغربية مالكة عسال. ( تجد في نهاية الحلقة نبذة موجزة للتعريف بها)

أ. د. إنعام الهاشمي – الولايات المتحدة : أرحِّبُ بالأديبةِ القاصَّةِ والشاعرة الكريمةِ مالكة عسال ثاني الأصواتِ من الأديباتِ المشاركاتِ في حوارِ النخبة. مما عرفتُه عنها ومما يثيرُ الإعجابَ بانجازِها الأدبِيِّ أنّها جاءَت متأخِّرةً إلى عالَمِ الكِتابَةِ، وكما تذكرُ في سيرَتِها الذاتيَّةِ فإن عمرَ الكِتابَةِ لديها وجيزٌ جدّاً إذ ابتدأ ت مع اجتياحِ أمريكا للعراقِ سنة 2003 حيث كتبَتْ قصيدَتََها الأولى بعنوان "فلسطين" ثمَّ قصيدِتَها الثانيةَ بعنوان "جراح" ... وبعد قلِّ مِن خَمسِ سنواتٍ كَتَبَ عنها الكاتِبُ المغرِبِيّ التجاني بولعوالي واصفاً تجربَتَها الأدَبِيَّةِ بالتجربَةِ التي "ولدت مكتملة" بقوله :
"رغم أن الشاعرة مالكة عسال لم تنظم أول أشعارها إلا وهي في عقدها الخمسيني، فإنها تمكنت في مدة وجيزة من أن تحضر بشكل لافت في المشهد الثقافي المغربي والعربي، بكل تجلياته الأدبية والثقافية والإعلامية والتواصلية، مما يميزها كثيرا عن قريناتها من شواعر المغرب، تجربة وحضورا، ففيما يتعلق بتجربتها الأدبية عامة، والشعرية خاصة، يلاحظ أنها ولدت مكتملة، كما أن الشاعرة استغرقت كل تلك العقود الطويلة التي سبقت ظهور تجربتها، تشذب ملكتها الإبداعية في خفاء، وعندما توفرت لها التربة المواتية، وتأتت لها الحوافز الكافية، كشفت عما كان يستقر في دواخلها من معان جميلة وأفكار نظيفة ومشاعر صادقة،......." (التجاني بولعوالي/ الفوانيس 14/4/2008)
كما يلاحظُ عنها حضورُها المكثَّفُ في مختلَفِ المنابِرِ الأدبِيَّةِ والإعلامِيَّةِ، مِن جرائِدَ ومجلاّتٍ ومنتدَياتٍ وأنشِطَةٍ ثقافِيَّةٍ وغيرَ ذلكَ بشَكلٍ مُلفِتٍ للنظرِ ومثيرٍ للإعجاب.
تحية عبقة للأديبةِ التي لابدَّ وأن نذكرَ تجربتَها بما تستحقُّهُ من الإجلال.. عزيزتي، نمدُّ لكِ بكلَِ اعتزاز البساطَ السومريَّ الأحمرَ الفاخِرَ ونفرِشُ عليهِ منثورَ الياسمين ونقدِّمُ لكِ طوقاً من قدّاح البرتقالِ احتفاءً بقدومِك ...وأقتطفُ بعضاً من كَرَمِ رسالَتِكِ أدناه.
الأديبة مالكة عسال – المغرب : الفاضلة إنعام تحية مودة وتقدير
أولا أحيي فيك هذه الروح الدؤوبة على إسداء خدمات جليلة للأدب والأدباء في كل الأقطار ، بالتمحيص عن طريق النقد الأكاديمي ، وبما توجهينه من حوارات لرموز الأدب ، اعترافا بأقلامهم النورانية ، وأخيرا بالترجمات للإنتاجيات الأدبية حتى تتمكن من تكسير الحدود المحاصرة وفك العزلة وتنال حظها من قبل قراء الضفة الأخرى ، فتتلامس التجارب ، وتتعانق بما فيه خير للإنسانية ..فأنا أتابعك باستمرار ، وأقتفي أثر إنتاجاك ، من نقد وحوارات وترجمات لك تحرك النحلة النشيطة بين خلاي الأزهار البرية ، الشيء الذي يثري بامتياز الساحة الأدبية خصوصا والثقافية عموما ، ويضخ دماء جديدة في النصوص ، ويجعلها تحيا وتستمر، كما أنك تضيئين سراديب المعتم منها ،وتفتحين الآفاق على أكثر من واجهة ، ليعلو الأدب ويتطور ويرقى .. فأنت يا أختي تزرعين الفرح بين الأدباء ، حين تباغتينهم بخلخلة ما أفرزته مشاعرهم ، بالحفر في بساتين آدابهم ، ومقارعة إنتاجياتهم وتعيدين طحنها بما لك من أدوات وآليات صغتِها من ذهب لتتلألأ النصوص وتلتمع بزمردها الواهج ، وقد تتبعت تجربتك مع كبير الشعراء فائز حداد ، من حيث الترجمة والحوارات ، والنقد لنصوصه ، واستمتعت بما قرأت واطلعت عليه ...
تحية كبيرة وقوية لشاعرنا الكبير فائز الحداد ولأختنا الدكتورة إنعام ، على النبش بأظفارها عن الجواهر المعمية بالطين والقش ، ولن أسأل من يكون فائز الحداد لأنه غني عن التعريف ، ففائز الحداد هو من حمل الشعر في كف ، والوطن والهم الإنساني في كفه الثانية ..
مالكة عسال/ المغرب
الشاعر فائز الحداد - العراق : أرحب بزميلتي الأديبة والشاعرة المغربية اللامعة والقديرة مالكة عسال على مشاركتنا في حوار النخبة .. هذا الحوار الذي نريد له أن يكون نوعيا بكم فألف أهلا بك وبشعبنا العزيز في المغرب العربي .
الحوار:
سؤال 65 – الأديبة مالكة عسال : سؤالي الأول ، كيف استطاع (فائز الحداد) حمل هذا الهم كله بمفرده ، وهل حقا يعتبر الشعر متنفسا له ؟ أم هو حوار ذاتي يتمثل الهمين الوطني والإنساني ؟؟ ماذا يعتبر الشعر بالنسبة إليه في الوضع الراهن ؟ صيغا جمالية ؟ أم له وظيفة نبيلة لتمرير قيم أخلاقية ؟ إلى أي حد يخلف ردودا ؟؟؟
جواب 65 - الشاعر فائز الحداد : الشعر بعالمه الواسع المفتوح والمنفتح يضم كل هذا الذي ذكرته معنى وعناء يا شاعرتنا العزيزة وبعد..
فالكون الذي نعيشه هو أول شاعر في تشكيله وتشاكلاته ومنه يستقي الشعر نسغ دمه متفاعلا ومتناقضا ضاريا ووديعا فحين خلقت الحياة قبّلته كأول حبيب لها .. فالشعر حبيب الحياة بكل تفاصيلها إن لم يكن حجتها في الجمال والخلق ، فإن تقول شعرا فإنك تدون للحياة تاريخا مضافا جديدا وجديا يعزز وجودها ومن خلالك في كل عواملها المحركة الظاهرية منها والخفية .. وحسبي أن الشاعر يشترك في صنع حياة الحياة بأدبها وعلومها ومن خلال وخلل أشيائها الظاهرية كعينات جمال يتنفس في نسائها وزهورها وأنهارها ودموعها وبكل تفاصيلها الباطنية الممثلة في ماء الحياة والجذور والطمث المقدس وعوامل التمثيل الجيني والضوئي ، وحتى في كوارثها، فللشعر اشتغال واسع يحمله مضارعا وواصفا وراثيا وحاملا رئة الموت في قلب طفلة يعشقها ويعيش خلجاتها .
الشعر هو زادي الأول يا زميلتي ولا يمكن أن أتصور الحياة بلا شعر أبدا..
بلى الشعر هو المتنفس والحوار الذاتي وال "دايلوك" الجدلي مع العالم الأعم .. لذلك أضحى الشعر أهم مصدر للتاريخ وأصدقها فهو أهم من يعبر عن مفهوم الوطن الحبيب كقيمة عليا والتزام خلقي كبير ولا أتصور جمالا يخرج إلا من بين حناياه مجسدا في امرأة تهبط كملاك رباني على صدره أو زهرة تطاردها العيون بشزر الإعجاب والحسد واللذة؛ فقصيدتي امرأتي التي أطاردها في أزقة روحي لتخرج كنافورة نار تحرقني بزفيرها أولا لتعبد الوجود كشظايا ورماد .
فالشعر تجربة وقضية فردية بحته آمنت بشخصيتها وشخصنتها كخلاصة مكثفة للأشياء، فإن اختزلت جملته بقطرة ماء فاعلمي بأن معادلها بحر من المعنى والجمال؛ أجل يا شاعرتي لقد عانيت كثيرا وحوربت من قبل (جندرمة اللغة ) والسلفيين والمأخوذين بسفاهة الرأي ولا أزال أعاني من الذي لا يفهم حقيقة الشعر أو هو يفهم ويخالف الحقيقة حفاظا على منجزه البائر .
سؤال 66 – الأديبة مالكة عسال : شاعرنا له تفرد نوعي في الأسلوب ،تركيبا واستعارة وصورا شعرية من أين تمتح هذا التميز ؟
جواب 66 - الشاعر فائز الحداد : تكوينات الشاعر الذاتية والموضوعية بكل مرجعياته الثقافية واللغوية هي المحور إضافة إلى موهبته الشعرية وهي الأسس التي يقوم عليها منجزه الذاتي والنوعي وليس غير الواقع المعاش بكل تشظياته معينا له وبالنسبة لي أجد خريطة الحياة الواسعة هي التي تمنحني الشعر بلا حدود كي أكتشف تفاصيلها الكثيرة غير المحددة وغير المقننة.
الواقع الحياتي والدراسي والتعليمي من صيرني شاعرا كلاسيكيا في أول البدايات وشاعراً حداثياً وإحداثياً منقلبا على ذاته القديمة والمعاصرة بعد سنوات فواقعي معلمي الأول وهو من منح مفاتيح أسرارها لي كي يؤشر فأدرس وأعيش لحظته الحرجة وينتج عنه ما يمثله من إبداع يتفاعل مع مكونات هذا الكون فأنا أمتح من رضاب الجمال بما يخالط رضاب حبيبتي حين تقبلني وحين تزرعني جذرا يستقي من رحم الأرض شهد الولادة .. فالقصيدة ولادة كوطن يسكنني في حلي وترحالي في مسكني وفي غربتي وشتاتي .. كل هذه الأشياء لها ردود أفعال ومزايا خاصة في رسم خارطة قصيدة النص ونص القصيدة .
سؤال 67 – الأديبة مالكة عسال : الإنتاجات الشعرية تمور بين الفلسفة والسريالية والعشق الصوفي للأنثى الرمز الجرح غائر لا يعرفه غيرك ، كيف تمت حصيلة هذا التعدد ؟ وهل أوفت بالغرض المطلوب ؟؟
جواب 67 - الشاعر فائز الحداد : النص الشعري الحديث سيد الفلسفة الآن وهو غيره من النصوص الأخرى هذا الكائن الشامخ هو إفراز كوني ونص فلسفي وسريالي وجمالي وسياسي واجتماعي وله القدرة على جمع المعرفيات المتعدد وتوظيفها لخدمه المعنى الذي يتقصده بحروفه وحرفيته فالشعر هو الوحيد من صير الأفكار لصالح الجمال لذلك تخارج عن المألوف الرتيب والمقنن والمجدول والمحدد والرياضي .
هنا أريد أن انقل إليك بكل تواضع رؤيتي في الإنتاج الشعري وأدعوك بكل محبة إلى قراءة بيان الاختلاف الذي أصدرته خصوصا في حقل ( رؤية النص) وهذا جزء من مفاده ..( فالشاعر الحداثي لا شك بأنه يؤسس لحقيقة كبيرة مفادها أن الشعر حتى في المباشرة الشعرية هو غيره من الأجناس الأخرى، والإشارة هنا لا أعني بها إلى ضرورة تكريس التجريد في التكثيف والتورية إلى درجة (المعميات)، إنما السعي إلى المعنى الزاخر بالدلالات الذي نتقصاه، وإلا إلى ماذا يرمي الشاعر كثيمة في أتعس الظروف وأفضلها؟.. ففي بعض النصوص تجد التخارج بمعنى الرفض له تداعيات التشخيص السلبي في النص، وله صدى رفض أكثر حدة في تضاعيفه وبتشخيص بائن آخر أكثر حدة أيضا وبالمجارات حينا وبالمغايرة أحيانا أخرى، وبهدف أن نبقى في خضم الحدث الشعري تضعنا بعض النصوص في مأزق التشخيص والتشتيت معا، لا لشيء إنما لتوضيح الأمر كي ندرأ عن أنفسنا تهمة تعضيد الحرب ضد الآخر في الشعر والنقد!!.. لكننا نهدف إلى الضوء سببا للنور والانفجار في آن واحد صوب إنارة العتمة والتلاشي والإبهام.
وللحقيقة أجد بعض شعراء العمود أسير وهم ماضوي يتجدد بقلق مضارع دائم وبتضادات غير محسوبة كالشك في يقينيات غير مستقرة.. فتوجساته غير مشروعة ربما من (مدنسات) لم تزل تستهدف قدسية أشيائها بعدة وجوه الإفصاح، وستظل تتقصدها بمكنوناتها (كليمونة) ساقطة بين حجرين. فالبوح احتراقا قد يكون مقصودا كاعتراف يعلل النار للامساك بتلابيبها وبيان المعنى كي لا يظل مباشراً ساذجاً يسعفه الشاعر بترميز مقصود، فيضع احتمالات التأويل هدفا وبأكثر من معنى لإخفاء السبب وحقيقة التسبيب، وبتاريخ إشاري محدد يضع الزمن هاجسا له بصور متعددة، لذلك يترسخ التشخيص بمردودات السبب مباشرة تمثيلا أو حصرا، ويتركز في مسميات تجد الإبهام ضالة ودالة وصفية دافعة تجترح الأسئلة والشك للوصول إلى برهان الحقيقة الشعرية المستهدفة جمالا.
سؤال 68 – الأديبة مالكة عسال : قدر الشاعر أن يركض خلف هواجس أفرزها صراع قوي فتمزقت الذات الشاعرة بما يحلم به وبعدم امتلاك أدوات التغيير، ما هي النوايا الحسنة المأمولة لدى شاعرنا ؟ وفي رأيك كيف يتم تحقيقها ؟؟
جواب 68 - الشاعر فائز الحداد : يبقى الشاعر في خسرانات متلاحقة دائمة فلا اعتقد يهمه التفسير بأن نواياه حسنة من عدمها فالنوايا الحسنة هي ما يحمله القارئ عن الشاعر من قناعة رصينه تقربه إليه أو تبعده عن ميدان الأهمية والضوء والقبول فالشاعر يكتب ما يمليه عليه ضميره الشعري ورؤاه وإيمانه بحتمية الأشياء التي يعيشها ويعايشها ويكتب عنها ، كون الشاعر خالق أرضي متفرد بملكته وممالكه التي يراها حصنا له فخلقه إبداعه القائم على الشك والشك دائما ..
أنا أسألك يا مالكة .. ما هو المأمول وغير المأمول لديك كشاعرة وما هو بعد الأمل ..؟ أعتقد هنا سنلتقي عند إجابة مشتركة إن تلاقينا في التقاطع أو تقاطعنا في التلاقي .. فليس هناك من شيء مطلق أبدا إلا ويحمل نسبيته وليس هناك من شيء نسبي محض وربما يحمل من الإطلاق الكثير واعتقد بأننا كشعراء نرى مالا يراه غيرنا كحاملي فلسفة مجسدة في فن القول وجدل الكلام وشك الشعر وهجاء النقد ..
نحن يا سيدتي أناس صيّرنا خطأ في لحظة صحيحة نؤمن بالأمل ولا نعيشه ونعلم الناس الحب دون أن نعي بأن مأساتنا أكبر وشاهدنا خسراناتنا الكثيرة المتلاحقة لكننا نحب هذه الخسارات ونرسخها بتعمدنا لها لأننا ندون الحياة بنكران ذات شعرية ناهمة فالشعر ناكر ذاته دائما وقبل أي فن أدبي آخر .
سؤال 69 – الأديبة مالكة عسال : أحيانا توظف كلمات مقدسة بتناص مع القرآن ،أو إضفاء النبوءة أو الإلوهية ،لابد لها من ردود محرجة ؟ كيف تتخلص من هذه الردود ؟
جواب 69 - الشاعر فائز الحداد : شاعرتي الكبيرة مالكة عسال ..
لندع التناص جانبا لأنه يعبر عن القصيدة الكلاسيكية أكثر من الشعر الحر .. ونعبر عنه بالمعادل الشعري فهو أدق تعبيرا عن المقارنة والتقابل أو المشابهة أو الموازيات المحايثة لأنني أجد في التناص مسلكا أظلما وطريقا دخيلا لشرعنة السرقة بالنسخ والنسخ المقلوب فهناك من يسرق منك الفكرة والمعنى جهارا وتصمتين أما لخوف معرفي أو لخجل أدبي وتحت يافطة هذا (التناصي .. اللص ) . فهذا التناص ومن واضعه العالم الروسي ميخائيل باختين من خلال كتابه (فلسفة اللغة) عني تماما بالاستشهاد والسرقة أكثر من الموازيات حسب إجراءات تلميذته جوليا كرستيفا .
أنا يا شاعرتي أجد لمقدساتي الخاصة كالمرأة والوطن مثلا صدى راكزا في المقدسات العامة فالمرأة مجدليتي ومن تمجلدني في الحياة عاشقا أتبعها وأتابعها في الرؤيا والرؤية والحب وأجد في وطني حياض كعبتي الثانية فأنا لا أتجنى على المقدس في الإلوهية أو النبوة والرسالات السماوية بل أجلها واحترمها لكنني كشاعر لي رؤيتي في الأشياء فأجسدها شعرا لأضفي على مقدسي الأرضي شيئا من الهيبة المثالية .. وستجدين تفاصيل كثيرة في ردودي السابقة عن هذا الموضوع خصوصا في المحاورة بيني وبين الأستاذ الأديب والصحفي المصري العزيز الأستاذ أحمد عبد الهادي .. لكن المهم الذي أريد أن أؤكده هنا بأنني كمسلم أرى بأن ديني هو دين كلمة لا صورة مجسدة لصورة الإله كما في الدين المسيحي مثالا لا حصرا لذلك كثيرا ما تعنى الكلمة في اشتغال المجاز والاستعارة التورية والترميز .
الأديبة مالكة عسال : أخيرا أتمنى أن تجدي في أسئلتي المطمح الذي تصبين إليه .
مودة مالكة عسال/ المغرب
الشاعر فائز الحداد : أنا أشكرك جدا أيتها الأديبة والشاعرة القديرة مالكة عسال عسى أن كنت في مستوى حوارك الجميل وأتمنى لك مزيدا من التألق و النجاح مع تقديري الكبير
فائز الحداد
العراق
تعقيب : أ. د. إنعام الهاشمي: على ما جاء في أول أسئلة الشاعرة مالكة عسال بقولها: " سؤالي الأول ، كيف استطاع حمل هذا الهم كله بمفرده ،........."
أودُّ أن أشيرَ إلى عاملٍ مشتَرَكٍ بينها وبينَ شاعِرِنا الفائز الحداد ألا وهو احتلالُ العراق والهمُّ الذي حرَّكَ قلَمَها لتكتبَ أوَّلَ قصيدَةٍ متأثِّرَةً بما حلَّ بالوطَنِ العربيِّ مِن دمارٍ، فهو ذات الهمَِ الذي دفَعَ شاعِرَنا إلى أن يكونَ صاحبَ أوَّل مجموعةٍ شعريَّةٍ تندِّدُ باحتِلالِ العراقِ، تلك التي صدَرَت عام 2004 وحَمَلت عنوانَ "لا هوية لباب" وهي ثالث إصداراته الشعرية؛ وقد كتب الناقِد د. حسين سرمك عنها بقوله:

" للتأريخ أقول إن فائز الحداد هو صاحب أول مجموعة مقاومة ضد الأمريكان الغزاة تصدر بعد احتلال بغداد المحروسة وذلك في عام 2004 بعد أن لاذ أغلب المبدعين العراقيين بالصمت بسبب هول صدمة احتلال بلادهم وتهاوي الآمال التي بنوها علي شخصية المنقذ التي ظهرت خاوية. وقد عقد أصدقاء الشاعر آنذاك، في بغداد المحتلة، اصبوحة للإحتفاء، وليس أمسية بسبب ظروف منع التجوال آنذاك، واعتذرتُ عن حضورها لقناعتي أنها ستفشل بسبب مجيء أدلاء الإحتلال المعذبين بما يحملونه من سيكولوجية مقهورة مبررة من جانب، ونزعة تصفية الحسابات الثأرية من جانب آخر. فشلت الأصبوحة حقا، فعقدنا أصبوحة تعويضية في بيت في حي الوزيرية كانت في غاية النجاح والتألق، وألقي فيها نخبة من النقاد والشعراء والفنانين العراقيين كلمات احتفاء وتقريض لمجموعة فائز الحداد وشخصه.." (الزمان 16/9/2011)

وذلك في كلِمةٍ ألقاها في أمسِيةٍ أقيمت في دمشق احتفاءً بالشاعِرِ فائز الحداد بمناسبةِ صدورِ مجموعَتِه الشِعِريَّةِ الأخيرَةِ "مدان في مدن" التي يجسِّدُ فيها وَجَعَ العراقِ الذي يحمِله في اعماقه:
"لك وجعي .. العراق ..
تميمة حب مثقبة الجنان
أحملها على خريطة وسخة ..
صيّرتها المسابح قبورا مرقطة"
(فائز الحداد)
وقد وجدتُ ذلكَ جديراً بالذِكرِ وللتاريخِ، حيثُ أنَّ البعضَ بدأ بالادِّعاءِ موهِماً أو متوَهِّماً أنّه صاحِبِ أوِّلِ مجموعةٍ شعرية ضِدَ الاحتلال.

وختاماً : أقدِّمٌ كلَّ الشكرِ والتقديرِ للأديبِة مالكة عسال لاستجابتِها لدعوتِنا ومشاركَتِهِا القيمة في هذا الحوار الزاخر بالمعرفة والمشاعِر. والشكرُ مجدَّدٌ وموصولٌ مع التقديرِ لشاعِرِنا العرّاب الفائز الحداد ، الذي مازالَ دائباً في الإجابة على الأسئلةِ العديدةِ التي مازالت أمامنا وتنتظرُ دورَها في الظهور والتي ورَدَتنا من نخبةِ الأدباءِ التي سترافقُنا في الحلقات القادمة لننهلَ ممّا لديها ولدى شاعِرِنا مِن ثقافةٍ واطّلاعِ .... وقبل أن أغادِرَك هذه المرة إليكَ باقةً من زهورِ القُرُنفلِ الحمراءِ التي أخذت لونََها من جنائِنِ شِعرَك المميَّز.
وسنلتقي في الحلقةِ القادمة.
حرير و ذهب (إنعام)
الولايات المتحدة

_______________
سيتم نشر الحلقة العاشرة من حوار النخبة خلال الأيام القليلة القادمة وفيها يجيب شاعرنا الفائز الحداد على أسئلة الأديب العراقي د. حسين أبو سعود.

__________________

نبذة موجزة عن المشارك في حوار النخبة
مالكة عسال - المغرب

· من مواليد 13/6/1954 بمدينة ابن أحمد إقليم سطات.
· قاصة وشاعرة لها مساهمات في أغنية ومسرح الطفل
· وهاوية الرسم الكاريكاتوري
· عُمْر الكتابة وجيز جدا إذ ابتدأ ت مع اجتياح أمريكا للعراق سنة 2003... كل الكتابات تنصب في البعد الإنساني، وهموم الشعوب ضحايا الحروب خاصة.
· أول قصيدة كانت بعنوان' فلسطين' في 27/10/2003
· ثاني قصيدة كانت بعنوان 'جراح' في 30/10/2003

إصداراتها:
1. "دمعة "- ديوان شعر- عن دار القرويين للنشر بالدار البيضاء - مارس2005 ( أقيم له عدد من القراءات النقدية) .
2. "فراديس منفلتة " - مجموعة قصصية - دار سعد الوارزازي بمدينة الرباط - شتنبر2005 (وأقيمت له قراءة واحدة من طرف الدكتورة أسماء غريب بإيطاليا
3. " وشم الأمس على الأضرحة" - ديوان شعر - دار النشر تلال بمدينة المحمدية - فبراير 2007
ولها حاليا عدة مخطوطا ت منها :
1. "متى نأكل تفاحة آدم" - ديوا ن شعرمخطوط - جاهز للطبع
2. "مدن تحت المجهر" - مجموعة قصصية متكاملة - منقحة جاهزة للطبع
3. دراسات نقدية لمجموعة دواوين شعرية ومجاميع قصصية لكتاب عرب ومشارقة - ما يقرب من كتاب متكامل
4. حوارات ما يقرب من كتاب
5. لديها أربع مسرحيات الطفل وديوان أغاني الأطفال

التكريمات والجوائز
- جائزة أغنية الطفل - من نيابة وزارة التربية الوطنية والتعليم - يونيو 2002
- جائزة لقاء شعري 25 مارس 2004
- جائزة مسرح الطفل يونيو2005 من نفس النيابة السابقة ..
كما كرمت من قبل عدة مدن مغربية :
- تكريم بمدينة المحمدية من طرف جمعية "شراع "بمشاركة جماعة المنصورية سنة 2006
- تكريم بمدينة ابن أحمد إقليم سطات سنة 2007
- تكريم من طرف إذاعة أف-أم مع المذيع البقالي محمد
- تكريم من طرف الجمعية للمترجمين واللغويين والمبدعين العرب برسم سنة 2008
- تكريم من مدينة أكادير في مهرجانها الأول للقصة والشعر بتاريخ 18/04/2009
- حاصلة على ما يقرب من 50 شهادة المشاركة والتقدير

نشاطات أخرى:
- كاتب عام لبيت الأدب المغربي
- عضو بجمعية إيطو النسائية
- نائبة الرئيس لجمعية تيمغارين
- مشرفة على ركن الشعر باتحاد كتاب الانترنيت العرب
- عضو بالعديد من المنتديات والمواقع والمجلات والصحف الإلكترونية
- أقيمت معها حوارات في مختلف الإذاعات الوطنية ضمن برامج متعددة:
- شاركت في عدة ملتقيات شعرية وتكوينية بعدة مدن مغربية. .. كما شاركت في ملتقيات عربية : مصر / تونس
- وكذلك ضمن لجان مغربية لانتقاء شعراء شباب من كافة التراب المغربي بالدار البيضاء ومدينة سطات .

تابعوا الحلقات الكاملة بالضغط هنا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.