قدر مصر أن تواجه التحديات على مر الأجيال والعصور، وواجب مصر فى كل الأزمان أن تروض الأزمات، وتصد الأخطار عن الجميع، وتقودهم إلى حيث يعود الأمان ويستقر في ذلك الإقليم المليء بالأطماع، وهكذا أقرأ التاريخ، وكيف أنقذت مصر تلك المنطقة من وحشية التتار، وأطماع الصليبيين، وأساطير الاحتلال الصهيوني، وكيف رفعت أغصان الزيتون، أكثر مما لوحت بالسلاح، ولم تلجأ أبداً إلى القوة، طالما أن هناك بصيص أمل فى معالجة الأزمات دون إزهاق أرواح ولا إسالة دماء، وعندما يتطلب الأمر حماية الأرض يصبح الجميع على قلب رجل واحد، الشعب والناس والجيوش كلهم كالبنيان المرصوص. كانت كلمة السر في كل المرات، هى التلاحم بين الناس والجيش والثقة بين الحكومات والأهالي، وروح البذل والفداء التي تسيطر على الجميع، وقد كتبت كثيرًا في تلك الجينات المتوارثة، التى ميزت الشعب المصري عن غيره من الشعوب فى مواجهة الأخطار والدفاع عن الأرض والعرض، لكنى سأركز هذه المرة على أحد العناصر المهمة التي توارثناها، وهى الأمل الذى لا يهتز فى النصر، واليقين الذى لا يتسلل إليه شك فى القيادات، والأهم روح التفاؤل فى القلوب التى ألقت بكل أنواع الخوف خارجها، ويكفى وجود تلك الثلاثية المقدسة «الأمل واليقين والتفاؤل»، لتتفتح طاقات النور فى القلوب والدماء في القلوب والسواعد، ويتحقق النجاح في تجاوز الأخطار، ولا يمكن أن تكسب حربًا، أو تتجاوز تحديًا بدون أن يكون لدى الناس التفاؤل المنشود، والإيمان بقدرتنا على الإنجاز في كل المجالات، ومن هنا كانت خطورة الشائعات وحملات التشكيك التى تستهدف نشر روح التخاذل والتشاؤم، وتعطيل تدفق التفاؤل فى القلوب، ولا أبالغ لو قلت إن ذلك من أهم مكونات الأمن القومى الخاصة بالجبهة الداخلية للوطن، فطالما هى بخير فالوطن بسلام. رسالتى للجميع بلا استثناء، فيها تذكير بأهمية أهراماتنا المقدسة، ومنها «هرم العمل والعلم والفن»، وموضوعنا اليوم هو الهرم الذى تحمل أضلاعه «الأمل واليقين والتفاؤل»، خاصة الضلع الثالث باعتباره النتيجة الطبيعية للضلعين الأولين، فلا يمكن أن تنتصر فى المعركة، وهناك من يزرع اليأس فى القلوب، ويقلل من كل إنجاز يتم، ويشكك حتى فى الواقع الذى يعيشه الناس، ويحاول أن يقلل من قدرتك على الإنجاز ويعمل على تعطيلك بسلاح قذر اسمه «التشاؤم»، وأتمنى أن نكون جميعًا واعين جدًا فى التعامل مع السوشيال ميديا، وأكاد أحذر من أن 90% منها كاذب، بحسب دراسات لمؤسسات علمية دولية، ولا أصادر هنا حريتك فى الحكم على تدفقات الأخبار، بل أدعو الجميع لممارسة ذلك الحق، بحيث يمرر كل خبر أو شائعة يسمعها من هنا أو هناك على عقله قبل أن يعتمدها أو يرددها على غيره، بحيث لا يكون مجرد «أُكرة باب» يحركها أحد كيفما شاء، من أجل تشويه الأمل وتضييع الثقة وإشاعة السخط، ويوما ما قالها لنا الإمام الشافعي في إحدى قصائده: «وعين الرضا عن كل عيب كليلة.. لكنَّ عين السخط تبدى المساويا»، إن الأعداء يريدون إضعاف جبهتنا بتحييد عين الرضا عن إنجازات عملاقة قمنا بها، وإصلاحات عميقة فى كل المجالات قد نفذناها، ويلجأ إلى كافة صنوف الكذب، من أجل تمهيد المناخ حتى تتمكن «عين السخط» من السيطرة على الساحة، وعندها يكسب الأعداء المعركة. ويهمنى هنا الإشارة إلى تأكيد الرئيس عبدالفتاح السيسي المستمر على تلك الحقيقة مرارًا وتكرارًا، بأنه لا أحد يستطيع أن يقدر على شعب مصر، طالما أنه يد واحدة، وكان آخر تلك التأكيدات فى كلمته قبل أيام بمناسبة ذكرى ثورة الثلاثين من يونيو، فقد قال بالنص للمصريين: «قوة مصر، ليست فى سلاحها وحده، بل فى وعيكم، وفى تماسك صفوفكم، وفى رفضكم لكل دعوات الإحباط والفرقة والكراهية»، ومن هنا فجبهتنا الداخلية وتماسكها هى الجبهة الأولى التى ينكسر أمامها الأعداء. ودائما ودوما وأبدا.. تحيا مصر ◄ بوكس لا مكان بيننا فى مثل هذه الظروف لمن يغش بأى شكل، ولا لمن يزرع الشوك فى طريقنا، ويبنى حيطان اليأس فى القلوب، ومن يستغل موقعه ولا يعين الناس على قضاء حوائجهم.