خبير دستوري: اتحاد القبائل من حقه إنشاء فروع في كل ربوع الدولة    الشعبة تكشف تفاصيل تراجع أسعار الدواجن والبيض مؤخرًا    الآن رسميا.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم السبت 11 مايو 2024 بعد آخر انخفاض    موازنة النواب عن جدل الحساب الختامي: المستحقات الحكومية عند الأفراد والجهات 570 مليار جنيه    عز ينخفض لأقل سعر.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 11 مايو بالمصانع والأسواق    الزراعة: زيادة الطاقة الاستيعابية للصوامع لأكثر من 5 ملايين طن    حزب الله اللبناني يعلن استهدف مبنى لجنود إسرائيليين في مستعمرة المطلّة    الحصيلة 520 شهيدا .. مقبرة جماعية ثالثة في مجمع الشفاء الطبي والسابعة في مستشفيات غزة    نشرة التوك شو| أزمة قطع الكهرباء عن المعابد الأثرية وانخفاض أسعار الدواجن والبيض    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تقصف منزلًا في شارع القصاصيب بجباليا شمال قطاع غزة    قبل ذكرى النكبة.. ماذا يعني تصويت الأمم المتحدة على منح فلسطين العضوية الكاملة؟    الإمارات تحرج نتنياهو وترفض دعوته بشأن غزة: لا صفة له    فرنسا تدعو إسرائيل إلى وقف عمليتها في رفح بلا تأخير    ثنائي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية: التاريخ يذكر البطل.. وجاهزون لإسعاد الجماهير    حكام مباراة بلدية المحلة والأهلي.. ناصف حكم ساحة.. وطارق مجدي للVAR    محمد بركات: الأهلي أفضل من الترجي ويستطيع التتويج ب" أبطال إفريقيا"    ملف يلا كورة.. استمرار غياب الشناوي.. الأهلي لنهائي دوري السلة.. وجائزة تنتظر صلاح    أبرزها الأهلي أمام بلدية المحلة، حكام مباريات اليوم بالدوري الممتاز    مأمورية من قسم الطالبية لإلقاء القبض على عصام صاصا    وفاة شاب في حادث تصادم دراجة نارية وتروسيكل بالفيوم    بقلم ميري، معلمة تصفع طفلا من ذوي الهمم يهز ضمير الإنسانية في الأردن    برج الأسد.. حظك اليوم السبت 11 مايو: تقدم ملحوظ    أبناء السيدة خديجة.. من هم أولاد أم المؤمنين وكم عددهم؟    تناول أدوية دون إشراف طبي النسبة الأعلى، إحصائية صادمة عن حالات استقبلها قسم سموم بنها خلال أبريل    نتائج اليوم الثاني من بطولة «CIB» العالمية للإسكواش المقامة بنادي بالم هيلز    محمد بركات يشيد بمستوى أكرم توفيق مع الأهلي    نائب بالشيوخ: موقف مصر ثابت تجاه القضية الفلسطينية    «أنصفه على حساب الأجهزة».. الأنبا بولا يكشف علاقة الرئيس الراحل مبارك ب البابا شنودة    القانون يحمى الحجاج.. بوابة مصرية لشئون الحج تختص بتنظيم شئونه.. كود تعريفى لكل حاج لحمايته.. وبعثه رسمية لتقييم أداء الجهات المنظمة ورفع توصياتها للرئيس.. وغرفه عمليات بالداخل والخارج للأحداث الطارئة    المواطنون في مصر يبحثون عن عطلة عيد الأضحى 2024.. هي فعلًا 9 أيام؟    بيان مهم من الأرصاد الجوية بشأن حالة الطقس اليوم: «أجلوا مشاويركم الغير ضرورية»    مصرع شاب غرقًا في بحيرة وادي الريان بالفيوم    زيادات متدرجة في الإيجار.. تحرك جديد بشأن أزمة الإيجارات القديمة    عمرو أديب: النور هيفضل يتقطع الفترة الجاية    رسائل تهنئة عيد الأضحى مكتوبة 2024 للحبيب والصديق والمدير    حظك اليوم برج العقرب السبت 11-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    بتوقيع عزيز الشافعي.. الجمهور يشيد بأغنية هوب هوب ل ساندي    النجم شاروخان يجهز لتصوير فيلمه الجديد في مصر    رد فعل غريب من ياسمين عبدالعزيز بعد نفي العوضي حقيقة عودتهما (فيديو)    النائب شمس الدين: تجربة واعظات مصر تاريخية وتدرس عالميًّا وإقليميًّا    هل يجوز للمرأة وضع المكياج عند خروجها من المنزل؟ أمين الفتوى بجيب    الإفتاء تكشف فضل عظيم لقراءة سورة الملك قبل النوم: أوصى بها النبي    الحكومة اليابانية تقدم منح دراسية للطلاب الذين يرغبون في استكمال دراستهم    5 علامات تدل على إصابتك بتكيسات المبيض    لأول مرة.. المغرب يعوض سيدة ماليا بعد تضررها من لقاح فيروس كورونا    «آية» تتلقى 3 طعنات من طليقها في الشارع ب العمرانية (تفاصيل)    هشام إبراهيم لبرنامج الشاهد: تعداد سكان مصر زاد 8 ملايين نسمة أخر 5 سنوات فقط    طولان: محمد عبدالمنعم أفضل من وائل جمعة (فيديو)    هل يشترط وقوع لفظ الطلاق في الزواج العرفي؟.. محام يوضح    حلمي طولان: «حسام حسن لا يصلح لقيادة منتخب مصر.. في مدربين معندهمش مؤهلات» (فيديو)    رؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية: العدالة الكاملة القادرة على ضمان استعادة السلام الشامل    سيارة صدمته وهربت.. مصرع شخص على طريق "المشروع" بالمنوفية    جلطة المخ.. صعوبات النطق أهم الأعراض وهذه طرق العلاج    «التحالف الوطني» يطلق قافلة جديدة ضمن مبادرة «عنيك في عنينا» للحد من مسببات العمى    زيارة ميدانية لطلبة «كلية الآداب» بجامعة القاهرة لمحطة الضبعة النووية    5 نصائح مهمة للمقبلين على أداء الحج.. يتحدث عنها المفتي    نائب رئيس جامعة الزقازيق يشهد فعاليات المؤتمر الطلابي السنوي الثالثة    بالصور.. الشرقية تحتفي بذكرى الدكتور عبد الحليم محمود    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار النخبة مع فائز الحداد الحلقة الرابعة مع عذاب الركابى
نشر في شباب مصر يوم 03 - 12 - 2011


حوار النخبة مع فائز الحداد
شاعر الثلاثية المقدَّسة وال "مدان في مدن"
الحلقة الرابعة – عذاب الركابي

أ.د.. إنعام الهاشمي (حرير و ذهب)

الحلقة الرابعة : وفيها يجيب الشاعر فائز الحداد على أسئلة الأديب الشاعر والناقد العراقي القدير عذاب الركابي، المغترب حالياُ على حدود اللاوطن ( تجد في نهاية الحلقة نبذة موجزة للتعريف به)

أ‌. د. . إنعام الهاشمي – الولايات المتحدة : أولاً أرحِّبُ بالأديب الشاعر والناقد القدير عذاب الركابي، المغترب حالياُ على حدود اللاوطن، الذي سيشاركُنا مشكوراً هذه الحلقةَ من حوارِ النخبة. ثم أعودُ لذكرِ ومضاتٍ مضيئةٍ عن معرفتي به وبعض الظروف التي تشكل جزءاً من عذاباته..

لو خيِّرتُ في تسميته لحذفتٌ الألف من عذاب وأبقيت اسمه عذباً كشعره وكلماته وحروفه... ترى حين أسموه عذابا ً أهو تنبؤٌ لما يتعرَّض له الآن في محنَتِه؟ قرأت أول ما قرأت عن عذاباتِ عذاب ومحنتِه في مقالٍ كتبه الأديبُ عبد الرزاق الربيعي، ثم في مقال كتبته الشاعرةُ فاطمة ناعوت. فما هي محنة هذا الكبير الروح الذي مازال بواصلُ نشاطاته الفكريَةِ والأدبيَّةِ وهو حبيسُ الاغترابِ في ما كنّا نتغنّى له بترنيمةِ "بلاد العُربِ أوطاني ... مِنَ الشامِ لبغدانِ!"؟

غادرَعذاب الركابي العراقَ أواخرَ السبعينياتِ واستقرَّ في ليبيا ليمارِسَ مِهنةَ التعليم في المدارس الثانوية الليبية؛ كتب النصوصَ الشِعريَّة و المقالَ الصحفيَ والدراساتِ النقديَّةَ وأجرى العديدَ من الحواراتِ الثقافيَّةَ ونشرَ نصوصَه ودراساته ويومياته في الصحفِ والمجلاتِ العربيةِ المحليَّة منها وغيرِها وأبدَعَ في كل!ِ المجالاتِ الكتابيَّةِ والفكريَّة ، وهو

"يتمتع بسمعة طيبة وسط أصدقائهِ من المثقفين والمبدعين الليبيين لمثابرته ، وتعريفه بالأدب والإبداع الليبي في العواصم العربية" كما يقول عنه عبد الرزاق الربيعي...

فما هي محنته إذاً؟ قلت عنه أنه "المغتربُ على حدودِ اللاوطن!" وقد وجدتُ أنَّ هذا الوصفَ هو أقربُ وصفٍ لاغترابِِه.
فبعدَ وقوعِ الأحداثِ الأخيرة في ليبيا أرادَ الخروجِ من ليبيا ولكنَّ جوازَ سفرِه العراقَيّ لا يسمح له بالخروجِ من ليبيا لأنَّه ليسَ من فئةِ G ولا توجد سفارةٌ عراقيَّةٌ في ليبيا منذُ احتلالِ العراق، والحصولُ على الجوازِ من هذه الفئةِ مع البصمةِ الاليكترونيّة يتطلّبُ الحضورَ شخصيّاً في إحدى السفاراتِ المخوّلةِ أو السفرِ إلى بغداد، فكيف لهُ ذلك؟ فهو يجلسُ مغترباً في حدودِ اللاوطن ؛ واحسرتاه على وطنٍ ضاع ، وطن فتح البابَ على مصراعَيه لمن أراد الدخول ممن لا يتكلم العربية، وترك أبناءه وقلوبُهم ملأى بحبِّه في انتظارِ سفنٍ لن تصلَ مرفأهم !
ويبقى عذاب عذباً في كلِّ حَرفٍ كتبهُ وفي كلِّ سؤال حاور شاعرنا الفائز الحداد فيه.

الشاعر الناقد المفكّر عذاب الركابي تقبّل ترحيبي ، و لك نمدُّ البساط السومريَّ الأحمر الفاخرَ علّكَ تجدُ فيهِ رائحةِ الوطن، وتقبّل منّي طوقَ ياسمينِ عبقِِ يليقُ بك وبمقدمك.


الشاعر فائز الحداد : ألف هلا بالشاعر القدير والناقد الجميل صديقي الفاضل عذاب ألركابي في حوار النخبة وأتمنى أن نصل إلى فهم مشترك ومختلف يخدم القارئ والمثقف معا .
الحوار
سؤال 29 – الأديب عذاب الركابي : تتعدّدُ فنونُ الإبداع والكتابةِ .. فلماذا الشعرُ دونَ غيره ؟ وما جدواهُ ونحنُ نعيشُ في عالم ٍ ليسَ شعريا ً ؟؟

جواب 29- الشاعر فائز الحداد : إذا سألتك لماذا الشعر وأنت شاعر أما تجد بأنني أسألك عن وصيف عذاب الركابي بشكل غير مباشَر؟
الشعر يا صديقي وبعيدا عن تعريفاته الكثيرة وما قيل عن أنواعه وأعراضه وأغراضه ، هو توأم الحياة الأول ولد بولادتها وعبر كأفضل من عبر عنها فصار راعيها وحبيبها الأول والأجمل .
الشعر توأمك وتوأم كل شاعر ، فأنا لم أختر الشعر بل هو اختارني قارئا للمتنبي والعتاهي والبحتري وشاكر السماوي ورامبو وغوركي والكلاسيكيين الروس وغيرهم .. تقننت مرغما في بدايات تكويني الشعري لكنني رفضت أن أصبح قنّاً لمجدول مشروط بقياس مسطري فهجرت الشعر سنوات بيد إنا تصالحنا وتحاضنا نتبادل القبل على كتف الشعر الحر.
الشعر أبو الفنون والآداب والعلوم .. وفي التخصص هو صفة الأدب وصفوته المعبرة عن روحه قبل غيره .. أما لماذا الشعر دون غيره ؟ فعليك أن تسال هل يختار المرء غير ذاته ؟..
أنا معك في رأيك بأن العالم في ظل العولمة أصبح سياسيا ودينيا أكثر منه ثقافيا وشعريا . لكن أمريكا والغرب كهدف ثقافي يعملان على تشييع أدبهما وطمس آداب الشعوب الأخرى كجزء من مشروع عولمة القوة . وفي ظل ذلك قامت فلسفة إقصاء السياسي للثقافي ونشأت بيروقراطية الثقافي على الثقافي بفعل خارجي وداخلي.. لذلك صار الشعر وسيبقى الأقرب إلي من حبل الوريد .

سؤال 30 – الأديب عذاب الركابي : الشعرُ حياةٌ" و" الحياة ُ شعرٌ" .. أيّ العبارتين الأقرب إليكَ ؟ ولماذا؟
جواب 30- الشاعر فائز الحداد : اعتقد أن المؤدى واحد في المعنى في الترادف والتعاكس فكل ظواهر الحياة الحية تتفاعل وتتضارع مع الشعر .. فتأخذ منه أولا ليأخذ منها ما يناسبه ثانيا .. فالشعر فعل ديناميكي يجذب ويتجاذب مع ما يحيط به ولن يعيش بمعزل عن عالمه المحيط به ، وحتى العلم لا يمكن أن يتطور ( بلا خيال شعري ) كي ندرك مكانة وخطورة الشعر فعلاقة الشعر بالحياة كعلاقة الماء بالأرض بهدف الخصب والنماء هكذا أفهم الأمر بكل بساطة . وعليه فأنا أعيش الحياة شعرا في كل نأمة تخالجني.
سؤال 31 – الأديب عذاب الركابي : يُعرّفُ خورخي بورخيس الشعر : ( إنّهُ عاطفة ٌ ومتعة ٌ ) .. ما رأيك بهذا التعريف ؟ وماذا تضيفُ إليه ؟؟
جواب 31- الشاعر فائز الحداد : اعتقد بأن الشعر كائن منطلق وحر ولا يسمح لأحد أن يعرفه مثلما عرف الشعر بعض المعنيين بقصيدة العمود وفق منطق السياق العروضي ( بأنه الكلام الموزون والمقفى ) ولم ينصرف هذا التعريف إلى الشعر الحر لوجود تناقض معرفي وإشكاليه تعبيرية كبيرة .. فالشعر ومن خلال النص الشعري الحديث يتجاوز مفهوم العاطفة والمتعة وإن يتضمنها لكونه الكائن المثالي الواسع في الدلالات والثيم والاستعارات وغير أحادية الجانب كالنوع والغرض ولا يركن للجنوسة فقد يتداخل مع الأجناس الأخرى كأصل وليس رافدا لها ومثلما قيل عنه ( يعبر عن موقف كوني وإنساني واسع ) .
أن أحترم من عرفه ولكن هل سيحترمنا التاريخ بتعريفه جزافا ..؟.

سؤال 32 – الأديب عذاب الركابي : يرى أدونيس أنّ قصيدة النثر هيَ قصيدة الحداثةِ بامتياز ٍ .. بقول ٍ جميلٍ يوحي بالكثير :( إنّها نسيجٌ حضاري ، فضاء يلتقي فيه إيقاعُ الذات وإيقاع العالم ).. فلماذا يراها البعض أنها مزعجة ٌ .. ومزعجة ٌ جداً !! قل لي ما موطن هذا الإزعاج الذي تحولهُ الأذهانُ التقليدية إلى أبعد من ذلك ، حين تصبح قصيدة النثر ، حسب ما يدور في مخيلتهم المترهلة خطراً على اللغة العربية ؟ لماذا تضايقهم إلى هذا الحدّ ؟ وما ردُّكَ ؟

جواب 32- الشاعر فائز الحداد : أستاذ عذاب كنت قد بينت بشكل واضح وفي مقاربة مع سؤالك المهم هذا الذي يجيب عن وعلى نفسه لأنك تحمل نفس الجمرة التي أحملها في فؤادك الشاعر ..
الجواب وبلا إطالة إن النص الحديث تبوأ ما لم يكن بحسبان الكلاسيكيين وأصبح الأول بلا منازع فبينما تبني ( قصيدة النثر) عماراتها المتوالدة جماليا والمتطورة حضاريا بقيت قصيدة العمود تراوح في ذات شأنها المسجون والمخنوق وكأنها تمثال ( لبوذا ) الي يتم ترميمه على مر العصور ويعاد نسخه بنفس الهيئة وبألبسة وإكسسوارات جديدة .
أريد هنا أن أبتعد عن التعبير بالمعرفيات وما قيل عن الحداثة والقدامة فقصيدة النثر ( مزعجة ) لدى من ؟ للذي لا يرى حقيقة الجمال و( القرد في عين أمه غزال ) ..يراها هؤلاء مزعجة لأنها جاءت بلغة جديدة محلقة ورمزية تفتقدها القصيدة الكلاسيكية وتهدد مشروعهم الشعري القديم بالصميم كإلهة جمال تكرها العجائز فيتهمونها بالتغريب والتخريب وغير ذلك من تهم باطلة ولا أرغب بهذا الصدد أن أستشهد برأي أحد فلي رأيي كما لك وللآخرين أرائهم .
ونتيجة لهذا الفهم كانت القطيعة أو شبه القطيعة مابين جيلين هما جيلا (الانغلاق وجيل التفتح ) وبظله بين المتمسكين بالتراث كهيكل وبين ( المتمردين ) عليه. والحقيقة إن ليس هناك شيء حاسم دائما وأن أي رأي نقدي مهما نال البلوغ والرشد يبقى فرديا أو ناقصا وهامشيا أمام نزوع الروح البشرية وما يصيبها من تأثر وتأثير، وما تفرزه من مصول الأزمات كأصداء لتكوينات ومرجعيات وضروب ، ربما مصابة أغلبها بأمراض النقص ، وعدم البراءة فيما يخص الثقافات والآداب للتأثير بها سلبا بهدف التحريف والتشويه ، ولهذا لابد من القول:
إن مصطلح الحداثة وطبيعته ، ليس ضد القدامة ولا هو شكل من أشكال المغايرة أو التمرد على الموروث التأريخي في الفن والأدب ، بل الحداثة هي استمرار طبيعي للقدامة فمصدرية ( قصيدة النثر ) موجودة ولكنها تم تغييبها سلطويا خدمة لأغراض أخرى كالعناء مثلا، ويخطى من يظن بأنها ( قفزة ثلاثية) تتخطى إرثها وتتعالى عليه، كما أنها ليست تخارجا على مصدرها بل هو استخراج نوعي وابتكار بمعنى التجدد والمواصلة في السمة والتشاكل وبالضرورة الحتمية ستبقى الحداثة مرتبطة بمشيمة قدامتها العربية وإنتاجا لها كعلاقة الجذور بالغصون وعلاقة الوليد بالأم .
سؤال 33 – الأديب عذاب الركابي : يُصنّفُ النقاد الشعراء وفق مدرسية مقيتة ، جيل الستينات .. وجيل السبعينات .. والتسعينات وهكذا !! هل تؤمن بهذا التصنيف المدرسي المّمل ؟ وهل ترى أنّ للشعر عمرا ً .. وهو باتساع المدى .. وحرية الحرية ؟ إلي أين يريدون السيرَ بنا هؤلاء التقليديون ؟؟

جواب 33- الشاعر فائز الحداد : أجل هو تصنيف دون المرسي حتى وربما يشبه بشكل أو آخر اصطفاف طوابير العميان أو الجهلة لسوقهم إلى كتاتيب محو الأمية .. وهذا ما يلخص تعالي النقد على الشعر ومن المفروض يبقى النقد تابعا للشعر وليس العكس تماما .
ظلت إشكالية التجييل الشاغل المأساوي الكبير للواهمين نقديا بتقديم المنجز الأدبي وفق منظور زمني ، أساسه العقد المجدول حسابيا بمقيدات مؤرخنة لمبدعين يعرفون نقديا باسم ( الجيل ) وهذا لا يتصل حركيا بالشعر إلا بدالات الشكل كفعل مظهري عام ، يلحق بالشعر وبالشعراء أذى تناظري كبير يتحمله النقد حصرا كمرافع عاجز وقاضي جائر _ربما_ تبوأ ما ليس له ، فارتد لعدم الكفاءة كومبارسا أو أدنى في دائرة الضوء .
وتبرز هذه الإشكالية بأفق أوسع وبذات الوهم عند المنحدرين إلى ساحة الأدب من ضروب معرفية أخرى ، الذين أضافوا للعلة عللا جديدة أكثر أذى من التجييل بإعلاء شان الضروب الوافدة تناقديا كسجون مبتكرة ظاهرها ثقافي وخافيها إجهاضي لممكنات النص ومضامينه الثرة ، فعضدوا المأساة وعمقوا التشويه في التعامل مع المنجز الشعري كدارج كتابي حياتي عند البعض أو كعارض مرضي عند نقاد مدارس "علم النفس " ، لا يجوز تخطيه أو تماثله كي ينصرف النظر إلى الشعراء كعينات لعدوى مضرة ينبغي اتقاءها والحد من طغيانها ربما " بالحجر الوقائي النفسي " ، وهنا تكمن عقدة الضعف التشخيصي والاحاطي ونخرة الفشل للمصابين بوهم المعرفة ، والجاهلين بالشعر تماما ككائن متجاوزا لكل المحددات والإحالات المفترضة وأولها القيود المقيدة والمقرونة بالعصر أو الجيل ، وثانيها ذلك الغامط لما بعض المقاصد الظاهرة والمفضية إلى جمالية متجددة ذات عوالم تأويلية منفتحة ومفتوحة .
فاصطلاح الجيل إذن كرهن اعتقالي عقدي لا يمثل إلا مهمازا سلطويا لتسيير آلية النقد لصالح ألا نقد .. وهو في تقاطعه ورسالة النقد إنما يعبر عن أنانية تكسبية ، سبيلها الكذب وهويتها المجاملة وهدفها التقرب إلى ( المتسيدين ) ثقافيا لهدف مدان يشي بوضوح إلى محاصرة الشعراء ومقاضاتهم ثقافيا في دكاكين التثاقف ، لتبنى الشواذ المشروطة بالعناوين وفرض الأستذة بواقع الإرهاب الثقافي والخوف .

سؤال 34 – الأديب عذاب الركابي : *والنقد ؟ هل توجد حركة نقدية جادة لدينا ؟ وهل استطاع النقد مواكبة هذا التفجّر الإبداعي ( شعرا ُ ونثرا ً) ؟ لماذا النقد دائماً في دائرة الاتهام .. مما اضطر المبدعون أن يتحولوا إلى نقاد .. ويكتبون عن بعضهم ؟ كيف ترى ذلك ؟ وإلى منْ تشير بإصبعك من النقاد عراقياً وعربياً وعالمياً ؟ أنت كمبدعٍ هل أنصفكَ النقد ؟؟

جواب 34- الشاعر فائز الحداد : بمنأى عن ما تقوله المناهج النقدية بكل تصنيفاتها وما يروج لها وأخرها الآن ( كتيار الوعي ) لفرجينيا وولف في مؤلفها الشهير ( القارئ العادي ) فهذا المؤلف الخطير لي وقفه معه مستقبلا .

النقد يا صاحبي في بلادنا العربية عموما هو سياسي واجتماعي وإقليمي وطائفي أحيانا ومتخلف عن ركب النص الحداثي لأسباب كثيرة منها تكوينية ذاتية تصب وتصيب المرجعية الثقافية للناقد وأنا لا أعتد بها نهائيا .. ولهذا لا أعتقد بأنني سأنصف نقديا لأنني لا أجامل ناقدا أو أديبا على حساب الشعر والحقيقة وأكره العلاقات الاجتماعية والسياسية على حساب الإبداع ودائم الخصومات مع شخصنة العلاقات التي يريدها النقاد ومشكلتي مع النقاد مشكلة معرفية لا شخصية دائمة .
فكم من أستاذ جامعي تنقصه أدوات النقد في الرؤية والرؤيا وفي التحليل والتأويل قد قدم نفسه كناقد في زمن هذه الغفلة المعرفية وهو لا يفهم بالنقد التحليلي شيئا ، ولكن قد طبل له المستفيدون منه وحين كتب ك(نقد) كتب باتجاهين مادحا الضعيف وذاماً الرصين ولعلاقات شخصية لا أدبية .. فهل هذا بناقد تحترمه ؟
لذلك أنا من الداعين إلى تأسيس نقدية جديدة يكون أساسها الشعراء لا الوافدين من ضروب معرفية أخرى فالشاعر أفضل ناقد انطباعي لنصه ولنص زميله ومن ثم يأتي دور الناقد المنهجي .. فما الضير أن يكتب المبدع عن المبدع فهذا وربي عين العقل في زمن هكذا تخلف نقدي إن لم ينصف النقد أحدا من المبدعين عموما والشعراء الحداثيين خصوصا ؟
إن الرأي الفردي بنزعته المتشددة يبقى دون النقد التشخيصي ولا تجد في قاموس صاحبه المأخوذ بمناعة الغرور غير مفردات التشكيك والتندر مقابل التعكز نفاقا على أسماء المشاهير كتعويض إداري لمركب النقص في الرأي المعرفي وإلا بماذا يمكن وصف جهالة فهم النص عند من يتلبسه سوء القصد والوعي والظن معاً؟.. فهي تطغى على ايجابياته تماما وتعصبه عن رؤية الحقيقة الإبداعية عند غيره وهذه الحقيقة المرة تلحقه كاتباً إتباعيا يريد له إتباعا بالضرورة ولا أقرب عليه وصفا إلا ( الناقد الهامشي ) الذي لم يقل فيه الأدباء رأياً ولم يحسمه الأدب كناقد راكز، فهل هذا الرأي هو السبيل لكشف بعض الأدعياء في الأسماء و العناوين وبشجاعة ينبغي إن تؤشر وتحذر وتدين؟..

أجل.. فما بات أمام شعراء الحداثة إلا الأخذ بأسباب التطور الحداثي النوعي والدفاع عنه مهما كانت النتائج بعيداً عن الاعتبارات الشخصية وحسابات المنفعة والغايات الملغومة بنزعة جدالية التعميم وأخلاقيات النقد الرديء .


سؤال 35 – الأديب عذاب الركابي : *يكثرُ الحديثُ .. وتعقَدُ الندوات في عواصمنا العربية عن الهوية الثقافية .. يتنادى المثقفون من كل مكان .. ويطرح سؤال الهوية الذي تأتي الإجابة عنه خجولة حرجة .. قلْ لي هلْ يمكن فعلاً تحقيق هوية ثقافية منافسة في خضم هذه الظروف العربية المحبطة : مؤامرات .. حروب مفتعلة .. كوارث .. هزائم .. احتلال .. تبعية .. ضياع مدن بأكملها !! ماذا تقترح كمثقف لتحقيق هذه الهوية الغائبة – المغيبة ؟؟

جواب 35- الشاعر فائز الحداد : قال يوجين روستو " مستشار الرئيس الأمريكي الأسبق " .. ( يجب أن ندرك أن الخلافات القائمة بيننا وبين الشعوب العربية ليست خلافات بين دول أو شعوب ، بل هي خلافات بين الحضارة الإسلامية والحضارة المسيحية لقد كان الصراع محتدما بين المسيحية والإسلام منذ القرون الوسطى ، وهو مستمر حتى هذه اللحظة ، بصوره مختلفة ومنذ قرن ونصف خضع الإسلام لسيطرة الغرب وخضع التراث الإسلامي للتراث المسيحى ) .
أرجوك أن تقيم هيكل معمارك في التفكير والكتابة معا كفهم على هذا القول الخطير .. فمن يستهدف من في محو الهوية ؟

لقد قلت في أجوبة سبقت حوارنا هذا بأن الزمن قد غادرنا والتاريخ معه بعد سقوط غرناطة آخر معاقل العرب وودعنا بعد اكتشاف البارود بعد سنتين لتحل البندقية المسيحية أمام السيف المسلم فسحقنا التاريخ بعد الثورة الصناعية وظلوا أسلافنا على ظهور الإبل والحمير يتباكون على أطلال ليلى بينما دخل الغرب عصر الأتمتة .

المسألة باعتقادي هي مسألة قوة الحوار بكل مضامينه وعلى أساس هذا الفهم وهذه الفلسفة بُني اصطلاح ( صراع الحضارات ) لمنظري السياسة القدامى والعاصرين .. فلا حوار سلام هناك بين حضارتين تتبادلان النزاع على مر التاريخ في الثقافة والأدب والمعرفة فهو حوار القوي مع الضعيف ولك النتيجة .
لذلك ترجموا لنا ما يشاءون لخدمة الفكر الثقافي المسيحي وأرجوك لا تنظر إلي كمتعصب لكنها الحقيقة ، وتضاعف هذا التحدي تحت سقف العولمة الجديد ولا براءة هناك ف( نظرية الاختراق ) التي تسلكها الآن أمريكا ومنظمة ( الكونسورتيوم ) الأمريكية مثلا وغيرها لمحو هويتنا الثقافية لجار على قدم وساق وشاهدنا الآن فرض المشروع الثقافي الأمريكي في العراق الذي دخل في المناهج الدراسية من رياض الأطفال إلى التعليم الجامعي وهلم جرا ما سيصل إلى الأقطار العربية الأخرى..
أما تتذكر حملة التنصير في الأندلس بعد سقوطها ؟ أما قال الرئيس الأمريكي بوش ( ليكن هذا القرن قرنا أمريكيا بامتياز ) .. وباركه البابا السابق على احتلال العراق مهد الحضارات ومثوى الرسالات ..
ومثلما ترى السطوة المخيفة للتدخل الخارجي الجاري بشؤون العرب والمسلمين الداخلية لحرف كل شيء عن خطوطه المستقيمة لعسكرة الثقافة لصالح فكر الغرب وأمريكا وريثة الفكر الإنجلو سكسوني وصاحبة امتياز محو هوية الهنود الحمر وسحق تاريخهم بالبارود العربي .
هذا غيظ من فيض .. فمن حقنا أن نحافظ على هويتنا العربية بكل أديانها كاحترام لذواتنا المهددة بالمحو .
سؤال 36 – الأديب عذاب الركابي : يقولُ إيتالو كالفينو في رائعتهِ " مدن مرئية" : ( المدنُ مثل الأحلام مكونة من رغباتٍ ومخاوف) .. قلْ لي حينَ تقسو المدن على أبنائها هلْ تصبح حُلماً ؟ كشاعرٍ مبدعٍ ما الذي يبهجكَ في المدينة؟ وما الذي يخيفك ؟ هل الشعر والكتابة كافية لدرء ومقاومة مخاوف وظلمة المدن ؟؟
جواب 36- الشاعر فائز الحداد : هذا بيان استفهام يضرب بأعماق الذاكرة الذاتية بعمق ويطرقها بخجل خائف ويعرف مردودات شظاياها الحزينة مسبقا ..
حقا ما قاله إيتالو كالفينو هذا الأديب الإيطالي الكبير دقيق جدا ومعبر تماما عن المدن الحلم برغباتها ومخاوفها، فمدن الشاعر هكذا هي أشبه بالجراح التي تلتئم ولكن أثرها يبقى شاخصا لا تمحوه غابرات الزمن ولا مظاهر بهجة المدن المتسارعة بعجلة العدو السريع والسرعة الجنونية .. فالزمن يا صاحبي لا يرحم الذكريات دائما ، ربما تبقى ملامح الوجه على زجاج حانة كنت ترتادها أو يبقى خطوك محلقا على رصيف قد مشيته قبل سنوات خلت بصحبة حبيبة غادرتك إلى الأبد لكن روحك تبقى مشدودة بخيط لا يراه غيرك والمدينة تحلق كطائرة ورقية في ذاكرة بؤبؤك العتيد تسحبها وتسحبك كلعبة جر الحبل فمن سيطيح أرضا بعد لعبة الذاكرة ؟( أنت ) لا مناص لكن المدينة الحلم تبقى خالدة بك فالمدن نساؤك اللواتي يطاردنك كمريمات .

نحن نكتب لنبقى على قيد الحياة فإن لم يدرأ الشعر مخاوف المدن التي تلاحقنا سيرمم بعض ما للخوف من سطوة وعقاب فنحن الشعراء على غير ما خلق الله من خلق نصيّر الدمعة بحرا في مجهر وعينا ولا وعينا كي يكون طقس بكائنا عزاءات تضارع أشجان الكون وتتشظى قبلاتنا الراحلة قصائد وجراحات وكوارث .

أما تنازعك مدنك الخوف الآن وترديك ممزقا في ذكريات لن تغادرك أبدا ؟ .
إذن .. أنت معي على قطار واحد وسنحط عند محطة واحدة ولكن ستفرقنا المدن التي ارتبطنا بها فكل منا سيتجه إلى صوب حبيبته .



سؤال 37 – الأديب عذاب الركابي : ويقولُ الروائي الكبير باولوكويلهو : ( هناك لغة ٌ تتعدى الكلمات).. أيّ لغةٍ هذهِ ؟ أهي لغة الشعر أمْ لغة الحبّ ؟ أمْ الإغواء أمْ الحرية ؟؟ أم هي كلهم مجتمعين ؟ بأي لغةٍ يمكن مخاطبة هذا العصر المراوغ ؟ هلْ تأتي معي لنسيرَ عكس عقارب الساعة ؟ قل لي بأيّ لغةٍ تفكر الآن ؟

جواب 37- الشاعر فائز الحداد : لم أقرأ لهذا الروائي بصراحة لكني سأجيب من خلالك على ما قاله فرويته صحيحة جدا بأن ( هناك لغة ٌ تتعدى الكلمات) فما أرمي له يتجاوز حدود اللغة الحرفية ورياضياتها وليست اللغة المكتوبة ولا المرئية كصورة تنسخها العين دون أن يفسرها الوجدان ، تلك هي اللغة الظاهرية في القراءة الاستهلاكية .

إن لغة المبدع هي لغة سحرية يحملهما المخيال قبل أن تهبط على الورق كشعر أو في اللون كلوحة أو كأزميل على منحوت جميل . فاللغة التي نعنيها إبداعا هي فيما تبدع الكائنات الجميلة وفق لغاتها الجميلة في الحب والإغواء كالزهور والماء والطير وغيرها . . واعتقد بأننا نتشارك كشعراء في التعبير عن الجمال مع كل مبتكر جميل ..فكم تمنيت أن يصبح الشعر يوما لغة عالمية كالموسيقى ؟ والسؤال .. متى يصبح الشعر جواز سفري كجنحي طير يحملني إلى حيث أريد ؟؟.

إذن دعنا يا صديقي عذاب نبحث عن لغة شعرية جديدة تحترم القديم كتراث ولا تمارسه .. يجب أن نؤسس لنا لغة تعبر ن شخصيتنا المعاصرة في قصيدتنا الحديثة .
سؤال 38 – الأديب عذاب الركابي :
" الجمالُ هوُ شطآن اللانهاية تتقاربُ وتختلط" – دستوفسكي !
" إنّ الجمال يرافقنا دوماً " – بورخيس !
" الجمالُ متعة ٌ إلى الأبد " – كيتس !
أيّ العبارات الأقرب إلى رؤياك الشعرية ؟ وأين موطن الجمال بالنسبة إليك كشاعرٍ وكاتبٍ ؟؟

جواب 38- الشاعر فائز الحداد : كل الذي طرقته من شواهد الجمال تجده في روحك وله صدى مرآة في روحي فالجمال مطلق لا نسبي ولا يتحدد بهيئة شكل بصري فالذي يخلق الجمال جميل بالضرورة وما قاله دستوفسكي عن بيان اللانهائي ولا نهاية هو ما يضع الجمال موضوع بحث دائم لبلوغه المستحيل ، لكنني أجد في المرأة الجميلة مرسالاً لجمال الأشياء ويتعدى حدود الوصف والمسميات والألقاب وما تضفيه عليه من مبالغ الثناء ..
فكم من مرة تقول ( الله ) حين ترى جميلا يجذبك فتتمغنط روحك جذبا واجتذابا منك وإليه .. وضمير وحيك الجيني من يفرزن الميل بين العطر واللذة وبين الشهوة والشهية والجسد والجسد .
بلى " الجمالُ هوُ شطآن اللانهاية تتقاربُ وتختلط"!
سؤال 39 – الأديب عذاب الركابي : في ديوانك ( مدان في مدن ) .. وفي واحدةٍ من قصائدك الجميلة تقول :

الردى أرحمُ يا صاحبي
منَ الصيام عن حجّة الوطن ،
أوْ التسوّل على مطابخ السفارات !

قلْ لي ماذا بقيَ من وطنٍ ينسى أسماءنا .. وعذاباتنا .. وذكرياتنا .. وأغانينا الجميلة التي تصدحُ بها حناجرنا في أعياده الزخرفية ؟ أهو حلمٌ كما الشعر ؟ أهوَ امرأة ٌ مارقة ٌ ؟ أهو فرحٌ مؤجّلٌ ؟ ما هو الوطن بالنسبة إليك ؟ مَنْ منكما الذي غادرَ الأخر؟ حدثني أرجوك !!

جواب 39- الشاعر فائز الحداد : الوطن لم ولن يغادرني فهو تكويني بكل ما يحمل من تاريخ وظلال ودلائل فهو الأم والطفولة وفصيلة الدم والمدرسة وملاعب الشغب والصبا والحبيبة والنخيل والفرات .. فهل الوطن جغرافيا أو شكل أرضي يسكنه الجسد فحسب بحدوده الخرائطية المعرفة بخطوط طول وخطوط عرض؟.. أم الوطن الذي يسكنه الوجدان ؟
لقد قلت عنه يوما ..
( أراني قلبا في حقيبة مسافرة تبحث عن ملاذ ..
وطني قلبي الذي مزقته فأين أرحل لو يضيق به المكان ..
والناس من حولي كما يقف الذباب على دكان حلوى ) .

بلى يا صاحبي .. هي الفجيعة بأننا كشعراء نبقى بحلم وطن لا يغادرنا ولا تطاردنا به الأشباح والساسة والأنظمة ، فسل نفسك كم من وطن في قلبك والحياض واحد ؟ وهل رأيت شيئا جميلا لا يذكرك بالعراق وبطفولتك وصباك وحبيبتك التي أرّختك في وطن الحارة والمدرسة والجامعة ؟
الوطن أبي وأمي والتاريخ خارج مقننات تسميات الجيوبولتيكا وسموم الخرائط الميته .. فمهما تهرب من ذاتك تعود ذاتك ويبقى يلاحقك الوطن كحقيقة تسقط تنظيرات المكان ( لباشلر ) لسعة معناه الأعظم وتتجاوز عودة الروح وإن تشتمل عليها ، وللكاتب والأديب الكبير توفيق الحكيم رأي كبير في هذا .

الوطن بلد فيك تحمله راغبا صاغرا شئت أم أبيت وربما بين بياضين ( القماط والكفن ) .. وبلدنا العراق صاحب هذه الطينة العجيب التي نفخت بأرواحنا شعراء وأنبياء مختارين ومذمومين .. أما كنا نعيش به أغربا ونحسه بغربتنا في داخل وخارج الحدود فهل ستلمنا مساحة به ويأخذنا الحلم منه وإليه بوعي وبدونه .
ما الذي أحدثك فيه بعد وأنت من نكأ جرحي وأماتني بهذا السؤال ؟
فالوطن أنا إن لم يكنّي .

في الختام : تحياتي لك وتقديري صديقي الجميل عذاب الركابي شاعرا وناقدا محترما وقديرا .

فائز الحداد
العراق

وأنا أقدِّمٌ كلَّ الشكرِ والتقديرِ للأديبِ الشاعرِ والناقِدِ القديرِ عذاب الركابي لاستجابتِه لدعوتِنا ومشاركَتِهِ الثرَّة في هذا الحوارِ الذي تتجلّى فيه ثقافةُ المتحاورين بين السؤالِ والجواب، كما وأجدِّدُ شكري وتقديري لشاعِرِنا الفائز الحداد وأقول له مازال (الشأو طويلٌ للأستانة!) فأمامنا العديدُ والعديدُ من الأسئلة... خذ نفساً طويلاً وسنلتقي في الحلقةِ القادمة.

حرير و ذهب (إنعام)
الولايات المتحدة
_________________________

سيتم نشر الحلقة الخامسة من حوار النخبة خلال الأيام القليلة القادمة وفيها يجيب شاعرنا الفائز الحداد على أسئلة الأديب الشاعر الفلسطيني المغترب في بلغاريا خيري حمدان.

__________________

نبذة موجزة عن المشارك في حوار النخبة
عذاب الركابي

كاتب وشاعر – العراق 1950م .
. صدرَ لهُ من الدواوين الشعريّة :
1. تساؤلات على خارطة لا تسقط ُ فيها الأمطار- 1979- طرابلس
2. من طموحات ِ عنترة َ العبسي – 1982 – طرابلس
3. قولي .. كيفَ نَما شجر ُ ألأحزان ؟ - 1992- تونس
4. أقول ُ.. وأعني الحُلم َ – ط1 تونس- 1998، ط2 القاهرة – 2000
5. الفوضى الجميلة – 2001 – المكسيك –عن الحركة الشعرية.
6. ما يقولهُ الربيع – تجربة في الهايكو العرب 2005 – القاهرة .
7. هذه ِ المرأة ُ لي -2006 دار البيان بنغازي .
8. بغداد هذهِ دقات قلبي – 2009 – السويد- دار نشر فيشون ميديا .

. صدرَ له من الدراسات ِ النقدية :
1. صلوات ُ العاشق ِ السومري – دراسة في شعر البياتي – 1997 – عمّان
2. .بوّابات هادئة – رؤية نقدية في الشعر والقصّة والرواية العربية- 2000 طرابلس .
3. عبد الرحمن الربيعي .. وأسئلة الزمن الصعب – دراسة وشهادات هامة – 2004 – تونس
4. الفنان محمد إستيتة.. لغة اللون لغة الحياة – كتيب تذكاري- 2005 – بنغازي .
5. كيمياء الكتابة – تأملات في الإبداع الليبي – منشورات مجلة المؤتمر-2006 طرابلس
6. فؤاد طمان .. شاعر الإسكندرية الكبير –تأليف مشترك 2006- الإسكندرية .
7. العزف ُ بالكلمات - قراءات في الأدب الليبي – 2008 مجلس الثقافة العام – بنغازي .
8. أبو القاسم الشابي حاضرٌ بيننا – 2009 – تأليف مشترك – المركز الثقافي التونسيطرابلس.
له قيد النشر :
1. هذا الخرابُ لي – نصوص – 2003.
2. أبجدية الحلم ِ أو الحالمون – تأمُلات في الإبداع العربي – دراسات – 2008.
3. قصائد سومريّة– مختارات شعرية – 2004.
4. وطن للإهداء - مقالات سياسية – 2006.
5. رسائل المطر – تجربة في الهايكو العربي – الكتاب الثاني – 2010.
6. " الشموس لا تهدر ضوءها" حوارت في جزءين 2011
7. " امرأة من كلمات" – غادة السمان دراسة – شهادات – حوار طويل 2011
أيضاً:
· محرّر في مجلة – الثقافة العربية- ليبيا
· يكتبُ يومياته الثقافية في العديد من الصحف ِ والمجلات العربية المحلية والمهاجرة .
· له زاوية أسبوعية – رؤيا –صحيفة الشمس ، ومقال أسبوعي في صحيفة- الجماهيرية – الملحق الثقافي..
· ويكتب العديد من البرامج الثقافية في الإذاعة الليبية .
· محرر ثقافي في صحيفة – العرب الطبية.
· مشرف لغوي في مجلة – البيت الليبية.
· شاركَ في العديد من المؤتمرات الأدبية والندوات الثقافيّة العربيّة .
· عضو اتحاد كتّاب الإنترنت العرب .
البريد الألكتروني [email protected]

لقراءة الحلقات الكاملة من الحوار إضغط هنا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.