مصطفى التونى إن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى لنيويورك تعتبر من الزيارات المهمة بلا شك ؛ حيث شارك فى أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة للمرة الثالثة على التوالى بما أن مصر تشغل مقعداً غير دائم فى مجلس الأمن للمرة الأولى منذ عشرون عاماً ، كما أن مصر ترأس لجنة رؤساء الدول والحكومات الافريقية المعنية بالتغيرات المناخية . إلا أن ما حدث فى الزيارة من حشد وفد شعبى لاستقباله برفع الأعلام والشعارات المؤيدة وما إلى ذلك من تطبيل وتهليل معتقدين أنهم بذلك يلعبون دوراً فى إقناع المعارضين للرئيس أو تثبيت المؤيدين له. ولا يعلمون أن كل دورهم لا يتجاوز رفع الأعلام والصور والهتاف خاصة أن الوفودالمصاحبة ليس لديها ما يؤهلها لهذا الدور فأغلبهم يسعون للشهرة وإثبات ولائهم للرئيس ليس أكثر ، ولايعرفون عن مهام الوفود الشعبية اسوى الزفة التى يقومون بها أمام الرئيس فى زيارته ، فالوفود الشعبية أو ما يسمونها "الدبلوماسية الشعبية" والتى نشأت فى فى عام 1965 فى الجامعة الأمريكية والتى من بين تعريفاتها التى قالها "إدمن قاليون" "هى قيام الوفود الشعبية بزراعة وغرس رأي عام في البلدان الأخرى، والتفاعلات بين الجماعات الخاصة ومصالحها في بلد مع بلد آخر. وعرفت مصر استخدام الدبلوماسية الشعبية خلال حقبة الستينات من القرن الماضي، على يد االدبلوماسي أسامة الباز، الذي استطاع أن يصيغ الفكرة، مُمهدًا الطريق أمامها للدخول إلي ساحة السياسة الخارجية المصرية بداية من فترة الثمانينات وحتى الآن. وخلال عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك بزغ نجم الدبلوماسية الشعبية من جديد، بعدما استغلها الأخير كوسيلة فعالة لمواجهة هجوم أقباط المهجر المتكرر عليه أثناء زياراته الخارجية للعواصم العالمية. فى الزيارة الاولى للرئيس كان هناك ما يبرر حشد بعض الشخصيات العامة لتعلن دعمها فى أول ظُهور له على العالم أما أن تتكرر تلك المشاهد فأظن أن هذا مبالغ فية بل هو أمر غير مسبوق فى السياسة الدولية من المشاهد المؤسفه أيضاً الزج بالكنيسة المصرية فى ذلك الحشد فما هو دينى لا يصح مزجه بما هو سياسى وقد أصدر بعض المثقفين ألاقباط بياناً أعربوا فية عن استيائهم من الدور الذى لعبته الكنائس المصرية التى واكبت رحلة الرئيس السيسى إلى الأممالمتحدة وإن كان هناك تجاهل من وسائل الإعلام لهذا البيان إلا أن له صدى كبير على مواقع التواصل الأجتماعى فالبيان يدعو إلى تصحيح علاقة الكنيسة بالنظام السياسى ويثير موضوع تدخل السياسة فى الدين. وما بين مؤيد ومعارض لتجربة الدبلوماسية الشعبية يرى السفير حسن هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن الدبلوماسية الشعبية تجربة لم تثبت نجاحها على الإطلاق منذ ابتداعها خلال فترة الستينات، لاسيما أن مصر تعتبر الدولة الوحيدة التي لازالت تستخدمها بدون أسباب واضحة. ووفقًا له فقد أضحت الدبلوماسية الشعبية موازية للدبلوماسية المصرية بل إنها سعت لإلغاء الأخيرة والتحدث بلسانها، وهو ما حدث خلال زيارة الرئيس السيسي الأخيرة، وتصدر الوفود الشعبية المشهد على حساب المؤسسات الرسمية. ويشير السفير في الوقت ذاته، إلى أن سلاح الدبلوماسية الشعبية الذي يعتمد عليه الرؤساء استغله الكثير من الأشخاص والأحزاب ليكون منبراً لهم من أجل الشهرة والظهور أمام كاميرات العالم على حساب الدبلوماسية المصرية. بينما يرى ناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل الديمقراطي، أن الدبلوماسية الشعبية كانت اختراعًا من أحزاب المعارضة المصرية في ثمانينات القرن الماضي، وكان رؤساء مصر فى هذه المرحلة غير مرحبين بها. ولفت إلى أنه بالرغم من استخدام الرؤساء لها بعد ذلك، ألا أنه عمليًاً قامت الدبلوماسية الشعبية بدور بارز في دعم الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث حققت أهدافها إلى حد كبير في زياراتها الخارجية إلى إمريكا وأوروبا، برفقة الرئيس السيسي. وما بين مويد لدورها ومعارض فأن القائمين على هذه التجربة فى مصر ليس لديهم الخبرة فى تقديمها بطريقة صحيحة من حيث اختيار المشاركين والهدف المراد تحقيقه من الزيارة فمثلاً زيارة لأمريكا يجب اختيار كل من لديه علاقات حقيقية أو تأثير ما فى المجتمع الأمريكي هذا إذا كان الهدف غرس رأي عام مؤيد فى أمريكا .أما إذا كان الهدف مواجهة مظاهرات الإخوان فهذه المهمة يستطيع المقيمون هناك من المؤيدين تنفيذها .