لماذا يتمسك المجلس العسكري بالسلطة رغم الفشل الواضح على كل الأصعدة وفي كل ميادين العمل الأمنية والسياسة والاقتصادية؟ وماذا قدم العسكر لمصر على مدى عشرة أشهر منذ قفزهم على السلطة حتى يتشبثوا بها؟ يبدو أنه هوس السلطة لا خلاف .. فرغم كل محاولاتهم الواضحة لإسقاط الثورة وتمديد بقائهم في السلطة وافتعال الأزمات التي أرهقت الدولة والشعب وأزهقت الاقتصاد إلا إنهم لا يزالون باقون على العهد مع مبارك .. فالخطاب هو نفس الخطاب والحلول الأمنية هي الأمثل لديهم ومن يرتئي الوضع الآن جيداً ربما يقول إن مبارك برئ وأنهم أصحاب الكوارث التي حدثت في مصر كلها. رغم العدد الكبير للشهداء الذين سقطوا منذ اعتصام السبت وحالة الهوس التي أصابت الأمن في التعامل مع المتظاهرين والتي لا تزال مستمرة حتى الآن إلا إن الخطاب الذي خرج به علينا سيادة المشير المحترم لم يتضمن أي جديد فعاد ليتلوا على مسامعنا نفس بيانات الرئيس المخلوع الواحد تلو الآخر وليمتعنا بنغمة فعلنا وتحملنا وقاتلنا وحاربنا وكأنهم أصحاب فضل ومنة على مصر وشعبها وكأنها ليست مسؤوليتهم ووظيفتهم لدى هذا الشعب وكأن الميزانيات الضخمة التي تخصص للجيش الجرار ليحمي مصر تذهب ليعاملونا أخيراً بالمنة والفضل واللهم لا اعتراض فهذا أمر الله! أما أن يخرج الخطاب دون الإشارة حتى لأرواح الشهداء الذين سقطوا أو أن يعتذر عن الفشل الذريع الذي ظهروا به في أداء مهامهم وتحمل مسؤوليتهم فهذا غير مقبول بالمرة. كنا ننتظر أن يعلن سيادة المشير فشل المجلس العسكري في إدارة المرحلة الانتقالية وأن يعلن تشكيلة حكومة إنقاذ وطني يسلمها السلطة فوراً إلا أنه خابت كل آمالنا وعدنا للمربع الأول وهو التشبث بالسلطة رغم الفشل في الإدارة بل ويتمسك بإقامة الانتخابات في موعدها رغم الأحداث الجارية وتبقى الحكومة المرفوضة والمستقيلة لتسير الأعمال إلى ما بعد الانتخابات. أليس هراء؟ أليس تلاعب بمشاعر الشعب أن ينتقي المجلس ما يشاء ومن يشاء من أحزاب العار السياسية الذين اشتروا الكراسي بمصالح الدولة العليا وتخلوا عن قضيتهم الأولى ليكمل معهم اللعبة؟ .. حقيقة الطيور على أشكالها تقع. لماذا لا يقتنع العسكر أن هناك ثورة قائمة في كل ربوع مصر وأن الشعب أعطاهم الفرصة الكاملة ولن يقبل بغير التسليم الفوري للسلطة؟ ولماذا يفضلون الحلول الأمنية المباشرة ولمصلحة من ومن أجل ماذا كل هذا الكذب وهذه الادعاءات على المتظاهرين السلميين رغم أن الصورة واضحة وليس هناك جاهل فالكل يعلم أن الجهاز الأمني ليس لديه النية السليمة للعب دوره الحقيقي تجاه الدولة دون إهدار كرامة المواطن. وأن المواطن ليس لديه أي تقبل لأي نوع من انتقاص الحقوق أو التعرض للإهانة وإهدار الكرامة، ولماذا كذبة الطرف الثالث الذي يدعون أنه يعتدي على المتظاهرين والشرطة وأنه سبب الفتنة برغم علم الجميع أنهم البلطجية الذين ترعاهم وزارة الداخلية ويستخدمهم المجلس العسكري ووزارة الداخلية كسلاح قوي في افتعال الأزمات في ظل دور الإعلام الرسمي الفاسد الذي تبرأ منه الدولة ويأبى إلا أن يكون خائناً لحقوقها ومصالحها. هل وصلت مصر إلى هذا الحد؟؟؟؟؟ هل وصلت الخيانة في أجهزة الدولة لأن يتعرض أهالي الشهداء لضغوط من النيابة من أجل التوقيع على أسباب مزيفة لوفاة ذويهم؟ هل وصلت الوقاحة بالأمن أن يهاجم حتى المستشفيات الميدانية التي أعدت لاستقبال الجرحى الذين يسقطون بأيدي أفراده؟ هذا ما جناه علينا العسكر بسبب الاستماتة في إعادة إنعاش نظام مبارك؟ فهل يعتقد العسكر أن المتظاهرين الذين قتلوا مرات عدة سيقعون في نفس أخطاء الماضي ويتركون الميدان هذه المرة؟ لقد وعووا الدرس جيداً وعلموا أن النظام قائم وقد غير عباءته بخلع الرئيس فقط ويحاول تقشير نفسه والإبقاء على اللب الذي هو جوهره الأصلي ولا تنازل ولا عودة سوى بتسليم السلطة فوراً لحكومة مدنية تحقق أهداف الثورة. سلموا السلطة يرحمكم الله ولا تجروا مصر إلى عهد مظلم .. سلموها وكفى الله المؤمنين القتال