محمد سامي ندا الحمد لله الذي أنعم علينا بنعمة الإسلام ، والصلاة والسلام على من بعثه الله تعالى بشيراً ونذيراً ، وسراجاً مُنيراً للناس كافةً ، وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد ؛ إن مما لا يخفى على مسلم أو مصرى ما يتمتع به الأزهر الشريف ، جامعاً وجامعة ومعاهداً بين المؤسسات العلمية والدينية في العالمين ، من مكانة سامية ومنزلة رفيعة عالية ، وإن هذه المنزلة و تلك المكانة ما تأكدت ولا ترسخت إلا بما قدمه ولا يزال يقدمه على مر العصور والأزمان من خدمات جليلة للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، فقد ظل وسيظل بعلمائه خادما أمينا لعلوم الشرع والدين ، كما سيظل حاميا للمنهج الوسطي القويم الذي تميزت به أحكام شريعة المسلمين ، بعيدا عن الغلو المضل والتشدد . وسيظل حافظا للسان العربي المبين الذي نزل به القرآن الكريم ، وحارسا لعقيدة مصر الإسلامية ، داعيا إلى البر والقسط إلى شركاء الوطن ، تطبيقا لرسالة الإسلام الحنيف. وما بقي الأزهر الشريف شامخا رغم مرور العصور والأزمان يؤدي دوره، إلا بفضل وسطية منهجه وحكمة وحلم علمائه، وعدم تسخيرهم له لخدمة المتوشحين برداء الدين لتحقيق أهوائهم وتنفيذ مخططاتهم، وانحيازه بعد موازنة المصالح والمفاسد إلى جمهور المواطنين، ووقوفه في وجه من يعملون على إسقاط الدولة المصرية وإدخال أهلها في براثن فوضى تعصف بهم وبمقدراتهم .. وبالرغم من الحرب الضروس الذى يتعرض له الأزهر إلا أنى أجزم بأن الأزهر ركن من أركان مصر، ولا أكون مبالغا لو قلت: إنه ركن من أركان الأمة الإسلامية ، وأنه حامل للواء الوسطية والاعتدال ؛ جاهل من لا يعرف قدر الأزهر الشريف وينزله منزلته ، خاسر من يحارب علماءه وشيوخه وطلابه . ومن يتهم الأزهر بالانحيازعليه أن يعلم أن الأزهر يرفض فرض رأي واحد أو فكر أو مذهب واحد يدَّعي أنه المعبر عن الإسلام ، ولذلك يحرص الأزهر علي تدريس جميع المذاهب علي اختلافها ، ويجمع بين فقه الأحكام وفقه الواقع ، أي أنه يجمع بين الأصول الثابتة والواقع المتغير مما لا يدرك قيمته الذين لا يدركون قيمة الاختلاف وتعدد الاجتهادات. وأحب أن أنوه أنَّ كلماتى هذه ليست من باب العصبية العمياء إنما دفاعاً عن صرح تعلمت فيه الدين الوسطى وما وجدت فى مناهجه يوماً تطرفاً أو انحيازاً .. حفظ الله مصر وأزهرها من كل سوء .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .