د . أحمد صبحي منصور ما زال الحديث موصول بعون الله تعالي حول كتاب (المكي والمدني في التنزيل القرآني) للدكتور أحمد صبحي منصور ونقول الأتي 1- الشورى:- نزل الأمر بالشورى في سورة الشورى المكية :( وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (38). وجاءت تفصيلاتها في أواخر سورة النور : ( 62 : 64 ) مع أمر للنبي بممارستها بالتأكيد على أن الأمة هي مصدر السلطة في قوله جل وعلا في سورة آل عمران ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) 2- تحريم الربا ( ربا الصدقة )، جاءت الإشارة إليه في سورة الروم المكية في رفض إقراض الفقير بالربا مع الحث على إعطائه الصدقة في قوله جل وعلا : (فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (38) وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُضْعِفُونَ (39) ) وجاءت التفاصيل في سورة البقرة ( 261 : 281 ) ، مع إباحة الربا في التجارة إن كان عن تراض ، وبدون فوائد مركبة .يقول الله جل وعلا في سورة آل عمران -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) 130 ) ويقول الله جل وعلا في سورة النساء : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ۚ ) 29 ). والتفاصيل في مقال منشور هنا عن (معركة الربا ) 3- الهجرة جاء الحث على الهجرة في سورة مكية هي العنكبوت ( 56 57 ) ثم نزل فرضها وتكفير من يتعرض للاضطهاد في دينه ثم لا يهاجر مع قدرته على الهجرة في سورة النساء ( 97 100 ) . ثانيا : في تفصيلات لأصل تشريعي سابق : -------------------------------- توارث العرب العبادات من ملة إبراهيم ونزل في المدينة إصلاحات وإضافات لهذه العبادات فى الصلاة و الصوم والزكاة المالية والحج . وتعرضنا لهذا بالتفصيل في كتب لنا منشورة هنا ثالثا : في تشريعات جديدة : -------------------------- في الدولة الإسلامية المدنية جاء تشريع العقوبات في موضوع الفواحش والبغي الظالم في التنزيل المدني ، مثل عقوبة الزنا والقذف ( النور ) وتشريعات اجتماعية ودينية مثل كفارة اليمين ( المائدة 89 البقرة 224 225 ) والحيض ( البقرة 222 ) الأحوال الشخصية في الزواج والطلاق والانفصال والعدة والميراث والوصية ورضاعة الطفل في سور البقرة والطلاق والنساء والأحزاب والممتحنة . وجاء تشريع العقوبات في موضوع البغي الظالم في تشريعات القتال الدفاعي في سور: الحج والأنفال والبقرة والنساء والتوبة ، وفى قتال المحاربين البُغاة في سورة المائدة وفى عقوبة السرقة في سورة المائدة والقصاص في سورة البقرة . رابعا : التشريع في العلاقات المتغيرة ------------------------------- العلاقات متغيرة بين الدول والجماعات ويشمل هذا المسلمين وأعداءهم وهى تتذبذب بين الضعف والقوة، والقرآن يضع التشريع المناسب لكل حالة فإذا كان المسلمون أقلية مستضعفة مضطهدة فالهجرة واجبة على القادر ، وليس مطلوباً منهم أن يقاتلوا وإلا كان ذلك انتحاراً.وإذا كان المسلمون في دولة فعليهم أن يقرنوا المٌسالمة بالاستعداد الحربي لردع من يفكر في الاعتداء عليهم ، ثم إذا تعرضوا لعدوان فعليهم أن يردوا العدوان بمثله، وإذا كان المشركون يقاتلونهم كافة فعليهم أن يردوا العدوان بمثله . وعلى المسلمين في كل حالة أن ينفذوا التشريع الملائم لهم. ان تشريع القرآن فيما يخص العلاقات بين المسلمين وأعدائهم في أروع ما يكون التشريع، إذ أن له ركائز ثابتة تتمثل في المبادئ الأخلاقية الدائمة من السلام والإحسان والعدل وحسن الخلق والتسامح والصبر على الأذى والإعراض عن الجاهلين ورد السيئة بالتي هي أحسن ورعاية الجوار وحفظ حق الجار والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وأن يقولوا للناس حسنا ثم له قوانين متغيرة حسب الأحوال ، فالمسلمون في ضعفهم لا يجب عليهم القتال لدفع الاضطهاد، وإنما عليهم الصبر والتحمل والهجرة إذا أمكن أما إذا كانت لهم دولة فدولتهم الإسلامية تقوم أساسا على قيم الإسلام الكبرى من السلام والحرية المطلقة للعقيدة وتحريم الإكراه في الدين وتطبيق العدل الصارم والمساواة بين الناس جميعا والديمقراطية المباشرة وهى التوصيف الحقيقي للشورى الإسلامية ، ورعاية حقوق العباد أو حقوق الإنسان دولة بهذه المواصفات لا يمكن أن تعتدي على دولة أخرى بل تلجأ للحرب الدفاعية إذا هوجمت فقط إذا لم يكن هناك من سبيل آخر لتفادى الحرب لأن الحرب في تشريع القرآن هى مجرد استثناء . وحتى إعداد القوة القصوى ( الانفال60) ليس للاعتداء وإنما للردع وتخويف القوة الباغية من الهجوم على الدولة المسلمة المسالمة وبهذا الاستعداد الحربي يمكن إقرار السلام ومنع الحرب وحقن دماء العدو المتحفز للحرب والذي يغريه ضعف الآخر. وطبيعي أنه لا يوجد دولة مستضعفة للأبد كما لا توجد قوة مسيطرة إلى مالا نهاية، وبذلك تظل تشريعات القرآن سارية فوق الزمان والمكان بجوانبها الأساسية الثابتة والقانونية المتغيرة.وعلى المسلمين أفرادا وجماعات ودولا تطبيق التشريع الملائم حسب وضعهم من القوة أو الضعف ، وتطبيق القيم العليا الثابتة في كل حال من العدل والإحسان والسلام والتراحم وحُسن الخلق هذه القيم العليا هى القاسم المشترك في التشريع الاسلامى ، سواء ما نزل منه في مكة أو المدينة . وهو يحتاج وقفة . الفصل السادس : المشترك بين المكي والمدني : ------------------------------ ( مقدمة أولا : في الخطاب ثانيا : في التقوى المقصد الأعلى للتشريع ثالثا : الصبر ) المشترك بين المكي والمدني ---------------------- مقدمة : 1 القرآن الكريم هو كتاب واحد ، والتنوع فيه لأنه يخاطب البشر جميعا من وقت نزوله إلى قيام الساعة هذا التنوع القرآني يتعامل مع التنوعات البشرية ، وهو بذلك يختلف عن الكتاب الذي تلقاه موسى عند جبل الطور ، فالألواح التي تلقاها موسى من رب العزة جل وعلا كانت أوامر ونواهي شاملة ، ولكن لبنى إسرائيل فقط وفى وقتهم فقط ، يقول جل وعلا : ( وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا ) (145) الأعراف )، كانت رسالة محلية مؤقتة لقوم بعينهم في مكان محدد وزمان معين . أما القرآن الكريم فقد كان موعظة للبشر جميعا ، يقول جل وعلا : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57) يونس ) لذا أوكل رب العزة حفظ التوراة لبنى إسرائيل ، ولكن حفظ القرآن موكول لرب العزة جل وعلا ، وجعل رب العزة القرآن المحفوظ من لدنه جل وعلا هو المهيمن على ما سبقه من كتاب سماوي، وجعله المرجعية عند الاختلاف: ( الحجر 9، المائدة 44 ، 48 ، النمل 76 ) 2 ونتوقف مع المشترك في التنزيلين المكي والمدني وعلى كل المستويات من المؤمنين والكافرين وقت النزول إلى كل زمان ومكان بعده والى البشر جميعا . وهو موضوع يطول ، وتعرضنا له كثيرا ، ولذا نعطى لمحة سريعة : أولا : في الخطاب : ----------------- 1 يأتي الخطاب العام للبشر بغض النظر عن اللون وعن الذكورة والأنوثة والمستوى الاجتماعي، يقول لهم : يا بني آدم ، يا أيها الناس ، يا أيها الإنسان. ويأتي الخطاب كصفات : الذين آمنوا ، الذين كفروا الذين أشركوا ، المؤمنون المشركون الكافرون الظالمون ، المنافقون ثم حقوق ابن السبيل واليتامى والفقراء والمساكين والوالدين وذوى القربى الخ ، تأتى بالصفة بغض النظر عن الإيمان أو الكفر . وعلى سبيل المثال فإن من المصطلحات المتواترة في القرآن الكريم هو جزاء الجنة للذين ( آمنوا وعملوا الصالحات ) وتكرر عشرات المرات فى التنزيل المكى والتنزيل المدنى ليشمل كل الذين آمنوا وعملوا من بين البشر جميعا الى قيام الساعة. وفى المقابل فإنّ جزاء النار هو للكافرين المشركين الظالمين المجرمين الفاسقين المسرفين المعتدين المنافقين. هذا تكرر عشرات المرات فى التنزيل المكى والتنزيل المدنى ليشمل من يموت بهذه الصفة فى كل زمان ومكان.وأيضا فان الدعوة للتوبة للنجاة من النار تكررت للبشر جميعا . ثانيا : فى التقوى المقصد الأعلى للتشريع 1 التقوى تعنى : إخلاص الدين لرب العزة جل وعلا وحده وتقديسه وحده وعباته وحده وفى حُسن التعامل مع الناس . خوطب بهذا البشر جميعا فى السور المكية والمدنية لأن التقوى هى جوهر كل الرسالات السماوية ، حيث خاطب الله تعالى كل الرسل فقال (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ) ( المؤمنون 52 ). أى أمرهم بالتمسك بالتقوى والعمل الصالح. ولذلك فكل نبى كان يأمر قومه بالتقوى، وفى سورة الشعراء التى قصّت سيرة كثير من الأنبياء كان كل نبى منهم يقول لقومه : (أَلَا تَتَّقُونَ ؟ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ) وتكرر هذا فى سور أخرى ، يقول تعالى ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ ؟) (فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ؟ ) (المؤمنون 23 32 ) (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ ؟ ) (الاعراف 65 ) (وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ اِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ ؟) (الصافات 124 ) (..ٍ وَاذكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (الاعراف171) وخطاب القرآن بالتقوى لم يشر فقط الى الأمم السابقة وانما امتد به من عصره حتى قيام الساعة. فالنبى محمد مأمور بالتقوى شأن كل إنسان فى هذه الدنيا ،يقول له رب العزة : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ ) (سورةالاحزاب 1 )* وكذلك الذين آمنوا معه والذين آمنوا بعده (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ) ( سورة التوبة 119 ) والصادقون هم مجموع الأنبياء ، وليس ( عليا وذريته ) كما يفترى الشيعة ، فالمتقون جميعا سيكونون فى صُحبة الأنبياء يوم القيامة ، يقول جل وعلا : ( وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً (69) النساء ), ويقول تعالى أيضا للمؤمنين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (الحجرات 1) أى يحرم عليهم المزايدة على الله تعالى ورسوله ، ويحذرهم بأنه ( سميع عليم ) ، * وفى الرسالة الخاتمة أكّد رب العزة أنه أمر المسلمين وأهل الكتاب بالتقوى فقال (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ : أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ ) (النساء131 ) وكرر خطابه لبنى إسرائيل يأمرهم بالتقوى (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ , وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ ) ( البقرة 41). * وكان مشركو العرب يؤمنون بأن الله تعالى خالق السماوات والأرض وبيده ملكوت كل شىء ومع ذلك يتخذون معه آلهة أخرى ، وفى حوار القرآن معهم اتخذ من إيمانهم بالله تعالى الخالق حجة عليهم فدعاهم لتقوى الله (قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ ) (المؤمنون 87)، * بل ان الأمر بالتقوى يتوجه لجميع الناس:، يذكرهم بماضيهم حيث جاءوا من أصل واحد ولهم اله واحد يراقب أعمالهم (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (النساء 1 ) ، أو يذكرهم بالمستقبل حين تأتى القيامة (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ) (الحج 1) . وكما أن دين الله جل وعلا للعالم بأسره فان الأمر بالتقوى للعالم بأسره. وفى النهاية فلا تميز بين البشر إلا بالتقوى ، يقول جل وعلا يخاطب البشر جميعا : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) الحجرات ). ولن يدخل الجنة من البشر إلا المتقون : (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّاً (63) مريم ) ،حيث سيكون الناس فى الآخرة قسمين : كفار من أهل النار ، ومتقون أصحاب الجنة : ( وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً )(71) ( وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً )(73) الزمر ). والسمة العامة للكافرين فى كل زمان ومكان أنهم كذبوا بآيات الله جل وعلا وكتبه ورسالاته ، قالها جل وعلا منذ هبوط آدم وحواء الى الأرض : (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39) البقرة ). والتكذيب بآيات الله عادة سيئة لكل أصحاب الديانات الأرضية من محمديين ومسيحيين وبوذيين وهندوسيين ..الخ . ثانيا : الصبر : ------------ تكلمنا كثيرا عن بقية المقاصد التشريعية في دين رب العزة والتى نزلت بها رسالاته السماوية ، مثل العدل والقسط والحرية المطلقة في الدين والإحسان والسلام والرحمة ونتوقف سريعا مع قيمة إسلامية عليا هى ( الصبر ) 1 والمفهوم أن المؤمنين فى مكة تحملوا الأذى والتعذيب وصبروا على ذلك ، وتعرض النبى محمد نفسه للأذى وتوالت الآيات المكية تأمره بالصبر. من بداية الوحى قال له ربه جل وعلا : (وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً (10) المزمل ) وتتابعت بعدها نفس الأوامر : ( وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (109) يونس) ( وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (115 هود )( وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48) هود ) وبعضها كان يذكره بما حدث للرسل السابقين الذين صبروا على الأذى ، يقول ربه جل وعلا:(قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (33) وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (34) الأنعام )، ومثله قوله جل وعلا له : (اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (17 ) ص ) ( فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48) القلم ) 2 هو الصبر الايجابي الذي لا يعنى الاستسلام والخنوع بل الصمود والهجرة ، وبعد تأسيس الدولة الإسلامية كان ذلك الصبر الايجابي يصحب المؤمنين فى جهادهم وقتالهم الدفاعي فى الآيات المدنية . البداية قال جل وعلا : (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ)النحل:126 ، 127 ) ، ثم جاء الصبر مرافقا للجهاد والقتال ،يقول جل وعلا للمؤمنين يأمرهم بالصبر والمصابرة والمرابطة حراسة لحدود دولتهم : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)آل عمران:200 ). ولأنهم كانوا قلّة عددية كان لا بد لهم من الصبر ليحوزوا النصر ، قال جل وعلا لهم بعد موقعة بدر : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضْ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (65) الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)الأنفال:65 ، 66 ) وحذرهم من التنازع وأمرهم بطاعة الله جل وعلا ورسوله وبالصبر لأن الله جل وعلا ( مع ) الصابرين : (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)الأنفال:46 ). وفى الدعوة للصبر فى الجهاد وعدهم رب العزة بالمغفرة ، فقال : (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)النحل:110) وأكّد لهم أن إختبارهم فى الجهاد والصبر فإذا نجحوا فجزاؤهم الجنة (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ)محمد:31 ) ، فلن يدخلوا الجنة مجانا ، يقول جل وعلا : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ)آل عمران:142 ). وذكّرهم بالمؤمنين السابقين المقاتلين الصابرين : (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ)آل عمران:146 ). وندخل بهذا على قيمة الصبر على المستوى العام فى الآيات المكية والمدنية 3 الصبر على مستوى الرسالات السماوية والأمم السابقة والبشرية جمعاء: كل الرسل صبروا على أذى قومهم ، متوكلين على ربهم جل وعلا . ومع اختلاف الزمان والمكان واللسان فقد قالوا لأقوامهم : (وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُتَوَكِّلُونَ) إبراهيم:12 ) وقالها موسى لقومه وهم تجت إضطهاد فرعون : (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128) قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129) سورةالأعراف ) وعندما صبر بنو إسرائيل أنجاهم رب العزة من فرعون ، وحافظ بعضهم على الصبر فكانوا أئمة ، يقول جل وعلا عنهم : (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ)السجدة:24 ) وفى عهد التنزيل المدنى قال جل وعلا لبنى إسرائيل : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ)البقرة:45 ) ويقول نفس الشىء للمؤمنين بالقرآن (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)البقرة:153 ) وقالها النبى لقمان لابنه : (يَا بُنَيَّ أَقِمْ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ)لقمان:17 )ووُصف بعض الأنبياء بالصبر : (وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنْ الصَّابِرِينَ) الأنبياء:85 ). وكونه جل وعلا ( مَعَ الصَّابِرِينَ) تكرر أربع مرات في القرآن الكريم؛ مرتين فى سورة البقرة، مرة فى حديث مع المؤمنين : ( إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) البقرة)ومرة فى حديث عن الفئة القليلة الصابرة من بنى اسرائيل التى قاتلت وصبرت : ( وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249) البقرة )، ومرتين فى سورة الأنفال ، مرة في حديث مع المؤمنين بعد موقعة بدر:( إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)الانفال ) ومرة فى حثهم وهم فئة قليلة على الصبر فى القتال :(وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66) الانفال ). والشعب المصري المشهور بصبره ( السلبي ) على ظُلم الفراعنة السابقين واللاحقين جعل قوله جل وعلا : ( إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) مثلا شعبيا . ولكن يهمنا أنه جل وعلا مع الصابرين المؤمنين فى كل زمان ومكان . لذا يقول جل وعلا فى أحكام عامة تنطبق على من يتصف بهذه الصفات من البشر فى كل الأزمنة : عن الدُعاة الصابرين يقول جل وعلا : (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)فصلت:35 ) وعن المتسامحين الصابرين على الأذى يقول جل وعلا : ( وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ)الشورى:43 ) وهذه آيات مكية . ثم فى آيات مدنية يقول جل وعلا عن المؤمنين الصابرين : (الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِ الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) الحج:35 ) ويقول جل وعلا فى مجموعة صفات منها الصبر : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)الأحزاب:35 4 على مستوى الجزاء فى الدنيا والآخرة لكل المؤمنين الصابرين : أفضل الصابرين هم الذين عانوا من الاضطهاد والأذى وصبروا ثم هاجروا متوكلين على ربهم جل وعلا . هؤلاء لهم أجرهم الحسن فى الدنيا ، ثم ينتظرهم جزاء أكبر فى الآخرة إذا ماتوا وهم صابرون وعلى ربهم جل وعلا متوكلون : ( وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (42) النحل ). نلاحظ هنا اسلوب التأكيد الثقيل فى أجرهم : (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ )، كما نلاحظ إرتباط الصبر بالتوكل على الله جل وعلا . هذا الأجر العظيم فى الدنيا والآخرة هو أحسن من عملهم ، يقول جل وعلا :( وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (96) النحل وبتعبير آخر هو أجر بلا حد أقصى ، يقول جل وعلا : (قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا) رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) الزمر:10 ) بغير حساب أى بدون حدّ أقصى فى أجرهم فى الدنيا وفى الجنة فى الآخرة 5 الجنة للصابرين من كل البشر: من بين البشر جميعا فالفائزون هم المؤمنون الصابرون: (ثُمَّ كَانَ مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) البلد:17 ) (إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)العصر:3 ) والصبر من صفات أصحاب الجنة: ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنْ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (58) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (59) العنكبوت )(إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ)هود:11) (وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ)الرعد:22 ). حين يدخلون الجنة تتلقاهم الملائكة تسلّم عليهم وتقول لهم : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ)الرعد:24 وعن تلقيهم التحية والسلام فى الجنة جزاء صبرهم يقول جل وعلا : (أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاماً)الفرقان:75 ). وفى حديث رب العزة عنهم وهم فى الجنة يقول : (إِنِّي جَزَيْتُهُمْ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمْ الْفَائِزُونَ)المؤمنون:111 )، أى بسبب صبرهم جزاهم ربهم الجنة وجعلهم الفائزين . الخاتمة -------- هناك ما يطلق عليه ( تحليل مضمون ) أى قراءة نقدية لكتاب ما ، وتحليله . وفى هذه اللمحة عن التنزيل المكى والمدني قمنا باستعراض سريع لهذا التنزيل بنوعيه فى إجابة لسؤال ابن عزيز من أبنائنا ( أهل القرآن ). كان مُفترضا أن يكون مقالا فأصبح مقالات تم تجميعها فى هذا الكتاب ارجو أن يغفر لنا ربنا جل وعلا إذا نسينا أو أخطأنا . (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286) البقرة ) فهرس هذا الكتاب --------------- فصل تمهيدي أول : لمحة عامة عن المكي والمدني في التنزيل القرآني ( أولا : لماذا هناك ( مكي ) و( مدني ) في القرآن الكريم ثانيا : كيف نتعرف على المكي والمدني ثالثا : موضوعات التنزيل المكي ، والتنزيل المندى ) الفصل الثاني : مواكبة التنزيل القرآني للأحداث : ( لمحات عن مواكبة التنزيل القرآني للمتغيرات : في المصطلحات التذكير بوحي سابق في القصص المعاصر للنبي عليه السلام . على مستوى السور : سورة النور سورة الممتحنة . مواكبة التنزيل القرآني في العلاقات بين المؤمنين والكافرين . مواكبة التنزيل القرآني لحركة المنافقين : البداية الوسط فى أواخر التنزيل المدني ) الفصل الثالث : الخطاب القرآني بين المكي والمدني : ( الفارق في الخطاب للمؤمنين بين التنزيل المكي والمدني الخطاب غير المباشر للذين آمنوا بين التنزيل المكي والمدني التنزيل المدني في المدينة : خطاب غير مباشر ( عن الذين آمنوا ). فى المقارنة بين المؤمنين والكافرين الخطاب المباشر للمؤمنين في التنزيل المدني :خطاب مباشر للمؤمنين فى الأحداث التاريخية والتعليق عليها . خطاب مباشر بدون ( يا أيها الذين آمنوا ) في الأحداث التاريخية . الخطاب المباشر في التشريع في التنزيل المدني ) الفصل الرابع : أسلوب ( الالتفات ) في خطاب التنزيل المكنى : ( معنى الالتفات أمثلة لأسلوب الالتفات في السور المكية فيما يخص الدعوة إلى ( لا إله إلا الله ) أمثلة لأسلوب الالتفات في السور المكية فيما يخص القصص القرآني استعراض لخطاب الالتفات في آيات سورة ( النحل ) المكية في سورة النور في سورة الأنفال في سورة آل عمران في سورة البقرة في سورة الأحزاب ) الفصل الخامس : التشريع الاسلامى بين التنزيل المكى والتنزيل المدني ( بين الإيجاز والتفصيل فى تفصيلات لأصل تشريعي سابق فى تشريعات جديدة التشريع فى العلاقات المتغيرة ) الفصل السادس : المشترك بين المكنى والمدني : ( مقدمة أولا : في الخطاب ثانيا : في التقوى المقصد الأعلى للتشريع ثالثا : الصبر ) بهذه المقالة تم الآنتهاء من نشر سلسلة الكتاب المذكور لمؤلفه الدكتور أحمد صبحي منصور في جريدة شباب مصر المحترمة وإلي لقاء آخر في نشر كتاب آخر ومقالات أخري قادمة اعده للنشر عبد العزيز فرج عزو كاتب وباحث مصري وبالله تعالي التوفيق ------------- بقلم الدكتور/ أحمد صبحي منصور من كبار علماء الأزهر سابقا