الدكتور محمد مسعد اليمانى تباطؤ المجموعة الاقتصادية المنوط بها إدارة الاقتصاد فى مصر فى إيجاد الحلول العملية بالنهوض بالإقتصاد المصرى يعد إخفاقا يشابه مثيله من أشكال الاخفاق الذى شاهدناه فى العديد من دول العالم التى كانت قاب قوسين أو ادنى من اعلان افلاسها كما هو الحال فى اسبانيا والبرتغال واليونان . لقد تفتق ذهن مجموعتنا الاقتصادية ومن ورائهم محافظ البنك المركزى على أفكار غريبة لكبح جماح الجنيه أمام الدولار , وكأن المجموعة الإقتصادية قد إختذلت مشاكل مصر الإقتصادية فى عدم توافر الدولار بالسوق النقدية المصرية . لذا فإن المنصف لا يرى غير صورة مشوشة غير واضحة المعالم وكأن هناك من يعجل بسقوط تلك الدولة إقتصاديا . وللأسف فإن الرئيس السيسى لايملك من امره شيى فهو يثق فى مجموعة من الاقتصاديين سوف يأخذونه معهم الى الهاوية , وكأن هناك من يخطط ويرسم لسقوط تلك البلد وتأتى المجموعة الإقتصادية لتنفذ بعناية ذلك المخطط , ويساعدهم فى ذلك الرئيس السيسى دونما أدنى شك أنه يفعل ذلك بدون قصد. على الجانب الآخر من المشهد الاقتصادى المصرى نجد أن هناك تباطؤا فى الاقتصاد العالمى وان منطقة اليورو تواجه مأزقا صعبا قد يؤدي الي افلاس عدد من هذه الاقتصادات القوية وبالتالي فإن قدرة هذه الاقتصادات علي دعم الاقتصاد المصري أصبحت محدودة، فضلا عن تراجع أسعار النفط العالمية الى مستويات تاريخية محدثة بذلك ضغوطا متزايدة على مصادر الدخل الرئيسية للدول البترولية ومنها دول الخليج العربى وماتبعه ذلك من ظهور معوقات على صعيد السيولة فى تلك الدول , وتأثيره المباشر على انخفاض الانفاق الحكومى للدول البترولية التى تقوم اقتصادياتها على سياسة الانفاق الحكومى فى معظمه لتدوير عجلة الإقتصاد . ومهما يكن من امر فإن دول الخليج لديها التجربة والخبرة الكافية للخروج من أي تذبذب سلبي على اقتصاداتها نتيجة لإنخفاض اسعار النفط وذلك لخبرتها السابقة فى مجابهة ذلك الامر عندما تدنت اسعار البترول فى الثمانينات والتسعينات لتلامس حاجز 20 دولارا للبرميل . إذا فإن الدول البترولية مشغولة بذواتها ولن تسطيع أن تستمر فى دعم اقتصادنا المثقل والواهن بالأعباء . لذا فلابد وان تكون هناك نظرة مغايرة وسيناريو آخر للتعامل مع الاحداث فى ظل معطيات : 1- عدم قدرة دول الخليج العربى ( السعودية – الكويت – الإمارات ) على الإستمرار فى دعم الإقتصاد المصرى, سواء من خلال إستثماراتها المباشرة أو من خلال المنح والمساعدات والقروض. 2- تباطؤ الاقتصاد العالمى , وانخفاض اسعار البترول والتأثير الغير مباشر على إنخفاض إيرادات قناة السويس . 3- تراجع السياحة لمستويات متدنية وانخفاض العوائد من ورائها . 4- اتساع الفجوة بين مدفوعات الاستيراد ( 80 مليار جنيه ) وعوائد التصدير ( 20 مليار جنيه ) 5- ضعف الاستثمارات وانحسارها فى الفترات الاخيرة. لذا لابد من أن ترتكن السياسة المالية والاقتصادية فى الفترة الراهنة على التعامل مع تلك المعطيات , وعلى الدولة أن تبذل فى سبيل ذلك المزيد من الجهد فى الاعتماد على اقتصاد المعرفة الذى يقوم بتطوير اقتصاديات الزراعة والصناعة واستغلال مواردنا المتاحة فى التصنيع بدلا من التصدير الخام لها . كذلك لابد من محارية الاقتصاد الريعى ( الطفيلى ) الذى توغل فى كل مناحى الحياة الاقتصادية المصرية وحولها من بلد منتج الى بلد مستهلك , حيث يقوم الاقتصاد الريعى على الربح السريع الكبير المتولد من الفارق الكبير الغير مبرر اقتصادياً بين سعر التكلفة وسعر البيع والقائم على غياب الجهد والتعب والمشقة فهو اقتصاد لايضيف للناتج القومى , كما هو الحال فى العوائد الناتجة من الاستثمارى العقارى او السياحى ,.... الخ , ومن أشد تداعيات الاعتماد على الدخول الريعية وضع الاقتصاد تحت رحمة المتغيرات الخارجية والداخلية بمعنى أن أي هزة تصيب الدولة ( انخفاض التجارة الدولية وتأثيرها على عوائد قناة السويس , كذلك إنخفاض مستويات السياحة الى حدودها الدنيا ) يحدث هزات اجتماعية شديدة الوطأة كون أن إقتصادنا إقتصاد رخو لا يستند على قوى إنتاجية صلبة ذلك أن بنية الاقتصاد الريعى لدينا هو في الواقع بنية غير إنتاجية ... يضاف إلى ذلك أن الاقتصاد الريعي يتميز بدوافع الاستهلاك الترفي لدى المواطنين ويساعد على زيادة الفجوة بين الطبقات بقدر الاقتراب أو الابتعاد عن السلطة وعادة ما تعمل الحكومات التي تعتمد على الدخول الريعية بالإبقاء على موازين القوى على حالها دون العمل على تطويرها بحيث تبقى العلاقات بين الحاكم والمحكوم هي علامات تحكمها .. قدرة من يملك ويعطي .. ومن ينتظر المنح والهبات, لذا فإن كانت الدولة جادة فى عملية البناء والتنمية فلابد من اعادة هيكلة تركيبة الاقتصاد المصرى والخروج به من الاقتصاد الريعى الى اقتصاديات الانتاج . وما يرتبط ذلك من اصلاح منظومة الاستثمار والضرائب فى مصر بحيث تعطى الاولية لإستثمار الانتاج وما يرتبط به من حوافز ضريبية وذلك لانخفاض معدلات الربحية , مع رفع شرائح الضريبة على انشطة الاستثمار الريعي وتخفيض حوافز الاستثمار المرتبطة بها , واعطاء اولويات للصناعات الانتاجية المراد تطويرها , مع تطوير الصناعات الانتاجية الصغيرة وتشجيع صغار المستثمرين والحرفيين على تطوير انتاجياتهم من خلال اقتصاديات المعرفة . كذلك تحويل الوزارات الخدمية كالصحة والتعليم من وزارات خدمية ( مراكز تكلفة ) الى وزارات منتجة ( مراكز ربحية ) من حلال تبنى افكار خارج الصندوق , ومن ذلك على سبيل المثال فى وزارة التربية والتعليم : انشاء ادارة إقتصاديات التعليم التى تعنى بالافكار الاستثمارية الانتاجية التى تخدم التعليم ومن ذلك مشروع المستثمر الصغير برأس مال 50 جنيه لكل طالب * 12 مليون طالب فى مرحلة التعليم الاساسى ( 600 مليون جنيه ) يتم انشاء شركة مساهمة لانتاج كافة مستلزمات الطالب ( الكتب – الادوات المكتبية – الملابس المدرسية – الاحذية والشنط المدرسية ) , ويتم تدوير ارباح تلك المشروعات فى خلق مشروعات انتاجية اخرى .... وهكذا . أما على صعيد قصة تخفيض الجنيه المصرى وما أحدثه من هبوط فى قيمة ثروات المصريين بقيمة نحو 14 % بين عشية وضحاها من جراء تخفيض قيمة الجنيه مقابل الدولار بقيمة 112 قرش , فعلى الدولة الخروج بنا من سياسة المسكنات التى ستؤدى بنا الى الغيبوبة الناتجة عن زيادة الجرعات والنتيجة الحتمية هى الموت او على أضعف الايمان الشلل . فلابد من التأنى فى المعالجة فى ظل غيبوبة الاقتصاد وعمل جرعات تنشيطية للاقتصاد للخروج به من غرفة الانعاش , ومن ذلك : 1- عدم التعويم الكامل للجنيه , حتى لايتم إحداث أزمة فى سوق الصرف النقدى تستنزف رصيد الاحتياطى النقدى من العملات لدى الدولة . 2- التعامل بالجنيه المصرى وتشديد التعامل بالعملات الحرة فى المعاملات الداخلية . 3- تشديد الرقابة على سوق الصرف لوقف استنزاف تهريب الاموال للخارج بالعملات الحرة 4- تشديد الرقابة على البنوك لمتابعة عمليات غسيل الاموال . 5- وقف تنفيذ المشروعات التى لاطائل من ورائها حاليا مثل مشروع تكملة توسعة قناة السويس او العاصمة الادارية الجديدة. 6- وضع آليات عمل جديدة لرقابة بطاقات الأئتمان الصادرة لأصحاب الحسابات البنكية فى مصر وتخفيض الحدود العليا للسحب النقدى من العملات الحرة من خلال وضع سقف للسحب يتم بعده احتساب سعر الصرف على اساس سعر الصرف البنكى مضافا اليه 15% عمولة سحب .