رغم الإعلانات المتكررة من جانب الحكومة المصرية عن مشاريع اقتصادية وانفراجات قريبة في الاقتصاد المصري، فوجئ المصريون بانهيار تام لعملتهم المحلية أمام الدولار الأمريكي، آخرها كان بالأمس، حيث وصل سعر الدولار رسمياً أما الجنيه إلى 8.03 وفي السوق السوداء 8.40 جنيهاً. ويعد هذا الانخفاض الثاني في أقل من أسبوع، بعدما خفض البنك المركزي المصري سعر الجنيه عشرة قروش، أمام الدولار، الخميس الماضي، ليصل إلى 7.83 جنيهات للدولار، بعد أن كان 7.73 جنيهات. يقول الدكتور رائد سلامة، الخبير الاقتصادى، إن نمط الاقتصاد الريعي القائم علي الخدمات والسياحة والتجارة والاستيراد فقط، سبب الأزمة، وللخروج منها، فإن الأمر يستوجب خطتين، واحدة علي الأجل القصير يتم بموجبها كبح جماح الاستيراد مرحليا، بوقف استيراد السلع التي لها بديل محلي بشكل كامل وبأسرع وقت ممكن؛ لأن الاحتياطي النقدي للدولار في الحقيقة لم يعد يكفينا لاستيراد شهر واحد لا أكثر؛ خاصة أن رقم الاحتياطي المعلن يتضمن نحو 6 أو 5 مليارات دولار في شكل ذهب وحقوق سحب خاصة لا يمكن تسيلها، أي أن النقد الحقيقي المتاح للاستخدام 10 مليارات دولار فقط، وهو ما يكفي استيراد شهر واحد لا غير لو استمر الاستيراد بنفس الوتيرة. وأضاف "سلامة": تأثرت ماليات دول الخليج بعد خفض سعر النفط، وبالتالي لن تقدم أي معونات دولارية، وهو أمر حذرنا منه من قبل، ورفضنا الاعتماد عليه، بالإضافة لانخفاض مواردنا من السياحة إلي مستويات متدنية للغاية". وتابع "سلامة" أن الخطة الأخرى متوسطة إلي طويلة الأجل، وتقتضي البدء فورا فى وضع خطط لعمليات تصنيع حقيقية تحتكرها الدولة ولا تسمح للقطاع الخاص بالدخول فيها وتعتمد علي موارد ذاتية من خلال ضم الصناديق الخاصة للموازنة واستعادة حقول الغاز في شرق المتوسط التي سرقتها منا قبرص ودولة الكيان الصهيوني، بالإضافة إلي وقف الهدر في الموازنة المصرية الذي يصل إلي عشرات المليارات، وكذلك وضع خطط عاجلة لتطوير الزراعة لأجل تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، وفتح المجال الديمقراطي وإطلاق الحريات السياسية. وأوضح الخبير الاقتصادي أن تصريحات الوزراء كارثية كالتى أدلت بها غادة والي، وزيرة الشئون الاجتماعية، بشأن عدم الالتزام بالمعاشات، مضيفا أن رد أموال أصحاب المعاشات يعني أن الدولة تتنصل من سداد التزاماتها للدائنين المحليين؛ لأن أصحاب المعاشات دائنون للدولة بحوالي نصف تريليون جنيه، والامتناع عن السداد معناه الإفلاس الحقيقي. ولفت "سلامة" إلى تصريحات أشرف سالمان، وزير الاستثمار، التي أطلقها منذ فترة بشأن خفض قيمة الجنيه، موضحا أنها تكشف عن مخطط تم تجهيزه مسبقا ويتم تفعليه علي مراحل وفق تعليمات صندوق النقد والبنك الدوليين. من جانبه، قال رضا عيسى، الخبير الاقتصادي، إن ارتفاع سعر الدولار نتيجة لعملية الشد والجذب التي تحدث بين الدولة ورجال الأعمال، والتي دائمًا تنتهي لصالح رجال الأعمال، ويحققون مصالحهم – على حد وصفه، لافتًا إلى اعتماد الدولة على المساعدات الخارجية وافتقارها المشاريع الإنتاجية التي تعتبر نمو الاقتصاد، وانخفاض حجم الصادرات السلعية يؤدي بشكل مباشر إلى زيادة قيمة الدولار مقارنة بالجنيه، مع اعتماد الحكومة على خطط غير فعالة للخروج من الأزمة الاقتصادية. وأكد "عيسى" أن تحويلات المصريين بالخارج سبب رئيسي في انخفاض الجنيه، متابعا أن هناك رجال أعمال يحتكرون العملات الأجنبية من المصريين بالخارج قبل أن تدخل مصر ويتم تحويلها إلى بلدان أخرى، بجانب توقف المساعدات الخارجية. وانتقد الخبير الاقتصادي، امتلاك رجال الأعمال عصب الاقتصاد المصري، وصب جل همهم على تحقيق الربح وليس تعافى الاقتصاد القومي، مثل امتلاك بعض رجال الأعمال قنوات فضائية أو نوادٍ رياضية أو صحف، مطالبًا الحكومة الحالية بسرعة عقد مؤتمر داخلي؛ لمعرفة رؤية النظام لمصر بعد 5 سنوات، متوقعا أن ترتفع الأسعار في الفترة المقبلة بشكل كبير، مع زيادة حجم الضرائب تبعًا لذلك.