أقباط مصر ومعاناتهم النفسية من عقدة الاضطهاد المتوارثة لديهم والمتراكمة عبر الأزمنة ، لا توجد في مصر مشكلة طائفية بقدر ما هي مشكلة نفسية ترسخت وتعمقت جذورها في نفوس بعض الأقباط ، وخاصة بعض رؤوس الكنيسة والذين يحاولون توظيفها أسوأ ما يكون التوظيف ومن خلال إحساسهم الدفين بتلك العقدة المسيطرة عليهم يقومون باختلاق المشكلات ، وإن كنا لا ننكر أن هناك مشكلات حقيقية موجودة على أرض الواقع لكنها لا ترقى لأن تكون فتنة طائفية ، فهي في الغالب تكون مشكلات بين مجموعات ومجموعات من الطرف الآخر أو فرد وفرد وحالما تتم معالجتها من هذا المنظور تنتهي وتعود المياه إلى مجاريها ، ولكن الملفت للنظر والذي بدا واضحاً جلياً في الآونة الأخيرة هو تدخل الكنيسة - وأقصد هنا بعض رجالات الكنيسة ممن يعانون من الشعور بالاضطهاد - الأمر الذي يجعلهم يصورون الموضوع للآخرين من بني ملتهم وللعالم على أن هناك مؤامرة ضد المسيحيين في مصر، مما ساهم بشكل كبير في ظهور بعض المصطلحات الغريبة عن ثقافتنا المصرية ، وهي أن نرى بعض المسيحيين ممن تشربوا بأفكار بعض الكهنة يطالبوننا نحن المسلمين بالخروج من مصر فنحن ضيوف على حد تعبير كبار قساوسة الكنيسة القبطية رجالات الأنبا شنودة ( الضيف يقعد بأدبه أو يمشي .. القمص متياس نصر ) أو كما قال ( القس فليوباتير ... المسلمين اللي جايين من الدولة دية أو الدولة دية الوهابيين دول مش مصريين ) وغير هذا الكثير وهي ثقافة لقيطة لم نعهدها كمصريين نعيش جميعاً على أرض واحدة ويجمعنا مصير مشترك وحاربنا جنباً إلى جنب، ولكن هي عقدة الاضطهاد الذميمة تحركهم ومن المؤسف أن يتصدر الكنيسة القبطية رجال يحملون كل هذا التطرف . في الوقت ذاته لا تجد من رجا ل الدين الإسلامي بل من عامة المسلمين من يحمل هذا الشعور تجاه المسيحيين، بل وجدنا العكس تماماً في الأحداث الأخيرة- ورغم مرارتها ورغم كل الشتائم التي وجهها آباء الكهنة ومن سار في ركابهم للمسلمين- لم نجد مسلماً واحداً نادى بطردهم أو خروجهم ووجدنا من يدافع عنهم ويمشي معهم في مسيراتهم ، وهذا ليعلموا أن الإسلام والمسلمين لم يكونوا في يوم ما ولن يكونوا دعاة تخريب وهدم ، كما أنهم لم ولن يكونوا دعاة ظلم وجور، وفي الوقت ذاته لن نفرط في ثوابتنا ، ولن نتوانى في التصدي لمن يتعرض لديننا الإسلامي الحنيف بالسوء أو من تسول له نفسه الاصطدام بقواتنا المسلحة الأبية ، والعمل على إسقاط البلد أو جرها إلى أتون فتنة طائفية بغيضة ، وأقول لأصحاب هذا التوجه بدلاً من أن تسبوا من حرركم من نير العبودية والذل الذي أذاقكم إياه الرومان عليكم أن تتخلصوا من تلك العقدة وتبحثوا وتفتشوا عما يعالجها، ولا تورثوها الأجيال القادمة ولا أدل من ذلك افتخاركم بالصليب والأولى أن لا تفتخروا به ، وهو الذي صلب عليه المسيح عيسى بن مريم على يد بني إسرائيل كما تدعون ،فهو بالتالي يمثل ذكرى مؤلمة ، ومن يحب المسيح حقاً لا يمجد الآلة التي عذب بها وصلب عليها على حد قولكم كما أن إصرار القساوسة على وضع القلنسوة الكبيرة على الرأس تخليداً لذكرى إذلال الرومان لهم دليل آخر على الإحساس بالاضطهاد ، حيث كانوا يجعلون القس يجثو على ركبتيه في الشمس ويضعون ماعوناً أشبه بتلك القلنسوة على رأسه مملوءً بعلف خيولهم لتأكل منه . كما أن المسلمين الذين تسبونهم اليوم وتنعتونهم بأقذع الصفات وتشنون حرباً ضروساً شعواء على مقدساتهم - لم يسلم منها لا القرآن ولا النبي محمد صلى الله عليه وسلم - هؤلاء المسلمين لم يطاردوكم ويجعلوكم تفروا إلى الجبال والصحارى بدينكم كما فعل معكم الرومان ، وما فعله " دقلديانوس " لا يخفى على أحد ، ولكن أمنوكم على أنفسكم وأموالكم وأولادكم وأتاحوا لكم حرية العبادة ، ولم يفعلوا كما فعل معكم بني إسرائيل الذين طلبت فئة منكم أمام ماسبيرو الحماية منهم، والأولى أن تخرجوا عقدكم تلك تجاه من كان السبب فيها لا تجاه من أكرمكم وأحسن معاملتكم ، ويبقى رغم كل هذا المسيحيين الذين لم تلوثهم تلك الأفكار المتطرفة الناجمة عن تلكم العقدة الكريهة هؤلاء هم المعول عليهم إصلاح ما أفسدته الزمرة الفاسدة الخبيثة ، وعليهم التصدي لهؤلاء المجرمين الذين كادوا أن يشعلوها ناراً تحرق الأخضر واليابس لولا ستر الله وعنايته ، ومن ثم توفيق قواتنا المسلحة وأبناء مصر الأحرار ، لذا أهيب بالآباء الأحرار المسيحيين حقاً أن يطهروا الكنيسة من دنس أولئك العابثين المستهترين الغير عابئين بما قد ينجم عن هكذا أفكار، وقد أثبتت الأحداث عبثهم وكذبهم فهم أول من تنصل من المسؤولية عما حدث ، بل وأنكر " فليوباتير " بطل تلك الأحداث الشنيعة مسؤوليته ، وهو من حرض الشباب على التظاهر والاصطدام بالجيش لمجرد إشاعات أطلقها المخربين وسعى " فليوباتير " و " متياس نصر " و " نجيب جبرائيل " وغيرهم ممن يدورون في فلكهم على النفخ في تلكم الإشاعة حتى كبرت وأصبحت ناراً عظيمة كادت تشعل جسد الأمة ، وشاءت إرادة الله أن يشهد شاهدُ منهم ، فقد نفى الأنبا " هيدرا " أسقف أسوان والمخول الأول بكنائسها وأبراشياتها أن يكون هناك ثمة اعتداء على أي كنيسة أو مسيحي في ، وأنه لا توجد كنيسة في " المريناب " بؤرة الحدث المزعوم ، بل وأشاد بمسلمي تلكم القرية ، وجاءت التحقيقات تؤيد صدق كلام هذا القس المعتدل المسيحي الحقيقي ... وعلى المسيحيين بدلاً من أن يكيلوا ويوزعوا اتهاماتهم هنا وهناك أن يطهروا الكنيسة نفسها من أولئك المرضى ، ويقدموا لصدارتها أمثال " الأنبا هيدرا " لصالح المسيحيين أولاً ولصالح مصر ، وأن يجدوا مصحة نفسية تطهر " فليوباتير ومتياس " و " جبرائيل " ومن هم على شاكلتهم من دنس عقدة الاضطهاد .