- اكتشفت إصابتي بالمرض اللعين بالصدفة.. وكتابي تجسيد لقصة صراعي مع "البُعبع" - كنت أعيش حياتي بشكل طبيعي لدرجة أنني نسيت أنني مريض - رفضت أن أقوم بحلاقة شعري أو ارتداء "كاب".. وكنت أحارب المرض ونفسي والظروف
رفض أن يتملّكه اليأس، أو أن يُسلم نفسه للمرض اللعين، فخاض المعركة بروح المحارب الشجاع، وكان سلاحه هو الأمل والتفاؤل، واستطاع قهر هذا المرض الخبيث في رحلة طويلة مليئة بالتحديات والصعوبات.. كلامنا عن يوسف جلال الشاب العشريني صاحب الوجه البشوش والابتسامة العريضة والذي خاض تجربة عنيفة مع مرض السرطان فاز فيها، فقرر أن يوثق مراحل رحلته مع المرض حتى انتصاره عليه في كتاب عنوانه "مُحارب" يسرد فيه تفاصيل رحلته مع السرطان ليبعث برسالة أمل لكل مريض قبل أن يستسلم لليأس. متى بدأت رحلتك مع مرض السرطان؟ اسمي يوسف جلال، عمري 20 سنة، طالب بكلية دارالعلوم جامعة القاهرة، أحب الكتابة جدا لأنها الوسيلة الوحيدة للتعبير عن نفسي، ومثلي الأعلى في الحياة هو كل شخص طموح يقوم بعمله بكل اجتهاد سعيا وراء تحقيق حلمه، وبداية معرفتي أنني مريض بالسرطان كانت بالصدفة البحتة، وبالتحديد في شهر أغسطس عام 2013، وكان ذلك بعد ظهور بعض الأعراض عليّ فوزني على سبيل المثال؛ بدأ في النقصان بشكل ملحوظ خلال فترة قليلة، بالإضافة إلي إصابتي بحالة من فقدان الشهية وتصبب العرق الغزير على جبيني في الليل حتى لاحظت ظهور جزء ما في رقبتي ليس طبيعيا، فذهبت إلي طبيب مختص، والذي شخص إصابتي بالسرطان، ولكني لم استوعب حقيقةً في هذه اللحظة كيف أنني مريض بالسرطان، وشاء الله أن تنتهي رحلتي مع هذا المرض في شهر أغسطس عام 2015، وخلال هذه الرحلة كان هناك الكثير من التفاصيل المؤلمة ولكن من وحي الألم يُولد الأمل فقد تعلمت الكثير من هذه التجربة. كيف انتصرت في معركتك على المرض اللعين؟ كان ذلك نتيجة أنني قررت أن أعيش حياتي بشكل طبيعي لدرجة أنه في كثير من الأحيان كنت تلقائيا أنسى أنني مريض، بالإضافة إلي وقوف الكثير من الأشخاص بجانبي خلال رحلتي مع المرض، وقد كان لهم دور كبير في إدخال البهجة والفرحة إلي قلبي حينذاك. ما هي أهم التحديات والصعوبات التي واجهتك عندما قررت عدم الاستسلام ومواجهة مرض السرطان؟ اللحظات التي بدأ يطرأ فيها تغيير على شكلي ومظهري العام، فقد كنت في هذه الفترة أمام تحد كبير مع نفسي في محاولة لاقناع نفسي في أن أتحلى بالشجاعة، وأتعامل مع سقوط شعري -على سبيل المثال- على أنه فترة مؤقتة وسوف أجتازها بكل شجاعة، والكثيرون كانوا يقدمون لي الدعم مثل أبي وأمي، وأختي، وصديقي حسيني، بالإضافة إلي خالتي وجدتي– عليهما رحمة الله- حيث شاء القدير لقائهما، ووافتهما المنية خلال فترة علاجي. الأغلبية العظمى من أفراد المجتمع ينظرون إلي مريض السرطان نظرة شفقة وأسى.. كيف تعاملت مع هذه النظرة؟ خلال فترة علاجي تعرضت للكثير من السخافات والمُضايقات، ولكني كنت أقوى بكثير من نظرة الشفقة هذه بل بالعكس لقد كنت أقوم بمساعدة غيري من مرضى السرطان، فلم يكن يشغل بالي مظهري الذي بدأ يتغير، وكيف ينظر الناس إلي، وأنا رفضت بشدة في هذه الفترة أن أقوم بحلاقة شعري، أو أن أقوم بارتداء "كاب" أو أي شيء يغطي شعري، فقد تعاملت مع نفسي في هذه الفترة على أنني شخص طبيعي، ونجحت في أن اتعامل مع الناس على هذا الأساس وأن أغير نظرتهم هذه لمريض السرطان. كيف خطرت لك فكرة توثيق تجربتك مع السرطان وإصدار كتاب "مُحارب"؟ بعدما كتب الله لي الشفاء من مرض السرطان، وانتهت رحلتي مع هذا المرض بالانتصار قررت أن أقوم بكتابة تجربتي هذه، وذلك حتى أقدم رسالة مهمة للناس، وهي أنه ليس هناك ما هو مستحيل بالإيمان والأمل، وهو أول تجربة لي في الكتابة وبإذن الله لن تكون الأخيرة. ما هي الرسائل التي تُريد توجيهها من خلال كتاب "محارب"؟ أن أي ابتلاء في الدنيا مهما بلغ من قوة فالانسان يستطيع اجتيازه، ومن لم يصطدم بالكوارث في حياته فكأنه لم يعش بعد، ولو عاش عمرا على عمره، فالحياة تظهر قيمتها بالإرادة. لماذا قمت باختيار اسم "مُحارب" لهذا الكتاب؟ لأني بالفعل خضتُ خلال فترة علاجي من السرطان، حربا نفسية مع كل من بجانبي، وحربا مع المرض، ومع نفسي، وأيضا مع الظروف.. باختصار لقد كنت في معركة مع السرطان ولكني عزمت النية على أن أكون الرابح فيها. "آرت تو كير" هي مبادرة لدعم وتشجيع مرضى السرطان.. ما هي طبيعة نشاط هذه المؤسسة؟ وكيف ساعدتك على إصدار كتاب "محارب"؟ "آرت تو كير" هي مبادرة هدفها تقديم الدعم والمساعدة لعلاج أطفال مرضى السرطان عن طريق الفن وتنظيم ورش فنية للأطفال، وشعار مبادرة الارت تو كير هو "بكرة ليهم وبينا.. دي فرحتهم حق علينا"، وأنا متطوع في هذه المبادرة، وباتفاق بيني وبين د. منال عليوة مؤسسة هذه المبادرة قررنا أن نتعاون في إصدار الكتاب، ومن وجهة نظري أن النجاح يكون أفضل عندما يتعاون الأفراد مع بعضهم البعض. ما الحلم الذي تتمنى تحقيقه؟ حلمي الشخصي هو أن أصبح كاتباً مشهوراً وناجحاً، أما حلمي بشكل عام فهو ألا يكون هناك مرضي بالسرطان في العالم. في النهاية.. كلمة تود توجيهها لكل مريض سرطان؟ مرض السرطان معروف في المجتمع المصري بأنه "البُعبع" وكل الناس ضروري تخاف منه، والبعض يعتقد أن السرطان عقاب من الله، أو أنه مرض معناه الموت، لكن السرطان في الحقيقة هو فترة قصيرة جدا مهما كانت الفترة طويلة ولكنها فترة وسوف تمر طالما أي مريض يتحلى بالإرادة، ويؤمن بأنه سيهزم المرض، فالحالة النفسية مهمة جدا لمريض السرطان، ولذلك من المهم أن يكون هناك اهتمام بالحالة النفسية للمريض، ويتم تقديم الدعم النفسي لمريض السرطان عن طريق المبادرات والمؤسسات حتى يكتب له الله الشفاء وينتصر على السرطان.