قليلة هي مدن العالم التي صنعت التاريخ ففي مصر مدن تستحق بجدارة لقب صانعة التاريخ دارت عليي أرضها معارك وثورات شعبية فارقة في تاريخ البشرية ، و القاهرة هي من أكثر المدن الإسلامية التي استأثرت بالكتابة والتأريخ نظرا لأن عمر القاهرة يزيد علي الألف عام . يقول د . عاصم الدسوقي أستاذ التاريخ كلية اداب جامعة حلوان : شواهد التاريخ تؤكد أن مكان هذه المدينة كان عاصمة لمصر في أغلب فترات تاريخها ففي تاريخ مصر الممتد عبر حوالي 50 قرنا كانت القاهرة بمعناها الواسع هي عاصمة مصروالقاهرة هي المدينة التي انشأها القائد الفاطمي جوهر الصقلي سنة 969 م شمالي مدينة الفسطاط وبناها في ثلاث سنوات وأطلق عليها اسم ' المنصورية ' ثم جاء الخليفة المعز لدين الله الفاطمي وجعلها عاصمة لدولته وسماها ' القاهرة ' وكانت مساحتها علي حوالي 340 فدانا وعندما انتهت الدولة الفاطمية علي يد صلاح الدين الأيوبي سنة 1171 م وأقام مكانها الدولة الأيوبية التي استمرت 82 عاما حتي عام 1250 حدث تطور كبير في ' القاهرة ' فبعد أن كانت المدينة ملكية خاصة للخلفاء أباحها ' صلاح الدين ' للخاصة والعامة وأنشأ فيها عمارات جديدة فزادت اتساعا . أما القاهرة في الدولة العثمانية التي بدأت في مصر بعد هزيمة المماليك في معركة الريدانية سنة 1517 م فقد بدأت تشهد عصرا جديدا كذلك الحملة الفرنسية علي مصر سنة 1798 م التي استمرت ثلاث سنوات والتي رسمت خرائط مهمة للقاهرة إضافة إلي عدد كبير من الرسوم التي تصور الحياة في تلك المدينة والتي ضمها كتاب ' وصف مصر '. وتأتي القاهرة في عصر أسرة محمد علي لتشكل ملمحا جديدا بدأ من سنة 1805 م حتي قيام حركة الضباط في يوليو 1952 م حيث بلغت درجة كبيرة في الاتساع في عهد الخديو إسماعيل حيث أضيف إلي المدينة حي الإسماعيلية ' التحرير حاليا ' 1849 م بدأت المدينة تشهد بعض مشاريع البنية الأساسية مثل مشروع توزيع المياه باستعمال المواسير وتوزيعها داخل البلد وبعض مشاريع الإضاءة ويعد محمد علي باشا أول من أدخل العمارة الغربية إلي ' القاهرة '.. في التاريخ الحديث تبدأ ثورات القاهرة منذ الحملة الفرنسية حيث شهدت القاهرة ثورتي القاهرة الاولي والثانية وثورة القاهرة الأولي كانت في اكتوبر عام 1798 م بعد الاحتلال الفرنسي بحوالي شهرين . بعد أن دخل نابليون إلي مصر فرض الفرنسيون الضرائب الباهظة علي الشعب المصري .. خصوصا التجار .. ففتشوا البيوت .. والدكاكين .. بحثا عن أموال توقع المحتل الفرنسي أن يكون المواطنون المصريون قد أخفوهاعلي أثر ذلك تحركت مشاعر الناس والأئمة وشيوخ الأزهر .. فخرجوا في ال 20 من أكتوبر من العام 1798 في ثورة عارمة مولها التجار المصريون وأقيمت متاريس في المدن الرئيسية .. وهاجموا القوات والمقرات الفرنسية .. واستطاعوا قتل حاكم القاهرة الفرنسي ' ديبوي ' لكن نابليون واجه الثوار بقوة وجبروت .. ودخل جنوده الجامع الأزهر بخيولهم .. مما شكل أذي وغضبا لدي المسلمين عامة والمصريين خاصة .. وكانت هذه الثورة المسمار الذي دق في نعش الوجود الفرنسي في مصر . والثورة الثانية في مارس عام 1800 م وقامت بسبب سوء معاملة كليبر للمصريين وفرض الضرائب استغل المصريون انشغال كليبر بمحاربة العثمانيين بموقعة عين شمس وهاجموا معسكرات الفرنسيين بالقاهرة واستطاع كليبر إخماد الثورة وأحرق حي بولاق واتفق مع مراد بك علي حكمه للصعيد تحت إشراف الفرنسيين ووافق مراد حتي لا يعود الأتراك لمصر ثم قتل كليبر علي يد الطالب الأزهري سليمان الحلبي 14/ 6/ 1800 م 0 كما شهدت القاهرة العديد من الحركات الجماهيرية بقيادة العلماء من اجل تعيين محمد علي سنة 1805 م . وفي التاريخ الحديث نجد الثورة العرابية التي بدأت في 9 سبتمبر عام 1881 م بمظاهرة عابدين المشهورة عندما قدم أحمد عرابي مطالب الشعب للخديو توفيق .. بعد ذلك ثورة 1919 وكانت اساسا في القاهرة وايضا في بعض الاقاليم مثل الاسكندرية وبني سويف والجيزة وليس كل الاقاليم وكانت مرتبطة بطلبة الازهر علي وجه الخصوص واغلقت الدراسة في الازهر بسبب الثورة فذهب الطلبة الي بيوتهم في الاقاليم ونقلوا لهم ما يحدث في مصر ومن هنا انضموا الي الثورة في القاهرة حيث لا يوجد اعلام في هذا الوقت . بعد ذلك كان هناك مظاهرات مثل مظاهرة 1935 م ضد اسماعيل صدقي واعادة دستور 23 . ثم مظاهرة فبراير 1946 م وكانت ضد الانجليز ثم اخر ثورة كانت عام 1952 م . وعن ثورة 25 يناير يقول : ثورة الشباب المصري نجحت في اعادة صياغة التاريخ ونجحت في كسر حواجز الخوف التي ترسخت في قلب ووجدان المواطن العربي وأعادت للشخصية العربية كبرياءها وعزتها لترسل رسالة للجميع ان المواطن المصري والعربي ضد الاهانة او الخنوع . والثورة كشفت عن مواهب الشخصية المصرية وابداعاتها و ثورة 25 يناير لا مثيل لها في تاريخ مصر لاكثر من سبب اولا ليست لها قيادة محددة وليس لها تنظيم تتوزع فيه المهام بين لجان فرعية ولجنة مركزية لاخره ثانيا انها عامة في القطر المصري كله في كل المحافظات وهذه الثورة تتفرد بهذا , ثالثا انها حددت مطالبها منذ البداية وهي سقوط النظام يعني احداث كل التغييرات المطلوبة والذي ساعدها علي الاستمرار انضمام الطبقة الوسطي والعمال وكل من لهم مطالب ويشعرون بالظلم والباحثين عن العمل وارتفاع الاسعار وغيرها وبالتالي هي فريدة في نوعها وتنوعها .