"الأعلى لشئون التعليم": تنفيذ المبادرة الرئاسية "الكشف الطبي على طلاب الجامعات" لتوفير بيئة تعليمية صحية    السبت 20 أبريل 2024.. الذهب يتراجع 15 جنيها.. وعيار 21 يسجل 3260 جنيها    تموين الدقهلية: نستهدف استلام 400 ألف طن قمح خلال موسم التوريد 2024    رئيس الوزراء يصل دمياط لمتابعة سير العمل وموقف المشروعات التنموية بالمحافظة    محافظ الغربية يتفقد 12 مشروعا لحياة كريمة ورصف القرى بزفتى    إعلان الساعة السكانية: زيادة في عدد سكان مصر إلى 106 مليون و250 ألف نسمة    نتائج التحقيقات الأولية في انفجار قاعدة كالسو العراقية    واشنطن توافق على طلب النيجر بسحب قواتها من أراضيها    مخاطرة بحرب إقليمية.. هآرتس تنتقد الهجوم الإسرائيلي على إيران    ب 32 ضعفا، الأهلي يتفوق على مازيمبي في القيمة التسويقية    مواجهات أوروبية نارية وصدام الأهلي أمام مازيمبي.. مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    موسم استثنائي، أرقام مميزة لعمر مرموش مع آنتراخت فرانكفورت    ضبط ورشة لتصنيع الأسلحة النارية في الأقصر    كشف ملابسات واقعة مقتل مزارع بالشرقية وضبط المتهمين    ضبط متهم بإدارة ورشة لتصنيع الأسلحة النارية بالأقصر    مفتي الجمهورية: الاكتفاء بالاجتهاد الفردي أصبح أمرًا صعبًا مهما اتَّسع عِلم العلماء.. والواقع المتسارع يُملي علينا ضرورة التعاون لتوحيد الرؤى والأفكار    تامر حسني بعد حفل ال"50 مدرسة": "إهداء مني لكل تلاميذ وأساتذة مصر" (صور)    داعية يحذر "محدش يدعي على نفسه بالموت"    سعر الدولار في السوق السوداء اليوم السبت 20 أبريل 2024    بمشاركة 24 دولة.. انطلاق معرض البنية التحتية وتكنولوجيا المياه بالقاهرة 28 أبريل    أسيوط تستعد لتنفيذ المرحلة الثالثة من الموجة ال 22 لمواجهة البناء المخالف    العطار: سندفع الشرط الجزائي لفيتوريا الأسبوع المقبل.. وعاشور لم يتم إيقافه    معلق مباراة ريال مدريد وبرشلونة في الدوري الإسباني    «يد الأهلي» يواجه أمل سكيكدة الجزائري بكأس الكؤوس    الحكومة: وقف تنفيذ قطع الكهرباء عن الكنائس خلال احتفالات العيد    وقف تنفيذ تخفيف الأحمال الكهربائية عن الكنائس خلال احتفالات عيد القيامة    5 أيام متتالية| مفاجأة بشأن إجازات شهر مايو.. إيه الحكاية؟    وفاة سيدة وإصابة طفلة في حريق منزل ببني سويف    مشوفتش عشيقة المدير نهائيًا.. أقوال شاهدة في قضية رشوة أسوان الكبرى.. فيديو    «هربًا من الحرّ».. غرق 3 عمال أثناء الاستحمام في النيل بأطفيح والبدرشين    اليوم .. اجتماع هام لوزير التعليم استعداداً لامتحانات الدبلومات الفنية    حذرنا مرارا وتكرارا.. سامح شكري: قلقون من التصعيد القائم في المنطقة    تونس تؤكد دعمها للشعب الفلسطيني في الحصول على حقوقه    أمال ماهر تشعل حفل التجمع الخامس بعد غياب..والجمهور :«بنحبك.. وعايزينك تغني تاني»(صور)    إياد نصار: بحب الناس بتناديني في الشارع ب «رشيد الطيار»    مفاجأة.. سبب عدم مشاركة صلاح السعدني في مسرحية مدرسة المشاغبين    فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة يحقق مفاجأة في دور العرض.. تفاصيل    دخول 250 شاحنة مساعدات لغزة واستقبال أعداد من الجرحى والحالات الإنسانية    عبد الغفار يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين أمانة الصحة النفسية و«أوتيزم سبيكس» العالمية    نجاح إعادة كف مبتورة لشاب عشريني في مستشفيات جامعة المنوفية    وزير الأوقاف ومحافظ جنوب سيناء يهنئان أسقف السمائيين بشرم الشيخ بالعودة من رحلة علاجية    فضل الذكر: قوة الاستماع والتفكير في ذكر الله    بالفيديو.. ناقد فني عن صلاح السعدني: ظنوه «أخرس» في أول أعماله لإتقانه الكبير للدور    فريدة الشوباشي: الولايات المتحدة الأمريكية سبب خراب العالم كله    منها زيادة الوزن.. خبراء يحذرون من أضرار الحليب المجفف    بروتوكول تعاون بين جامعة طيبة وجهاز المدينة الجديدة لتبادل الخبرات    مدير كلية الدفاع الوطني التنزاني يشكر مصر على ما تقدمه من دعم لدولته    كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا مضادا للطائرات    كيف أدعو الله بيقين؟ خطوات عملية لتعزيز الثقة بإجابة الدعاء    يُغسل ولا يُصلى عليه.. حكم الشرع تجاه العضو المبتور من جسد الإنسان    مشتت وفاصل ..نصائح لتحسين التركيز والانتباه في العمل    ابسط يا عم هتاكل فسيخ ورنجة براحتك.. موعد شم النسيم لعام 2024    أدعية الرزق: أهميتها وفوائدها وكيفية استخدامها في الحياة اليومية    سيف الدين الجزيري: مباراة دريمز الغاني المقبلة صعبة    ناقد رياضي شهير ينتقد شيكابالا وتأثير مشاركاته مع الزمالك .. ماذا قال؟    خالد منتصر: ولادة التيار الإسلامي لحظة مؤلمة كلفت البلاد الكثير    أهالى شبرا الخيمة يشيعون جثمان الطفل المعثور على جثته بشقة ..صور    آلام العظام: أسبابها وكيفية الوقاية منها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد التحية والسلام

نحو ربع ساعة كاملة قضيتُها متجولا في المسجد دون رقيب. كنتُ وحيدا بين مقتنيات لا تجد من يحميها، في مسجد قُجماس الإسحاقي الشهير بأبي حريبة. وعندما هممتُ بالخروج قابلني الحارس علي الباب، وسألني عما إذا كنتُ قد وجدته مفتوحا أم أنني دفعته ودخلت. بطبيعة الحال كان مفتوحا في استقبال أي عابر قد تُحرضه الآثار »السايبة»‬ علي السرقة. خاصة أن المنطقة شهدت أحداثا مؤلمة، أثارت ضجة واسعة منذ سنوات، بعد اختفاء أجزاء من منابر مساجدها ومقتنياتها، وانتهت الضجة كالعادة بالصمت الرهيب. لاحظ الحارس وجومي، فأخذ يبحث عن حجج، ويلقي بالمسئولية علي حارس آخر تركه في المكان لكنه اختفي!
قبلها بدقائق كنت في مسجد المؤيد شيخ، جلس الحراس علي مدخله، وتجمّع آخرون في غرفة يتبادلون كلام الموظفين المعتاد، بينما خلا الصحن ومكان الصلاة حول المنبر من أي منهم. لا أحد يتابع الزوار القلائل، ومن بينهم أطفال قد يقوم أي منهم بفعل عفوي، يهدد المقتنيات الأثرية. كان ذلك قبل رمضان، لكي لا نلقي بالمسئولية علي كسل الصيام، إذا جاز أن يكون ذلك مبررا. وعلي بعد خطوات تحت باب زويلة، دخلتُ من الباب الذي يكاد يظهر بصعوبة، خلف البضائع التي عرضتها المحال بكثافة، جلس موظف علي مكتبه، كل مهمته أن يتقاضي ثمن التذكرة من كل زائر يود الصعود إلي أبراج الباب ومئذنتي المؤيد شيخ. بأعلي لا أحد يتابع ما يجري، ولكل إنسان حرية أن يفعل ما يشاء!
في أجواء كهذه لا تُعتبر سرقة حشوة من منبر المؤيد شيخ مفاجأة، رغم ما تثيره من صدمة، تنضم إلي قائمة صدمات اعتدنا عليها في مجال الآثار. تتغير الأنظمة والهيئات المسئولة ومسميات المسئولين، وتبقي السلبيات قائمة تُخرج لسانها للجميع. ويتكرر السيناريو نفسه: بعض الضجة تنتهي بانشغالنا عن هويتنا، التي أثبتنا جدارتنا في التخلي عنها.
السرقة الأخيرة تدق ناقوس خطر جديد، وأعتقد أن الحذر ضروري، كي نمنع عودة »‬عصابات المنابر» التي مارست السرقة بحرية شديدة عام 2008، وسرقت حشوات عديدة من مساجد بالمنطقة نفسها، وبلغت جرأة اللصوص درجة عجيبة، حيث استهدفوا منبر مسجد الطنبغا المارداني ثلاث مرات في عشرة أيام، ولم يشعروا بالخوف من إبلاغ الشرطة التي بدأت تحقيقاتها قبل السطو الثالث. في حادث المؤيد شيخ الأخير كانت الحشوة المسروقة صغيرة، لا تتجاوز أبعادها 5 في 5 سنتيمترات، لكن سرقة المارداني قبل سنوات أدت إلي فقد منبره لكل حشواته تقريبا، حتي أصبح مثل هيكل عظمي لا قيمة له! السرقات امتدت وقتها إلي منبر مسجد جانم البهلوان وأماكن أخري، ولكل سرقة منها قصة مثيرة لا مجال لسرد تفاصيلها هنا. غير أنه كان واضحا أن التشكيل العصابي يعلم جيدا ما يفعل، بدءا من الاختيار وحتي التنفيذ، فقد قام اللصوص بفك الحشوات بمهارة تؤكد أنهم محترفون.
المفاجأة الحقيقية في واقعة المؤيد، تتمثل في مديرة المنطقة التي اكتشفت السرقة بمجرد نظرة، فقامت بإبلاغ النيابة، لكنها لم تكن مفاجأة وحيدة، فقد ترددت أنباء عن تفريغ كاميرات المراقبة للوصول إلي الجاني. اللص إذن غافل الحراس والكاميرات وفعل فعلته، والجميع غافلون، وكان يمكن للسرقة أن تظل في طي الكتمان لولا يقظة المسئولة، التي جاءت بعد فوات الأوان. إذا كانت هناك كاميرات مراقبة، فمن يتابعها في الناحية الأخري؟ أم أنها أصبحت شبيهة بخيال المآتة، الذي كان يُثبّت في الحقول، لإيهام الطيور بأن هناك من يحمي المحاصيل فلا تقترب منها؟ الطيور اكتشفت السر، واتخذت في بعض الأحوال خيال المآتة مُستقرا لها، تماما مثلما أدرك اللص أن الكاميرات مجرد منظر، فتجول بالمسجد حتي اطمأن، ثم اقتطع جزءا من المنبر، وخرج بعد أن ألقي التحية علي الحراس ومضي!
هل يملك لص المؤيد شيخ مهارة»‬العصابة» القديمة؟ أم أنه مجرد هاو أغراه الاهمال بالسرقة؟ هل هو مجرد حادث عارض؟ أم جس نبض يقوم به تشكيل عصابي، لاستطلاع ميدان نشاطه تمهيدا للعودة إلي الساحة؟ لا إجابات حاسمة طالما ظل اللص طليقا بالحشوة الخشبية الخماسية المُطعمة بالعاج، وحتي ذلك الحين تظل كل الفرضيات مطروحة.
تفريغ الكاميرات كشف فعليا شكل القائم بالسرقة، حسبما أكد لي مصدر مسئول بوزارة الآثار، لكن لم يتم التوصل إليه حتي الآن، وغالبا سيتم ضبطه، واستعادة الحشوة المنهوبة إذا كانت لاتزال معه. غير أن نهايات الأفلام البوليسية، التي تحتفي بكشف الجاني، لا تصلح وحدها كخاتمة لقصتنا، فالأمر يحتاج إلي مراجعة شاملة لأساليب الحماية وأداء الموظفين، لأن الاستهتار سيجعل القادم أكثر خطرا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.