91 عاما مضت على رحيل سعد زغلول، زعيم بيت الأمة وقائد ثورة 1919 ضد الاحتلال الإنجليزي، ولا تزال ذكراه خالدة في قلوب الملايين من عشاقه ومحبيه من جموع المصريين وليس الوفديين فقط، ممن شاهدوا وعاصروا ما قدمه من بطولات وتضحيات في الحياة السياسية. سعد زغلول.. والنحاس باشا آبى أبناء حزب الوفد، برئاسة المستشار بهاء أبو شقة، أن تمر ذكرى رحيل القطبين التاريخيين سعد زغلول ومصطفى النحاس باشا، التي حلت أول من أمس في الثالث والعشرين من أغسطس والتي تصادف ذكراهما في نفس اليوم، مرور الكرام، مستحضرين تاريخهما العريق لقراءة الفاتحة عليهما أمام الضريح، اليوم "السبت"، امتنانا وتقديرا لما قدماه وما تركاه من إرث حافل بالإنجازات والبطولات والتضحيات.
النشأة في حياة زعيم بيت الأمة ساهمت النشأة والبدايات في تكوين شخصية زعيم بيت الأمة، حيث ولد سعد في قرية إبيانة التابعة لمركز فوة سابقا "مطوبس حاليا" مديريه الغربيه سابقا "محافظة كفر الشيخ حاليا"، وكان والده رئيس مشيخة القرية وحين توفي كان عمر سعد 5 سنوات فنشأ يتيما هو وأخوه أحمد زغلول، وتلقى تعليمه في الكتاب ثم التحق بالأزهر عام 1873 أساتذة الزعيم تتلمذ زغلول على يد جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده، ثم عمل معه في الوقائع المصرية، وانتقل إلى وظيفة معاون بوزارة الداخلية لكنه فصل منها لاشتراكه في ثورة عرابي، واشتغل بالمحاماة لكن قبض عليه عام 1883 بتهمة الاشتراك في التنظيم الوطني المعروف ب »جمعية الانتقام«. ثم توظف سعد وكيلا للنيابة، وترقى حتى صار رئيساً للنيابة وحصل على رتبة الباكوية، ثم نائب قاض عام 1892، ثم حصل على ليسانس الحقوق عام 1897. وكان الراحل من المدافعين عن قاسم أمين وكتابه «تحرير المرأة»، إلى أن تم تعيينه في عام 1906 ناظراً للمعارف ثم عين في عام 1910 ناظرا للحقانية. وفي عام 1907 كان سعد أحد المساهمين في وضع حجر الأساس لإنشاء الجامعة المصرية مع كل من: محمد عبده، ومحمد فريد، وقاسم أمين، وتم إنشاء الجامعة في قصر جناكليس "الجامعة الأمريكية حاليا"، وتعيين أحمد لطفي السيد كأول رئيس لها كما ساهم سعد أيضا في تأسيس النادي الأهلي عام 1907 وتولى رئاسته في 18 يوليو 1907. وبعد الحرب العالمية الأولى تزعم المعارضة في الجمعية التشريعية التي شكلت نواة «جماعة الوفد» فيما بعد وطالبت بالاستقلال وإلغاء الحماية. مواجهة الاحتلال الإنجليزي وخطرت لسعد فكرة تشكيل الوفد المصري للدفاع عن القضية المصرية عام 1918 ضد الاحتلال الإنجليزي، حيث دعا أصحابه إلى مسجد وصيف في لقاءات سرية للتحدث، فيما كان ينبغي عمله للبحث في المسألة المصرية بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى في عام 1918. الوفد المصري، الذي ضم سعد زغلول وعبد العزيز فهمي وعلي شعراوي وآخرين، أطلقوا على أنفسهم الوفد المصري، وقد جمعوا توقيعات من أصحاب الشأن وذلك بقصد إثبات صفتهم التمثيلية. نفي إلى جزيرة مالطة ثم اعتقل زعيم بيت الأمة، ونفي إلى جزيرة مالطة في البحر المتوسط هو ومجموعة من رفاقه في 8 مارس 1919. لحظة انفجار الثورة انفجرت الثورة التي كانت من أقوى عوامل زعامة سعد زغلول، واضطرت إنجلترا إلي عزل الحاكم البريطاني، وأفرج الإنجليز عن سعد زغلول وزملائه وعادوا من المنفى إلى مصر، وسمحت إنجلترا للوفد المصري برئاسة سعد زغلول بالسفر إلى مؤتمر الصلح في باريس ليعرض عليه قضية استقلال مصر. نفي سعد زغلول المرة الثانية لم يستجب أعضاء مؤتمر الصلح بباريس لمطالب الوفد المصري فعاد المصريون إلى الثورة وازداد حماسهم، وقاطع الشعب البضائع الإنجليزية، فألقى الإنجليز القبض على سعد زغلول مرة أخرى، ونفوه مرة أخرى إلى جزيرة سيشل في المحيط الهندي، فازدادت الثورة اشتعالا، وحاولت إنجلترا القضاء على الثورة بالقوة، ولكنها فشلت مرة أخرى. عاد من المنفى وقام بتأسيس حزب الوفد المصري ودخل الانتخابات البرلمانية عام 1923م ونجح فيها حزب الوفد باكتساح ثم تولى رئاسة الوزراء من عام 1923م واستمر حتى عام 1924م حيث تمت حادثة اغتيال السير لي ستاك قائد الجيش المصري وحاكم السودان والتي اتخذتها سلطات الاحتلال البريطاني ذريعة للضغط على الحكومة المصرية. ووجه اللورد اللنبي إنذارا لوزارة سعد زغلول يطالب فيه أن تقدم الحكومة المصرية اعتذارا عن هذه الجريمة، وكذلك تقديم مرتكبي هذه الجريمة والمحرضين عليها للمحاكمة والعقاب، بالإضافة إلى تقديم تعويض مقداره نصف مليون جنيه استيرليني للحكومة البريطانية، وكذلك أن تسحب القوات المصرية من السودان، وأن تقوم بزيادة مساحة الأراضي المزروعة قطنا في السودان. كان الإنجليز يهدفون من هذا الإنذار إلى إبعاد مصر عن السودان لتنفرد بها بريطانيا ووضع السودان ومصر في تنافس اقتصادي حول محصول القطن وظهور إنجلترا بمظهر المدافع عن مصالح السودان إزاء مصر. وافق سعد زغلول على النقاط الثلاث الأولى ورفض الرابعة. فقامت القوات الإنجليزية بإجلاء وحدات الجيش المصري بالقوة من السودان، فتقدم سعد زغلول باستقالته. وقام الملك فؤاد بتكليف زيور باشا برئاسة الوزارة كما قام بحل البرلمان، ولكن نواب البرلمان اجتمعوا خارج البرلمان وقرروا التمسك بسعد زغلول في رئاسة الوزراء، فقامت الحكومة البريطانية بإرسال قطع بحرية عسكرية قبالة شواطئ الإسكندرية في مظاهرة تهديدية، لذلك قرر سعد زغلول التخلي عن فكرة رئاسة الوزراء حتى لا يعرض مصر لنكبة أخرى مثل ما حدث عام 1882م. وتم قبول استقالته في 24 نوفمبر سنة 1924، وخاض صراعًا مع الملك فؤاد وأحزاب الأقلية المتعاونة مع الملك دفاعا عن الدستور، وتوج كفاحه بفوز حزب الوفد بالأغلبية البرلمانية مرة ثانية عام 1927، وانتخب سعد رئيسًا لمجلس النواب حتى وفاته عام 1927م. وفاة سعد زغلول وبعد مشوار حافل بالمعارك والتضحيات، توفي سعد زغلول في 23 أغسطس 1927، ودفن في ضريح سعد المعروف ببيت الأمة الذي شيد عام 1931 ليدفن فيه زعيم أمة وقائد ثورة ضد الاحتلال الإنجليزي. الإنجليزي (ثورة 1919). حكومة النحاس باشا وفي يوم 23 أغسطس عام 1927 اجتمعت الوزارة الجديدة في ذلك الوقت برئاسة عبد الخالق باشا ثروت، وقررت تخليد ذكرى الزعيم سعد زغلول وبناء ضريح ضخم يضم جثمانه على أن تتحمل الحكومة جميع النفقات. وفي عام 1936 تشكلت حكومة الوفد برئاسة مصطفى باشا النحاس وطلبت أم المصريين نقل جثمان سعد باشا إلى ضريحه بشارع الفلكي والذي يطل عليه بيت، وحدد النحاس باشا يوم 19 يونيو عام 1936 للاحتفال بنقل رفات زعيم الأمة بعد أن ظل في مقبرة الإمام الشافعي تسعة أعوام تقريبا. النحاس.. ودوره في ثورة 1919 علي خطى أستاذه الراحل سعد زغلول ألتحق مصطفى باشا النحاس بمدرسة الحقوق وتخرج منها عام 1900م ، فرفض العمل بسلك النيابة وظل يعمل في المحاماة حتي عام 1903، وعندما عرض عبد الخالق باشا ثروت عليه العمل بالقضاء ضمن وزارة حسين رشدي باشا خلال فترة توليه وزارة الحقانية، رفض النحاس هذا العرض، لكن ثروت أقنعه بقبول الوظيفة حتى قبلها. لعِب النحاس دورًا هامًا خلال ثورة 1919، فكان حينها يعمل قاضيًا بمحكمة طنطا ووكيلًا لنادي المدارس العليا، نظم مع عبد العزيز فهمي إضراب المحامين، وكذلك كان الوسيط بين لجنة الموظفين بالقاهرة واللجنة بطنطا، فكان يحمل المنشورات داخل ملابسه ويقوم بتوزيعها هو ومجموعته على أفراد الشعب، فُصل النحاس من منصبه كقاضٍ نتيجة لنشاطه السياسي، وأصبح سكرتيرًا عاماً للوفد في القاهرة حتى عاد من باريس، حيث افتتح مكتبا للمحاماة. عُرِض مشروع ملنر، ووافق عليه طائفة ملاك الأراضي الزراعية داخل الوفد الذين كانو يشكلون 83% من الوفد معلنين بأن هذا أقصى ما يمكن تحصيله. رأى سعد زغلول أن هذا العرض غير مناسب بعد الثورة، لذا كتب سعد زعلول للنحاس وواصف وعفيفي في 22 أغسطس 1920 يعرض فيه مشروع ملنر ومشكلة الامتيازات واستمرار الحماية البريطانية. كان النحاس في هذا الوقت في القاهرة، بينما كان سعد في أوروبا وكان من المفترض أن يقوم أعضاء الوفد في القاهرة والعائدين من الخارج بعرض المشروع على الشعب بحياد للتعبير عن رأيه. تلقى النحاس رسالة سعد فما كان منه إلا أن عرض المشروع بحياد مطلق، ما يوحي بعدم تأييده لذلك دون أن يُعلن صراحةً، واقترح النحاس على الوفد بعد ذلك كتابة التحفظات التي أبداها الشعب حول المشروع، مما يعني أن المشروع غير مقبول بشكله الحالي. كما كان مسئولاً عن المعاهدة المصرية البريطانية عام 1936، إلا أنه لاحقاً ألغاها، الأمر الذي أشعل اضطرابات مضادة للإنجليز، مما أدى إلى حل وزارته في يناير، 1952 وبعد الثورة، سُجن هو زوجته، زينب الوكيل، من 1953 إلى 1954، ثم تقاعد من الحياة العامة.