لو وضعنا حسام حسن على ميزان لكان نصف وزنه إرادة والنصف الآخر تحدى.. فعليا مسيرته الكروية قضاها دفاعا عن ألوان 8 أندية، لكن انتماءه الحقيقى لنفسه ولشخصه ولتاريخه وطموحه غير المعتاد.. حسام يعشق حسام.. ويشجع حسام.. يتمنى التفوق على حسام.. يخلق التحدى لنفسه ويجتازه.. يمتلك شخصية وطبيعة مغايرة للسواد الأعظم من المصريين.. حقا لو كانت هناك نوبل فى الرياضة لاستحقها العميد عن جدارة واستحقاق! قيمة حسام حسن أنه كان لاعبا ضد قوانين الطبيعة.. حتى خلاياه رفضت الاستسلام، وتمردت على تقدم السن، وحافظت على نضارتها وساعدته ليكون معمرا فى الملاعب وقيمته وهو مدرب أنه لعب ضد قوانين البشر ومشاعرهم السلبية تجاهه.. فهو يسير عكس الاتجاه ولو لم يكن لاعبا للكرة لكان أحد أبطال ألعاب القوى فى اجتياز الحواجز والتحديات! حسام أسطورة كروية تمشى على الأرض، يسير ويترك تاريخه خلف ظهره، واحد من النماذج المصرية فى العزيمة والإرادة.. محارب لا يلين، قضى حياته فى معارك رياضية شخصية منذ كان ناشئا فى النادى الأهلى حتى الآن وهو مدرب لفريق الزمالك، ولم يفته أن يعلن عن رغبته فى تدريب منتخب مصر وعن أحقيته فيه حتى فى عز توهج حسن شحاتة على عكس كل المصريين تقريبا وطبيعتهم، يعلن عن طموحه دون مواربة، أو خوف من انتقاد، يعلم أن صراحته تفتح عليه أبواب الهجوم التى اعتادها ويقبلها بصدر شجاع.. ويعلم ويثق أنها ستأتيه طالما أرادها! حسام هداف بدرجة قدير جدا، مهاجم قناص، يمتلك القدرة على التسجيل من زوايا صعبة، ومن أنصاف الفرص، يمتلك إرادة حديدية جعلته يتغلب على صعوبات كثيرة، بدءا من مستوى معيشته الرقيقة لأسرة كبيرة بضاحية حلوان.. توقفت عند حسام وتوءمه إبراهيم اللذين ولدا فى 10 أغسطس 1966 ، بدأ مسيرته مع شقيقه لاعبا فى ناشئي الأهلى، ليرى أضواء الفريق الأول عام 1985 واستمر فيه حتى 1990 ، شارك فى أثناء تلك الفترة فى 81 مبارة سجل 34 هدفا ومنه انتقل إلى نادى نيوشتال السويسرى ولعب 11 مباراة وسجل 7 أهداف ثم عاد من تجربته الاحترافية القصيرة إلى ناديه الأصلى الأهلى ولعب معه حتى عام 1999 وشارك معه فى 143 مباراة ومنه إلى العين الإماراتى بعد أن تدهورت علاقته مع القلعة الحمراء بسبب راينر تسوبيل وثابت البطل ولم يتصور أحد أن يخلع الفانلة الحمراء وينضم إلى القلعة البيضاء. الكل تصور أنه مشهد النهاية لحسام حسن لكنه فى الموسم الأول لناديه الجديد حقق بطولة الدورى وخلال 4 سنوات قضاها بالقلعة البيضاء حقق فيها الكثير وأصبح تميمة الحظ، ونقل من روحه الوثابة إلى زملائه ليدب فيهم من جديد نبض البطولات! (حسام) صاحب بصمة لا تخطئها العيون، يرفض أن يكون مجرد اسم، أو رقم فى معادلة، بل يظل وحده الرقم الصعب الذى يستعصى على الجميع تحطيمه، فهو لا يدخل إلا بأدوار البطولة، يريد أن يكون عنصرا فاعلا قويا قادرا على العطاء، ولا يعرف المجاملات ولا يطلبها من أحد! عندما ضمه (شحاتة) لقائمة المنتخب الوطنى فى أمم 2006 لأسباب معنوية، رفض النجم الكبير وتمسك بحقه فى اللعب وتقييمه طبقا لما يقدمه من جهد وعطاء، وطالما أن الفرص تساوت، والفيصل هو الجهد والعطاء، فإن (حسام) الفائز دائما! تاريخ طويل اعتاد فيه حسام على مثل تلك الاختبارات والمواجهات الصعبة، ولا أحد يعرف لماذا يحظى حسام بشعبية جماهيرية طاغية، ولا يزال حقه مهضوما إعلاميا، ويحارب ممن سبقوه ومن زاملوه، ومن جاءوا بعده.. سوى أنها غيرة فاضحة لإنجازات رجل المستحيل ! تقريبا كل إنجازات الكرة المصرية من النصف الثانى للثمانينيات وحتى منتصف العقد الأول من القرن الجديد لحسام حسن صفحات فيه بجهده، فتاريخ العميد يستحق الدراسة، فمسيرته الدولية مع المنتخب الوطنى بدأت منذ عام .1985 وعندما ضرب رقما لم يقدر عليه غيره فى بطولة قارية بأن يشارك فى بطولتين لكأس الأمم الأفريقية بفارق زمنى بينهما 20 عاما ! لعب حسام 170 مباراة دولية سجل فيها 83 هدفا، أهمها على الإطلاق هدف التأهل لكأس العالم 1990 فى مرمى منتخب الجزائر، وكان أحدها فى الكونغو الديمقراطية فى بطولة أمم أفريقيا 2006 ، وفى عام 2001 وقبل انطلاق مباراة منتخب مصر مع نظيره السنغالى فى تصفيات كأس العالم 2002 نزل جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولى لكرة القدم برفقة عيسى حياتو إلى أرضية الملعب فى استاد القاهرة وقلد حسام حسن شارة عميد لاعبى العالم وسط حفاوة هائلة من زملائه فى المنتخب ومن لاعبى السنغال ! (حسام) وتوءمه (إبراهيم) سبقا الجميع فى الاكتواء بنار الجزائريين، لهما سوابق حوادث معهم سواء فى مباراة عنابة أو وقت أحداث فريق المصرى البورسعيدى أمام نظيره شبيبة بجايةالجزائرى فى إياب الدور قبل النهائى لبطولة شمال أفريقيا للأندية حيث تعرضا للاعتداء والاستفزاز وسخافات وسفالات الجماهير الجزائرية ضدهما.. عندما ردا العدوان الجزائرى، كنا أول من اتهمهما بسوء الأخلاق، وساعدنا فى توقيع عقوبة عليهما لا يزال يعانى منها إبراهيم حتى الآن ! والآن وبعد أحداث الجزائر،اكتشفنا كم من الظلم تعرضا له، وشنت ضدهما حملات هجومية.. ولم يبلغهما منا أى اعتذار ! ( حسام ) الذى انتقل من تحدى لعب كرة القدم إلى حقل التدريب مباشرة فور اعتزاله حيث قاد النادى المصرى البورسعيدى من النصف الثانى من الدورى المصرى 2007-2008 إذ تمكن المصرى بقيادة حسام من البقاء بالدورى المصرى بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من الهبوط إلى الدرجة الثانية! وفى موسم 2008/2009 بدأ الفريق فى التألق تحت القيادة الفنية لحسام حسن واستطاع الفوز على الاتحاد فى الإسكندرية، ثم على الأهلى بطل الدورى فى بورسعيد فى أول جولتين من الدورى الممتاز، ثم لاقى هزيمتين متتاليتين دفعته للاستقالة من منصبه بداعى أن الحكام يناصبونه العداء على حد تعبير العميد، إلا أن جلسة ودية جمعته مع الراحل سيد متولى دفعته للتراجع عن الاستقالة! وأخيرا ودع حسام سنة 2008 بإقالته من تدريب النادى المصرى بعد أحداث مباراة شباب بجايةالجزائرى والتى تعدى فيها الجمهور الجزائرى على حسام وتوءمه! بعدها شغل منصب المدير الفنى لفريق المصرية للاتصالات بعد تأزم موقف الفريق فى الدورى وظل ينافس على البقاء حتى الأسبوع الأخير، ولكن الفريق هبط فى النهاية إلى دورى الدرجة الثانية وهبط معه حسام لمدة قبل أن يعلن استقالته، حيث لايرضى طموحه أن يبتعد عن دورى الأضواء والشهرة! وكانت المفاجأة تعيينه مديرا فنيا لنادى الزمالك ليكون الأصغر من المدربين المصريين فى تولى هذه المهمة الشاقة لناد يترنح فقد 19 نقطة فى عشر مباريات مقابل 60 ألف جنيه شهريا، ليحقق بتوليه المسئولية الفنية للقلعة البيضاء حلمها وأمنيتها بمجىء حسام حسن، ليس لتاريخه المحدود فى عالم التدريب، ولكن لأن حسام يستطيع إثارة حماس اللاعبين والقضاء على حالة اللامبالاة عندهم وإعادة الروح فيهم وإلهاب حماسهم وتحويلهم إلى مقاتلين فى الملعب.. فمن يشاهده على الخط يدرك أنه اللاعب رقم 12 ولو يسمح له بالنزول لأرض الملعب لفعلها، وكان وحده أفضل من فريق بأكمله!