من الأخبار المضحكة المبكية التى نشرتها الصحف مؤخرا نفى الرئيس التنفيذى للشركة المصرية للاتصالات أنه لا يتقاضى 6 ملايين جنيه راتبا شهريا وأن راتبه لا يقترب من المليون جنيه! ولا أنتقد هنا شخصا بعينه، بل أنتقد النظام الذى أوجد كل هذا التفاوت فى الأجور بين العاملين فى الدولة الذى انتشر على مستوى الشركات القابضة والبنوك وغيرها، هذا التفاوت الرهيب فى الأجور أدى إلى إدراج مصر فى عام 2009 ولأول مرة منذ عدة سنوات ضمن الدول المنتهكة لحقوق العاملين.. وطالبوا بوضع حد أدنى للأجور لا يقل عن 1200 جنيه لمواجهة الانفلات فى الأسعار، فقد شهدت مصر فى الأعوام القليلة الماضية المئات من الاعتصامات والإضرابات والوقفات الاحتجاجية التى شهدها رصيف مجلس الشعب لفترات طويلة، مما أدى إلى صدور حكم محكمة القضاء الإدارى بإلزام الحكومة بوضع حد أدنى للأجور يضمن للعامل حياة كريمة ويكون بمثابة قبلة الحياة وبارقة أمل نحو مستقبل أفضل، كما أعد د. سمير رضوان وزير المالية السابق دراسة قبل ثورة يناير تقول إن سياسة الأجور المتبعة فى مصر تفتقر إلى العدالة وأن الفرق بين متوسط أقل وأعلى أجر فى الجهاز الحكومى وصل إلى ثلاثين ضعفا. هذه الفجوة فى الأجور أدت على مر العقود إلى انتشار النفاق والتدليس وتملق المسئولين فلم يعد إتقان العمل هو السبيل للوصول للقمة. كما أدى غياب العدالة الاجتماعية وسوء توزيع الثروة إلى تدمير الحياة الاجتماعية فى مصر وانتشار الحقد والكراهية والجريمة والكثير من السلوكيات السلبية التى نراها اليوم.. وكلنا لا ننسى العصر الذهبى للعدالة الاجتماعية أيام الرئيس جمال عبدالناصر - يرحمه الله - الذى كان يرتدى البدلة الكتان من إنتاج شركة المحلة الكبرى فى جميع زياراته ولقاءاته، وكان الشعب يعيش مستقرا يشعر بالمساواة والعدل، فقد آن الأوان لإعادة النظر فى سياسة الأجور فى مصر بصورة جدية ووضع حد أدنى وحد أقصى للأجور بما يتماشى مع الظروف الاجتماعية وفكر الثورة الجديد الساعى لتحقيق العدالة بين أفراد الشعب.