تعيينات حكومية للمهندسين.. وظائف وزارة النقل في انتظارك    محافظ أسوان يهنئ الرئيس بالذكرى الثانية عشرة لثورة 30 يونيو المجيدة    البورصة المصرية تخسر 10.3 مليار جنيه في ختام تعاملات الاثنين    النائب أحمد الشرقاوي يرفض تعديلات الإيجار القديم: الأمن السكني يجب أن يكون أولوية    تموين الأقصر: لا زيادة في أسعار السجائر حتى نوفمبر.. والمواطنون: القرار زوّد الأزمة    كونتكت تحصل على رخصة التكنولوجيا المالية    ارتفاع شهداء القصف الإسرائيلي على غزة منذ فجر اليوم إلى 48    حصيلة ضحايا الحرب على غزة تتجاوز 200 ألف شهيد وجريح    خارجية قطر: مستمرون في الضغط للفصل بين المفاوضات ودخول المساعدات إلى غزة    وزير الخارجية الإسرائيلي: لن نتنازل عن سيادتنا على الجولان    القبض على 3 متهمين باحتجاز عامل داخل مخبز في حلوان    يزعُم العلاج الروحاني.. ضبط دجال بالإسكندرية بتهمة النصب على المواطنين    عجيبة للبترول تضيف 5.3 مليون برميل مكافئ إلى احتياطاتها    محافظ الدقهلية يتابع حالة النظافة خلال جولة بمدينة المنصورة    الرئيس السيسي: ثورة يونيو ملحمة وطنية أعادت الدولة لمسارها الصحيح    بأنشطة تفاعلية وتكريم للمتفوقين.. طلاب العلاج الطبيعي بجامعة قناة السويس يحتفلون بنهاية العام    تنسيق الثانوية العامة في الجيزة لطلاب الشهادة الإعدادية 2025 (صناعي وفني وتجاري وزراعي)    في ذكرى 30 يونيو.. تكريم أسر الشهداء بقصر ثقافة القناطر الخيرية بحضور محافظي القليوبية والقاهرة    طهران: العثور على حطام طائرة مسيرة إسرائيلية فى محافظة لرستان غرب إيران    السيسي: مصر تبذل أقصى جهودها لدعم الأمن والاستقرار في ليبيا    ترامب: لا أعرض شيئا على إيران.. وطهران: تغير مواقفه بشأن العقوبات «ألاعيب» (تقرير)    نسعى لتوسيع الشراكة مع مركز الملك سلمان.. وزير الصحة: مصر بوابة العمل الإنساني العربي    «نحترم الجميع ولكن!».. عمر مرموش يتحدث عن مواجهة الهلال ومانشستر سيتي    مرموش يتحدث عن تحديات مانشستر سيتي في كأس العالم للأندية قبل مواجهة الهلال السعودي    محمود الشناوى يستفسر عن مصيره فى الزمالك.. اعرف التفاصيل    الأهلي يضع 3 سيناريوهات للخروج الآمن من أزمة رحيل وسام أبو علي    بعد رفض الإمارات.. شوبير يفجّر مفاجأة بشأن مكان السوبر المصري    السفير المصري بالمجر يزور بعثة الخماسي الحديث ويحتفل معهم بالإنجاز العالمي    بعد اتهامه بالهروب من معسكر الفريق.. أسد الحملاوى يرد على شلاسك البولندى (فيديو)    أسعار الخضروات اليوم الاثنين 30 يونيو 2025 في أسواق الأقصر    بعد زيادة المعاشات.. تعرف على أماكن ماكينات صرف المعاش في مطروح    نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 في محافظة قنا الترم الثاني بنسبة 68%.. استعلم الآن    طقس شديد الحرارة على شمال سيناء اليوم الاثنين    المتهم بإنهاء حياة شقيقه في إمبابة: "ما كنش قصدي أقتله"    ضبط 54.7 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    إصابة شاب بطلق نارى وحريق توك توك في مشاجرتين بسوهاج    عرض سائق السيارة المتسبب فى حادث الطريق الإقليمى بالمنوفية لتجديد حبسه    سامح مهران يلقي كلمة اليوم العربي للمسرح 2026    ذكرى ثورة 30 يونيو| الفن بين التوعية والتوثيق.. السينما ميدان المواجهة والوعي    آسر ياسين يكشف تفاصيل ارتباطه بزوجته: «حماتي قالت عليا بتهته في الكلام»    فات الميعاد الحلقة 13.. أسماء أبو اليزيد تكسب قضيتها ضد أحمد مجدى    مملكة الحرير الحلقة 1.. مقتل الملك نور الدين على يد شقيقه وهروب ابنيه    حكم صيام يوم عاشوراء وفضله العظيم وعلاقته بتكفير الكبائر    جمال ما لم يكتمل.. حين يكون النقص حياة    ما هى صلاة الغفلة؟ وما حكمها؟ وما وقتها؟ وما عدد ركعاتها؟    وزير الصحة: 300 مستشفى تستقبل مصابي غزة للعلاج في مصر وأوجه الشكر للأطقم الطبية    «الرعاية الصحية» تٌقر انطلاق المرحلة الثانية للتأمين الشامل من مطروح سبتمبر المقبل وتعتمد قرارات جديدة    وزارة الصحة تعلن حصول 22 منشأة رعاية أولية على الاعتماد    5 نصائح ذهبية تحميك من ضربات الشمس في الطقس الحار وتبقيك منتعشًا طوال الصيف    نجاح فريق طبى بمستشفى العجوزة التخصصى فى إجراء أول قسطرة مخية لمريض    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 38-6-2025 في محافظة قنا    سر تصدر آسر ياسين للتريند.. تفاصيل    الصور الأولى من عقد قران حفيد الزعيم عادل إمام    مجدي الجلاد: الهندسة الانتخابية الحالية تمنع ظهور أحزاب معارضة قوية    قناة الأهلي تكشف حقيقة العروض الأوروبية لزيزو    مرصد الأزهر يحذر الطلاب من الاستسلام للأفكار السلبية خلال الامتحانات: حياتكم غالية    4 أبراج «سابقة عصرها»: مبتكرون يفكرون خارج الصندوق وشغوفون بالمغامرة والاكتشاف    ما هو حق الطريق؟.. أسامة الجندي يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سكرتير طه حسين يتكلم في فنزويلا: درس شافيز لراكبي ثورة 52يناير

الذين اقتربوا من الدكتور طه حسين منذ منتصف القرن الماضي وحتي رحيله يعرفون هذا الرجل، هو سامي عبيد السكرتير الخاص للدكتور طه حسين بعد أن تركه سكرتيره العتيد «فريد شحاتة»، لكن كان «سامي عبدالحميد عبيد» سكرتيرا علي غير هوي السيدة سوزان طه حسين، حتي ترك العمل مع الدكتور طه وابتدأ رحلة الهجرة من مصر حتي استقر في فنزويلا عاملا مترجما خاصا لرئيس الجمهورية، إلي جانب وظائف أخري متقلدا أرفع الأوسمة في فنزويلا باعتباره مواطنا يحمل الجنسية الفنزويلية. عبيد قال لنا: لقد تزوجت من السيدة «عايدة هيريرة» وهي بالمناسبة ليست عربية، لكن اسم «عايدة» شائع ومألوف في أمريكا اللاتينية، وكانت تعمل أستاذة للكيمياء العضوية بجامعة فنزويلا المركزية، وأقنعتني بالسفر إلي فنزويلا .
وأقمت معهم بمنزلهم حتي وجدت عملا عن طريق الصديق «فتحي الشاذلي» سكرتير ثاني السفارة، ولم أكن أعرفه من قبل، لكنه كان ذا طبيعة فريدة خدومة، ولقد ترقي بالسلك الدبلوماسي حتي أصبح سفيرا لمصر بالمملكة السعودية، وبعد ذلك عمل مساعدا لوزيرة التعاون الدولي فايزة أبوالنجا حتي تقاعد عن العمل.
ولقد وجد لي عملا كمدير للبرامج العربية للإذاعة الرسمية الفنزويلية.. حيث كانت فنزويلا تهتم بعلاقاتها بشعوب الدول العربية خاصة الدول البترولية.. ولقد سهل لي عملي بالإذاعة الرسمية الحصول علي الجنسية الفنزويلية.
ومن خلال عملي بالإذاعة استدعيت للعمل مترجما لرئيس الجمهورية الفنزويلي «كارلوس أندريز» وكان يظهر لي المودة الشديدة.. ولقد عملت مترجما له منذ عام 1976 وحتي تركه للحكم في عام .1985 حيث عمل الرئيس لمدتين متتاليتين، وفي هذه الفترة ترجمت بينه وبين العديد من الشخصيات العربية الزائرة لفنزويلا، ثم جاء بعده الرئيس «لويس هيريرا» الذي قمت بالترجمة بينه وبين أمير الكويت الشيخ «جابر الصباح» الذي حضر لفنزويلا ليطلب دعمها للكويت أثناء الغزو العراقي.
وكان جابر الصباح يلح في الطلب من رئيس فنزويلا علي العمل علي طرد العراق من منظمة «الأوبيك».. وكان هذا الطلب يتضمن رد الجميل من خلال تصدير مشتقات بترول مصنعة وفق تكنولوجيا متقدمة لم تكن وصلت فنزويلا بعد.
ولأنني أجيد الألمانية والإسبانية والإنجليزية، لذلك فقد عملت مع الرؤساء الأربعة الذين تولوا السلطة خلال تواجدي في فنزويلا، وهم بالترتيب: «كارلوس أندريز» و«رفائيل كالديرا» و«لويس هيريرا» ثم «شافيز»، الذي فضل مترجما لبنانيا وإن كانت تتم الاستعانة بي في بعض المناسبات .
؟ سألناه : هل الدبلوماسية المصرية فاعلة في فنزويلا.. وهل ترجمت في لقاءات رسمية مصرية - فنزويلية؟
- فقال : العالم العربي يحظي باهتمام فنزويلا، لكن فنزويلا لا تحظي باهتمام العالم العربي، علي الرغم من أن مساحة التنسيق والتعاون سوف تعود بكل النفع علي العالمين، فكما كان التنسيق ومنذ عام 1947 مفيدا فسوف يكون مفيدا الآن، لقد كانت فترة الرئيس مبارك فترة ضمور للعلاقات الدبلوماسية بين مصر والعديد من الكيانات الدولية المؤثرة.. لقد سقطت فنزويلا تقريبا من الدبلوماسية المصرية الحالية، وربما لأن «هوجو شافيز» لم يكن معجبا أبدا بالرئيس مبارك.. ويمكن القول أيضا إنه بالنسبة لمبارك فقد كان «شافيز دمه تقيل».
ورغم ذلك فقد كان الباب مفتوحا دائما للمصريين، وهنا أقول باختصار إن التاريخ الفرعوني يدرس ضمن مناهج التربية والتعليم في فنزويلا.. كما أن فترة عبدالناصر المزدهرة قبل يونيو 67 حاضرة في أذهان شعوب أمريكا اللاتينية.. وهي فترة مد وتأثير للوطنية المصرية والعربية يمكن البناء عليها الآن.
أما الشخصية السياسية البارزة في عهد الرئيس السادات والتي زارت فنزويلا كان أحد مساعدي وزير الخارجية المصري، وعلي إثر هذه الزيارة تم تأسيس «جمعية الصداقة المصرية - الفنزويلية» قارن هذا بما فعلته زيارة واحدة لفرقة «رضا للفنون الشعبية» وكانت هذه الزيارة في عهد السفير المصري في فنزويلا «إبراهيم السكري»، وكنت المترجم لأفراد الفرقة، لقد نزلت الفرقة في فندق «تماناكو» وهو أوتيل عالمي ولاقت الفرقة حفاوة تفوق الوصف وأذيعت جميع الحفلات بالتليفزيون الفنزويلي، وكان مقدم الحفلات للجمهور مذيعا شهيرا وله مسرح باسمه «أمادور بن ديان» وهو يهودي مغربي.
لقد كانت «فريدة فهمي» سفيرة لكل القلوب.. أحب الجميع هنا فنها.
لقد صنعت هذه الزيارة ما عجزت السفارة المصرية عن صنعه في سنوات، وأنا هنا أذكر مثلا: أن السفير المصري «عيسي سراج الدين» أيقظني فجرا عقب الإعلان عن اغتيال الرئيس أنور السادات في 6 أكتوبر 1981،لكي أترجم له ما يقول حول حقيقة الأوضاع في الدولة المصرية عقب الحادث، وكان ذلك في مؤتمر صحفي بمقر السفارة، ولقد كان غير قادر علي شرح ما حدث ولماذا حدث!
لم تكن لديه معلومات ولا تبريرات! لقد ضاع رأس الدولة ولم يكن لدينا ما نعلنه ونحن نشرح لماذا استشهد الرجل.. علي يد قواته المسلحة!
إن فنزويلا وغيرها من مجتمعات أمريكا اللاتينية لا تحتاج كثيرا من المجهود لكي تتقبل سياستنا، وأنا هنا أذكر مثلا آخر.. فلقد أتي الدكتور «حمدي البمبي» وزير البترول لحضور مؤتمر الطاقة العالمي، ولقد رافقته لمدة أسبوع كامل، وكان يحظي بسمعة طيبة، فلقد نسب إليه اختراع جهاز حفر لآبار البترول يعمل بكفاءة عالية، وكانت فنزويلا شديدة الاهتمام بهذا الشأن.
كان الدكتور «البمبي» في زيارة واحدة فاعلا وناجزا لكثير من الأمور التي تهم المصريين والعرب، ولنلاحظ الفرق بين ما حدث في مجتمعات أمريكا اللاتينية عند وفاة عبدالناصر، فلقد تم إجراء تأبين له في مجلس النواب الفنزويلي عند وفاته وبين فترة بداية الانكماش عن أمريكا اللاتينية في عهد السادات وفي عهد مبارك.. فلم يتقبل الشعب في فنزويلا والجاليات العربية والمسلمة بها زيارة الرئيس السادات للقدس، وكان حادث اغتياله غير مكترث له.
؟ إن الأنظمة السياسية تتعلم أو تنهار، والشعوب تتعلم من تجارب الآخرين أو تتخلف عن ركب الحياة، ما الذي يمكن أن نتأمله من تجربة الحياة السياسية في فنزويلا خاصة بعد ثورة يناير؟
الشعب الفنزويلي أجاد استغلال فرصه المواتية وغير المواتية، بينما نحن أضعنا حتي فرصنا المواتية، بل أقول أهدرناها بحماقة.. ماذا صنعت فنزويلا بتواجد البترول علي أراضيها؟ وماذا صنعنا نحن بتواجد «الغاز» في أراضينا؟!
فنزويلا منذ بداية الأربعينيات من القرن الماضي وهي تحاول تأسيس منظمة لمنتجي البترول حتي تم تأسيسها فعلا في عام .1960 ونحن بددنا كميات هائلة من الغاز المصري باتفاقيات مرت بالحيلة علي الشعب المصري حتي وقعت وانهارت هذه الاتفاقيات بانهيار حكم مبارك.. ولكن أثر هذه الاتفاقيات من تصدير الغاز المصري للغير مازال قائما ولا يدري أحد كيف يمكن رفع هذا الجور عن الشعب المصري ولا ما هو مقدار الجهد والاجتهاد اللازم لفعل ذلك.
انظر كيف تصرف المفكرون والوزراء في فنزويلا وماذا صنع الحكام والبرلمانيون والقانويون في مصر من أجل «غبن» مصر والمصريين؟!
كان وزير المناجم والطاقة الفنزويلي «خوان بابلو بيريز ألفونسو» هو صاحب فكرة تأسيس منظمة «الأوبك» وذلك تأسيسا علي فكرة أن البترول هو سلعة قابلة للنفاد، لذا فإن البلاد المنتجة لها حقوق في سلعة غير قابلة للتجدد، وأن البترول لابد أن يكون هو الفرصة لبناء قاعدة التنمية خلال فترة وجوده المحدودة، ولقد تنامت هذه الأفكار حتي تبلور ما عرف بشعار «زراعة البترول»، وهو ما يعني الاستفادة من العائد البترولي في تأسيس قاعدة اقتصادية تحل محل البترول حال نفاده، كل هذا رغم أن احتياطي البترول في فنزويلا مقدر له أن يستمر لأكثر من ثلاثمائة عام.
لقد أفلح أهل السياسة في فنزويلا في خلق نموذج يخرج بعيدا عن سيطرة مخابرات شركات البترول الأمريكية، وهو الأمر الذي وقعت فيه العديد من دول البترول العربية، كما أن صياغة التوازن بين حق المستهلك الذي يستطيع الحصول علي طلباته من بلد منتج آخر وبين حق الدولة المنتجة التي إذا نضب البترول تكون مكشوفة بالكامل أمام مواجهة أحكام الطبيعة الإلهية، وبالتالي تعجز عن مواجهة احتياجات مواطنيها.. كانت هذه العلاقة المتوازنة نتاج سياسة فنزويلا منذ سعت وأسست منظمة «الأوبك».
النموذج المعاصر الذي يمكن استلهامه من تجربة الحياة في فنزويلا هو أن الديمقراطية هي أمان للوطن وأمان أيضا للحاكم في ذات الوقت، فالرئيس الفنزويلي «هوجو شافيز» وخلال مدة حكمه الأولي فقد استجاب لطلب المعارضة ونزل علي رغبتها وأجري استفتاء شعبيا علي نظام حكمه، ولقد فاز «شافيز» في هذا الاستفتاء بأمرين: الأول وهو تأكيد الشعبية الداعمة لنظام حكمه، الأمر الثاني هو ارتفاع شعبيته هو شخصيا فبعد أن كانت نسبة قبوله لدي مواطنيه هي 60% فقد ارتفعت بعد هذا الاستفتاء إلي نسبة 75%.
وهذا هو الدرس الثاني الذي يمكن أن نتعلمه من هذا البلد الواقع وسط أتون أمريكا اللاتينية، والغلاية الكبري التي تسلق فيها الإدارة الأمريكية أيا كانت طبيعتها «جمهورية - أو ديمقراطية». الشعوب والأنظمة التي تنتمي إلي دول العالم الناهض.؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.