الإعلام الكروي الفضائي يحتاج حصريا إلي جمعة تأديب وتهذيب وإصلاح وثورة شاملة لإنقاذ الكرة المصرية وسمعتها من مستنقع التعصب الأعمي ولإعادة الانضباط للشارع الكروي وعودة الروح الرياضية للملاعب وإبعاد الرعاة الرسميين للتطرف ودعاة الإرهاب الرياضي. الخطورة أنه يخترق البيوت دونما تمييز أو اختيار ويساهم بالتالي في إشعال الحرائق وتغذية روح العنف والتطرف بين الجماهير العاشقة للكرة والمتحمسة لفريقها، وهذا تقريبا حصيلة ما حدث خلال موسم كروي شاق ومتقلب تحكم في إيقاعه أصحاب المصالح الخاصة. جماهير الكرة المصرية - باستثناء قلة منهم - رغم الانفلات الإعلامي وغلبة روح الابتزاز والمتاجرة في البرامج الرياضية واستوديوهات التحليل كانوا أكبر من محاولات الوقيعة ووقائع التسخين من أسماء لا تعرف الحياد قبل الثورة ووسط الأحداث المصيرية الصعبة ليس لها مثيل في تاريخ مصر بعد الثورة. عباقرة التحليل والتحيز مارسوا طوال الموسم أدوارا تمثيلية مشبوهة لتسميم الشارع الكروي بآراء سوفسطائية وتحليلات مفتعلة ومكشوفة والخطير أن بعضهم لم يكتف بتضليل الملاعب، بل تعمد الإساءة والسخرية من ثورة مصر وأبنائها الأحرار سبقتها وقائع مؤسفة تجاوزت الخطوط الحمراء وكلها سوابق تستوجب وقفة قبل بداية الموسم.. هذه الوقفة لابد أن تكون نابعة من داخل هؤلاء المحللين أولا ومن أصحاب المحطات الفضائية بعد أن نسفت الثورة المصرية كل القيود ورفعت من سقف الحرية المسئولة ولن نعود للوراء أبدا بعد الآن. خريطة الشغب خريطة مثيري الشغب الرياضي تتوزع ما بين مدحت شلبي وخالد الغندور وبينهما علاء صادق، ولكل محلل منهم أجنداته الخاصة وأهدافه. الأول «مدعي الحياد» رغم بدايته الكروية المتزنة والتزامه بقواعد وأصول الحياد كمعلق، لكنه خرج فجأة عن المألوف معتمدا علي نظرية «بيبو وبشير» بعد تصدره شاشة «مودرن» وحمل ملفات ساخنة لمجرد ترويع الأمن الكروي فخاض معارك غير كروية مع «التوأم حسن» وشيكابالا شهدت حالات شد وجذب غير عادية علي طريقة «عنتر ولبلب» تخللتها معارك مع زملاء المهنة المنافسين له علي الشاشة صدرها للمشاهدين ختمها قبل الثورة بنكتة جنسية أثارت سخط الجميع، ثم السخرية من الثوار ومحرري الوطن من العبودية ناسفا الشعار الذي يضعه علي الشاشة بمطالب الثوار، ولمدحت شلبي قدرة فائقة علي تطبيق مبادئ السوفسطائيين وإثبات الرأي ونقيضه في آن واحد علي مذبحة الحياد! بندق والمذاهب النفعية أما خالد الغندور دون أن يدري فحمل سلاحه للتصدي لأصحاب الآراء المتلونة والمذاهب النفعية، لكنه اندفع معهم في خنادق الانحياز حتي اتهمه البعض بالدفاع عن ناديه «الزمالك» وعن مصالحه فقط. «بندق» كان محقا في بعض معاركه ضد الفساد الرياضي وقراصنة البيزنس، ونجح في فتح الأبواب المغلقة في اتحاد الكرة والتي تعمد «شلبي» تحييدها بمبدأ «العيش والملح» لكونه أحد رجال نظام الجبلاية المريب هذه المعركة تحديدا دفعته للدخول في صدام عنيف مع مجدي عبدالغني تحت شعار «القزم والمقشة» ودفع الجمهور فاتورة مشاكل لا تعنيهم في شيء، خالد الغندور تصدي أيضا لظاهرة الفساد التحكيمي بجرأة مستشهدا بخبراء التحكيم وبخبث شديد خرج منها منتصرا ومحتفظا بالحياد المسموح به ساعده علي ذلك حنكة زميله في البرنامج وهو الصحفي أسامة خليل الذي كان رمانة الميزان لمناورات «بندق» الجريئة و الحادة والصادمة أحيانا! عقدة الراية والصفارة بين شلبي وبندق يقف علاء صادق الذي يراهن دائما علي أخطاء التحكيم ويعتبر الحكام «الحيطة المايلة» دائما ربما علي خلفية يعرفها الجميع التي تردد أنه حكم ضل الطريق.. «صادق» يميل دائما إلي إثبات الأحكام المشكوك في صحتها ضد الزمالك فلم يترك حكما لمباراة كان طرفها الزمالك إلا أشار إلي فساد التحكيم فيها .. ترويع الحكام الآمنين في رقبة صادق دائما.. وبآراء مشكوك في صحتها. الغريب في آخر جولاته التحليلية المدهشة ارتكب هو أخطاء فادحة عندما اتهم حكما بأنه معقد نفسيا من الأهلي وقال إنه عنده 70 عقدة من الأهلي وليس عقدة واحدة مطالبا الحكم في النهاية بأن يراعي الله طالبا له الهداية والرشاد والتقوي.. علاء صادق طريد المحطات الفضائية وصاحب أشهر استقالة علي الهواء وأشهر إقالة من تليفزيون الدولة يجتمع خبراء الإعلام أن محللي قنوات الأهلي أنفسهم لا يتمتعون بنفس حدته وقسوته وإسقاطاته النفسية وانحيازه غير المبرر والجمهور دائما يدفع الثمن في صورة تعصب وانفلات.. علاء صادق متهم بأنه ربما لم تصله ثورة مصر ولن تصله مادام مصرا علي رفض خلع ثوب العدالة وإصراره علي إثارة الشغب بعد هجومه علي مؤسسة «الأهرام» بتهمة انحياز أحد الصحفيين الرياضيين بها للزمالك في إسقاط مشبوه. في المنطقة الهادئة يقف المحلل والمعلق حازم الكاديكي في قناة الحياة ورغم ميوله الأهلاوية فإنه يلتزم الحياد معتمدا علي قراءة الصورة كما تحدث في الواقع دون تضخيم أو تهويل أو مبالغة فنال في موسم 2010 احترام كل الألوان المتنافسة. معارك سير وسلوك ولأنه بدأ الموسم من منتصفه أراد «أحمد شوبير» إمساك العصا من النصف ويبدو أنه بذل هذا العام مجهودا كبيرا للهروب من فخ الفتن وكمائن الانحياز ربما لاستنفاد طاقته في معارك السير والسلوك الضارية مع مرتضي منصور.. «شوبير» وبذكاء شديد أعلن الهدنة وتجنب الاشتباك المباشر سواء مع أندية أو عناصر اللعبة وبذكاء شديد رغم دخوله في معركة الإخوة الأعداء مع سمير زاهر رئيس الجبلاية لتصفية حسابات قديمة. «شلبي» و«الغندور» و«صادق» طاقات إعلامية هائلة أفسدها مناخ عام لم يفرق بين الأخضر واليابس، لكنهم لا يفصلون بين الأحمر والأبيض فيقعون دائما في أخطاء ساذجة علي الشاشة. مقابل هذه الأسماء يواصل المحلل ونجم الكرة طاهر أبوزيد دروسه المجانية في الحياد علي الشاشة، فعلي الرغم من ميوله الأهلاوية فإن موسمه التحليلي للعام الثاني يستحق الاحترام والتقدير.. لا يفرق «مارادونا النيل» بين الأحمر والأبيض ليس بسبب وجوده في قناة من المفترض أن تكون محايدة، لكن لأن «طاهر» نفسه يتميز بالتكوين الرياضي المتوازن، وبالتالي أصبح نموذجا يحتذي به في التحليل والتعليق علي الأحداث دون تفريط أو إفراط تعكس ثقافته الرياضية الواسعة وغير الرياضية، أما المفاجأة فهي قفشاته المهذبة مع زملائه المحللين خصوصا مع الشاذلي إلي جانب محسن صالح وفاروق جعفر.. «طاهر» مشروع محلل وناقد كامل الأوصاف بانضباطه والتزامه وحكمته في إدارة الحوار التحليلي. التحليل النظيف في تراك «طاهر» يسير نجم الأهلي الأسبق مصطفي يونس وحازم إمام ومعهما مفاجأة «الميديا الكروية «كريم حسن شحاتة» وهو مشروع إعلامي مبشر في مواجهة «الإخوة الأعداء» ومثيري الفتن والتعصب لعلهم يهتدون.