محافظ أسيوط يستقبل مساعد وزير الصحة ويتفقدان مستشفى بني محمديات بأبنوب    جامعة قناة السويس تصنف من أفضل 6.5 % جامعة عالميا وفقا لتصنيف CWUR 2024    حالات الحصول على إجازة سنوية لمدة شهر في قانون العمل الجديد    تباين أسعار العملات الاجنبية في بداية تعاملات اليوم الخميس 16 مايو 2024    الكيلو ب 285 جنيها.. تموين جنوب سيناء يوفر لحوم طازجة بأسعار مخفضة    وزير الإسكان: توصيل التيار الكهربائي وتشغيل محطة الصرف الصحي ب«بيت الوطن»    نزع ملكية قطعة الأرض رقم «27س» لإقامة جراج متعدد الطوابق عليها    تداول 10 آلاف طن و585 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    «الري»: إعادة تأهيل وتشغيل الممر الملاحي لترعة الإسماعيلية بالتعاون مع «النقل» (تفاصيل)    أستاذ طب وقائي يحذر من زيت الطعام المستعمل: مادة خطيرة تدخل في تبييضه    البحيرة: توريد 188 ألف طن قمح للشون والصوامع حتى الآن    رمزًا للحضارة والتاريخ.. «قصر الصخير» مقر انعقاد القمة العربية ال33    رئيس حكومة سلوفاكيا لا يزال في حالة «خطيرة»    بوتين وشي جين يعتمدان بيانا مشتركا حول تعميق علاقات الشراكة    إعلام فلسطيني: شهيد ومصابون في قصف إسرائيلي استهدف وسط مدينة رفح الفلسطينية    في غياب ميسي.. أورلاندو سيتي يوقف انتصارات إنتر ميامي    أخبار الأهلي: موقف الأهلي من التعاقد مع أحمد حجازي في الصيف    صدام جديد مع ليفربول؟.. مفاجأة بشأن انضمام محمد صلاح لمعسكر منتخب مصر    قائد مانشستر يونايتد يكشف حقيقة رحيله عن الفريق    جدل الامتحانات.. مرادفات محيرة في اختبار اللغة العربية لطلاب الشهادة الإعدادية    «مترو الأنفاق» يُعلن انتطام حركة القطارات بالخط الثاني    السجن المشدد 3 سنوات وغرامة 50 ألف جنيه لمتهمين بحيازة 6 طرب حشيش في الشرقية    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج الخميس 16 مايو    فرقة فاقوس تعرض "إيكادولي" على مسرح قصر ثقافة الزقازيق    يسري نصر الله يحكي تاريخ السينما في مهرجان الفيمتو آرت الدولي الثالث للأفلام القصيرة    الأحد.. الفنان عمر الشناوي حفيد النجم كمال الشناوي ضيف برنامج واحد من الناس    «الرعاية الصحية»: حل 100% من الشكاوي التي وردت من المنتفعين بالتأمين    محافظ أسيوط ومساعد وزير الصحة يتفقدان مشروع إنشاء مستشفى منفلوط المركزي    اليوم.. انطلاق الملتقى التوظيفي لزراعة عين شمس    القيادة المركزية الأمريكية تعلن تدمير 4 مسيرات للحوثيين في اليمن    مواعيد مباريات اليوم الخميس 16 مايو 2024 في الدوري المصري والبطولات العالمية    ياسمين عبدالعزيز تنشر صورة مفاجئة: زوجي الجديد    «الإفتاء» تحسم الجدل حول مشروعية المديح والابتهالات.. ماذا قالت؟    تطور جديد في قضية سائق أوبر المتهم بالتحرش بفتاة التجمع    شوبير يكشف موقف محمد صلاح من معسكر المنتخب    طريقة عمل دجاج ال«بينك صوص» في خطوات بسيطة.. «مكونات متوفرة»    تنظيف كبدة الفراخ بمكون سحري.. «هيودي الطعم في حتة تانية»    حلم ليلة صيف.. بكرة هاييجي أحلى مهما كانت وحلة    «سلامتك في سرية بياناتك».. إطلاق حملة «شفرة» لتوعية المجتمع بخطورة الجرائم الإلكترونية    توقعات الأبراج وحظك اليوم 16 مايو 2024: تحذيرات ل«الأسد» ومكاسب مالية ل«الحمل»    غارات إسرائيلية على منطقة البقاع شرق لبنان    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 16-5-2024    إبراهيم عيسى: "في أي لحظة انفلات أو تسامح حكومي البلاعات السلفية هتطلع تاني"    محمود عاشور يسجل ظهوره الأول في الدوري السعودي    نجمة أراب أيدول برواس حسين تُعلن إصابتها بالسرطان    قدم الآن.. خطوات التقديم في مسابقة وزارة التربية والتعليم لتعيين 18 ألف معلم (رابط مباشر)    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟ أمين الفتوى بجيب    ارتفاع حصيلة العدوان على مدينة طولكرم بالضفة الغربية إلى 3 شهداء    بوتين يصل إلى الصين في "زيارة دولة" تمتد ليومين    4 سيارات لإخماد النيران.. حريق هائل يلتهم عدة محال داخل عقار في الدقهلية    رسميا.. جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya جميع الشعب مباشر الآن في محافظة القليوبية    منها البتر والفشل الكلوي، 4 مضاعفات خطرة بسبب إهمال علاج مرض السكر    «فوزي» يناشد أطباء الإسكندرية: عند الاستدعاء للنيابة يجب أن تكون بحضور محامي النقابة    الدوري الفرنسي.. فوز صعب لباريس سان جيرمان.. وسقوط مارسيليا    كم متبقي على عيد الأضحى 2024؟    مباشر الآن.. جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya في محافظة القليوبية    قصور الثقافة تطلق عددا من الأنشطة الصيفية لأطفال الغربية    حسن شاكوش يقترب من المليون بمهرجان "عن جيلو"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خارج دائرة الضوء
نشر في أخبار مصر يوم 09 - 01 - 2009


الأهرام:9/1/2009
**‏ الرياضة نشاط عظيم وربما يكون الأعظم علي الإطلاق‏!‏
الذي يمارس أي نشاط رياضي بصفة منتظمة هو الكسبان علي طول الخط‏!.‏ كسب صحة‏.‏ كسب لياقة بدنية‏.‏ كسب علاقات اجتماعية‏.‏ كسب توازنا نفسيا‏.‏ كسب عمله الذي يحتاج القادر علي الإنتاج‏.‏
والرياضة نفسها كنز اقتصادي لمن يعرف تسويقها‏!‏
بند واحد في كرة القدم مثلا اسمه البث التليفزيوني‏..‏ هذا البند عائده المادي يفوق عائد أي مشروع اقتصادي في العالم لأن المشروعات الأخري لها بنية تحتية وفوقية وخامات ومواصلات واتصالات وعمال ومصانع وماكينات وطاقة ومرتبات ومعاشات ولجان ثلاثية وحدوتة لا تنتهي من مصروفات تخصم من الإيرادات‏..‏ لكن الأمر مختلف في الرياضة وبند مثل البث أرباحه مليارات ومصاريفه آلاف‏!‏
السؤال الآن‏:‏ أين نحن حاليا من الرياضة كمشروع اقتصادي؟
ولا حاجة رغم أن المصريين عرفوا الرياضة من آلاف السنين والنقوش علي معابد بني حسن الفرعونية في المنيا تثبت ذلك لكن لامجال للدهشة بعدما ثبت أن عقولنا مغلقة بأقفال ضاعت مفاتيحها ضد الرياضة وحتي الآن النظرة الحكومية للرياضة دونية ولو كانت غير ذلك لاهتموا باختيار المسئولين عنها ومافكروا في تمزيق جسدها إلي كيانين يستحيل فصلهما‏!‏
مصر بحكم مناخها وموقعها وشواطئها وآثارها تعد أحد أفضل الأماكن في العالم لكل مشروعات الرياضة‏..‏ ومعسكرات التدريب واحدة من هذه المشروعات حيث يتوقف النشاط الكروي الرسمي في أغلبية دول أوروبا بسبب الثلوج التي تغطي الأرض خلال هذه الفترة سنويا وأقصد شهر ديسمبر وربما أيام من يناير والنشاط الذي يتوقف صعب أن تتوقف فرق الأندية معه ولابد من استمرار التدريب ولعب مباريات ودية حتي لا يفقد أي فريق لياقته البدنية ولياقة المباريات‏..‏ وعليه‏!‏
بلاد كثيرة لديها مسئولون عن الرياضة عندهم فكر ولهم رؤية وهذه البلاد نجحت في أن تجذب هذه المعسكرات عندها وبلد مثل دبي عندها الآن إيه سي ميلان وقرأت خبرا أن المدرجات لم يكن بها موضع لقدم في تدريب له مفتوح للجماهير‏!.‏ وفريق إيطالي بهذا الحجم عندما يعسكر في مكان تلهث وراءه كل وسائل الإعلام التي تغطي أخباره في معسكره وكلها دعاية لبلد‏!.‏ الكرة ونجومها لها أكبر نسبة مشاهدة تليفزيونية أي أكبر جماهيرية وعندما يتحرك فريق لمكان في معسكر يزحف وراءه مشجعوه ولو كان المعسكر في مكان سياحي مميز الزحف سيكون بالآلاف ولو أن المعسكر ثابت سنويا‏..‏ يوضع علي الأجندة السياحية ومن ثم الجماهير تضبط إجازاتها مع المعسكر لتكون مع نجومها وأيضا تستمتع بالمكان السياحي‏!‏
كتبت الأسبوع الماضي عن هذا الموضوع بمناسبة وجود معسكر تدريبي شتوي لفريق كروي أوروبي هو فريق ليرز البلجيكي الذي حضر إلي مصر ودخل معسكره في العين السخنة وكان مقررا عودته يوم‏7‏ يناير الحالي إلي بلجيكا استعدادا لمباراة ودية يوم‏10‏ قبل أن يلعب مباراة رسمية في الكأس يوم‏13‏ يناير‏..‏ لكن كل ذلك توقف‏!‏
مكالمة من بلجيكا أفادت بأن درجة الحرارة الآن هناك‏12‏ تحت الصفر وملعب ليرز وكل ملاعب بلجيكا تحت الثلج‏!.‏ أول قرار كان استمرار المعسكر والتدريب في البلد الذي فيه شمس مكان الثلج‏!.‏ القرار الثاني إلغاء المباراة الودية المقررة وتعويضها بمباراة مع فريق مصري استعدادا لبطولة الكأس في بلجيكا وبالفعل يلعب ليرز البلجيكي مع الاتحاد السكندري ظهر اليوم‏..‏ ويبقي القرار الذي لم يتخذ بعد‏..‏ هل يستمر المعسكر لأطول من ذلك إذا استمر الثلج يغطي بلجيكا‏..‏ ربما‏!‏
ربما هذه هي التي أقف أمامها لأن مصر عندها أجمل مدن العالم الغردقة وعندها شرم الشيخ وعندها شواطئ لايوجد مثيل لها إلا في مصر‏..‏ والأهم عندها شمسها التي لا تغرب أبدا‏!‏
الذي أستطيع قوله وبما لا يسبق الأحداث هو أن الغردقة في مثل هذا الوقت من العام المقبل بإذن الله سيكون علي أرضها فرق أندية وليس فريق ليرز فقط‏.‏ الغردقة سيكون فيها في مثل هذه الأيام دورة ودية بين الأندية الراحلة عن الثلج لتلعب تحت الشمس‏!.‏ الغردقة سيكون علي أرضها أكبر مشروع استثماري رياضي وهذا ما أكده اللواء مهندس مجدي القبيصي محافظ البحر الأحمر وأنا أصدق كلامه‏.‏

**‏ الذي حدث في استاد الإسماعيلية يوم مباراة الإسماعيلي والأهلي‏..‏ لا هو الشغب الأول ولا هو الأخير‏!‏
الذي حدث في المدرجات ومن المدرجات وقبلها في الشارع وبعدها بالإسماعيلية كلها‏..‏ مستحيل التعامل معه علي أنه تجاوز جماهير أو تعصب كروي أو غياب أمني أو أي شيء في هذا السياق‏!‏
مستحيل هذا لأن الأمور لو كانت كذلك لأمكن علاج القضية بقليل من التوعية للجماهير حتي لا تتجاوز وقليل من الكلام مع الجماهير حتي لا تتعصب وقليل من الحزم الأمني حتي لا يفكر أحد في التجاوز أو التعصب‏!‏
القضية في تقديري أكثر تعقيدا مما نظن وأصعب ما فيها أن شكلها كورة ومضمونها جذريا مختلف‏!‏
الذي رأيناه في استاد الإسماعيلية لم يكن رد فعل لفعل وقع في الملعب‏..‏ لم يكن انفجار مدرجات ناجما عن ظلم واستفزاز حدث في ملعب‏..‏ إنما هو في الواقع تفاعل كيماوي تحت السطح نشط ومستمر وكلما وجد ثقبا في السطح نفذ منه بقوة تدمير وانفجار هائلة‏!‏
الذي شاهدناه يؤكد أنه تراكمات كراهية وعنف وعداء وتدمير تكبر وتنمو وتتفاعل وتنفجر بدون مفجر أو بمفجر‏..‏ أي بدون سبب أو بسبب وهنا مكمن الخطورة الذي يؤكد أن الذي حدث لن يبقي الحدث الأول ولن يكون الأخير أي أن تكرار ما رأيناه وارد جدا طالما نحن نتعامل مع الحدث علي أنه قضية أمنية‏..‏ قضية شرطة ونيابة‏!‏
في الحقيقة القضية أخطر مما نتصور ودور الأمن فيها هو الدور الأخير ومستحيل أن يكون الدور الأول الذي هو دور رياضة واجتماع واقتصاد ولوائح ومجملها أدي بنا إلي ما نحن عليه‏..‏ والذي نحن فيه أوضحه لحضراتكم في هذه النقاط‏:‏
‏1 عندما تختفي من العقول حقيقة أننا أبناء وطن واحد وعندما يكون الرابط بيننا حقدا وغلا وعداء وكراهية‏..‏ فالعلاج لا يكون بالأمن ولا بقرارات نيابة وغرامات اتحاد كرة وإنما بقيام جهة ما مفروض أن تكون موجودة في الدولة وطبعا هذه الجهة لا هي المجلس القومي للرياضة ولا هي اتحاد الكرة‏!.‏ هذه الجهة تقوم برصد دقيق لسلوكيات الشغب خلال الفترة الأخيرة لأنها في تقديري تحولت من أنها نوع من التنفيس بسبب ضغوط الحياة باعتبار مدرجات الكرة هي المكان الأمثل لخروج طاقات الغضب المختزنة داخل الصدور لأسباب اقتصادية واجتماعية وعائلية‏..‏ وهي طاقات تبقي مخزونة انتظارا لغلطة حكم أو استفزاز لاعب لتخرج‏..‏ وكانت في الغالب وحتي وقت قريب شتيمة فقط بدون عنف وبدون كراهية وبدون عداء وغالبا طوفان الغضب خلال المباراة لا تجد له أثرا بعدها وكل واحد راح لحاله بعد أن أخرج ما بداخله من أشياء كثيرة‏..‏ أخرجه في شتيمة حكم أو لاعب أو أي أحد لينتهي الأمر عند هذا الحد‏..‏ إلا أن الموجود حاليا تجاوز الحد بل وكل الحدود‏!‏
من سنة جماهير حاولت حرق مشجع لمجرد أنه ينتمي للفريق المنافس وكأنه ينتمي لعدو‏!.‏ كل فترة نواجه جماهير تحرق سيارات وتحطم صالات مغلقة‏!.‏ لم تعد المسألة انتماء أو تعصبا لفريق إنما باتت حالة كراهية وعداء للآخر‏!.‏ ورغبة تدمير وسلوكا عدوانيا‏!‏
إن كنا نريد مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة فلابد أن نعرف الأسباب التي خلقت كل هذه التراكمات السلبية العدائية داخل الصدور‏..‏ صدور أبناء الوطن الواحد‏!‏
‏2 عندما تقوم جهة بالتصدي لمشكلة مثل هذه فهي سترصد وتبحث وتحلل من خلال علماء اقتصاد وعلماء اجتماع وعلماء علم نفس وعلماء في الرياضة ومصر بها والحمد لله كفاءات علمية هائلة لكننا لا نستفيد بهم وربما لا نعرف شيئا عنهم لأن المنهج محصور علي أهل الثقة والمعارف والأصحاب والمحاسيب والوطن الخاسر لأنه انحرم من خبرة أهل العلم وابتلي بجهل أهل الثقة‏!‏
‏3‏ ربما يكتشف علماء النفس والاقتصاد والرياضة والاجتماع أن العنف الباطن جزء منه بطالة والبطالة أكبر خطر علي الشباب تحديدا‏!.‏ قد يكتشفون أن السمات النفسية للشخصية المصرية تغيرت وأظنها تغيرت لأن نشرة الأخبار العالمية أو الإقليمية أو المحلية كل عشرة أخبار فيها نجد أن تسعة منها أخبار قتل وسحل ودماء‏!.‏ منذ احتلال العراق وأي نشرة لا تخلو من‏100‏ قتيل في اليوم ولا أعرف من أين يأتون بالأشخاص الذين يقتلونهم‏!.‏ بحور الدماء في العالم أثرت فينا وعلينا وربما هذا يفسر ظاهرة القتل غير المبررة التي اجتاحت مصر وفيها اتخاذ قرار القتل اسهل من إشعال سيجارة والغريب أن الإقدام علي القتل والتورط في القتل لم يعد مقصورا علي فئة دون أخري‏!.‏ وعندما يكون قرار القتل سهلا فلا غرابة من حالة العداء ورغبة التدمير والاستمتاع بإيذاء الآخر‏!.‏ ربما هذه اللجنة تكتشف قصورا هائلا في اللوائح التي تحكم مسابقة الدوري التي نتعامل معها علي أنها مجرد مسابقة رياضية مثل بقية مسابقات اللعبات الأخري بينما هي في الواقع مختلفة تماما لأنها محور اهتمام الملايين من أبناء الوطن ولأنها تقام وسط عشرات الآلاف من الجماهير علي عكس اللعبات الأخري ولأنها وأقصد ا
لكرة كانت في الخمسينات والستينات البديل الرسمي للأحزاب السياسية في مصر وهي كذلك حتي الآن في أغلب الدول العربية التي لا يوجد بها أحزاب سياسية لكن موجود فيها أحزاب كرة قدم تلهي الناس وتستوعب تنفيس طاقات غضب لا مجال إلا الكرة للتنفيس فيها‏!‏
نحن الذين جعلنا الكرة مجالا للتعصب والغضب والتنفيس ونحن الذين جعلنا كل هذا مباحا ومتاحا طالما أنه إلهاء للناس وهذا ما جعل أغلب المثقفين يلقون باللوم علي الكرة وأم كلثوم بعد هزيمة‏1967‏ باعتبار الكرة والاهتمام الإعلامي البالغ بأخبارها وانشغال الشعب بها وغيظ الناس لبعضهم بعضا بسبب نتائجها‏..‏ باعتبار أن كل هذه الأمور جعلت لا وقت عند الناس ليفكروا في أي شيء آخر فحدث ما حدث والناس في غفلة عن الحقيقة‏!‏
نحن من جعلناها زمان في خدمة السياسة ونسينا الأمر إلي أن فوجئنا بأن الأمور اختلفت وأن الكرة لم تعد مجالا للتنفيس إنما تحولت إلي ميدان للدمار والعداء والكراهية‏!‏
‏4 العداء يقابل بعداء والكراهية تولد كراهية وإذا ناصبتني العداء أجبرتني أن أكون عدوك‏..‏ وعداء الجماهير قوبل بعداء مضاد من جماهير والخطر هنا أن سلوك الجمهرة لا ضابط أو رابط له لأن المسئولية القانونية علي المشاع والخطورة أنه يمكن لفرد في مدرج أن ينقاد له آلاف بتلقائية وبدون تفكير يقلدونه بصورة عمياء‏..‏ إن شتم يشتموا وإن ضرب يضربوا وإن حطم يحطموا‏..‏ وعداء هنا يقابل بعداء هناك لندخل في تلك الدائرة الجهنمية التي فيها كل طرف سينتظر الآخر لينتقم منه‏!‏
‏5‏ هناك عداء تقليدي من زمن بين جماهير الناديين الإسماعيلي والأهلي ويظهر واضحا في مباريات الإسماعيلية إلا أنه بقي دائما في إطار الحدود الآمنة ليبقي التعامل مع الأمر علي أنه مجرد تعصب كروي‏!.‏ هذا العداء ليه؟
‏6‏ عندما يثار الكلام حول هذه الكراهية وأسبابها يأتيك الرد بأنها قديمة وقت كان الإسماعيلي في التهجير والأهلي رفض استقبال فريقه والزمالك هو الذي فتح أبوابه للإسماعيلي‏!.‏ حدوتة قديمة عندما سمعتها قلت في نفسي الأهلي غلطان وعندما أردت التحقق من صدق الرواية سألت الكابتن علي أبوجريشة نجم مصر والإسماعيلية موهبة وأخلاقا‏..‏ سألته عن صحة هذه المعلومة أكد أنها لم تحدث‏!‏
طيب واقعة لم تحدث أصلا ومع هذا هل يمكن أن يبقي تأثيرها بافتراض أنها حدثت‏..‏ فوق ال‏40‏ سنة؟
أمر يدعو للدهشة ويؤكد أن الحكاية ليست هكذا وحتي لو كانت فإن السمة البشرية بطبيعتها تنسي بمرور الزمن الحزن وتنسي العداوة ومع الأيام تصفو وعليه مستحيل أن تكون واقعة حدثت قبل‏40‏ سنة تتحول إلي مصدر عداوة لا يفني ولا يهمد ولا يخبو‏!‏
‏7‏ إذن هناك سبب آخر قديم جديد يكبر ويتضخم‏!‏
في اعتقادي عدم تكافؤ الفرص المادية بين الأندية خلق قضايا بالغة الأهمية كان يجب علي الجهة الإدارية وعلي اتحاد الكرة أن يتوقفوا أمامها وبحثها وإيجاد حلول لها لأن تركها خطر علي الكرة وعلي غير الكرة‏!‏
عدم التكافؤ المادي بين الأندية انعكس زمان علي مواسم الانتقالات وظهر جليا في ظل الاحتراف والأغني بإمكانه أن يحصل علي أي لاعبين والفقير يضطر إلي بيع نجومه ليعيش‏!‏
الأهلي ليس ذنبه أنه ناد له شعبية كبيرة وأنه ناد غني بأعضائه وعشاقه وإدارته‏!.‏ عزوة الأهلي المادية قائمة علي عشاقه المنتمين له الذين يدعمونه في الخفاء حبا له لا طمعا فيه‏!.‏ عزوة الأهلي في مجالس إدارته التي نجحت في أن تجعل ناديها الأكبر ميزانية علي كل أندية مصر‏!‏
وأتوقف هنا قليلا لأوضح نقطة لا علاقة لها بالقضية لكنها مهمة‏!.‏ كل الناس يتكلمون عن أزمة الزمالك المالية والديون التي علي الزمالك والفلوس التي يجب توفيرها للزمالك‏!.‏ أسأل‏:‏ أليس الزمالك أغني من الأهلي؟‏.‏ الزمالك عنده مشروع اقتصادي هائل اسمه البوتيكات والأهلي لا يوجد علي سوره كشك حاجة ساقعة يؤجره ومع هذا‏..‏ الأهلي اليوم عنده أكبر ميزانية ناد في مصر ولديه فائض وهذا الأمر لم يحدث مصادفة إنما راجع إلي إدارة ومجلس إدارة الأهلي حقق هذا بينما الزمالك الأغني غارق في الديون‏!.‏ ابحثوا عن الأسباب لأنها أولي خطوات الإصلاح والنجاح‏!‏
الذي فيه الأهلي وحققه الأهلي وراءه إدارة ناجحة لا شك في هذا ولا أحد ينكر ذلك‏..‏ وأيضا‏!.‏
الذي يحدث في الكرة وللكرة بالأهلي مؤشر علي وجود حاجة غلط ليست وليدة اليوم‏,‏ لكن أحدا لم يشعر بها لأن النتائج تداريها‏!.‏ حاجة غلط هدت جيل الأساسيين وقضت علي الاحتياطيين والإدارة تراقب من باب عدم التدخل‏..‏ والمحصلة أن قائمة الأهلي المتخمة بلاعبين متميزين باتت منزوعة القوي إما للإجهاد وإما للإحباط‏!.‏
في المقابل الإسماعيلي من ثلاثة أرباع قرن هو معقل الكرة الحلوة في مصر ومع هذا الكرة الحلوة لم تشفع له في أغلب تاريخه الذي عاشه في أزمات مالية لا تتناسب وتلك المدرسة الكروية المميزة الرائعة التي يمثلها في مصر والتي لا مثيل لها في أفريقيا وهل يوجد ناد يحافظ علي أسلوب مبهر مميز طوال كل هذه السنين التي تعاقبت فيها أجيال وأجيال وبقي السيرك الكروي في الإسماعيلي‏!.‏ في وقت من الأوقات طار أغلب نجوم الإسماعيلي في موسم انتقالات وأظنهم انتقلوا إلي نادي القناة الأغني من الإسماعيلي الذي هبط لكنه صعد وعاد ثانية ليفتتح أول سيرك كروي في مصر ونجومه شحتة ورضا والعربي وميمي درويش وأنوس وأميرو وهؤلاء سلموا السيرك إلي علي أبو جريشة وبازوكا وأسامة خليل وجيل يسلم جيلا‏..‏ من عماد سليمان وحازم والقماش والعجوز ومحمد صلاح أبو جريشة إلي أوتاكا وبركات والنحاس وبعدهم محمد محسن أبو جريشة وحمص وصبحي وعبد الله السعيد وعبد الله الشحات وعمر جمال ونجوم كثيرة علي مدي سنوات وعذرا لأنني لا أحصي أعدادا إنما أشير إلي أجيال متتالية نجحت في الحفاظ علي تلك المدرسة الكروية‏!‏
المهم أن التميز الكروي للإسماعيلي لم يقابل بالدعم اللازم المستحق لأجل الحفاظ علي هذه المدرسة الكروية‏..‏ لا الأعضاء ولا المحبون للإسماعيلي فعلوها مثلما يفعل محبو الأهلي‏..‏ ولا اللوائح تغيرت لأجل حماية الأندية الأقل دخلا‏!.‏ هذا حال الإسماعيلي وعرفت أن الأمر تغير ويوجد رجل أعمال أو اثنان يدعمان الإدارة الجديدة للنادي في الخفاء لوجه الله وحبا في الإسماعيلي ويقيني أن الدعم سيكبر ويكبر ما دامت هناك إدارة أمينة علي أموال الإسماعيلي‏!‏
اتحاد الكرة أخذ من الاحتراف جزءا طبقه وترك بقية الأجزاء وهو لا يعلم أن احترافا في أندية هاوية معناه خراب وهذا واقع أغلب الأندية الشعبية‏!‏
اتحاد الكرة كان عليه أن يفكر في لوائح تبقي علي ما تبقي من مبدأ تكافؤ الفرص لأن نجاح أي مسابقة قائم علي وجود ندية مادية مثلا بين أندية المسابقة الواحدة وهذا غير موجود واتحاد الكرة لا يقدر علي حل المشكلات المادية لكنه يملك الحفاظ علي حقوق الأندية الأقل حظا ماديا‏!‏
‏8 اللوائح هي التي تحافظ علي الأندية الأقل ماديا من الأغني ماليا‏!.‏ النادي الغني بإمكانه أن يوفر عقود ومكافآت لاعبيه في مواعيدها‏!.‏ في إمكانه دعم الصفوف في الشتاء والصيف بدون مشكلات‏!.‏ في إمكانه إغراء أي لاعب‏..‏ وكل ذلك بالقانون وفي إطار اللوائح‏..‏ وكان يجب تغيير اللوائح لحماية الأندية الأقل ماديا‏!‏
يحدد اتحاد الكرة مثلا قائمة كل ناد ب‏25‏ لاعبا فقط‏!.‏ يحدد عدد اللاعبين المسموح بشرائهم وليكن ثلاثة في الموسم وهذا التحديد يحافظ علي صفوف الأندية الأقل ماديا لأن المسألة بيع وشراء وعرض وطلب وطالما مفتوحة بدون قيود فإن الأندية الأقل ماديا معرضة لفقد نجومها‏!‏
‏9 الذي لم تحاول الجماهير الاقتناع به أن الخلل القائم في الحفاظ علي مبدأ التكافؤ لا دخل للأهلي به والمسئول عنه تلك اللوائح التي كان يجب تغييرها للمواءمة وللتكافؤ وللحماية‏!.‏
اللوائح أعطت للكل حق الشراء وحق البيع في سوق اللاعبين دون تحديد لأعداد ودون تحديد لأسعار‏..‏ والأهلي استخدم حقه القانوني في هذه النقطة لأن هدفه البطولات‏..‏ لكن ما يراه الأهلي حقا تراه جماهير الإسماعيلي تفريغا لناديها من النجوم وحرمانا لناديها من البطولات وهنا مربط الفرس وهنا نزناز العداء أما سبب الكراهية للأهلي دون غيره باعتبار البيع والشراء مفتوحا للكل‏..‏ ربما لأن الأهلي هو وحده في الغالب الذي يفوز بأغلب البطولات وتلك مسألة لا تغتفر ولا تفوت بسهولة في عالم التعصب الذي يعاقب الأهلي علي انتصاراته‏..‏ بالكراهية‏!.‏ الأهلي وغيره يأخذون لاعبين بالقانون ووفقا للوائح الاحتراف‏..‏ لكن الأهلي فقط هو الذي يواجه بالكراهية لأنه في تقديري هو الأكثر فوزا‏..‏ وهل سمعت يوما في الكرة عن كراهية أو عداء لفاشل‏!‏
في اعتقادي هذه النقطة يمكن تحجيمها وتقزيمها فيما لو تغيرت اللوائح لمصلحة الأندية الأصغر ولمصلحة الكرة المصرية‏!.‏
في اعتقادي أنه لابد من تدخل رسمي لأجل دعم الأندية التي لها جماهير كبيرة‏..‏ وبدلا من أن تقوم الشركات بإنشاء أندية‏..‏ يمكن توجيه بعض من هذه الشركات لرعاية أندية قائمة وموجودة فعلا مثل الإسماعيلي والمصري والاتحاد السكندري والمنصورة والسويس‏..‏
الدعم المادي من خلال رعاية وإعادة النظر في اللوائح الخاصة بالاحتراف‏..‏ خطوة في الاتجاه الصحيح معها لن يضطر الإسماعيلي أن يبيع كل فترة نجما لأجل استمرار الحياة في النادي‏!.‏
خطوة في الاتجاه الصحيح لأنها ستوفر حماية للأندية الأقل ماديا وبها ينتهي التفريغ وبها يختفي الإحساس بالظلم ومعها يرحل الاحتقان آخذا معه العداء الذي هو أساس الكراهية‏!.‏
‏10 تحديد القوائم ب‏25‏ لاعبا يقلل شراهة الشراء‏!.‏ حظر شراء أكثر من ثلاثة لاعبين في الموسم‏..‏ يساعد الأندية الأقل فلوسا في الحفاظ علي لاعبيها‏!.‏ دعم الدولة للأندية صاحبة الجماهيرية بتوجيه شركات لرعايتها يوفر ندية التكافؤ المادي‏!.‏
يبقي توضيح بخصوص هذه النقطة‏..‏ نقطة تقليص عدد المقيدين من‏30‏ إلي‏25‏ لاعبا في القائمة لأن تركها ساعد الأندية الغنية علي احتكار اللاعبين بقيد‏30‏ لاعبا في قائمة رغم أن من يلعب طوال الموسم منهم لا يزيد علي‏22‏ أو‏23‏ لاعبا والأهلي عنده لاعبون جلسوا سنة ولعبوا دقائق ولو استمروا في الأهلي سنين فلن تزيد الدقائق‏..‏ وهذا معناه احتكار لاعبين حتي لا يذهبوا لأندية أخري حيث معظم القوائم المقيد فيها أقل من‏20‏ لاعبا والإسماعيلي مثلا في قائمته‏18‏ لاعبا‏!.‏
وأكرر ثانية أن الذي يحدث ليس خطأ الأهلي إنما خطيئة لوائح لابد أن يغيرها اتحاد الكرة لأجل إيجاد التكافؤ‏.‏
إذا حدث هذا‏..‏ نزعنا فتيل الكراهية وأوقفنا ماكينة العداء وأعدنا الأمور في مدرجات الكرة إلي نصابها‏...‏

..‏ ونصابها الذي نعرفه من زمان‏..‏ تعصب سقفه كلام وآخره شتيمة‏!.‏
في النهاية أقول لكل متعصب كروي ما يقوله الكابتن ممدوح فرج في إعلانه‏:‏
هيييي‏..‏ أيوه إنت‏..‏ إنسي‏!‏
وللحديث بقية مادام في العمر بقية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.