استبعاد جميع الأصوات بأحد صناديق الاقتراع في المنتزه بالإسكندرية    بعد نهاية الجولة الأولى.. الجدول الزمني الكامل لانتخابات مجلس النواب 2025 حتى موعد إعلان النتيجة النهائية    محافظ الغربية: رفع درجة الاستعداد القصوى لانتخابات مجلس النواب 2025    وزارة العمل تكشف نتائج حملات التفتيش على تطبيق قانون العمل الجديد في القاهرة والجيزة    توجيه التربية المسرحية بشرق مدينة نصر يحصد المركز الأول في مسابقة إلقاء الشعر على مستوى القاهرة    «وزير الري»: البحث العلمي والابتكار أساس تطوير منظومة الري    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 12 نوفمبر 2025    بعد ارتفاع أسعار الزيت| الصناعات الغذائية: نتمنى المواطن يقلل القلي ويلجأ للشوي والسلق بدل الشكوى    وصول أول وفد سياحي لمحافظة أسيوط لزيارة مسار رحلة العائلة المقدسة    البيت الأبيض: لم نوافق بعد على إنشاء قاعدة عسكرية قرب غزة    المملكة المتحدة تشدد القيود على صادرات الغاز الروسي    المستوطنون المتطرفون يشنون هجمات منسقة ضد الفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية    لا يحدث إلا فى مصر    موعد لقاء الأهلي وشبيبة القبائل الجزائري في دوري أبطال أفريقيا    بيزيرا: لم أقصد الإساءة لأحد.. وأعتذر عن الخطأ غير المقصود    الزمالك يكشف تطورات أزمة أرض النادي بأكتوبر    طقس الأربعاء | أمطار وأجواء مائلة للبرودة تشهدها هذه المناطق اليوم    العناية الإلهية تنقذ سكان عقار الجمرك المنهار بالإسكندرية.. صور    مباحث الجيزة تكتشف جريمة بشعة داخل شقة مهجورة فى بولاق الدكرور    «الداخلية» تقرر السماح ل 42 مواطنًا مصريًا بالحصول على جنسيات أجنبية    تامر حسني يوجه رسالة ل مي عز الدين بعد زواجها    محاضرة تاريخية بجامعة القاهرة للدكتور أحمد غنيم حول "المتحف المصري الكبير وتعزيز الهوية الوطنية"    انطلاق النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للصحة والسكان والتنمية البشرية    قصر العيني يحتفل بيوم السكر العالمي بخدمات طبية وتوعوية مجانية للمرضى    الصحة: لقاح الأنفلونزا لا يسبب الإصابة بالعدوى وآمن تماما    بعد غلقه من أنصار مرشح.. الأمن يعيد فتح طريق قنا - قفط    "فاطمة رشدي.. سارة برنار الشرق" ندوة بدار الكتب اليوم    حمو بيكا يودع إسماعيل الليثي بكلمات مؤثرة: "يا وجع قلبي عليك يا أخويا"    اسعار الحديد فى الشرقية اليوم الاربعاء 12 112025    مصر تعزى تركيا فى ضحايا حادث سقوط الطائرة العسكرية    وزير الخارجية: مستعدون لدعم المحكمة الدائمة للتحكيم وتيسير أداء مهامها في حل النزاعات الدولية بالطرق السلمية    زعمت أن أحدهم حاز طائرة لاسلكية .. أحكام قاسية على 9 معتقلين في قضية "اللجان الإعلامية للإخوان"    نقيب الإعلاميين: الإعلام الرقمى شريك أساسى فى التطوير والذكاء الاصطناعى فرصة    عباس: الإجراءات القانونية بشأن تسليم الفلسطيني هشام حرب لفرنسا في مراحلها النهائية    أسعار الفاكهة اليوم الأربعاء 12 نوفمبر في سوق العبور للجملة    حظك اليوم الأربعاء 12 نوفمبر.. وتوقعات الأبراج    دعمًا لمرشحيه بمجلس النواب.. «مستقبل وطن» ينظم مؤتمرًا جماهيريًا بدمياط    رسميًا.. موعد امتحانات شهر نوفمبر 2025 لصفوف النقل الجديدة بعد تعطيلها بسبب انتخابات مجلس النواب    انطلاق الدورة الأولى من مهرجان «توت توت» لكتب الأطفال في ديسمبر المقبل بالمعهد الفرنسي    خالد سليم يشعل ليالي الكويت بحفل ضخم ويحتفل ب«ليلة مِ اللى هيّا» مع جمهوره    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    تحقيق عاجل من التعليم في واقعة احتجاز تلميذة داخل مدرسة خاصة بسبب المصروفات    سبب استبعاد ناصر ماهر من منتخب حلمي طولان وحقيقة تدخل حسام حسن في إقصاء اللاعب    حبس المتهم بالتسبب في وفاة والدته بعيار ناري أثناء لعبه بالسلاح بشبرا الخيمة    مواجهة قوية تنتظر منتخب مصر للناشئين ضد سويسرا في دور ال32 بكأس العالم تحت 17 سنة    النيابة تطلب تحريات سقوط شخص من الطابق ال17 بميامي في الإسكندرية    علشان تنام مرتاح.. 7 أعشاب طبيعية للتخلص من الكحة أثناء النوم    المستشار بنداري يشيد بتغطية إكسترا نيوز وإكسترا لايف ووعي الناخبين بانتخابات النواب    ارتفاع حصيلة ضحايا إعصار فونج-وونج بالفلبين ل 25 قتيلا    السياحة تصدر ضوابط ترخيص نمط جديد لشقق الإجازات Holiday Home    «ستأخذ الطريق الخاطئ».. ميدو يحذر حسام عبد المجيد من الانتقال ل الأهلي    منتخب مصر يستعد لأوزبكستان وديا بتدريبات مكثفة في استاد العين    كرة سلة - الأهلي يفوز على سبورتنج في ذهاب نهائي دوري المرتبط للسيدات    أخطاء تقع فيها الأمهات تُضعف العلاقة مع الأبناء دون وعي    أمين بدار الإفتاء يعلق على رسالة انفصال كريم محمود عبد العزيز: الكلام المكتوب ليس طلاقا صريحا    هل يجوز تنفيذ وصية أم بمنع أحد أبنائها من حضور جنازتها؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف نتغلب على الضيق والهم؟.. أمين الفتوى يجيب    هل الحج أم تزويج الأبناء أولًا؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خارج دائره الضوء
لأجل وطن محروم من شبابه لابد أن يكون النشاط البدني مادة أساسية في المدرسة‏..‏ تحرير رغيف العيش كلفوا به الجيش‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 09 - 2010

‏ المدارس المصرية في الابتدائي والإعدادي والثانوي تضم‏15‏ مليونا و‏200‏ ألف طالب وطالبة وهذا العدد يقترب من ربع تعداد الوطن وهذه المقارنة توضح أننا أمام رقم هائل مخيف‏... ومن ناحية هائل فهو كذلك بالفعل لأنه يفوق تعداد دول حولنا بأكثر من‏60‏ ضعفا‏..‏ أي أكبر منها‏60‏ مرة‏...‏
أما من جهة مخيف فهذا هو الواقع فعلا لأن خطأ أو إهمالا أو سهوا إن وقع مثلا في عدد مائة أو حتي ألف طالب فهو أمر بسيط وبالإمكان تداركه واحتواؤه وإصلاحه لأننا نتكلم عن عدد لا يذكر إن تمت مقارنته ب‏15‏ مليونا و‏200‏ ألف‏..‏ ولذلك‏!.‏
العدد الكبير الذي هو ملايين تتخطي ال‏15..‏ هو مخيف فيما لو تعرض هذا العدد الهائل لإهمال أو أخطاء أو نقص في الإعداد‏...‏
والمدرسة المصرية ضحية منذ‏50‏ سنة‏..‏ من وقت أن بدأ العبث في أهم مؤسسة وطنية للمراحل السنية الخام المبكرة القابلة لأن تتشكل علي الشكل الذي يطبعه عليها المجتمع‏..‏ لذلك المدرسة المؤسسة التربوية التعليمية الأهم علي الإطلاق لأنه فيها يتم بناء الإنسان المصري عقليا ونفسيا وصحيا وأخلاقيا وبدنيا وعلميا‏..‏ وبقدر ما يتم في المدرسة يكون التطور واكتمال البناء فيما بعد المدرسة‏...‏
المدرسة المصرية ضحية منذ أكثر من نصف قرن‏..‏ منذ قرروا نسف نظامها المعمول به وقتها في كل دول العالم ومستمر وحتي الآن‏..‏ ونظامها الذي نسفوه أن البكالوريا‏(‏ نهاية التعليم الثانوي‏)‏ هي شهادة انتهاء التعليم بما يعني أن الثانوية هي المرحلة المنهية للتعليم وشهادتها يتم العمل بها لأنها شهادة محترمة علميا واجتماعيا باعتبار الثانوية هي المرحلة المنتهية ولا أحد ينظر لها نظرة دونية وهذا معمول به في العالم حتي الآن وفوق ال‏95‏ في المائة من طلبة المدارس في العالم يقومون بالعمل بشهادة الثانوية وأقل من خمسة في المائة هم من يكملون الدراسة الجامعية المرتفعة التكلفة والمقننة الأعداد لأن المسألة مرتبطة بمجتمع واحتياجاته وليس مكتب تنسيق ومجاميع‏...‏
نسفوا نظام المدرسة المصرية الذي كانت فيه قيمة البكالوريا العلمية والأدبية بمثابة الدكتوراه‏..‏ نسفوه وجاءوا مكانه بمسخ اسمه الثانوية العامة التي اتضح أنها تأديب وتهذيب وإصلاح وإلهاء للشعب المصري الذي وجد نفسه ضحية قهر الثانوية العامة بعدما تحولت مصر إلي بلد شهادات ومن لا يحمل الورقة الجامعية يقابلني لو سمع كلمة حلوة في يوم أو مخلوق احترمه في مكان أو تزوج بنتا أحبها أو دخل عضوية ناد أو حتي مركز شباب‏!.‏
نسفوا نظامها ودمروا مناهجها والوسائل التربوية لم يعد لها وجود رغم أن أهميتها تسبق العملية التعليمية ذات نفسها‏..‏ وبين يوم وليلة رحلت عن المدرسة المصرية الرياضة والموسيقي والرسم والشعر وكل الأنشطة التي تضع أيدينا علي المواهب الكامنة داخل أطفالنا في كل المجالات والممارسة هي الوسيلة الوحيدة التي تكشف عن المواهب وعندما نمنع ملايين الأطفال من ممارسة الأنشطة فهذا معناه أننا انحرمنا من المواهب الكامنة الموجودة داخل ملايين الأطفال الذين لا يعرفون أنهم موهوبون ولا نحن نعرف لأنهم من الأصل لم يمارسوا أي نشاط وتلك كارثة بل جريمة‏!.‏
أظنها أكبر جريمة ارتكبت في حق الوطن الذي حرمناه من مواهبه منذ حرمنا ملايين الطلبة من ممارسة الأنشطة التربوية في المدارس المصرية‏...‏
أنا هنا أتوقف أمام الرياضة تحديدا لأنها النشاط التربوي الأهم علي الإطلاق‏..‏ والرياضة التي أقصدها ليست كرة القدم وبقية اللعبات إنما هي أي نشاط حركي أو التمرينات البدنية التي تبني العضلات وتقوي الأربطة وتحمي العظام وتمنع أي تشوهات وتخلق الجسم السليم‏..‏ عضلات وعظاما وأربطة وهذا الجسد السليم هو القادر علي امتلاك اللياقة البدنية والصحية العالية‏...‏
التمرينات البدنية هي أساس صياغة الجسم السليم القادر بدنيا وعقليا ونفسيا علي أن يكون منتجا مساهما في رفع الاقتصاد‏.‏
التمرينات البدنية هي التي تنمي القوة والسرعة والجلد والقدرة من مراحل السن المبكرة وتأخذ في تنميتها ولنا أن نتخيل طلبة مدارسنا إذا ما خضعوا إلي هذه التمرينات وإذا ما امتلكوا العضلات القوية والقوام السليم الممشوق واللياقة البدنية‏..‏ نتخيل انعكاس ذلك عليهم وعلينا‏!.‏
عليهم‏..‏ علي الشباب‏..‏ سيكون الأمر أكبر وقاية من الإدمان والانحراف لأن من امتلك الجسد الرياضي صعب إن لم يكن مستحيلا أن يفرط فيما امتلكه وأن يضعف ويجعل المخدرات والانحراف يحولان قوته إلي ضعف ولياقته إلي هزال‏...‏
وعلينا‏..‏ علي المجتمع‏..‏ المؤكد أن وجود‏15‏ مليون طالب وطالبة في المدارس بلا تشوهات في أجسامهم وبعضلات قوية ولياقة بدنية عالية‏..‏ المؤكد أن هؤلاء قاعدة بشرية عظيمة في الإنتاج الذي ينعكس علي اقتصاد وطن وفي رياضة البطولة وفي وجود شباب قادر علي الدفاع عن حدود الوطن وفتيات قادرات علي بالقيام بدورهن في المستقبل كزوجات وأمهات ينجبن أجيالا قوية ويقدرن علي تربيتهم بدنيا وصحيا‏...‏
بعد أن تخيلنا أهمية التمرينات البدنية لأطفالنا وشبابنا‏..‏ تعالوا نرجع إلي الواقع القائم الذي فيه ال‏15‏ مليونا و‏200‏ ألف طالبة وطالب الموجودين في مدارس مصر‏..‏ ووجودهم تحت أيدينا وأمام عيوننا يسهل علينا أمورا كثيرة لأن هذه الملايين موجودة أمامنا يوميا ولن نحتاج إلي جهد أو وقت لجمعها والمؤسف أننا أهدرنا هذه القيمة وأهملنا هذا التجمع البشري الهائل الذي سيتحول من حال إلي حال مختلف جذريا فيما لو أردنا هذا‏...‏
اقتراحي هنا محدد‏..‏ هذه الملايين الموجودة تحت إشرافنا وأمام عيوننا نخضعها جميعا لبرنامج تدريبات بدنية قائم علي أسس علمية لبناء وتنمية الجهاز البدني والعظمي والأربطة من بداية المرحلة الابتدائية وحتي نهاية الثانوية‏...‏
تدريبات بدنية مقننة للمرحلة الابتدائية من حيث العدد ومرات التكرار وأخري للمرحلة الإعدادية وثالثة للثانوية‏..‏ ونفس الأمر مع المعاقين بتدريبات مختلفة وفقا لنوع ودرجة الإعاقة‏.‏
هذا الاقتراح سهل جدا تطبيقه لأنه لا يحتاج إلي ملاعب ولا يحتاج إلي أدوات ويمكن للطالب أن يؤدي هذه التدريبات في مساحة علي الأرض تعادل طوله‏...‏
هذا الاقتراح هو المدخل الوحيد الصحيح لعودة الرياضة للمدارس ومضمون نجاحه فيما لو صدر قرار من السيد وزير التعليم بجعل الرياضة وفق هذا الاقتراح وأقصد التمرينات البدنية‏..‏ جعلها مادة نجاح ورسوب وتضاف إلي المجموع ولن يكون هناك متضرر لأننا نتكلم عن تمرينات بدنية وليس لعبات يكون للموهبة دور فيها بما يخل بتكافؤ الفرص‏.‏ التمرينات موضوعة بأسلوب علمي والدرجات التي تمنح عليها مقننة وتأخذ في اعتبارها الفوارق البدنية الوراثية‏...‏
هذا الاقتراح‏..‏ فائدته تعود مباشرة علي الطالب نفسه عندما يجد أنه امتلك ما يستحيل التفريط فيه‏..‏ امتلك جسما رياضيا ولياقة بدنية وهذه المرحلة السنية كل من فيها يحب أن يكون مميزا‏...‏
هذا الاقتراح فائدته تعود علي الأسرة التي وجدت مادة دراسية بلا دروس خصوصية وتعد أكبر حماية لأبنائها من الانحراف وهذا وحده مكسب لا يقدر بمال‏...‏
هذا الاقتراح هو أقل ما نقدمه لوطن حقه علينا أن نقدم له أجيالا قوية عفية قادرة علي حماية حدوده وتأمين ربوعه بإنتاجها وبتوازنها البدني والنفسي والصحي‏...‏
تعالوا نجعل ال‏15‏ مليونا و‏200‏ ألف طالب وطالبة في المدارس المصرية‏..‏ قوة نفخر ونستفيد بها‏...‏ لا أن نشفق عليها ونخجل منها‏...‏
‏........................................................‏
‏**‏ الأسبوع الماضي تناولت علي كل هذه المساحة قضية القمح الذي يقوم عليه رغيف الخبز الذي وصفه المصريون باسم رغيف العيش أي رغيف الحياة‏..‏ والوصف المصري لرغيف الخبز يدل علي أهميته البالغة للمصريين الذين يرون كل السلع الغذائية قابلة للاستثناء من قائمة الاستهلاك اليومي إلا رغيف العيش فلا استغناء عنه ولا استثناء منه‏..‏
كتبت بالتفصيل الموثق بأرقام ومعلومات استندت إليها من نشرة يوليو التي يصدرها مركز العقد الاجتماعي وثيق الصلة بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء‏...‏
أوضحت فيما كتبت الجمعة الماضي تفاصيل أزمة الغذاء العالمي‏1974‏ وأزمة‏2007‏ وكيف أن تقلبات المناخ عامل مشترك في الأزمتين وعامل مؤثر فيما لو طالت الدول الرئيسية في إنتاج الحبوب الغذائية وكيف أن محاصيلها تدمرت من جراء المناخ وكيف انعكس الأمر علي المخزون العالمي وبالتالي تحول إلي أزمة غذاء يعاني منها العالم‏...‏
أوضحت أن ارتفاع أسعار الطاقة عامل آخر في أزمات الغذاء العالمي نتيجة اعتماد الميكنة الزراعية علي الطاقة ووسائل النقل المستخدمة زراعيا علي الطاقة ونقل الغذاء ذات نفسه مرتبط بالطاقة‏...‏
أوضحت أن ارتفاع أسعار الطاقة دفع بدول كثيرة في العالم وأمريكا أولها إلي استخراج الوقود الحيوي من الحبوب الغذائية بعد أزمة غذاء‏1974‏ وأن اكتمال هذا المشروع‏..‏ مشروع الوقود الحيوي جاء سببا رئيسيا في أزمة غذاء العالم‏2007‏ بالمشاركة مع المناخ السيئ الذي ضرب دولا أساسية في إنتاج الحبوب مثل كندا وأستراليا والأرجنتين والصين‏...‏
ذكرت التوصية التي خلصت إليها الدراسة المحترمة التي قام بها مركز العقد الاجتماعي وثيق الصلة بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار الحكومي والتي توصلت إلي الأهداف المقترحة للسياسات الزراعية المصرية والبرامج اللازمة لتفعيلها في مواجهة أزمات الغذاء العالمية‏..‏ والأهداف اثنان والبرامج ثلاثة عشر برنامجا والهدفان والبرامج ال‏13‏ لأجل رفع مستوي الاكتفاء الذاتي من القمح محليا إلي أن نصل لليوم الذي نزرع فيه القمح الذي يكفينا ولا نكون تحت رحمة الغير في استيراد قمح رغيف العيش الذي نأكله‏...‏
خلاصة ما عرضته الأسبوع الماضي من خلال الدراسة العلمية‏..‏ انتهي إلي حقيقتين لابد أن نعرفهما ولابد أن نواجههما‏:‏
الأولي‏:‏ أن أزمات الغذاء في العالم مستمرة وفي تزايد مع تزايد المناخ المتقلب وتزايد استخراج الوقود الحيوي من الحبوب حتي إنه وصل في‏2006‏ إلي قرابة ال‏40‏ بليون لتر إيثانول وحوالي‏6.4‏ مليون لتر زيت ديزل حيوي ولكي نعرف حجم الحبوب التي حرمنا منها الإنسان كغذاء لأجل أن تكون وقودا‏..‏ وحكاية الوقود من الحبوب هي اختراع أمريكي ومخطط أمريكي يدعو إلي خفض الاعتماد علي البترول كمصدر للطاقة حتي وإن كان الوقود المستخرج من الحبوب تكلفته أكبر من البترول وهي الحقيقة وليذهب البشر الذين يأكلون الحبوب إلي الجحيم‏..‏ وللعلم ال‏100‏ لتر وقود حيوي يتم استخراجها من‏240‏ كيلو ذرة وهذه الكمية من الذرة تكفي تغذية شخص لمدة عام‏...‏
والحقيقة الثانية خلاصتها كلمتان في سطرين‏...‏ أنه عندما يتعلق الأمر بغذاء الشعب فالأمر يفرض تدخل الحكومة من خلال وضع سياسات وتنفيذ استراتيجيات أهدافها محددة ومتابعة وتقويم وتصحيح مسار هذه الأهداف‏...‏
لابد أن تتدخل الحكومة الآن وتدخلها أمر واجب وليس خيارا مطروحا لأن ترك الأمور تحت رحمة أخطار الأزمات العالمية المتتالية للغذاء وقبضة المتحكمين هنا في الأسعار‏..‏ هو انتهاك صريح لحق إنساني أصيل‏...‏
‏...‏ حق الإنسان في الغذاء‏...‏
تلك المقدمة الطويلة كان لابد منها لأن القضية تمثل خطرا حقيقيا قليلا ما نتكلم فيه وكثيرا ما ننساه‏..‏ وعندما تناولتها يوم الجمعة الماضي شاءت الظروف أن يكون طرحها في أول أيام العيد وفي العيد القليل منا من يقرأ الصحف لأن الكثير منا يكون علي سفر‏...‏
كان لابد اليوم من تلخيص لما نشرته الأسبوع الماضي لأن كثيرا من الأصوات المؤثرة داخل الحكومة مازال يري أن شراء العبد ولا تربيته‏..‏ يري أن نشتري القمح ولا نزرعه‏..‏ لماذا يري حضراتهم هذا لا أعرف وعلي أي أساس يرونه لا أعلم والمهم أنهم ضد نظرية الاكتفاء الذاتي وأي مشتقات لها مثل تقليص الاستيراد بزيادة الإنتاج المحلي‏..‏
هذه المقدمة الطويلة قصدتها لأنني قرأت تصريحا منسوبا إلي مسئول في وزارة الزراعة عن نية الوزارة في طرح‏50‏ ألف فدان علي المستثمرين لأجل زراعتها بالقمح‏...‏
قرأت التصريح ولم أفهم شيئا منه وكل الذي عرفته أن الوزارة ستقوم بوضع شروط المناقصة أو المزايدة وعندما تنتهي من وضع الشروط يتم الطرح‏...‏
لم أفهم شيئا لأنني لم أجد كلمة توحي بجدية الأمر‏!.‏ كيف؟
لأن القمح كما نعرف من الزراعات الشتوية وتتم زراعته في أول نوفمبر وعلي ما أتذكر أنه يعتمد علي خمس مرات ري‏..‏ أي أن المناطق الشمالية للبلاد بإمكانها زراعة القمح والشعير علي مياه الأمطار باعتبار أن شمال مصر علي ساحل البحر المتوسط تتعرض لأكثر من خمس‏'‏ نوات‏'‏ خلال الشتاء و‏'‏النوة‏'‏ طقس متقلب مصحوب بالمطر الغزير‏...‏
طيب إن كانت الوزارة تريد حقا زراعة ال‏50‏ ألف فدان قمحا هذا الموسم‏..‏ فالمفروض أن تكون هذه الأرض بالفعل تحت يد من سيزرعها لأن المتبقي علي نوفمبر أقل من شهر ونصف الشهر‏...‏
لم أفهم شيئا لأن عنوان الموضوع شيء والتفاصيل أشياء مختلفة جذريا عن العنوان‏!.‏ الكلام عن أن الحكومة تحركت وستزرع‏50‏ ألف فدان قمحا‏..‏ والتفاصيل تتحدث عن إجراءات ورقية تتطلب شهورا لتنفيذها بما يؤكد أن زراعة ال‏50‏ ألف فدان لو تمت السنة المقبلة تبقي معجزة‏!.‏ نتكلم عن قرار مؤكد أنه لم يصدر لتشكيل لجنة وضع الشروط‏..‏ شروط زراعة ال‏50‏ ألف فدان والله أعلم متي يصدر وعندما يصدر القرار تعقد اللجنة أول جلسة لمناقشة رءوس الموضوعات وينتهي الأمر بتوصية لأجل تشكيل مجموعة لجان منبثقة كل في تخصصها‏..‏ واحدة قانونية وواحدة مالية وواحدة زراعية وعندما تصدر قرارات التشكيل يتم الدعوة لاجتماعات كل لجنة علي حدة وهذه حدوتة الله أعلم بنهايتها لأن الأمر لم ينته لأن وجهات النظر التي انتهت إليها اللجان المنبثقة عن اللجنة الرئيسية تضاربت لأن وجهات النظر القانونية والمالية والزراعية لم تتفق علي إطار للأسلوب الأمثل لطرح ال‏50‏ ألف فدان في مناقصة أو مزايدة‏...‏
لم أفهم شيئا لأن المطروح من كلام تناوله الإعلام‏..‏ هو مجرد أرقام وتصريحات ليس فيها تحديد لوقت أو جزم بقرار‏...‏
أنا شخصيا علي يقين من أن وزارة الزراعة تريد زراعة‏50‏ ألف فدان قمحا لأجل تقليص الفجوة الهائلة ما بين إنتاجنا للقمح واستهلاكنا له‏..‏ قناعتي تامة بهذا ولكن‏!.‏
ضيق الوقت يتطلب أفكارا عملية غير تقليدية وعندما نقلب في أوراق الأزمات التي تعرضنا لها‏..‏ نري بوضوح أن الأزمات مختلفة وحلها جاء علي يد جهة واحدة‏!.‏ عندما احتدمت أزمة المخابز وإنتاج رغيف العيش مثلا‏..‏ القوات المسلحة هي التي أنقذت الموقف‏..‏ وعندما تكون هناك صعوبة في توصيل الخدمات الطبية إلي مناطق عديدة في سيناء‏..‏ قوافل القوات المسلحة الطبية هي التي تنقذ الموقف‏..‏ وأزمات كثيرة ليس هنا مجالها‏...‏
في اعتقادي أن الحل الأمثل هو تكليف القوات المسلحة بملف تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح وجهاز الخدمة الوطنية في القوات المسلحة يقدر عليه وهناك تجربة في المنطقة الغربية تمت ولا أعرف لماذا توقفت‏...‏
المهم الآن تسليم ال‏50‏ ألف فدان للقوات المسلحة لأجل زراعتها بالقمح إن كنا نريد فعلا زراعة القمح لا استيرادها‏..‏ والقوات المسلحة بنظامها والتزامها وانتمائها وعقيدتها هي ضمانتنا الوحيدة في أن تبقي هذه الأرض زراعية منتجة للقمح ولا تتحول إلي منتجعات وقصور وأراض بالهبل خضراء لكن خضرتها للجولف وليست للغذاء‏...‏
‏...‏ الرجال الذين يحمون بأرواحهم مقدسات وطن‏..‏ قادرون علي تأمين رغيف العيش لأبناء الوطن‏...‏
وللحديث بقية مادام في العمر بقية
[email protected]

المزيد من مقالات ابراهيم حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.