ذروة سخونة المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025، أجرت مجلة روزاليوسف حوارًا مع الدكتور فريد زهران، المرشح الرئاسى السابق، ورئيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، للحديث عن المشهد السياسى والانتخابى، خاصة مع تواجد 5 من مرشحى الحزب فى الدوائر التى قررت الهيئة الوطنية للانتخابات إعادة العملية الانتخابية بها بسبب وجود تجاوزات فى المرحلة الأولى. هاجم «زهران» ما وصفه بسطوة «المال السياسي» الذى بات برأيه يتحكم فى مفاصل الحياة السياسية، معلنًا أن تركيزه سينصب على تعزيز دور الحزب المصرى الديمقراطى كقوة معارضة رئيسية داخل البرلمان الجديد. كيف تقيم سير العملية الانتخابية فى المرحلة الثانية، خاصة بعد المخالفات التى رصدت فى المرحلة الأولى؟ - دعنى أبدأ أولًا، بالتعليق على مسألة إعادة الانتخابات فى 19 لجنة فقط فى المرحلة الأولى، فحتى الآن لم تعلن طبيعة الخروقات التى وقعت فى تلك اللجان تحديدًا واستدعت الإعادة. نحن كمواطنين لا نعرف ما هى المعايير التى استندت إليها الهيئة الوطنية للانتخابات لإعادة التصويت فى هذه اللجان دون غيرها، ومن المسئول عن تلك الخروقات، ولماذا لم يُحاسب، لقد وقعت انتهاكات سواء بالدعاية أمام اللجان الانتخابية أو شراء اصوات، ومع وجود أدلة موثقة دفعت الهيئة الوطنية للانتخابات إلى إعادة الانتخابات فى تلك الدوائر، لماذا لم يحاسب المتورطون؟ وكيف يسمح للمرشح الذى ثبت ارتكابه تجاوزات أن يشارك فى جولة الإعادة من جديد؟ ما حدث، نراه يمثل ظلمًا بينًا لحزبنا، لأنه ساوى بين مرتكبى الخروقات وبين الملتزمين، حزبنا لديه 5 مرشحين فى الدوائر التى تُعاد فيها الانتخابات، مرشح فى دمنهور وإبشواى بالفيوم وأبو طشت ومرشحين فى نجع حماد، وكلهم ملتزمون ولم تسجل عليهم أى مخالفات. أما بالنسبة للإجابة على سؤالك: فالانتخابات بالمرحلة الثانية شهدت تحسنًا ملحوظًا فى أداء الهيئة الوطنية للانتخابات، وكان هناك تجاوب دائم مع اتصالاتنا. أما فى المرحلة الثانية، فقد عقدت الهيئة اجتماعًا مع ممثلينا القانونيين وشرحت لهم آليات التفاعل، وأعطتهم أرقام تواصل مباشرة بممثلى الهيئة. وقد كان أداء الهيئة بصفة عامة أفضل كثيرًا، لكن هذا لم يمنع من وقوع انتهاكات بالمرحلة الثانية أيضًا. ما أبرز الخروقات التى رصدها الحزب فى المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية ؟ تتمثل أبرز المخالفات، فى محاولة البعض ممارسة الدعاية الانتخابية أمام أبواب اللجان، والأداء غير الموفق من قبل رؤساء اللجان الانتخابية، وتوجيه الناخبين، والرشاوى الانتخابية. رغم إعادة الانتخابات فى 19 دائرة بالمرحلة الأولى- فإن الانتهاكات نفسها تكررت كما أشرت وإن كانت بدرجة أقل.. كيف تفسر ذلك؟ عندما يكون هناك نسبة فقر مرتفعة وسطوة للمال السياسي. فإن كل هذه أسباب موضوعية تجعل شراء الأصوات واردًا، المال السياسى كان معروفًا أنه يستخدم فى الدعاية الانتخابية، لكن للأسف أصبح يستخدم لشراء الأصوات. العملية الانتخابية لا تتم على أسس من الوعى والمعرفة السياسية بالمرشح، وهذه ظاهرة موجودة منذ فترة طويلة، لكن بعد بيان رئيس الجمهورية وقرار الهيئة الوطنية للانتخابات إعادة الانتخابات فى 19 دائرة، كنا نتوقع تجنب حدوث انتهاكات بالمرحلة الثانية. ما رأيك فى ردود الفعل حول نتيجة المرحلة الأولى بعد بيان رئيس الجمهورية؟ أظهرت أن بعض الأحزاب والقوى السياسية تمارس سلوكًا يكشف عن درجة عالية من النفاق وغياب المبدئية، ظنًا منهم أن ذلك يثبت ولاءهم للسلطة، رغم أن هذا النفاق يضر مؤسسات الدولة ولا يخدمها. وقد بلغ النفاق السياسى لدى بعضهم حدًّا كبيرًا، إذ تخلى سياسيون ينتمون إلى أحزاب مصنفة معارضة عن أحزابهم، وترشحوا فى الانتخابات الأخيرة على قوائم أحزاب موالية. كما أن بعض مؤسسى أحزاب دخلوا البرلمان على أساسها، تركوا أحزابهم وترشحوا عبر قوائم أحزاب أخرى، هذه ظاهرة تعكس غياب المبدأ الحزبى بشكل واضح. لذلك يمكن القول إن الحياة الحزبية الحقيقية تكاد تكون غائبة، وغياب الوعى السياسى يبرز أصحاب الولاء المطلق، الذين يوافقون ويصفقون على أى قرار، حتى لو كان الأمر ونقيضه. لماذا فشلت المعارضة فى تشكيل «قائمة» موحدة لخوض الانتخابات الأخيرة ؟ للأسف، الشروط الموضوعة لتشكيل القوائم تعجز غالبية الأحزاب السياسية عن تلبيتها، فعندما تتكون القائمة من 102 مرشح أساسى و102 احتياطى، مع اشتراطات معقدة تتعلق بالفئات المطلوب تمثيلها داخل القائمة، يصبح الأمر بالغ الصعوبة من حيث الإمكانات البشرية والمادية لأى حزب. ومن ثم، تكمن المشكلة الحقيقية فى النظام الانتخابى نفسه. فنحن نرفض منذ البداية نظام القائمة المطلقة، وطالبنا مرارًا وتكرارًا بضرورة تعديل النظام الانتخابى بما يتيح مشاركة أوسع وتمثيلًا أكثر عدالة للقوى السياسية. ما هو دور حزبكم الذى ينتمى إلى المعارضة فى المشهد السياسى الحالى؟ لدينا دور رئيسى وكبير فى المشهد السياسى الحالى، إذ نعتبر الحزب المعارض الرئيسى، ليس فقط من حيث عدد النواب، بل من حيث الفاعلية فى العمل السياسى والمواقف العملية. أنا لا أرى أن عدد النواب هو المعيار الأساسى للمعارضة. فى البرلمان السابق لم نكن الحزب الأكثر عددًا بين الأحزاب المعارضة، وكانت هناك أحزاب أخرى أكبر منا عدديًا، لكنها لم تكن فعالة مثلنا. وعلى سبيل المثال كان نوابنا السبعة فقط هم من رفضوا قانون الإجراءات الجنائية، بينما هاجمنا آخرون علنًا. وفى البرلمان القادم، سنكون الحزب الأكثر تأثيرًا من حيث قوة المعارضة وقدرتها على التعبير عن مصالح الطبقات المهمشة والفئات الاجتماعية البسيطة، لنصبح الكتلة البرلمانية المعارضة الرئيسية التى تمثل صوت المواطنين بفاعلية. كم يبلغ عدد نواب الحزب فى مجلس الشيوخ، وكم بلغ عدد المرشحين فى انتخابات مجلس النواب ؟ يمثل الحزب فى مجلس الشيوخ بسبعة نواب، خمسة منهم عن القوائم واثنان بالتعيين. أما فى مجلس النواب، فيبلغ عدد مرشحى الحزب 40 عضوًا، منهم 9 عن القوائم و31 فى الدوائر الفردية على مرحلتى الانتخابات الأولى والثانية. ما أهم التشريعات التى يتبناها الحزب للعرض فى بداية انعقاد جلسات مجلس النواب القادم ؟ يركز الحزب على تعديل قانون الانتخابات البرلمانية، لإلغاء النظام الانتخابى للقائمة المطلقة المغلقة، لأنها تسببت فى عجز غالبية الأحزاب فى الوفاء بتشكيلها، بما أثر على المنافسة السياسية. كما نود أيضًا عرض قانون المحليات، الذى تأخر إقراره من جانب مجلس النواب على مدى دورتين متتاليتين، فلا يليق بمصر أن تظل بدون انتخابات محلية طوال هذه الفترة. لا بد أن تجرى انتخابات المحليات، وطالبنا بذلك مرارًا وتكرارًا، والمحليات ستجعل مشاركة الناس أوسع، فهى تدفعهم إلى تحمل المسئولية مع المؤسسات، وتؤدى إلى إبراز كفاءات مؤهلة مستقبلًا للانتخابات البرلمانية. كيف ترى الوضع الاقتصادى الحالى للبلاد؟ هناك بعض المظاهر الإيجابية، مثل انتعاش السياحة واستقرار سعر الصرف، لكن هذه المظاهر لا تعكس إصلاحات جذرية وهيكلية. لدينا مشكلة كبيرة تتمثل فى عدالة توزيع الثروة، ولا توجد عدالة اجتماعية، وأرى أن هناك خللًا فى أولويات الإنفاق الحكومي. كما يجب إعلان سياسة واضحة فى اتجاه رفع الإنتاجية، والإنفاق فى الاستثمار الصناعى والإنتاجى، وعلى قطاعى التعليم والصحة، بالإضافة إلى أن معدل الديون أصبح كبيرا. كما أن هناك جزءا رئيسيا من المشكلة الاقتصادية يتمثل فى هيمنة مؤسسات الدولة على الاقتصاد، مما يخل بتكافؤ الفرص بالنسبة للاستثمارات الخاصة.