روابط قوية ومهمة جمعت بين الأزهر الشريف والفاتيكان منذ تولى البابا فرنسيس منصب البابوية فى الفاتيكان، وشهدت السنوات الأخيرة تطورًا ملحوظًا فى العلاقات والتعاون، من خلال زيارات متبادلة بين الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، والبابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، كان أبرزها اللقاء التاريخى فى أبوظبى عام 2019، والذى تُوج بتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية، التى دعت إلى السلام العالمى والعيش المشترك. حرص البابا فرنسيس من خلال هذه العلاقة على مواجهة خطاب التطرف والتشدد، والتصدى لكل أشكال التعصب الدينى والثقافى، فضلًا عن التعاون فى قضايا إنسانية كحماية اللاجئين، ومحاربة الفقر، والدفاع عن الكرامة الإنسانية.
واعتبر الأزهر البابا فرنسيس الراحل نموذجاً لرجل دين محب للتحاور ونشر ثقافة إنسانية قائمة على الأخوة الأمر الذى أدى إلى تقوية العلاقات بينه وبين شيخ الأزهر د. أحمد الطيب الذى عبر عن حزنه لوفاة البابا فرنسيس .. حيث نعى فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، الذى وافته المنية الاثنين الماضى بعد رحلة حياة حافلة بالعمل من أجل الإنسانية، ودعم قضايا المهمشين والمحتاجين والمضطهدين، ودفع مسيرة الحوار بين الأديان والثقافات المختلفة. وأكد شيخ الأزهر أن البابا فرنسيس كان رمزًا إنسانيًّا من طراز رفيع، وكان محبًّا للمسلمين، ومخلصًا فى نشر السلام، ويُذكر له أن آخر تصريحاته كانت للدفاع عن فلسطين وأهل غزة المضطهدين، وقد أسهمت جهوده فى دفع جهود الحوار الإسلامى - المسيحى، فى توقيع وثيقة الأخوَّة الإنسانية التاريخية عام 2019. ووجه شيخ الأزهر تغريدة بأربع لغات: العربية والإنجليزية والإيطالية والإسبانية، نشرها على على صفحته بموقعى التواصل الاجتماعى فيسبوك وإكس، كتب فيها: « فقد العالم اليوم رمزًا إنسانيًّا من طراز رفيع، الصديق العزيز قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، الذى سخَّر حياته لخدمة الإنسانية، ومناصرة قضايا الضعفاء واللاجئين والمظلومين، ودعم الحوار والتفاهم بين الأديان والثقافات المختلفة، كان محبًّا للمسلمين، مخلصًا فى نشر السلام، ويُذكر له أن آخر تصريحاته كانت للدفاع عن فلسطين وأهل غزة المضطهدين، وقد أسهمت جهوده فى دفع جهود الحوار الإسلامى - المسيحى، حتى وقَّعنا وثيقة الأخوَّة الإنسانية التاريخية عام 2019.. خالص عزائى إلى أسرة فقيد الإنسانية البابا فرنسيس، وإلى أتباع الكنيسة الكاثوليكية حول العالم». فيما يشارك وفد رسمى رفيع المستوى من الأزهر الشريف تقديم واجب العزاء فى البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية «بابا الفاتيكان»، الذى وافته المنية الاثنين الماضى، عن عمر ناهز ال 88 عاما، بعد رحلة حياة حافلة بالعمل من أجل الإنسانية. جهود مشتركة للأزهر وبابا الفاتيكان ولقد شارك فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر والبابا الراحل فرنسيس جهودًا كبيرة فى خدمة رسالة الإنسانية، وكان لتولى البابا فرنسيس أكبر الأثر فى عودة العلاقات بين الفاتيكان والأزهر فى مجال الحوار، قد بدأت عودة العلاقات بزيارة قام بها شيخ الأزهر د.أحمد الطيب فى مايو 2016 للفاتيكان حيث التقى البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، فى لقاء وصفه المتحدث باسم البابا «بالودى جدا»، استغرق نصف ساعة وتم خلاله التطرق إلى «السلام فى العالم ونبذ العنف والإرهاب ووضع المسيحيين فى إطار النزاعات والتوترات فى الشرق الأوسط». ويؤسس اللقاء التاريخى فرصة للمصالحة بين المؤسستين الدينيتين بعد عشر سنوات من التوتر على خلفية تصريحات للبابا السابق بنديكتوس السادس عشر ربطت بين العنف والإسلام. وقد تطوَّرت العلاقة بين الأزهر والفاتيكان فى عهد البابا فرنسيس حيث قام بحضور مؤتمر الأزهر العالمى للسلام فى أبريل عام 2017، وألقى كلمة شدد فيها فيها على نبذ العنف باسم الدين، وقال باللغة العربية «الدين لله والوطن للجميع باللغة العربية»، ووصف مصر بأرض اللقاء بين السماء والأرض والعهود بين البشر والمؤمنين. وقد جذب البابا فرنسيس والإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب أنظار العالم عندما التقيا فى الرابع من فبراير 2019م فى أبوظبى بالإمارات العربية المتحدة للتوقيع على وثيقة الأخوة الإنسانية، التى تمثّل إعلانًا مشتركًا يحث على السلام بين الناس فى العالم.. واعتبرها العالم واحدة من أهم الوثائق فى مسيرة البشرية، من حيث سعى بنى البشر للعيش بسلام وأمان بالعيش المشترك. ومنذ الإعلان عنها، حَظِيت هذه الوثيقة التاريخية باهتمام عالمى كبير؛ كونها صدرت عن أكبر رمزين دينيين فى العالم، فضيلة الإمام الطيب، وقداسة البابا فرنسيس؛ ففى 22 ديسمبر عام 2020 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع يوم 4 فبراير، الذى يوافق ذكرى توقيع الوثيقة، يومًا دوليًّا للأخوة الإنسانية، يحتفى به العالم كل عام؛ اعترافًا منها بأهمية ما تضمنتْه الوثيقة من مبادئ إنسانية سامية، والتأكيد على أن التفاهم المتبادل والحوار البنَّاء يشكلان بُعدين مهمين من الثقافة العالمية للسلام والوئام بين جميع البشر على اختلافهم وتنوعهم. وفى 4 فبراير 2021 احتفى العالم لأول مرة باليوم العالمى للأخوة الإنسانية، كما سُجلت الحملة العالمية «رسائل الأخوة الإنسانية» ضمن موسوعة جينيس للأرقام القياسية، باعتبارها أكبر عدد تعهُّدات لحملة عالمية للسلام خلال 24 ساعة، وفى اليوم نفسه من عام 2022 احتفى العديد من رموز وقادة العالم؛ أبرزهم: فضيلة الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب وقداسة البابا فرنسيس والرئيس الأمريكى جو بايدن بالذكرى الثانية لذكرى اليوم الدولى للأخوة الإنسانية، كما نظمت العديد من الفعاليات المختلفة فى إكسبو دبى 2020 بالتعاون مع وزارة التسامح والتعايش بدولة الإمارات العربية المتحدة؛ احتفاء بهذه المناسبة. وقد شهد عام 2022 انطلاقةً عالميةً لوثيقة الأخوة الإنسانية؛ ففى 19 مايو 2022 أعلن رئيس تيمور الشرقية اعتماد وثيقة الأخوة الإنسانية وثيقة وطنية لبلاده وإدراجها ضمن مناهج التعليم، كما اعتمد قادة وزعماء الأديان العالمية والتقليدية المشاركون فى المؤتمر السابع فى كازاخستان وثيقة الأخوة الإنسانية باعتبارها أساسًا للمساهمة فى تعزيز السلام والحوار. وفى أكتوبر 2022، قام مؤتمر الولاياتالمتحدة للأساقفة الكاثوليك بتوزيع وثيقة الأخوة الإنسانية على أكثر من 200 من الأساقفة فى أمريكا، والتزموا باستخدام الوثيقة مرجعًا للحوارات الوطنية بين الأديان فى المستقبل. كما أدرجت جامعات ومدارس فى الإمارات العربية المتحدة ومصر ومملكة البحرين ولبنان وإيطاليا والولاياتالمتحدةالأمريكية وغيرها الوثيقة فى برامجها الدراسية، كما أصبحت الوثيقة محل اهتمام العديد من الباحثين حول العالم. وتعد جائزة زايد العالمية للأخوة الإنسانية، التى تحتفى كل عام بالأشخاص أو الكيانات؛ التى تقدم إسهامات جليلة فى تعزيز قيم التعايش والأخوة الإنسانية، إحدى ثمار هذه الوثيقة التاريخية الملهمة. اجتماع البحرين للحوار لقاء مهم آخر جمع بين شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان فى نوفمبر 2022، خلال اجتماع حوار مجلس حكماء المسلمين وكبار رجال الكنيسة الكاثوليكية، تحت عنوان «الحوار بين الأديان وتحدِّيات القرن الواحد والعشرين»، بقصر الصخير الملكى بالعاصمة البحرينيةالمنامة، وكانت الكلمات الرئيسة فى الاجتماع لفضيلة شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، وبابا الفاتيكان، حول الجهود المستقبلية المشتركة بين مجلس حكماء المسلمين والكنيسة الكاثوليكية، ودور المجلس فى دعم وإرساء قيم الإخاء الإنسانى ونشاطه المكثف فى هذا الشأن فى ظل ما يشهده العالم من صراعات تحتاج تدخل صوت الحكمة لإنهائها وبسط روح الأخوة والسلام بين البشر. وزير الأوقاف قى سياق متصل، نعى الدكتور أسامة الأزهرى، وزير الأوقاف - ببالغ الحزن والأسى- قداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، الذى وافته المنية بعد مسيرة حافلة بالعطاء والجهود الإنسانية النبيلة، متقدمًا بخالص العزاء وصادق المواساة إلى الكنيسة الكاثوليكية وإلى جميع أبنائها حول العالم. وأكد الأستاذ الدكتور أسامة الأزهرى، أن البابا فرنسيس كان شخصية فريدة فى عطائها، ورمزًا عالميًا فى الدفاع عن القيم الإنسانية، ومثالًا يُحتذى به فى الإخلاص لقضايا السلام مشيرًا إلى أن الفقيد الراحل سطّر صفحات مضيئة فى سجل التفاهم والتقارب بين الشعوب، وسعى بكل صدق إلى بناء جسور من المحبة والتسامح بين أتباع الديانات المختلفة.. وأضاف وزير الأوقاف إن التاريخ سيذكر للبابا فرنسيس مواقفه الشجاعة فى إعلاء صوت الإنسانية فى وجه الحروب والنزاعات، وحرصه على الدفاع عن المظلومين والفقراء واللاجئين، مشددًا على أن تلك الرسالة السامية التى حملها طوال حياته تمثل نموذجًا راقيًا. وأشار وزير الأوقاف إلى أنه سيظل ممنونًا للقاء الذى جمعه بقداسة البابا فرنسيس فى مقر إقامته بالفاتيكان، شاكرًا الحفاوة التى تفضل بها البابا، حيث دار بينهما حوار ودى عميق حول سبل تعزيز التفاهم بين أتباع الديانات، وقد شارك فى اللقاء المونسينيور يوأنس لحظى جيد، السكرتير الشخصى السابق لقداسة البابا ورئيس مؤسسة الأخوة الإنسانية المصرية، فى مشهد يعكس عمق التقدير المتبادل، ويؤكد متانة العلاقات الروحية والإنسانية التى تربط بين القيادات الدينية الكبرى فى العالم.. وأضاف الدكتور أسامة الأزهرى إن اللقاءات التى جمعت البابا فرنسيس بعدد من القيادات الدينية فى العالم، وعلى رأسهم فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، كانت خطوات فارقة فى مسار تعزيز الحوار بين الأديان، وتأكيدًا أن الرسالات السماوية جاءت جميعها لترسيخ الرحمة والسلام فى الأرض. واختتم وزير الأوقاف بيانه بالتأكيد على أن العالم فقد برحيل البابا فرنسيس صوتًا نقيًّا من أصوات الحكمة، وعقلًا مضيئًا من عقول التسامح، وقلبًا نابضًا بحب الخير للناس جميعًا. شخصية انسانية كما نعى فضيلة أ.د نظير محمد عياد، مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، قداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، الذى وافته المنية عن عمر ناهز 88 عامًا، مشيدًا بمسيرته الحافلة التى عبّرت عن حضور إنسانى مؤثر وسعى دؤوب لتعزيز التفاهم والتقارب بين الشعوب والأديان. وأكد مفتى الجمهورية، أن البابا فرنسيس كان واحدًا من الرموز الدينية العالمية التى كرّست حياتها لترسيخ ثقافة السلام، وتعزيز قيم التفاهم والتسامح، ومدّ جسور المحبة بين أتباع الأديان، فى إطار من الحوار الجاد والمسئول، وكان صوتًا حاضرًا فى الدفاع عن الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية فى مختلف المحافل، وأن مواقفه ستظل محفورة فى ذاكرة الضمير الإنسانى. وتقدَّم مفتى الجمهورية، بخالص العزاء وصادق المواساة إلى أسرة الفقيد الراحل وإلى الكنيسة الكاثوليكية فى العالم، داعيًا أن تتواصل الجهود المخلصة لبناء عالم يسوده السلام والرحمة والتفاهم بين الشعوب.