لم يكن حديث الرئيس عبدالفتاح السيسى مؤخرًا حول ضرورة مواجهة الأزمة السكانية هو الأول، إذ إنه بالعودة إلى النصف الأول من العام 2015، نجد الرئيس السيسى يطرح القضية بشكلٍ واضح، لا سيما حين طالب وسائل الإعلام فى إحدى الندوات التثقيفية بضرورة مناقشة مشكلة الزيادة السكانية. بعد الحديث الأخير للرئيس حول الأزمة السكانية، أطلقت دار الإفتاء المصرية حملة توعوية جديدة عبر منصّات التواصل الاجتماعى من خلال هاشتاج: «تنظيم_النسل_جائز»، وتزامن ذلك مع نشر دار الإفتاء عبر موقعها الرسمى فتوى حول تنظيم النسل، كما أكدت عبر صفحتها الرسمية «أن القائم بتنظيم النسل، أو مؤيده، ليس متدخلًا فى قدر الله أو معترضًا عليه، لأنه من باب الأخذ بالأسباب». وكان الرئيس السيسى، أعلن مؤخرًا أن الزيادة السكانية تؤثر بشكلٍ سلبى على القطاعات كافة، وأن هناك زيادة سكانية سنوية تُقدر بنحو 400 ألف طفل، مؤكدًا خلال كلمته «أن أكثر من طفلين مشكلة كبيرة جدًا»، وكشف الرئيس أنه سيتم مواجهة الزيادة السكانية من خلال برنامج، وليس من خلال إصدار قوانين حادة. فى الوقت ذاته، تشهد وحدات تنظيم الأسرة فى المناطق المختلفة، يوميًا تزاحمًا منذ الصباح وحتى الثانية عشرة ظهرًا، بسبب حرص السيدات الراغبات فى استخدام وسائل منع الحمل المختلفة. ونظرًا لأهمية القضية على المستوى الاجتماعى والاقتصادى، التقت «روزاليوسف» عددًا من السيدات للتعرّف إلى وجهات نظرهن فى قضية تحديد النسل. حكايات السيدات أمام وحدة الطالبية لتنظيم الأسرة بالجيزة، تجلس «مبروكة» الأربعينية وهى أم لبنتين فى المرحلة الابتدائية، والتى تحرص على زيارة عيادة تنظيم الأسرة كل 3 أشهر للاطمئنان على صحتها، تقول: «كنت مركبة وسيلة، بعد ولادة بنتى الأخيرة منذ 6 سنوات، من وقتها وأنا بعمل متابعة على الوسَيلة كل 3 شهور». تضيف مبروكة التى حُرمت من استكمال تعليمها أن «إنجاب بنتين كفاية علشان أعرف أعلمهم وأربيهم كويس.. أنا اتحرمت من التعليم، ومش عايزة بناتى يتحرموا منه، نفسى بناتى تدخل الجامعة». تتابع مبروكة التى تعمل مع زوجها فى حراسة أحد العقارات، حديثها: «لو سمعت كلام بعض ناس، وخلفت أكثر من 2 بحجة أن العيال عزوة وسند، كنت منين أجيب صحة علشان أربيهم وأشتغل فى نفس الوقت». وبجوار مبروكة، كانت تجلس «أم أحمد» والتى قالت إن: «السيدات أصبحن أكثر وعيًا بشأن ضرورة تنظيم النسل عن الماضى، لأسباب كثيرة، أهمها ظروف المعيشة، التى من الصعب توفيرها دون مشاركة الزوجين فى العمل». وأضافت «أم أحمد» التى تعمل مع زوجها فى حراسة جراج سيارات منذ 12 عامًا، أنها أم لثلاثة أولاد، ولا ترغب فى الإنجاب مرةً ثانية، لذلك حرصت على استخدام وسيلة منع الحمل، مشيرة أنها كل شهرين تذهب مع جيرانها إلى عيادة تنظيم الأسرة، للمتابعة وللتأكد من عدم وجود أى أعراض جانبية من وسيلة منع الحمل. وداخل وحدة تنظيم الأسرة بالعمرانية جاءت «آية محمد» التى كانت تحمل رضيعها، بهدف تركيب وسيلة الحمل، بعد إنجاب الطفل الأول، مؤكدة أنها لا ترغب فى إنجاب طفل آخر، بسبب ظروف الحياة القاسية، ودخل زوجها غير المستقر، قائلة: «الدخل على القد وإحنا مش حِمل مصاريف وخلفة تانى». ولم تتردد آية فى التعبير عن رفضها لحملات الهجوم على دعوات تنظيم النسل، قائلة: «تنظيم النسل حرام؟! طيب ومش حرام نجيب عيال ومنعرفش نربيهم؟ وفى الآخر ماتلوموناش لما عيالنا يطلعوا بلطجية!». اتنين كفاية.. شعار السيدات «اتنين كفاية».. هكذا بدأت «ياسمين طه» حديثها أثناء تواجدها أمام وحدة تنظيم الأسرة، إذ جاءت من أجل تطعيم نجل شقيقتها التى تسكن بالعمرانية فى الجيزة، وهى أم لطفلين فى مراحل التعليم المختلفة، وتؤكد أنها لا ترغب أن يعيش أبناؤها كما عاشت هى مع أشقائها حياة صعبة، موضحة أنها كان لديها 8 أشقاء. تقول «ياسمين» إنها عاشت حياة صعبة بسبب بساطة دخل والدها الذى كان مُطالبًا بالإنفاق على 9 أبناء، لذلك قررت من قبل الزواج إنجاب طفلين فقط لتجنب ما حدث لها فى طفولتها. وتابعت: «فكرة كثرة الإنجاب انخفضت كثيرًا عن السابق، زمان الست كانت بتغير من قريبتها، ويتنافسوا مين يجيب الولد فى العيلة، لكن حاليًا بقى فيه وعى، كل واحدة بقت بتتنافس مين يعلم أولاده أحسن من التانية». ومن أمام مكتب تنظيم الأسرة إلى معمل تحاليل الوحدة الصحية، حيث تجلس مجموعة من السيدات فى انتظار نتائج تحاليل متابعة وسيلة منع الحمل.. تقول «نرمين» وهى ثلاثينية، جاءت من أجل الاطمئنان على حالتها الصحية، إنها لا تفكر فى الإنجاب مرة ثانية، وهذا بالاتفاق مع زوجها، بهدف توفير حياة مناسبة للطفل سواء بالنسبة لمستوى المعيشة أو التعليم أو الصحة، مشيرة إلى أنها كانت أنجبت طفلة من قبل، لكن توفيت بعد 6 أشهر من ولادتها، لأنها كانت مريضة، وعلاجها كان يحتاج إلى مبالغ كبيرة لأنه كان لا بد من استيراده من الخارج. ومن «نرمين» إلى «سماح» التى تتعرّض لضغوط معيشية كبيرة من ناحية زوجها وأسرته، تقول إنها ترفض فكرة الإنجاب مرة أخرى بعد أن أنجبت طفلها، حتى تتمكن من توفير حياة مستقرة لابنها خاصةً من ناحية التعليم. وأضافت: المرأة سواء كانت متعلمة أو غير ذلك باتت تهتم بموضوع تحديد النسل، لا سيما وأن الحالة الصحية للسيدات اختلف كثيرًا عن الماضى. ووسط الحديث حول ضرورة تنظيم النسل، جاءت «شيرين» التى تعانى تداعيات كثرة الإنجاب، إذ وقعت فى فخ مقولة «الولد سند إخوته البنات».. وبسبب انتظار الولد، أصبحت شيرين أمًا لأربعة أطفال، أنجبتهم خلال 6 سنوات، بعد إصرار زوجها ووالدته على إنجاب ولد. تقول شيرين إنها كانت تريد الاكتفاء بعد إنجاب طفلتين، لا سيما وأن زوجها «صنايعى على باب الله»، مؤكدة أن ظروفهم المادية كانت أفضل بكثير، كل شىء كان متوفرًا، قبل إنجاب الطفل الثالث ثم الرابع. تحدثت أم البنات عن حالتها الصحية المتدهورة، لتنصح النساء بضرورة الاكتفاء بطفل أو اثنين فقط من أجل توفير حياة كريمة للأسرة. من جانبها، أكدت الدكتورة عزة حسن وهى طبيبة بقطاع تنظيم الأسرة بمستشفى المنيرة العام بالسيدة زينب، على تزايد أعداد السيدات الراغبات بوضع وسائل منع الحمل، مشيرة إلى أن أغلب من يطالبون بتأجيل الإنجاب هن من حديثى الزواج، وهذا يؤكد على زيادة الوعى لديهن، موضحة أنه فى هذه القضية لا يوجد فرق بين المتعلمة وغير المتعلمة، مشيرة إلى أن وزارة الصحة توفر أكثر من وسيلة لتنظيم النسل، ومنها عقاقير تُقدم بالمجان داخل الوحدات الصحية، فى حين أن سعر القرص الواحد من هذه العقاقير يصل إلى 1000 جنيه. 1 3