أول طعن ضد مرشح بالقائمة الوطنية في القليوبية وتنازل نائب مستقبل وطن عن الترشح    انسحابات متتالية بصفوف مرشحي حزب المحافظين في انتخابات النواب    الأعلى للآثار يوقع بروتوكول مع مصلحة الضرائب لتحقيق أفضل عائد من الأملاك    وصول وفد من حركة حماس إلى مصر للقاء الأسرى المبعدين    مقتل رئيس هيئة الأركان اللواء محمد عبد الكريم الغماري بجماعة أنثار الله الحوثية    3 عوامل ترجح كفة سالم الدوسري لحصد جائزة أفضل لاعب في آسيا.. مونديال الأندية والأرقام الفردية تعزز من فرص قائد الهلال السعودي    بعد شائعة تلقيه رشاوى، هشام نصر يعقد جلسة مع رئيس قطاع الناشئين بالزمالك    درجات الحرارة اليوم الخميس في مصر    الأخلاق أفعال لا أقوال، الأوقاف تعلق على واقعة المسن ضحية أتوبيس المنصورة    انطلاق حفل افتتاح الدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائي (بث مباشر)    أفضل طريقة لقلي الطعام بدون أضرار على الصحة    وعظ كفرالشيخ يشارك في ندوة توعوية بكلية التربية النوعية    الهيئة الإنجيلية تشارك في دعم المتضررين في غزة    طالبان الأفغانية تلقي باللوم على باكستان في هجومين بطائرات مسيرة على كابول    الكرملين: روسيا مستعدة لتقديم كل المساعدة اللازمة للشعب الفلسطينى    روما يقترب من استعارة زيركيزي لاعب مانشستر يونايتد في يناير    جبالي في وداع الأعضاء: مجلس النواب بالنسبة لي بيتًا للضمير الوطني    جامعة قناة السويس تطلق فعاليات«منحة أدوات النجاح»لتأهيل طلابها وتنمية مهاراتهم    وفد بيراميدز يجري جولة تفقدية لملاعب التدريب في قطر قبل مباريات الإنتركونتيننتال    ترتيب هدافي الدوري المصري قبل انطلاق الجولة ال 11    محامي زيزو ل"اليوم السابع": أدلة مستحقات اللاعب في اتحاد الكرة    إزالة 6 تعديات على أملاك الدولة والأراضي الزراعية خلال حملات في كفرالشيخ    محافظ كفر الشيخ يناقش موقف تنفيذ مشروعات مبادرة «حياة كريمة»    ضبط معمل تحاليل غير مرخص بإحدى قرى سوهاج    محافظ الجيزة يوجه بسرعة تجهيز مبنى سكن أطباء مستشفى الواحات البحرية    مايا دياب ل يسرا: محظوظين بأسطورة مثلك    آمال ماهر نجمة افتتاح مهرجان ومؤتمر الموسيقي العربية    محمد رجب ينضم لنجوم دراما رمضان 2026 ب«قطر صغنطوط»    تطورات جديدة في الحالة الصحية للإعلامية آيات أباظة.. اعرف التفاصيل    يروى تاريخ الإمارات.. متحف زايد الوطنى يفتح أبوابه فى 3 ديسمبر    سحر نصر: نبدأ مسيرة عطاء جديدة في صرح تشريعي يعكس طموحات أبناء الوطن    رئيس الوزراء: الأمن المائي ليس مجالًا للمساومة.. والنيل بالنسبة لمصر قضية وجود لا تقبل المغامرة    جامعة أسيوط تجري أول جراحة باستخدام مضخة «الباكلوفين» لعلاج التيبس الحاد    في يوم الأغذية العالمي| أطعمة تعيد لشعركِ الحياة والطول والقوة    فرقة دمنهور المسرحية تعرض ها أم مللت في ملتقى شباب المخرجين على مسرح السامر    «حظهم وحش».. 3 أبراج تفشل في العلاقات والحب    قرار جمهوري بترقية اسم الشهيد اللواء حازم مشعل استثنائيا إلى رتبة لواء مساعد وزير الداخلية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 16-10-2025 في محافظة الأقصر    طنطا تستقبل عشرات الزوار من السودان للمشاركة في الليلة الختامية لمولد السيد البدوي    رجال يد الأهلي يواجه البوليس الرواندي في بطولة إفريقيا    بطلها حسام عبد المجيد.. صفقة تبادلية بين الزمالك وبيراميدز    الصحة: فحص 19.5 مليون مواطن ضمن مبادرة الرئيس للكشف المبكر عن الأمراض المزمنة والاعتلال الكلوي    كيف ظهرت سوزي الأردنية داخل قفص الاتهام فى المحكمة الاقتصادية؟    بيان عملى وتوعية ميدانية.. الحماية المدنية تستقبل طلاب مدرسة بالمنوفية    الأمن السوري يلقي القبض على ابن عم بشار الأسد    كامل الوزير: تجميع قطارات مترو الإسكندرية بنسبة 40% تصنيع محلى    الداخلية تكثف حملاتها لضبط الأسواق والتصدي لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز    وكيل النواب يستعرض تقرير اللجنة الخاصة بشأن اعتراض الرئيس على الإجراءات الجنائية    الداخلية تكشف ملابسات فيديو سائق ميكروباص بالبحيرة رفع الأجرة وحمّل ركابًا أكثر من المقرر    وزير الاستثمار يعقد مائدة مستديرة مع شركة الاستشارات الدولية McLarty Associates وكبار المستثمرين الأمريكين    الأهلي: لا ديون على النادي وجميع أقساط الأراضي تم سدادها.. والرعاية ستكون بالدولار    إحالة مسؤولين في المرج والسلام إلى النيابة العامة والإدارية    350 مليون دولار استثمارات هندية بمصر.. و«UFLEX» تخطط لإنشاء مصنع جديد بالعين السخنة    شوقي علام: سأنضم للجنة الشئون الدينية بالشيوخ لمواصلة الجهد الوطني في مجال الدعوة    الصحة تنصح بتلقي لقاح الإنفلونزا سنويًا    التحالف الوطني يستعد لإطلاق قافلة دعم غزة 12 لدعم الأشقاء في فلسطين    مشكلة الميراث    .. ورضي الله عن أعمال الصالحين الطيبين لاغير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيدات التاج في الدولة الوسطى

يمثل عصر الدولة الوسطى ثانى الفترات الذهبية فى تاريخ مصر القديمة، وهى الفترة التى عادت فيها البلاد إلى سابق عهدها من الوحدة والاستقرار والمجد، ازدهر الأدب واللغة المصرية فى العصر الكلاسيكى، وتم الاهتمام بالزراعة ومشروعات الرى، وزادت رقعة مصر الزراعية. وقام ملوكها ببناء الأهرامات مرة أخرى فى مناطق عدة مثل دهشور وهوارة واللِشت واللاهون.


على اختلاف مراحلها، كان للمرأة المصرية قصب السبق فى كثير من المجالات، وكان إسهامها فى الحياة العامة لا يقل عن إسهام الرجل، ولولاها ما قامت الحضارة المصرية؛ فهى رمانة الميزان ومركز الدفع والتحفيز على العمل والإبداع وشحذ الهمم والطاقات، وفى هذا ما يوضح سبق مصر الحضارى على غيرها من الحضارات.

فى عصر الدولة الوسطى برزت عدة ملكات وأميرات وتبوأن أرقى مراتب المجد، ومن بين هذه الملكات، الملكة «نفرى تا تشنن» التى يعنى اسمها «جميلة هى الأرض الناهضة»، والملكة سوبك نفرو (أو «نفرو سوبك» لدى علماء المصريات الأوائل) وهى واحدة من أهم ملكات مصر القديمة، وفى السطور التالية نتعرف على قصتيهما بالتفصيل.
الملكة نفرى تا تشنن


علاوة على ما يتضمنه اسم الملكة نفرى تا تشنن أو «جميلة هى الأرض الناهضة» من دلالات دينية، فإنه ينطوى على دلالة سياسية، فهو يشير إلى أرض مصر التى نهضت بعد فترة طويلة من الاضمحلال بعد أفول نجم الدولة القديمة، وها هى مصر العظيمة تنهض من جديد وبمنتهى القوة.

نقل الوزير أمنمحات، الذى أصبح لاحقًا أول ملوك عصر الأسرة الثانية عشرة العاصمة من طيبة (الأقصر الحالية) إلى الشمال؛ حيث يمكنه حكم مصر بسهولة لتوسطها أرض مصر وسهولة الوصول إليها والتحرك منها إلى معظم مصر. وأسّس هذا الملك عاصمة جديدة، «إثت تاوى»، بمعنى «القابضة على الأرض». وهذه العاصمة مفقودة الآن، غير أنه من المرجح أنها كانت قريبة من منطقة اللِشت الحالية. واتخذ أمنمحات الأول من أهرام الدولة القديمة نموذجًا لمقبرته فى اللِشت. فقام ببنائها على شكل هرم، ما جعلنا ندرج الدولة الوسطى ضمن بناة الأهرام. وترك أمنمحات الأول الأسلوب المعمارى الذى كان متبعًا فى طيبة؛ حيث كان الملوك السابقون عليه يقومون ببناء مقابر منحوتة فى الصخر الطبيعى فى البر الغربى للأقصر.

وبنى أمنمحات الأول حول هرمه نحو 22 بئرًا. وخصصها للنساء الأكثر أهمية فى العائلة. وكان من بينها، مقبرة زوجته نفرى تا تشنن. وكانت أم ابنه وولى عهده وشريكه وخليفته فى حكم مصر الأمير سنوسرت (الملك سنوسرت الأول بعد ذلك صاحب مسلة المطرية). وحملت لقب «أم الملك». وذكرها ابنها سنوسرت الأول على أحد تماثيله الصغيرة. ولا نعلم كثيرًا عن ميلادها وزواجها وموتها غير أنها عاشت فى القرن العشرين قبل الميلاد، أى منذ نحو 4000 عام.

وبعد ما يقرب من ثلاثين عامًا على عرش مصر، تم اغتيال الملك أمنمحات الأول، أغلب الظن. وعلى عكس كل ضحايا الاغتيالات السياسية، تمكن أمنمحات الأول من كتابة خطاب إلى ابنه الأمير سنوسرت. وفيه، حكى الملك بالتفصيل الأحداث المرعبة التى تعرض لها فى ختام حياته والتى أدت إلى موته. وكانت صدمة أمنمحات الأول كبيرة. فكيف يتم اغتياله فى فراشه وفى قصر وبين حراسه الذين من المفترض أن يكونوا هم المحافظون على حياته؟!

ربما جاءت محاولة اغتياله من حريمه الملكى لخلاف على خليفته فى حكم البلاد. وربما نجحت المؤامرة وتم قتله، لكنها فشلت فى تغيير خليفته سنوسرت. ونصح ولده سنوسرت بألا يثق فى أى أحد وألا يتخذ صديقًا. وكان الأمير سنوسرت فى حملة خارج البلاد كما جاء فى قصة سنوهى. وهذا المصدر الأدبى من الأعمال القليلة التى تظهر الطبيعة البشرية للملك المصرى القديم. وكانت هذه من الحالات القليلة التى أظهرت الملك فى لحظة ضعف.

وتعد نفرى تا تشنن ملكة مكلومة تعرض زوجها للاغتيال، فتناست جراحها وعِظم مأساتها وفقدها زوجها الملك القوى والأثير إلى قلبها، ووقفت إلى جوار ابنها الأمير سنوسرت، تقوى من عضده فى تلك الظروف الحزينة التى كانت تمر بها مصر إلى أن تمكن الملك الشاب سنوسرت الأول من إدارة البلاد باقتدار لا يقل عظمة عن والده الراحل، فكان خير خلف لخير سلف. وكان ذلك بسبب ملكة مصرية عظيمة وأم فاضلة هى الملكة الجليلة نفرى تا تشنن.

الملكة سوبك نفرو

وتعتبر الملكة سوبك نفرو (أو «نفرو سوبك» لدى علماء المصريات الأوائل) واحدة من أهم ملكات مصر القديمة. وكان وجودها مؤثرًا ودورها محوريًا وقصة حياتها وأعمالها خالدة على وجه الزمن، ويعنى اسمها «جمال سوبك». وعرف اسمها فى المصادر الكلاسكية، مثل كتابات مانيتون السمنودى، باسم «سكميوفيرس».

كانت الأسرة الثانية عشرة تؤمن غالبًا بأحقية ومشروعية المرأة فى حكم البلاد. فنرى الملك أمنمحات الثالث يفضل ابنته الكبرى الأميرة «بتاح نفرو» (أو نفرو بتاح) لخلافته على العرش. غير أنه تأتى عادة الرياح بما لا تشتهى السفن؛ فتموت تلك الأميرة فى سن مبكرة. ثم يذهب الحكم إلى الملك أمنمحات الرابع. ويتوفى أمنمحات الرابع بعد فترة حكم قصيرة دون ولى عهد ذكر. وربما كان هذا الملك هو الأخ غير الشقيق أو زوج سوبك نفرو. وبعده حكمت الملكة سوبك نفرو، ابنة الملك أمنمحات الثالث، أربع سنوات. وأصبحت غالبًا سوبك نفرو أول ملكة تحكم منفردة. وأطلقت عليها المصادر المصرية القديمة لقب «ملك» (نسو) فى صيغته الذكورية، متغاضية عن كونها ملكة، و«ابنة الملك»، وليس «أخت الملك»، مما يوضح ميلها للارتباط بأبيها. واتخذت الملكة خليطًا من الألقاب الذكورية والأنثوية التى تعبر فيها عن طبيعتها. فنراها تأخذ اسم العرش «سوبك كارع»، والاسم الحورى، «ميريت رع» (محبوبة رع)، الذى يربطها بالإله حورس الممثل الأبدى للملكية المصرية المقدسة.

وتم اكتشاف عدد قليل من آثارها. وكان من بينها ثلاثة من التماثيل النصفية المفقودة الرأس، أهمها فى متحف اللوفر فى باريس، مما قد يشير إلى تعرض تماثيلها، وربما آثارها، للاعتداء. ولا ندرى السبب وراء تدمير آثارها. وتظهرها تماثيلها المكسورة بملامح وملابس أنثوية، أغلب الظن، وفى أوضاع الملوك؛ فنراها تطأ بقدميها أعداء مصر التقليديين، مقلدة ملوك مصر، منذ الملك حور عحا (مينا)، فى المظهر والزى والفعل كى يتم قبولها فى أعين الشعب ولدى الآلهة. واستخدمت أيضًا الألقاب النسائية. ومن خلال زيها، حاولت التعبير عن ذاتها كى تتحول من ملكة إلى ملك فى أعين الجميع، وحتى تظهر بالشكل المثالى الذى يجب أن تُصور به، ليس كملكة حية بل، كملكة فى العالم الآخر.

واهتمت الملكة بهرم أبيها أمنمحات الثالث ومجموعته الجنائزية الخاصة فى منطقة هوارة فى الفيوم، وقامت بالعديد من الإضافات لها، والتى أطلق عليها هيرودوت «اللابيرنث» (التيه)؛ نظرًا لكبر المبنى وتعدد حجراته وممراته والتيه لمن يدخله. وارتبطت أعمالها الأثرية والمعمارية بوالدها. وكُشف عن بعض القطع الأثرية التى تحمل اسمها بالقرب من هرم أبيها.

ولا يُعرف مكان مقبرتها بشكل مؤكد، إلى الآن، غير أنه يُعتقد أنها ربما قد تكون دُفنت فى هرم مزغونة الشمالى فى الجيزة، على الرغم من أن هذا الهرم يخلو من أي كتابات قد تعرفنا بهوية صاحبه. وإلى الشمال من مجموعة شبيهة ترجع إلى أمنمحات الرابع، يوجد مكان يعرف باسم «سخم نفرو»، ربما كان هذا هو المكان الذى كان به هرم سوبك نفرو.

وماتت سوبك نفرو دون أن تترك وريثًا. وتعد نهايتها غامضة، غير أنه ليس هناك ما يشير إلى أنها ماتت ميتة غير طبيعية. وانتهت بنهايتها الأسرة الثانية عشرة ومجد عصر الدولة الوسطى التى استمرت قليلاً بعد ذلك، لكن فى قمة الضعف، قبل أن تنحدر مصر فى ظلمات عصر الانتقال الثانى والاحتلال الهكسوسى البغيض لأرض مصر الطيبة. 


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.