5 أفلام مثلت السينما المصرية فى المسابقات الرسمية بمهرجان الجونة السينمائى، منها فيلم وثائقى بعنوان (عندى صورة) تأليف وإخراج محمد زيدان، إلى جانب فيلمين قصيرين الأول (مهرجانى) إخراج جيلان عوف، وفيلم (ندى) الذى أخرجه عادل يحيى، لكن الجدل والاهتمام الحقيقى اتجه إلى فيلم (شيخ جاكسون) و(فوتوكوبى) اللذين شاركا فى المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة بالمهرجان. جاكسون..رؤية جديدة (شيخ جاكسون) سبق عرضه جدل كبير فى حفل افتتاح الجونة، بأسابيع، ولعل أزمة اختياره ممثلا لمصر فى مسابقة الأوسكار رغم عدم عرضه تجاريا حتى 30 سبتمبر، وفقا للوائح الأوسكار، والاعتماد على عرض تجارى محدود قبل انتهاء هذه المدة أثار الريبة فى النفوس، وأثار نوعا من التحفظ أيضا بين حضور المهرجان، مما أثقل الفيلم بحمل لم يكن ليتحمله، فالجميع كان متأهبا لمشاهدة الفيلم الذى أسر قلوب اللجنة لدرجة المخاطرة باختياره، وفتح بابا للمنتقدين واللائمين ليطعنوا فى نزاهة ذلك الاختيار. الفيلم قدم لغة سينمائية عالية بتوقيع عمرو سلامة مؤلفا ومخرجا، وهو من بطولة المثير للأزمات أحمد الفيشاوى، الذى أدى الدور باحترافية عالية، ليس فقط لأنه يمتلك موهبة حقيقية دائما ما يتفنن فى إهدارها، ولكن لأن قصة الفيلم الذى يتحدث عن أزمة الهوية، والتناقضات التى تحتويها النفس البشرية، تمثله بشده، فالفيشاوى الصغير واجه عدة أزمات منذ بداياته، كانت إحداها تتعلق بتأثير الداعية عمرو خالد عليه فى وقت ما من حياته، جعلت منه شخصا متشددا لفترة، سرعان ما انقضت كما انقضى غيرها، ليظهر مؤخرا للجمهور مرتديا حلقا فى أذنيه، بينما يغطى الوشم نصف جسده، وهذا التذبذب، وعدم الاستقرار هو لب قضية الفيلم، وسر براعته فى أداء الدور. يشارك فى البطولة مجموعة كبيرة من النجمات، جاء حضور أغلبهن بطعم الغياب، مثل درة وياسمين رئيس، الشابة سلمى أبوضيف، عارضة الأزياء التى لمع نجمها رمضان الماضى فى مسلسل (حلاوة الدنيا) لهند صبرى، ورغم تعاونها مع مدرب تمثيل فى هذا الدور، فإنها لاتزال بحاجة إلى مزيدا من التدريب والخبرة. ماجد الكدوانى لعب دور الأب صاحب النزوات الجنسية التى يقيمها على مرأى ومسمع من ابنه، والذى كان دائما ما يقسو عليه ويعايره بضعف بنيته، ظنا منه أنها الطريقة المثلى للتربية، وكالعادة فقد استطاع ماجد أن يضيف بتلقائيته إلى الشخصية التى يؤديها مصداقية عالية، تجعل منها شخصية من لحم ودم، فتخرج من دار العرض جازما أنك صادفتها فى الواقع من قبل، وهو الأمر الذى تمكن منه أيضا الشاب أحمد مالك، الذى جسد دور الفيشاوى فى صباه باحترافية عالية، بنفس النظرات، وطريقة التعبير، بدرجة تشعرك فى بعض المشاهد أنهما شخص واحد، ولكن هل تم ذلك بناء على توجيهات المخرج، أم أن صداقة قوية جمعت بين الشابين وجلسات عمل مطولة قضاها معا ليظهر أداؤهما متناغما بهذا الشكل؟ كان هذا هو سؤالى للمخرج عمرو سلامة بعد انتهاء العرض، وقد أجاب بأن الاحتمالين يحملان قدرا كبيرا من الصحة، فجلسات العمل كانت ممتدة بين النجمين، لكنه كثيرا ما كان يتدخل لضبط الإيقاع أثناء التصوير، ليظهر الفلاش باك فى حياة الأبطال بشكل متسق معهم ومع شخصياتهم، وعن خلفية تقديمه لقصة حياة سلفى تنقلب رأسا على عقب ليلة وفاة المطرب العالمى مايكل جاكسون، حيث كان يحبه فى صباه، لدرجة جعلته يقلده فى شكله وملابسه لدرجة جعلت أقرانه ينادونه بهانى جاكسون، حيث صحى خبر الوفاة ذكريات تلك الفترة، وبدأ البطل يعيش صراعا نفسيا محتدما بين ما يحب وما يرغب، يقول فى الحقيقة فكرة الفيلم هى فكرة السيناريست عمر خالد، لكنه بمجرد عرضها على قلت له (أنا هو ذلك الرجل المتعصب المحب لمايكل جاكسون) حيث مررت فى حياتى بمرحلة تشدد نازعتنى فيها رغباتى السابقة، لكننى بعد ما قرأت المعالجة اتفقت معه على تناولها بشكل مختلف، لأستعرض فيها جزءا من تجربتى الشخصية، وقد كتبت أكثر من 10 سيناريوهات لأصل لهذا الشكل النهائى الذى عرض على الشاشة، والذى تحمس له المنتج محمد حفظى، مع العلم أننى استعنت بمستشارة سيناريو فرنسية أيضا. قصة الأوسكار لا تشغل عمرو سلامة مطلقا، وبالتالى لا تشغل فريق العمل، حيث يقول عمرو، كنت فى مهرجان تورنتو لأعرض فيلمى هناك، وفوجئت بالخبر مثل الجميع، وبالتأكيد سعيد بالاختيار الذى لم أسع له، ولا تشغلنى آراء المشككين. فوتو كوبي.. محاولة غير ناضجة حسنا فعل مهرجان الجونة بأنه لم يجعل فوتو كوبى هو فيلم افتتاح المهرجان حسبما طالب البعض نظرا إلى حجم اسم نجم كبير مثل محمود حميدة الذى يلعب بطولته، حيث تشاركه فى تلك التجربة شيرين رضا التى نضجت كثيرا فى السنوات الأخيرة، لكن الحظ لم يكن حليفها فى (فوتو كوبي) رغم تقديمها التفاصيل الشكلية للسيدة المسنة بشكل رائع، لكن اعتمادها على طريقة أداء قوامه التباطؤ فى نطق الكلمات أضعف كثيرا من الدور. قصة الفيلم الروائى الأول للمؤلف هيثم دبور تدور حول شخصية (محمود) ذلك المسن الذى خرج على المعاش بعد قضائه فترة عمله فى قسم الجمع فى إحدى الصحف، لكنه قرر أن يكمل حياته داخل محل صغير للتصوير وكتابة الأبحاث العلمية على الكمبيوتر، لكنه يعانى من أزمات مادية كبيرة بسبب ضيق الحال، وتأخر معاشه، مما تسبب فى خلافات دائمة مع مالك العقار الذى يمتلك فيه محله، كل تلك المشكلات التى واجهت البطل جعلته يشعر أنه ومن مثله فى المجتمع ينقرضون كما انقرضت الديناصورات من قبل، فكان سؤاله الذى حاول البحث عن إجابته طوال الفيلم هو لماذا انقرضت الديناصورات، وفى سبيل ذلك بدأ محمود يكتشف عالم الإنترنت، ويجارى العصر الذى يعيشه بكل التغيرات التى طرأت عليه، وتظل دائما فى الخلفية (الست صفية) جارته التى تعانى من السكر وسرطان الثدى، والتى لعبت دورها شيرين رضا نقطة ضوء فى حياته، حيث تكللت قصة حبهما بالزواج فى نهاية الفيلم، رغم المعوقات التى عبر عليها المخرج عبورا سريعا، ولم يستطع تجسيدها بالشكل الذى يضمن من خلاله تفاعل المتفرج، فيكفى مثلا أن تسمع عن ابن للست صفية يعيش فى الخارج ولا يهتم بأمرها، ثم تفاجأ بمشهد تبكى فيه فى الشارع بعد أن جاء وطردها لأنه علم أنها ستتزوج!! كل هذا دون ظهور حقيقى، وهو الأمر الذى تكرر فى أكثر من موضع داخل الفيلم، وسبب نوعا من التيه لبعض الحضور. والحقيقة أن أخطاء السيناريو والإخراج فى الفيلم بالجملة، أبرزها ظهور أبطال العمل بهذا المظهر الباهت، وهو الأمر الذى لم يحدث فى اختيارات الأدوار الثانية فى الفيلم، وخاصة دور عبد العزيز البواب الذى لعبه الشاب أحمد داش باحترافية عالية، وأداء يحمل كثيرا من النضوج والاختلاف. لكن كيف يسلم نجم بحجم حميدة نفسه لمجموعة من الشباب المبتدئ؟ كان هذا هو سؤالى الأول لهيثم دبور مؤلف الفيلم، حيث قال، عندما كتبت السيناريو، وتحمس له المخرج تامر عشرى، توجهنا للمنتج صفى الدين محمود، الذى تحمس كثيرا لتقديمه، وقال أنه يرحب كثيرا بأن يكون فوتو كوبى هو مشروعه الثالث بعد نوارة والأصليين، وهو الأمر الذى أعطانا دفعة كبيرة، وجعلنا نفكر فى النجم محمود حميدة، وبالفعل تواصلنا معه، وأرسلنا له السيناريو، وعلى غير المتوقع جاء رده بعد 4 أيام، حيث طلب الجلوس معنا ليتعرف أكثر عن رؤيتنا للفيلم، وبعدها قال (أنا معاكم) ومن هنا بدأت الرحلة فى اختيار باقى أبطال العمل، الذين تم اختيارهم بعد تفكير جماعى، جمع بينى وبين المخرج والمنتج، وفى النهاية القرار النهائى كان لمخرج العمل، وعن سر تأخره فى البحث عن منتج لسيناريو الفيلم الذى كان من ضمن القائمة القصيرة للسيناريوهات المرشحة للفوز بجائزة ساويرس عام 2014، قال لم يحدث تأخير، إنه يفضل التأنى دائما فى تقديم المنتج النهائى بعد تطويره، نافيا أن يكون ذلك له علاقه بعرض الفيلم لأول مرة فى مهرجان الجونة الذى أسسه ساويرس، حيث يقول مؤسسات ساويرس لايوجد بينها تداخل، فقد أرسلنا نسخة من الفيلم للقائمين على المهرجان، مثلنا مثل غيرنا، وقد تحمسوا له جدا وتم اختياره، وللعلم فإن فوتو كوبى يشارك فى عدة مهرجانات عالمية أخرى فى الفترة القادمة. والجدير بالذكر أن سيناريو «دبور» «فوتو كوبى» حصل على جائزة مؤسسة ساويرس كأفضل سيناريو، الأمر الذى يضع علامات استفهام حوله!