فى نهاية أيام دولة الخلافة العثمانية، ظهر كمال أتاتورك كسياسى يسعى لإصلاح بلاده، فأسس الحزب الوطنى التركى فى 1919 وقام بتكوين جيش لمحاربة اليونانيين الذين احتلوا أزمير والأناضول، ووقتها أصدر السلطان العثمانى أمراً بقتل أتاتورك لأنه خرج عن طاعته. فأقام أتاتورك حكومة موازية فى أنقرة، وهزم اليونانيين وطردهم من تركيا، وأعلن سنة 1922 إلغاء السلطنة ونفى الأسرة السلطانية، وأسس الجمهورية التركية سنة 1923 وتم انتخابه رئيساً وألغى الخلافة سنة 1924. وفى 1928 أعلن حسن البنا تأسيس جماعة الإخوان المسلمين فى مصر، ومن أهدافها استعادة الخلافة التى أسقطها أتاتورك. ولعشرات السنين ظلت المؤسسة العسكرية فى تركيا تحمى الدولة العلمانية، إلى أن ظهر نجم الدين أربكان وله مرجعية إخوانية وأسس حزب الرفاة فى 1983، وفى 1996 أصبح أربكان رئيساً للوزراء ودخل فى صراع مع المؤسسة العسكرية التركية انتهى بهزيمته فى 1997 وتسلم رئيس بلدية اسطنبول رجب طيب أردوغان الراية من أربكان وواصل المسيرة. ومع أن أردوغان سمح بتجارة الخمور والبغاء والشذوذ لجذب الاستثمار والسياحة، إلا أنه نجح بالدعاية الدينية، فالقرضاوى وصف أردوغان بأنه محروس من الملائكة وجبريل، ومفتى أنقرة «مفعل هوزلي» زعم أنه رأى فى المنام النبى وهو يوصى الشعب التركى بالرئيس أردوغان. فهل النبى عليه الصلاة والسلام والملائكة وجبريل يدعمون أردوغان الذى أعطى تراخيص بالخمور والدعارة والشذوذ فى تركيا؟. لقد ظلت تركيا لسنوات تسعى للانضمام للاتحاد الأوروبي، لكن الأصول الإسلامية لتركيا وملف حقوق الإنسان كانا السبب فى رفض هذا الانضمام. وفى فترة حكم أردوغان، تراجع حلم الانضمام للاتحاد الأوروبي، وظهر الحلم الجديد لاستعادة الدور الإقليمى لتركيا فى المنطقة العربية بالدعاية لإقامة دولة الخلافة بمساندة الإخوان المسلمين، فقدمت تركيا نفسها للعالم العربى باعتبارها نصير المظلومين والمضطهدين، مع أنها قامت بقمع المعارضين لها ولم تعترف بالمذابح ضد الأرمن. التجربة التركية انتقلت من أتاتورك العلماني، إلى أردوغان الحالم بعودة الخلافة، ومن السعى للانضمام للعالم المتحضر، إلى دعم الإخوان وتدبير المؤامرات ضد الشعوب العربية.