كان ضريحه المقصد الأول للرئيس الثاني العشر في تاريخ الجمهورية التركية، رجب طيب إردوغان، عقب أدائه اليمين الدستورية في نهاية شهر أغسطس من العام الماضي، والآن في ذكرى احتفالات ال92، على زوال الخلافة الإسلامية في تركيا، إنه الزعيم التركي، مصطفي كمال أتاتورك، الذي يعد أحد أهم الشخصيات في تاريخ البلاد الحديث. مصطفى كمال أتاتورك، ولد في 19 مايو 1881، وتوفي 10 نوفمبر1938، قائد الحركة التركية الوطنية في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وهزم اليونانيين في الحرب التركية اليونانية عام1922، وبعد انسحاب قوات الحلفاء من الأراضي التركية جعل عاصمته مدينة أنقرة، وأسس جمهورية تركيا الحديثة، فألغى الخلافة الإسلامية وأعلن علمانية الدولة. أطلق عليه اسم الذئب الأغبر، واسم أتاتورك (أبو الأتراك) وذلك للبصمة الواضحة التي تركها عسكريا في الحرب العالمية الأولى وما بعدها وسياسيا بعد ذلك وحتي الآن في بناء نظام جمهورية تركيا الحديثة. البطل والشيطان والديكتاتور شخصية مثيرة للجدل كأتاتورك، غيرت مسار دولة بأكملها طبيعي؛ أن تنقسم عليها الآراء، فمن النظرة القومية، هو البطل الخارق الذي أنقذ تركيا من تمزقها بين الأرمن واليونان والروس والإنجليز، ومن النظرة الإسلامية أتاتورك هو الوجه الآخر للشيطان حسبما وصفه معارضيه، أما ليبراليا، فهو مستبد وديكتاتور لأنه أعدم الكثير ممن عارضوا اتجاهاته. وبينما تحتفل كل أرجاء تركيا اليوم، بالذكرى ال92 على سقوط الخلافة منذ الساعات الأولى من صباح اليوم، توجه أردوغان، لضريح مُدخل العلمانية كمال أتاتورك، وكتابة عدد من العبارات في سجل التشريفات، معلقلا: “ها نحن نحتفل بذكرى تأسيس الجمهورية التركية التي تعد رمز الأمة واستقلالها، وسأعمل على إعلاء الجمهورية التي تركها أتاتورك أمانة والتي أعلن عنها البرلمان التركي في 1923”، واستمرت العروض والمراسم، التي عمت العاصمة أنقرة والمدن التركية. أردوغان والعودة للجذور بعد 92 عام على زوال الخلافة، أردوغان يحلم بعودتها ورغم ما قاله أثناء الاحتفالات ينافي ذلك، إلا أنه في كل خطواته يؤكد رغبته في العودة لجذوره، والأدلة كثيرة أبسطها جعل أردوغان تعليم اللغة العثمانية إجباريا في المراحل الثانوية، قائلا: "آن أوان العودة إلى جذورنا"، فهو يرى أنها من أشكال التركية وليست أجنبية على الشعب، كما بدأت عناصر من الجيش التركي، الهتاف ب"المارش" العسكري العثماني، في التدريبات العسكرية، لأول مرة منذ سقوط الخلافة العثمانية، أنشأ أردوغان قصر أسطوري كلفه 600 مليون دولار، وأعلن تغيير نشريفات استقبال الرؤساء، بعودة التشريفات العثمانية، مثل ما حدث مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس عند زيارة تركيا، ويضاف للقائمة الشرطة العثانية التي استقبلت رئيس الوزراء أحمد داوود أغلو ذات مرة. تشابه الأعداء ورغم أن حلم "الخلافة العثمانية" ولقب "السلطان أردوغان" تراوض الرئيس التركي، إلا أنه هناك تقارب بين العلماني أتاتورك والإسلامي أردوغان، أهمها "تعنت" الشخصيتين؛ فهما يستمعان لجميع الآراء وينفذا ما توصلت إليه أفكارهما، كما أن تعنت كاريزما القائدين تمنعهما من الرجوع عن قرار ما، والوسط غير موجود في قاموس الزعيمين فكل منهما منحاز جدا لأفكار واتجاهات معينة ويطيح بمعارضيه، وأهم ما يجمع بين أتاتورك وأردوغان هو الحفاظ على جيش البلاد بعيدا عن الصراعات السياسية.