الهجرة تشارك احتفال كاتدرائية العذراء سيدة فاتيما بمناسبة الذكرى 70 لتكريسها    الشرقاوي: المساحة المزروعة بمشروع مستقبل مصر تحقق عوائد اقتصادية مربحة    خاركيف تكشف النقاب عن الفوضى في الخطط الأوكرانية الدفاعية    محامي ترامب السابق يكشف كواليس شراء صمت الممثلة الإباحية    شوط أول سلبي بين مانشستر سيتي وتوتنهام هوتسبير    مصرع وإصابة 6 أشخاص، جلسة صلح تتحول ل معركة بالأسلحة البيضاء    محامي ضحية عصام صاصا: الدية لن تقل عن 10 ملايين جنيه في حالة الصلح    "سكوت هنحكي" كامل العدد فى مركز الحرية للإبداع بالإسكندرية    «الأعلى للآثار» يكشف حقيقة اكتشاف هيكل ضخم بالقرب من هرم خوفو    أمين الفتوى: الحج فرض على الشخص الذي تتوافر فيه هذه الشروط    صحة النواب تصدر توصيات مهمة بشأن "طوارئ الحوادث" والعلاج على نفقة الدولة    فيديو.. عالم أزهري: الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان.. والتراث ليس معصوما من الخطأ    «مياه المنيا» تبحث خطة تحصيل المستحقات وتحسين الخدمة    قصواء الخلالى: مصر داعية للسلام وإسرائيل جار سوء و"ماكينة كدب بتطلع قماش"    لو بتعمل «دايت».. 5 وصفات لحلويات خالية من السكر    تحكم في وزنك من خلال تعديلات بسيطة على وجباتك    وزير الدفاع البريطاني: سنزود فرقاطاتنا بالبحر الأحمر بقدرات هجوم بري    الشيبي: بيراميدز يستحق التتويج بالدوري.. ولا أحب خسارة أي تحدِ    تعرف على القطع الأثرية المميزة لشهر مايو بالمتاحف.. صور    جامعة الزقازيق تتقدم 46 مركزا بالتصنيف العالمي CWUR لعام 2024    أمين الفتوى يوضح متى يجب على المسلم أداء فريضة الحج؟    إنفوجراف| 5 معلومات عن السيارات الكهربائية في مصر    وزير الأوقاف: نسعى لاستعادة خطابنا الديني ممن يحاول اختطافه    غدًا.. الحكم على المتهم بدهس «طبيبة التجمع»    أحمد موسى يفجر مفاج0ة عن ميناء السخنة    الأربعاء.. انطلاق فعاليات الدورة الثانية لمعرض زايد لكتب الأطفال    بعد تصدرها التريند.. ما هي آخر أعمال نسرين طافش؟    الإحباط والغضب يسيطران على العسكريين الإسرائيليين بسبب حرب غزة    تنظيم 10 ندوات لمناقشة المشكلات المجتمعية المرتبطة بالقضية السكانية في شمال سيناء    الاتحاد الأوروبي يوسع عقوباته على إيران بسبب روسيا    مفاجأة كبرى.. ديبالا في مدريد هذا الصيف    بعد تصدرها التريند.. تعرف على آخر أعمال فريدة سيف النصر    جامعة كفرالشيخ تتقدم 132 مركزا عالميا في التصنيف الأكاديمي CWUR    محافظ أسوان يكلف نائبته بالمتابعة الميدانية لمعدلات تنفيذ الصروح التعليمية    شعبة الأدوية: الشركات تتبع قوعد لاكتشاف غش الدواء وملزمة بسحبها حال الاكتشاف    "العيد فرحة".. موعد عيد الأضحى 2024 المبارك وعدد أيام الاجازات الرسمية وفقًا لمجلس الوزراء    مصرع شخص غرقاً فى مياه نهر النيل بأسوان    هيئة الأرصاد الجوية تحذر من اضطراب الملاحة وسرعة الرياح في 3 مناطق غدا    المدير الفني ل «نيوكاسل يونايتد»: نعلم مدى صعوبة مباراة مانشستر يونايتد غدًا    برلماني: مصر قادرة على الوصول ل50 مليون سائح سنويا بتوجيهات الرئيس    «صحة النواب» توصي بزيادت مخصصات «العلاج على نفقة الدولة» 2 مليار جنيه    الغندور يثير غضب جماهير الأهلي بسبب دوري أبطال أفريقيا    بالصور.. وزير الصحة يبحث مع "استرازنيكا" دعم مهارات الفرق الطبية وبرامج التطعيمات    طالب يضرب معلمًا بسبب الغش بالغربية.. والتعليم: إلغاء امتحانه واعتباره عام رسوب    رئيس مجلس الدولة يتفقد المقر الجديد بالقاهرة الجديدة    تأجيل محاكمة المتهم بقتل زوجته بكفر الشيخ لجلسة الخميس المقبل    أبو الغيط أمام الاجتماع التحضيري لقمة البحرين: التدخل الظولي بكل صوره أصبح ضرورة للعودة لمسار حل الدولتين    «أبوالغيط»: مشاعر الانتقام الأسود تمكنت من قادة الاحتلال    دعاء للميت في ذي القعدة.. تعرف على أفضل الصيغ له    «الداخلية»: ضبط 25 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    مصر تدين الهجوم الإرهابى بمحافظة صلاح الدين بالعراق    مفتي الجمهورية يتوجه إلى البرتغال للمشاركة في منتدى كايسيد للحوار العالمى..    نموذج RIBASIM لإدارة المياه.. سويلم: خطوة مهمة لتطوير منظومة توزيع المياه -تفاصيل    "مقصود والزمالك كان مشارك".. ميدو يوجه تحية للخطيب بعد تحركه لحماية الأهلي    السيد عبد الباري: من يحج لأجل الوجاهة الاجتماعية نيته فاسدة.. فيديو    المندوه يتحدث عن التحكيم قبل نهائي الكونفدرالية أمام نهضة بركان    الإسكان: الأحد المقبل.. بدء تسليم الأراضي السكنية بمشروع 263 فدانا بمدينة حدائق أكتوبر    مجدي عبدالغني يثير الجدل بسؤال صادم عن مصطفى شوبير؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحلام السلطان
نشر في الوفد يوم 28 - 11 - 2013

على باب زويلة عُلِق جثمان طومان باى آخر سلاطين مصر لمدة ثلاثة أيام بعد إعدامه بأمر من سليم الأول سلطان العثمانيين، سقط طومان بخيانة من الأعراب، بعد أن قاتل العثمانيين ومعه المماليك والمصريون بشجاعة وبسالة.
معركة الريدانية وحروب الشوارع بالقاهرة أسفرت عن سقوط خمسين ألف قتيل، ومعها سقط استقلال مصر، فتحولت لولاية عثمانية تدفع الجزية.
مصر المتسامحة الكبيرة.. أطلقت اسم قاتلها «سليم» والمقتول دفاعاً عنها «طومان باى» على شارعين بمدينة القاهرة، لكن العثمانيين لم ينسوا جيوش مصر وهى تجتاح حامياتها فى الجزيرة والشام وتعبر جبال طوروس فى طريقها إلى الأستانة، لولا تدخل أوروبا.
على إيقاع الحلم التركى والدولة العثمانية تربى أردوغان وغيره محملين بذاكرة تاريخية ومشاهد وأحلام تجاوزها الواقع والتاريخ.
أردوغان تلميذ أربكان النجيب.. تخلى عن زعيمه ومثله الأعلى بعد أن أدرك المعادلة التركية فأسس حزب العدالة والتنمية مع عبدالله جول بعد رحلة طويلة فى أحزاب الخلاص والرفاة والفضيلة.
حينما تولى عمدة اسطنبول كان قد تعلم الدرس، أن إرادة الشعب هى الأساس.. فودع فى براجماتية شديدة، كل أفكاره جانباً، وانطلق ليحول اسطنبول التى كان خليجها مكباً للنفايات إلى معلم سياحى كبير، فحقق بإنجازاته الهائلة شعبية كبيرة، لكنها لم تشفع له حينما حوكم بالتحريض على الكراهية الدينية لإلقائه قصيدة شعر فى مؤتمر عام.
فى عام 2002 اكتسح حزب العدالة والتنمية الانتخابات، ولكن أردوغان لم يتول الوزارة بسبب الحكم السابق حتى أسقطه عنه الرئيس عبدالله جول فى مارس 2003.
على ما يبدو أن الدرس ربما للمرة العاشرة كان قاسياً، فهم أردوغان أن المساحة كبيرة بين الحلم والواقع، فعاد ليؤكد مخالفته لسياسة
زعيمه السابق أربكان، المعروف بمواقفه المتشددة، مؤكداً أن حزبه ليس حزباً دينياً بل حزب أوروبى محافظ، رافضاً ما سماه «استغلال الدين وتوظيفه فى السياسة»، ساعياً بكل قوة للانضمام للاتحاد الأوروبى وملتزماً بوجود تركيا فى حلف الأطلنطى.
التزم أردوغان باحترام قواعد اللعبة فى تركيا، فأكد التزامه بأسس النظام الجمهورى واحترامه لمبادئ أتاتورك فى إطار القيم الإسلامية، بل وأرسل ابنته المحجبة لأمريكا لتدرس هناك، لأن الجامعات التركية ترفض قبول طالبات محجبات!!
الأحلام تكبر.. أردوغان تحول إلى أيقونة شعبية بين العرب بسبب موقفه تجاه حرب غزة، وانسحابه من منتدى دافوس احتجاجاً على عدم منحه فرصة للرد على شيمون بيريز، واصفاً الجيش الإسرائيلى بأنه قاتل الأطفال فى غزة.
السعودية.. منحته جائزة الملك فيصل العالمية لخدمته للإسلام، وكرمته جامعة «أم القرى» بمكة المكرمة، بمنحه أيضاً الدكتوراه الفخرية فى مجال الإسلام.
أردوغان.. صيته يعلو كسلاطين دولته القدماء.. لا شك أن أحلام النفوذ والسيادة القديمة داعبته كثيراً، فقد توازنه ولم يدرك متغيرات الواقع إقليمياً ودولياً، ولكنه فى سبيل الحلم القديم ضل الطريق، فقبل جائزة القذافى العالمية لحقوق الإنسان!!، وهو ما أثار السخرية فى العالم ولدى الأتراك، ولكنه رفض الاستجابة لدعوات التنازل عنها.
أحلامه مازالت تسابقه، ولكن فرق الانكشارية لم تعد موجودة، فاستعان بدلاً منها بالقنوات الفضائية الناطقة بالعربية، فى افتتاح إحدى هذه القنوات أشار إلى أن العالم بدون العرب لا معنى له، وأن مصير ومستقبل اسطنبول لا يختلف عن مصير ومستقبل أى مدينة عربية، معتبراً أن القوة والإرادة قادرتان على تجاوز الحدود والفواصل والعقبات التى زرعها الاستعمار بين تركيا والعرب، اقتنع العرب بالرسالة وفتحوا القلوب والعقول والبلاد للشقيقة الكبرى تركيا، ولكن سرعان ما تبدلت الأحوال.
مصر.. قلب العرب وحامية الإسلام وعقدة الأتراك العسكرية، عصف الربيع العربى بنظامها الاستبدادى، ثورة 25 يناير أتت بالإخوان المسلمين للحكم، فتلاقت الأحلام العابرة للدول وتوافقت الحسابات والمواقف، تحالف جديد ينشأ بين أنقرة والقاهرة.. فهل كان الهدف مصلحة الشعبين؟
30 يونية أطاحت بالإخوان وسياسة الإقصاء، حليف الأتراك سقط فى القاهرة، فسقطت معه كل أوراق التوت وقواعد الدبلوماسية الدولية.
أردوغان يتحدى إرادة الشعب المصرى، تدخل وضغط فى شأن داخلى مصرى، نسى أن العلاقات تقوم بين الشعوب لا مع الحكام لم يتعلم من تجربة الشاه والأمريكان فى إيران، تجاهل أن العلاقات بين الدول لا تقوم على الأفراد أو الجماعات، وإنما على احترام إرادة الشعوب، وسيادة الدول.
أردوغان لم يعرف أن زمن الفرمانات ودسائس القصور فى الأستانة قد مضت إلى كتب التاريخ، كما خرجت الإمبراطورية العثمانية من الجغرافيا، لم يعرف أن القاهرة تولد من جديد فاتحة ذراعيها للجميع وللشقيقة تركيا، ولكن وفقاً للقواعد والأصول والاحترام واعتبارات السيادة الوطنية.
فى 2011 قدم أردوغان اعتذاراً باسم دولة تركيا إلى الأكراد العلويين تكفيراً عن الأحداث المأساوية التى ارتكبها الجيش التركى فى منطقة درسيم فى الثلاثينيات.. الرجل يملك الشجاعة والقدرة على المراجعة والاعتذار، فهل يدرك ما ارتكبه فى حق الشعب المصري؟
مازالت الفرص قائمة لم تتبدد، فقط على أردوغان أن يدرك أن ما يحدث فى القاهرة شأن داخلى، ليس الأتراك طرفاً فيه، وأن روابط الشعوب أقوى وأبقى من هزات وانقلابات السياسة المتغيرة.. أردوغان رجل يتعلم بسرعة حينما يريد، فهل يراجع نفسه سريعاً، بدلاً من عناد لإرادة أمة، وقبل أن يمضى القطار لمحطته الأخيرة، وحينها سوف يكون قد ارتكب أخطاء قد لا تغتفر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.