السيدة زينب.. هل دفنت في مصر؟    في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا (4)    الإسكان تتابع جهود قطاع المرافق لتعظيم الاستفادة من الحماة المنتجة من محطات معالجة الصرف الصحي    «Gliese 12b».. اكتشاف كوكب صالح للحياة على بُعد 40 سنة ضوئية من الأرض    واشنطن تدرس تعيين مسئول أمريكى للإشراف على قوة فلسطينية فى غزة بعد الحرب    تشافي يستعد للرحيل.. موعد الإعلان الرسمي عن تعاقد برشلونة مع المدرب الجديد    15 دقيقة لوسائل الإعلام بمران الأهلى اليوم باستاد القاهرة قبل نهائى أفريقيا    موجة حارة جديدة تضرب البلاد.. توقعات الطقس ليوم الجمعة 24 مايو 2024    مصدر أمني يكشف حقيقة سرقة سائق لهاتف محمول من سيارة اثناء وقوفها امام مستشفي    ظهرت الآن.. رابط بوابة التعليم الأساسي للحصول على نتيجة الفصل الدراسي الثاني 2024    عاجل.. أنباء عن العثور على آخر ضحايا حادث معدية أبو غالب    ضبط تشكيل عصابي يروج المخدرات وبحوزتهم 7 كيلو «حشيش» في القليوبية    4 أفلام تتنافس على جوائز الدورة 50 لمهرجان جمعية الفيلم    الإسلام الحضاري    وزارة الثقافة تحتفي بأعمال حلمي بكر ومحمد رشدي بحفل ضخم (تفاصيل)    أبرزها التشكيك في الأديان.. «الأزهر العالمي للفلك» و«الثقافي القبطي» يناقشان مجموعة من القضايا    محافظ أسيوط يبحث مستجدات ومعوقات ملف التصالح في مخالفات البناء    الأكاديمية العسكرية المصرية تنظم زيارة لطلبة الكلية البحرية لمستشفى أهل مصر لعلاج الحروق    تجديد ندب أنور إسماعيل مساعدا لوزير الصحة لشئون المشروعات القومية    ضبط 35 طن دقيق مهرب في حملات على المخابز خلال 24 ساعة    ميلان يعلن رحيل مدربه بيولي    تعرف على مباريات اليوم في أمم إفريقيا للساق الواحدة بالقاهرة    نقل شعائر صلاة الجمعة المقبلة من ميت سلسيل بالدقهلية    موعد ومكان تشييع جنازة شقيق الفنان مدحت صالح    مجلس أمناء جامعة الإسكندرية يوجه بضرورة الاستخدام الأمثل لموازنة الجامعة    نقيب المحامين الفلسطينيين: قرار العدل الدولية ملزم لكن الفيتو الأمريكي يعرقل تنفيذه    استقرار أسعار الريال السعودي في البنوك المصرية الجمعة 24 مايو    وزير العمل يشهد تسليم الدفعة الثانية من «الرخص الدائمة» لمراكز التدريب    العنب لمرضى القولون العصبي- هل هو آمن؟    رئيس الأركان يتفقد أحد الأنشطة التدريبية بالقوات البحرية    الإسكان: تشغيل 50 كم من مشروع ازدواج طريق «سيوة / مطروح» بطول 300 كم    انطلاق امتحانات الدبلومات الفنية غدا.. وكيل تعليم الوادى الجديد يوجه بتوفير أجواء مناسبة للطلاب    بوتين يصحّح لنظيره لوكاشينكو تعليقه على محادثاته مع ملك البحرين في موسكو    نقيب المحامين الفلسطينيين: دعم أمريكا لإسرائيل يعرقل أحكام القانون الدولي    عائشة بن أحمد تروي كواليس بدون سابق إنذار: قعدنا 7 ساعات في تصوير مشهد واحد    هشام ماجد: الجزء الخامس من مسلسل اللعبة في مرحلة الكتابة    سويلم يلتقى وزير المياه والري الكيني للتباحث حول سُبل تعزيز التعاون بين البلدين    حملات توعية لترشيد استهلاك المياه في قرى «حياة كريمة» بالشرقية    «الحج بين كمال الايمان وعظمة التيسير» موضوع خطبة الجمعة بمساجد شمال سيناء    مصرع 4 أشخاص وإصابة 30 آخرين فى انهيار مطعم بإسبانيا..فيديو وصور    سول تفرض عقوبات ضد 7 أفراد من كوريا الشمالية وسفينتين روسيتين    أمريكا تفرض قيودا على إصدار تأشيرات لأفراد من جورجيا بعد قانون النفوذ الأجنبي    الصحة العالمية: شركات التبغ تستهدف جيلا جديدا بهذه الحيل    "صحة مطروح" تدفع بقافلة طبية مجانية لخدمة أهالي قريتي الظافر وأبو ميلاد    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    «العدل الدولية» تحاصر الاحتلال الإسرائيلي اليوم.. 3 سيناريوهات متوقعة    الترجي يفاجئ كاف والأهلي بطلب صعب قبل نهائي أفريقيا ب48 ساعة    الحج بين كمال الإيمان وعظمة التيسير.. موضوع خطبة اليوم الجمعة    التموين تعلن التعاقد علي 20 ألف رأس ماشية    نقابة المهندسين بالغربية تنظم لقاء المبدعين بطنطا | صور    مقتل مُدرس على يد زوج إحدى طالباته بالمنوفية    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    نقيب الصحفيين يكشف تفاصيل لقائه برئيس الوزراء    أوقاف الفيوم تنظم أمسية دينية فى حب رسول الله    شخص يحلف بالله كذبًا للنجاة من مصيبة.. فما حكم الشرع؟    جهاد جريشة: لا يوجد ركلات جزاء للزمالك أو فيوتشر.. وأمين عمر ظهر بشكل جيد    هيثم عرابي: فيوتشر يحتاج للنجوم.. والبعض كان يريد تعثرنا    وفد قطرى والشيخ إبراهيم العرجانى يبحثون التعاون بين شركات اتحاد القبائل ومجموعة الشيخ جاسم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأهالى يتهمون «العفاريت» بافتعال حوادث الطرق

ظاهرة غريبة تشهدها إحدى الطرق الفرعية أسفل جبل أسيوط الغربى، فما إن تعبر السيارة مزلقان السكة الحديد المتجه من القرى إلى المدينة حتى تتهاوى باتجاه المناطق الزراعية، فتتحطم السيارة ويسقط القتلى والجرحى، وسرعان ما تحضر سيارات الشرطة والجيش والإسعاف لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وإزالة آثار الحوادث.
سكان المنطقة يتهمون «العفاريت» بأنها السبب الرئيسى فى وقوع هذه الحوادث، وبعضهم يؤكد أن حراس المقابر الفرعونية من الجن تخرج من الجبل هائمة ليلا وتنتقم من الجميع بسبب عمليات التنقيب عن الآثار والبعثات الأثرية التى ازدادت أعدادها بشكل غير مسبوق فى الفترة الأخيرة.
يَعرف الذين يسافرون عبر إحدى طرق الصعيد، سواء الشرقى أو الغربى أو الزراعى، أنها رحلة محفوفة بالمخاطر، عاقبتها إما الموت أو التعرض لإصابات البالغة أو الوقوع فى قبضة قطاع الطرق وعصابات العربان. أو تحطم السيارات نتيجة الارتطام بأحد المطبات الخطرة التى تنتشر بعشوائية على طول الطرق، أو التصادم بسيارة منطلقة بجنون، وهذا أضعف الأضرار.
المفاجأة أن تلك الأهوال التى يواجهها المسافرون عبر طرق الصعيد، تهون مقارنة بما يحدث طوال الأشهر الماضية على طريق فرعى يعرف باسم طريق أسيوط - درنكة.
وبشكل عام، يشعر العابرون للطريق بالرعب والفزع، خصوصا عندما يعم الظلام الطريق من كل ناحية، ويتحول إلى ما يشبه الثعبان الطويل الملتوى الذى لا أول له ولا آخر، ويزيد من حدة الرعب ذلك الجبل الذى يلف العابرين من كل ناحية بلا بصيص من ضوء إلا ذلك الذى يخرج من مصابيح السيارت محاولا تبديد الظلام.
الطريق تكثر به حوادث الطرق بشكل مخيف وكأنه وحش مفترس يلتهم السيارات والأرواح والممتلكات وانتشرت روائح الموت على الطرق بسبب سوء حالتها وضعف الإنارة وعدم توافر اللوحات المرورية وكثرة المطبات العشوائية والمنحنيات المفاجئة، إضافة لتهور بعض السائقين الذى يسيرون بسرعة جنونية وبعضهم يتعاطى الحبوب المخدرة أثناء القيادة.
أحد السائقين علق على ما يحدث على هذه الطرق بأنه لم يسبق أن شاهد حوادث بمثل هذه الغرابة، مضيفا أنه يعمل سائقا على الخط منذ سنوات ويحفظ كل صغيرة وكبيرة عن الطريق بما فيها عدد المطبات التى توجد به، إلا أنه يفاجأ أحيانا أثناء السير بمطب صنعه الأهالى عشوائياً فلا يجد حلا سوى التوقف فجأة وبالتالى اصطدام القادم من الخلف أو الارتطام بالمطب وهو ما ينتج عنه صعود السيارة فى الهواء وهبوطها وفقدان السيطرة عليها، وفى نهاية المطاف يواجه الجميع شبح الموت.
وأسأل سائقاً آخر يقول: أصبحنا نتجنب السير على هذا الطريق لكثرة مشاكله خاصة العفاريت التى تخرج ليلا وتخنق السائقين فتتسبب فى وقوع الحوادث، لأن الطريق غير مضاء ليلا، وتلاحم السيارات ببعضها لكون الطريق حارة واحدة وضيقاً جدا، ولا توجد به إشارات مرورية وعواكس لمساعدة وإرشاد السائقين، وقبل هذا وبعده كارثة المطبات لتكمل سلسلة المعاناة إلى نواجهها على الطرق.
القرية التى تشهد تلك الحوادث تنتشر بيوتها بطول سفح جبل أسيوط الغربى، وتطل عليها مغاراته الرهيبة التى ترعب الصغار والكبار منذ عشرات السنين، كان آخرها تعرض سكانها لحوادث مرور غريبة بشكل لم يسبق له مثيل.
وتمتلئ المغارات المحيطة بالقرية بالآثار والمومياوات وكنوز الفراعين التى تكاد لا تنفد رغم عمليات التنقيب العشوائية منذ عشرات وربما مئات السنين، المنطقة تعانى من الفراغ المخيف ويسيطر عليها حكايات الخوف الأسطورية عن العفاريت التى تتسبب فى وقوع هذه الحوادث، وبعثات التنقيب عن الآثار التى تعبث فى الجبل ليلا، مما شاع بين الناس أن الجان الحارس لتلك المقابر تخرج وتعكر صفو الناس انتقاما، وحواديت أخرى كثيرة تجعل الناس ترقب الجبل وتتصور أنه سبب كل المصائب.. ومنها حوادث الطرق الغريبة التى باتت مصدر خوف وهلع لمعظم السكان الذين يضطرون للذهاب يوميا إلى مدينة أسيوط والعودة منها، بعضهم للعمل، والبعض للدراسة، أو شراء متطلبات الحياة، أو التجارة وغيرها من أمور الحياة.
هذا الجبل الذى أدمن سكان القرية الرعب منه ليس فقط لأنه كان على مدار عقود طويلة مأوى للمطاريد، وإنما أيضا ملاذا للعفاريت التى تعربد فى كل مكان فتتسبب فى وقوع الحوادث المتكررة - حسب اعتقادات معظم السكان هناك.
منطقة الحوادث تقع «بحرى البلد» على بعد كيلومترين تقريبا من مدينة أسيوط، بينهما طريق مرصوف على سفح الجبل يربط بين القرية والمدينة.
الرحلة عبر طريق أسيوط - درنكة رغم قصر مسافتها، فإنها غالبا ما تكون محفوفة بالمفاجآت المفزعة والمواقف الصعبة.. فهو ليس مجرد طريق للرعب فحسب، وإنما أيضا طريق للموت، لا يختلف فى ذلك عن كثير من الطرق فى مصر، حيث أشارت أحدث إحصائية إلى أن مصر احتلت المركز الأول فى نسبة وفيات حوادث الطرق فى العالم، طبقًا لتقرير منظمة الصحة العالمية الذى قدر أعداد الوفيات ب13 ألف قتيل، و40 ألف مصاب سنويًا.
لا بد أن نشير هنا أيضا، إلى أن الطرق السريعة بين القاهرة وأسوان، مرورا بمحافظات بنى سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج وقنا والأقصر، تحصد عشرات الأرواح والإصابات، فإن هذه الطرق حظيت بالنسبة الأكبر من الوفيات الناجمة عن الحوادث، ففى عام 2013 لقى 56 شخصًا مصرعهم على طرق الصعيد، وأصيب 265 آخرون.. وفى العام الماضى، فقد الصعيد 208 من أبنائه على الطرق السريعة، وفى 23 حادثة فقط، مع ملاحظة أن حصاد الحوادث لم يتضمن تلك التى راح ضحيتها شخص أو اثنان، ولكنها ركزت على التى يكون ضحاياها أربعة أشخاص فأكثر.
قرية «درنكة» التى تشهد تلك الحوادث الغربية، لا يعرف عنها الكثيرون شيئا إلا من خلال عدة أشياء تميزها عن سواها من القرى:
الأول دير السيدة مريم العذراء الذى يطل عليها من جبل أسيوط الغربى ويحج إليه سنويا المسيحيون - والمسلمون أيضا - من كل أنحاء مصر وغيرها من دول العالم.
أما الحدث الثانى فيتمثل فى الحريق الهائل الذى دمر القرية عن بكرة أبيها عقب موجات عارمة من السيول أدت إلى مقتل المئات من سكان القرية وأحرق بيوتها بعد أن اندلعت النيران فجر يوم 2 نوفمبر 1994 نتيجة سقوط قطار محمل بالمحروقات أدى إلى اشتعال الحرائق فى معظم البيوت، وساعدت السيول المنهمرة من الجبل على زيادة انتشار النيران التى قضت على الأخضر واليابس.
أما الشىء الثالث الذى يكسب هذه القرية ميزة خاصة فهو فريق كرة الطائرة الذى يمثلها فى الدورى المصرى الممتاز منذ ستينيات القرن الماضى، ويتفوق أحيانا على الأندية الكبرى فى الدورى ومنها الأهلى والزمالك والجزيرة والاتحاد السكندرى، ويلعب بعض أعضاء الفريق ضمن الفريق القومى المصرى.
ولا ننسى أيضا خُط الصعيد الذى وُلد فى هذه القرية ونشأ فى شوارعها وأزقتها الضيقة، وعاش مغامراته ومطارداته الدامية مع الشرطة على مدار سنوات طويلة وصار مضرب المثل فى مصر ودول العالم.
ورغم الشهرة التى اكتسبتها القرية جراء كل تلك الأحداث، فإن غالبية الناس يخطئون فى نطقها، فالبعض يسميها «درانكة» أو «درينكة»، إلا أن اسمها الحقيقى هو «درونكة» مع أنها تكتب رسميا «درنكة»، والمسافة بين أسيوط ودرنكة لا تزيد على ثلاثة كيلومترات، إلا أنها تستغرق حوالى نصف ساعة بسبب سيارات الميكروباص المتهالكة المعبأة بالوجوه العابسة التى تحمل كل هموم الدنيا معها. وكأنهم ينقصهم الجن والعفاريت التى يتهمونها بالهجوم على السائقين وخنقهم وسقوط القتلى والمصابين! 


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.