قديما قالو "اختر الصديق قبل الطريق" .. وقبل سنوات قليلة وتحديدا فى مصر تغيرت هذه المقوله وصرنا نقول : «اختر الطريق قبل الصديق» ، هذه الايام للاسف الشديد لم نعد نجرؤ على ان نردد ذلك لسبب بسيط ، لاتوجد لدينا طرق صالحة يمكن ان نختارها. فكل الطرق صارت سيئة السمعة وتودى بنا الى الآخرة، وقد تندهش إذا قلت لك ان جميع الطرق فى مصر وبلا استثناء بجدارة نجحت فى ان تتجاوز النقاط السوداء لمعيار السلامة والصلاحية ، ويكفى ان تعرف وحسب التقارير الدولية ان اكثر من 50 ضحية لكل 100 كيلو متر تقطعها السيارات تسقط فى مصر بسبب حوادث الطرق ، هذا مقارنة بشخص واحد فى الولاياتالمتحدة واقل من شخص فى بريطانيا وأما عن طرق الصعيد فحدث ولاحرج ، قل فيها ماشئت .. فهى طرق اذا نجوت فيها من الحوادث فلن تنجو من قطاع الطرق والعصابات المسلحة ، وإذا نجوت من العصابات المسلحه لن تنجو سيارتك من المطبات العشوائية التى تصطاد ضحاياها من السيارات بالعشرات يوميا وتحولها الى خردة بطبيعة الحال وحرصا على حالتكم النفسية لن نحدثكم كثيرا فى هذه «المقدمة» عن الطرق الفرعية التى تربط بين محافظات الصعيد وبين مراكزها وقراها ، فالاسهاب فى الحديث ربما يجعلك لاتسطيع ان تكمل القراءة، لانك وببساطة ستشعر وكأننا نحدثك عن مجموعه من توابيت الموت لا عن طرق مفترض ان نسير عليها آمنين، فلايمكن ان تكون أبدا هذه الطرق صالحة للسير .. نحن نحاول فى هذا الملف ان نكشف وبالإحصائيات عن ان مصيبتنا فى طرقنا لاسيما طرق الصعيد التى ونتيجة للإهمال الحكومى وعدم وجود خطط ولارؤية واضحة لاصلاحها ، صارت هى الأسوأ والاخطر فى العالم .. فهل يمكن للحكومة الجديدة ان تكلف خاطرها وتنتبه وتقرأ هذا الملف .. ربما!
تكالبت المشكلات والمآسى على أهل الصعيد منذ زمن بعيد، ليجدوا أنفسهم فى مواجهة «الموت» من خلال شبكة الطرق المتهالكة سواء الرئيسية أو الفرعية فى ظل التوقف الجزئى لحركة قطارات الصعيد والتى أجبرتهم على استقلال النعوش الطائرة «سيارات الميكروباص» وكانت الطامة الكبرى بعد الثورة قيام الأهالى بعمل المطبات العشوائية التى باتت تحصد أرواح الضحايا يوميا فى ظل اختفاء العلامات الإرشادية، هذا فضلا عن مركبات التوك توك وعربات الكارو التى تفجر أزمة حقيقية على الطرق السريعة والفرعية . فى البداية يقول د حسن يونس أستاذ الطرق بجامعة أسيوط إن محافظة أسيوط تعتمد على ثلاثة طرق رئيسية تربطها بالمحافظات هى الصحراوى الغربى، الذى بات عبئا ثقيلا على السائقين لقلة أعمال الصيانة الموجودة رغم الضغط الشديد عليه، وكذلك الصحراوى الشرقى «الجيش»، والذى يشهد حادثة مميتة كل شهر على الأقل،ثم الطريق الزراعي، وهناك ثلاثة مداخل تمثل خطورة، ويجب أن يتعامل معها السائقون بكل حذر ويقع معظمها نهاية الطرق منها مدخل قرية بنى حسين حتى قرية الحواتكة شمالا، ومنطقة النقب بعد كمين قرية عرب العوامر مركز أبنوب بالطريق الصحراوى الشرقى وطريق أبنوب أسيوط ومدخل طريق البحر الأحمر ومدخل طريق الجيش بالصحراوى الشرقى ،وطريق أبوتيج الزراعى أسيوط وخصوصا عند قرية المطيعة ومدخل الصحراوى الغربى عند قرية منقباد، وهذه الطرق والمحاور يطلق عليها محاور الموت خصوصا الوصلة من طريق الجيش حتى أسيوط الجديدة ومنها حتى مدينة أسيوط وهذه المداخل والوصلات غير مؤهلة لتستوعب كم وسرعة وكثافة السيارات التى تمر عليها ومنها ما يحتاج لتوسعة، ومنها ما يحتاج لإعادة إنشاء وتأهيل وبعضها يحتاج لإزالة للمطبات الموجودة به. ويشاركه الرأى عبد الله فوزى عبد الرحيم سائق قائلا إن المشكلة الأخطر هى الحالة الرديئة للطرق حيث نعانى بصفة يومية من سوء حالة الطرق داخل مدينة أسيوط وقراها فلا يوجد طريق ممهد نسير عليه باطمئنان بسبب حدوث تشققات غريبة فى طبقة الإسفلت تتسبب فى تغيير حركة السيارة وعقب ذلك تظهر مشكله أخرى هبوط مساحات من الأسفلت نضطر إلى السقوط فيها والخروج لنجد صعودا فى طبقة الأسفلت، ونشعر فى الكثير من الأحيان بأننا داخل مدينة ملاهي، ومن لا ينتبه لنفسه أو يفقد السيطرة على السيارة تكون النتيجة حدوث انقلاب أو ارتطام للسيارة وسقوط عشرات الضحايا ما بين مصابين وأموات، وهذا موجود بوضوح بالصحراوى الغربي. وبحسب أحد أهالى قرية ساو فإن الطريق الممتد من قرية ساو حتى قرية كوم إنجاشة رغم أن طوله لا يتعدى 4 كيلومترات والذى تم حفره منذ أكثر من ست سنوات إلا أن أهميته وحجم الحوادث التى تقع عليه تجعله بحاجة إلى قرار عاجل بتعبيده ورصفه مضيفا أن بحق نال لقب طريق الموت بجدارة. ويضيف محمود محمد «موظف» أن هناك طرقا كطريق عرب الشريفة والترعة العمياء والشلح وعزبة داود الذى أكلته التعديات وطريق تل براس والقصير ومدخل العقال البحرى وطريق بنى رافع منفلوط، كما أن الطرق الداخلية بين القرى أصبحت فى حالة رديئة للغاية حيث دمرت شبكات وخطوط الصرف الصحى والمياه تلك الطرق تماما. ويضيف طارق شحاتة «سائق» أن المشكلة الخطيرة التى تواجه الجميع على الطرق حاليا هى كارثة التوك توك، حيث تسير على الطرق السريعة والداخلية وتتسبب فى كوارث ويوضح عبد العال أحمد عبد الله «مزارع» أن العائلات تتسابق على فرض كلمتها على الطرق السريعة والداخلية من خلال عمل مطب عشوائى أمام منطقتها وسط تراخ من المسئولين لإزالتها . وفى سوهاج إذا نظرنا الى طريق سوهاج البحر الاحمر و الذى تكلف انشاؤه حوالى مليار و 200 مليون جنيه كطريق مفرد نجد أن به ملفين فى منتهى الخطورة قبل النقطة (صفر) ب 5 كم وبداية الطريق من الكوثر بالاضافة لوجود مطبين هوائيين هبوط واضح فى ذات المسافة و عدم وجود علامات إرشادية أو فوسفورية الامر الذى يتطلب صيانة الطريق الذى افتتح عام 2010 هذا الى جانب عدم تشغيل سوى نقطتى اسعاف من بين 4 نقاط تم انشاؤها وعمل شبكة اتصالات واحدة عليه، وانعدام الانارة و عدم وجود محطات وقود و كافيتريات، مما يتسبب فى وقوع الكثير من الحوادث عليه اضف الى ذلك ضرورة ازدواج الطريق بطول 275 كم لاهميته القصوى لمحافظاتسوهاج و اسيوط و قنا و البحر الاحمر . أما الطريق الصحراوى الغربى السريع فلا يوجد عليه نقطة اسعاف واحدة ولا توجد به اضاءة، والغريب ان عملية الازدواج له تمت وسط جبلين بحيث لا يرى عابر الطريق القادمين فى الاتجاه المعاكس، وهذا الطريق يسكنه الخارجين عن القانون و تقع عليه حوادث سطو سرقات لعدم وجود اتصالات أو نقاط تفتيش أمنية، اضافة لعدم وجود علامات مرورية ارشادية أو فسفورية و الادهى من ذلك وجود كثبان رملية على جانبى الطريق فى المسافة من كمين جهينة فى اتجاه اسيوط مما يتسبب فى انقلاب السيارات ووقوع حوادث مرورية عليه لذا يحتاج حواجز اسمنتية لمنع زحف الرمال على الطريق الذى لا يوجد به محطات وقود أو كافيتريات . وإذا نظرنا الى الطريق الصحراوى الشرقى (ساقلته أخميم دارالسلام) نجد أن الوصلة من مفارق ساقلته الى كمين مبارك ضعيفة بسبب وجود ترعة و منازل أهالى مما يتسبب فى وقوع الحوادث، أما الطريق الزراعى السريع القاهرةاسوان والذى يبدأ من كمين سلامون شمالا حتى كمين الكسرة جنوبا نجد أنه فقد الكثير من مواصفات الطرق السريعة لكثرة التجمعات السكانية والمقاهى والشوادر والعشوائيات و كثرة المطبات الصناعية العشوائية نتيجة اصرار المواطنين على اقامة مطب كلما وقع حادث تصادم لدرجة وصول عددها لحوالى 100 مطب بالاضافة لقلة الإضاءة عليه و عدم وجود علامات ارشادية و فوسفورية و بعض المنحنيات الخطيرة وإقامة الاسواق عليه مثل سوقى المراغة و جزيرة شندويل و حاحته لتوسعة لاستيعاب الحركة المرورية . وفى جنوبسيناء، تعددت الأسباب والموت واحد على الطرق المؤدية لمحافظة جنوبسيناء التى يتجاوز طولها 650 كيلومتر تقريباً بدءاً من رأس سدر وحتى طابا ومعظمها خطر يهدد حياة المارين عليه حيث لا يتعدى عام واحد إلا ووقع حادث كبير يودى بحياة الكثير ويصيب العشرات . ويرجع السبب الرئيسى فى ذلك الى كثرة المنحنيات الجبلية الواقعة على طرق المحافظة وصعوبة تعريض الطرق باعتبارها تقع بين جبلين ويحتاج الى مواد مفجرة للتمكن من إصلاحها مما يكلف الدولة مبالغ كبيرة لتفادى حوادث السير لكن ليس للمواطن ذنب فى هذا . ورعونة السائقين من ناحية أخرى وعدم التزامهم بالسرعات المقررة قانونياً على هذه الطرق وقيام بعض السائقين بتعاطى المواد المخدرة سواء كانت دوائية أو أخرى . أكد الدكتور خالد أبو هاشم مدير عام مرفق الاسعاف بجنوبسيناء ان مرفق الاسعاف تلقى 848 حادث سير خلال العام الماضى 2013، وبلغ عدد الوفيات 31 حالة وعدد المصابين 6598، مشيراً الى أن اكثر بلاغات حوادث الطرق التى تلقاها المرفق خلال العام الماضى كانت تقع بمنطقة منحنيات أبوزنيمة التى يبلغ طولها 3 كيلو مترات ومطلع شرم الشيخ الذى يبلغ طوله 15 كيلو متر وجميعها منحنيات خطر دائماً ما يقع عليها حوادث سير. بالإضافة الى سوء حالة الطرق والتى تتأثر دائماً بسقوط الأمطار والسيول عليها مما يعرض اجزاء كبيرة منها للقطع والتهالك نتيجة تراكم الرمال والحجارة عليها كما حدث فى طريق نويبع، دهب العام قبل الماضى وغلق طريق وادى فيران سانت كاترين بفعل الأمطار والسيول. وفى قنا يسيطر الظلام الدامس على الطريق السريع مصر - اسوان. وتقول سمية محمد «ربة منزل» أن خطوط السكك الحديدية تتقاطع مع طرق سريعة دون وجود مزلقانات وهذا هو الخطر الحقيقى ، وتكمن الخطورة فى مروها وسط العمارات السكنية. وان كان الطريق الصحراوى الغربى والشرقى يتشابهان فى ان طائر الموت يحلق اعلاهما فالأول بلا خدمات تذكر او سبل للإنارة بما فيها طريق الصعيد البحر الاحمر المعروف بطريق «الجيش» لايوجد خدمه على الطريق او عمود للإنارة او خدمه امنية بطول الطريق حتى اعتاب القاهرة، اما الطريق الشرقى فلا يسلم من بداية قرية اولاد عمر على طول طريق القاهرةأسوان من قاطعى الطرق وصولا الى حدود سوهاج ولم يغب عن المشهد ما يحدث فى طريق نجع حمادى، حيث جبل حمرة دوم وابوحزام. محمد عبد الفتاح آدم السكرتير العام المساعد لمحافظة قنا يقول إن الخطة الجديدة التى اعتمدها اللواء عبد الحميد الهجان محافظ قنا تقوم على ضم 50 كم رصف لقرى بهجورة ودشنا وقوص وابومناع وفاو بحرى ضمن الخطة العاجلة وبكل الاحوال فإن محافظة قنا هى صاحبة الطرق الأسوأ فى الصعيد سواء فى اعمال الرصف او فى خدمات الطرق او لتفشى اعمال السرقه بالاكراه . أما الوادى الجديد أصبحت الحاجة ملحة الى ضرورة أقامة ثلاث طرق عرضية تربط المحافظة مع المحافظات المجاورة ( طريق يربط بلاط عند تنيدة مع منفلوط بمحافظة أسيوط ) وطريق يربط ( الفرافرة بمدينة ديروط بأسيوط) وطريق يربط ( الخارجة مع محافظة سوهاج ) المهندس مجدى الطماوى المدير العام للطرق بالمحافظة ، أشار إلى أن اعتمادات الطرق الداخلية تأتى من موازنة المحافظة وبالنسبة للطرق الطولية من خلال هيئة الطرق ، وتتم كل عام طبقا للأعتماد المالى المتاح ، ولم ينكر (الطماوى ) أهمية الطرق العرضية فى تنمية المحافظة ورفع الجدوى الاقتصادية والتجارية بها ، لأنها ستدعم الرواج السوقى بين مدن المنطقة ومدن المحافظات المجاورة ، كما أنها ستختصر المسافات بينهما لأكثر من 30 % من الحالى . ويقول الحاج محمود سعيد أحد أكبر المزارعين بالوادى الجديد إن المحافظة تعتمد بشكل أساسى على الطرق فى سد الأحتياجات من المحافظات الأخرى، لعدم وجود البديل، لأن السكك الحديدية توقفت والمشهد من حولها يؤكد أنها لن تعود بعد ما حدث للشريط الحديدى من سرقات ودمار وتخريب، والطائرة التى كانت تتبع مصر للطيران توقفت، والوضع أقتصر على السير على الطرق، وطالب بدور أكبر فى أزدواج طريق الخارجة أسيوط وتعديل بقية المنحنيات بة وتزويدة بالخدمات، وأزدواج طريق الداخلة الفرافرة وتزويدة بالخدمات لتستمر أجراس الحياة بالمنطقة، وتكون مستقبلا للأجيال القادمة ولا تكون طاردة للسكان .
نعوش طائرة على الطريق أكدت الإحصائيات بكلية الهندسة جامعة أسيوط أن الطرق تعدت النقاط السوداء التى يحصل عليها الطريق فى حال وقوع حادثين مميتين فى السنة على الأكثر، إلا أن طرق أسيوط تشهد نحو 51 حادثا مميتا سنويا. وفى سوهاج وقعت حوادث نتج عنها حالات وفاة ل 145 مسافر على الطريق وإصابة 63 فى الطرق السريعة والفرعية وذلك خلال ثمانية أشهر فقط. أما فى جنوبسيناء فقد ساهمت المنحنيات الجبلية الخطيرة والسيول والأمطار فى حصدا رواح 31 مواطنا وإصابة 6598 فى العام الماضى.