ليس منطقياً ولا عقلانياًَ أن تبلغ نسبة حالات هجوم أسماك القرش فى البحر الأحمر نحو 15٪ من الحالات على مستوى العالم، وليس مقبولا أن يخرج مسئولو الدولة المصرية، كما حدث مؤخرا، بتصريحات طمأنة تؤكد أن الحادث فردى، وكله تمام، فخبراء البيئة البحرية لهم رأي آخر.. وهو رأى علمى يستحق الاهتمام. فوفقا لخبراء في علوم البحار أن التجارب النووية التي تجريها إسرائيل في خليج العقبة تؤدي إلي إشعاعات ترفع درجة الحرارة ما يثير أسماك القرش. عالم البحار المصرى مدرس علم البيئة البحرية بكلية العلوم جامعة القاهرة، الدكتور عمرو محمد ناصف قال: «تأثر البيئة البحرية لخليج العقبة بتأثيرات إشعاعية أو حرارية جراء تجارب نووية تمت تحت مياه خليج العقبة قد يكون من أهم أسباب هجوم سمك القرش على شواطئ شرم الشيخ بجنوب سيناء خلال الأيام الماضية، وأفادت تقارير ودراسات عديدة عن وجود مواد مشعة فى تلك المنطقة يحويها مخزن متقدم لحفظ القنابل النيترونية أسفل مياه الخليج، وذلك يؤثر فى بيوكيميائية وفسيولوجية أسماك القرش، وبالتالى أنماطها السلوكية». وأكد ناصف وجود علاقة قوية بين الإشعاع والانبعاث والاحتباس الحرارى وتغير المناخ وارتفاع درجة حرارة الماء التى يتبعها ارتفاع معدل التمثيل الغذائى فى أسماك القرش، وبالتالى تزيد سرعة الهضم ومن ثم احتياجها للغذاء، فالإشعاع النووى والانبعاث الحرارى كلاهما له دور كبير فى رفع درجة الحرارة فى المحيط البيئى الذى يحيط بسمك القرش الذى من شأنه أن يعمل على تغير الخواص الطبيعية للمياه والبيئة البحرية، والسمكة التى هاجمت المواطن بالعين السخنة مؤخرا فى الأساس تعيش فى الأعماق وصعودها بهذا الشكل إلى السطح يعنى أنه يوجد خلل فى النظام الغذائى الخاص بها وسيتم بحثه عن طريق اللجنة المشكلة. وأضاف أن المنطقة يمكن أن تكون قد تعرضت لتلوث إشعاعى ما، فالمعروف أن أسماك القرش حساسة لأى تغير فى كيميائية المياه ويمكنها أن تشعر بدرجة فائقة بتغيرات الأنظمة الصوتية الموجودة فى المياه، ولهذا اعتقد أنه حدث تغير فى المحيط الصوتى بالمنطقة، فربما تم استقدام أنواع جديدة من القوارب الآلية، أو أن هناك آليات حفر فى عمق المنطقة، وأن السبب الأقوى لهجمات القرش هو شعوره بارتفاع درجات الحرارة التى قد تكون ناتجة عن تغيرات مناخية أو نتيجة إشعاعات معينة، ولكن للأسف ليس هناك ما يؤكد ذلك. ويتفق فى ذلك رئيس قسم البيئة بجامعة الأزهر، الدكتور خالد غانم، حيث قال: «إن هذه الهجمات من الفك المفترس ليست طبيعية، ومرجعها إلى أن هناك خللاً بيئياً حدث فى الأعماق وعلى الدولة التوصل إلى أسباب هذا الخلل، التى قد تكون ارتفاع درجات الحرارة عن معدلاتها الطبيعية لأسباب مختلفة، أو أن هناك تهديداً ما يتعرض له سمك القرش بالإضافة إلى عمليات الصيد الجائر فى المنطقة». هناك أسباب أخرى قد تكون وراء هذا الهجوم المتكرر لأسماك القرش، منها الكثافة العالية والنشاط السياحى البحرى الزائد والأهم زيادة معدل كثافة الغطس على الشعاب المرجانية فى هذه المنطقة البحرية عن النسب المسموح بها عالمياً، بما يفوق طاقة النظام البيئى وقدرته على الاستيعاب والتجدد، ما يتطلب إعادة النظر فى إجراءات الإدارة البيئية والتنموية لتلك المناطق. ومن الأسباب الخطيرة أيضاً إلقاء الأغنام والحيوانات البرية النافقة وتأثير الإنزيمات والهرمونات الحيوانية كنمط غذائى غير مألوف على فسيولوجية وسلوك أسماك القرش. ويطلق على البحر الأحمر اسم «بحيرة القروش» لوجود 25 نوعاً من إجمالى عدد أنواع سمك القرش فى العالم الذى يصل إلى 350 نوعاً، أى %8 من أسماك القروش المسجلة حول العالم، وليس من 350 نوعا إلا حوالى 30 نوعاً فقط التى تعد من الأنواع الشرسة مثل: «النمر ورأس المطرقة والقرش الأبيض والقرش آكل لحوم البشر وقرش ماكو وسمكة القرش الشرسة الملقبة بالممرضة الرمادية وقرش الثور»، وأكثرها شراسة على الإطلاق هو قرش رأس المطرقة، وهو نوع شائع فى البحر الأحمر لدرجة أنه تم حفظ عينات فى متحف الأحياء المائية بالغردقة منذ عشرات السنين رغم أنه يفضل تجنب البشر وهو لا يهاجم إلا حين يُستفز. ويشهد منتجع شرم الشيخ ما لا يقل عن أربع هجمات فى مواسم الحر الشديدة من أسماك القرش، ويقول الباحثون فى الأحياء البحرية إن القروش تشم رائحة هرمون الخوف عند الإنسان، وإن الدماء تثيرها وتجعلها تهاجم أى شيء يقابلها، وللقروش حاسة شم قوية، حيث تجذبها رائحة الدم وتجعلها تهاجم أى شىء يقابلها حتى إنها تهاجم بعضها بعضاً، كما أنها تشم رائحة هرمون الخوف لدى الإنسان، والقروش تنجذب للون الأبيض واللامع تحت الماء، لذلك نرى الغواصين والضفادع البشرية يرتدون البدل السوداء الداكنة حتى لا تراهم القروش، وللقروش حاسة سمعية قوية تستطيع سماع حركات الأحياء الأخرى من على بعد كيلومترين تقريباً. ولوجود القروش فى البيئة البحرية أهمية، حيث تقوم بمنع الازدحام غير المتزن لأنها تتغذى على الأسماك الضعيفة والمريضة لتمنع انتشار الأمراض فى البيئة البحرية، وتختلف طريقة الهجوم من نوع لآخر ومن وقت لآخر. ويرجح علماء البحار أن ظهور القروش ومهاجمتها لشاب بشكل مفاجئ بمياه خليج السويس بالعين السخنة جاء بعد إلقاء عجول نافقة من سفينة أجنبية بخليج السويس منذ 20 يوما، ومن المرجح أن تكون القروش ظهرت بسبب هذه المخلفات التى تتغذى عليها فى أغلب الأحيان. وقال مصدر أمنى: إن عددا من الأجهزة من بينها البحرية والبيئة يقومون بالتحقيق فى أسباب ظهور أسماك القرش بشكل مفاجئ لأول مرة فى العين السخنة التى قامت بمهاجمة مواطن وتسببت فى بتر قدمه. وكشف مصدر أمنى بحرى بالسويس، أنه تم التوصل إلى بيانات اثنتين من السفن التى قامت بإلقاء أبقار نافقة فى مياه خليج السويس بشواطئ العين السخنة. وكانت سمكة قرش قامت بمهاجمة طالب فى مياه خليج السويس، وتم نقله للمستشفى فى حالة سيئة جسديا ونفسيا، وتم إجراء عملية جراحية له وبتر قدمه. وتلقى اللواء مجدى عبدالعال، مدير أمن السويس، إخطارا بتعرض طالب يدعى عمرو عبدالقادر 23 عاما، طالب بجامعة خاصة، لهجوم من سمكة قرش بأحد شواطئ العين السخنة. كان أصدقاء وأقارب عمرو المصاب، ذكروا أن سمكة القرش قامت بمهاجمة عمرو خلال قيامه بالسباحة فى المياه وأنهم كانوا موجودين باللنش البحرى الذى قاموا باستئجاره وقاموا بسحب عمرو 23 سنة عقب تعرضه للهجوم. وقال عمرو المصاب، إنه حاول الهروب من سمكة القرش ثم قامت سمكة القرش بمهاجمته فى قدمه اليسرى وعضه وتم إجراء عملية بتر جراحية له فوق الركبة، حيث كان يعانى من تهتك بالساق اليسرى التى تعرضت لهجمة القرش ومزق جزءا منها. من جانب آخر وعلى صعيد التحقيق فى أسباب تواجد أسماك القرش، كشفت مصادر أمنية بحرية بخليج السويس أن التحقيقات الأمنية بعد مراجعة بيانات السفن العابرة لقناة السويس فى نفس توقيت إلقاء الأبقار النافقة بخليج السويس أكدت أن اثنتين من السفن المحملة بالأبقار كانتا قادمتين من رومانيا ومتجهتين إلى البحر الأحمر وهم السفينة «اليسر» والسفينة»Live stock» وأن الاثنتين تابعتان لوكيل بحرى واحد فى محافظة السويس مقره شركته فى مدينة بورتوفيق بالسويس وأوضح المصدر، أن الاتهام لن يخرج عن إحدى السفينتين، وأن التحقيقات مع الوكيل الخاص بالسفينة جارية لتحديد السفينة المتهمة حتى تتم المطالبة بتعويضات عن الجريمة التى قامت بها بإلقاء أبقار نافقة فى شواطئ العين السخنة بالسويس، وسوف تحدد وزارة البيئة قيمة الغرامة المالية. وكان جهاز شئون البيئة بالسويس قد قام بأخذ عينات من الأبقار النافقة التى عثر عليها بأحد شواطئ العين السخنة بالسويس للتوصل إلى أسباب نفوق الأبقار وهل حدث النفوق بسبب فيروسات معدية أم نفوق لأسباب أخرى؟