تكررت حوادث هجوم أسماك القرش على بعض السائحين الذين يمارسون هواية الغطس أو السباحة فى شرم الشيخ، ففى أقل من أسبوع وقع هجومان لسمك القرش كان أحدهما قاتلاً وراحت ضحيته سائحة ألمانية تبلغ من العمر 70 عاماً كانت تمارس السباحة بأحد الشواطئ قبالة خليج نعمة عندما هاجمتها سمكة القرش وسببت لها جروحاً أدت إلى وفاتها. وتسبب الهجوم فى إصابة أربعة من السائحين الروس والأوكرانيين وفى بتر ذراع سائحة روسية تدعى أوليجا مارسينكو تبلغ من العمر 48 سنة كما تسبب الهجوم نفسه فى بتر قدم سائحة روسية ثانية تدعى لو دميلا ستوليا تبلغ من العمر 70 عاماً كما أحدث سمك القرش إصابات مختلفة لدى سائح أوكرانى يدعى فيكتور كولى يبلغ من العمر 49 عاماً وإصابة سائح روسى آخر باصابات مختلفة يدعىتريشكين يفيجينى يبلغ من العمر 54 عاماً وبعد هذا الحادث بأربعة أيام وبعد إعادة فتح الشواطئ مرة أخرى عاد هجوم القرش ليصيب السائحة الألمانية وتدعى ريتان تسكرى باصابات خطيرة تسببت فى وفاتها على الوفر حيث التهم القرش فخذها الأيسر وكوعها الأيمن. وكانت وزارة السياحة بالتنسيق مع الجهات المعنية بمحافظة جنوبسيناء قد أعادت فتح الشواطئ امام الرياضات المائية بعد الهجوم الأول لأسماك القرش والذى نتج عنه إصابة ثلاثة من السائحين كانت إصابة أحدهم خطيرة وتم بتر أحد أطرافه، وكان ذلك يوم السبت 4 ديسمبر، ولكن بعد أن حدث الهجوم الثانى تم غلق الشواطئ مرة أخرى لأجل غير مسمى حتى يتمكن الخبراء والمتخصصون من الوقوف على أسباب الظاهرة التى تحدث لأول مرة فى شرم الشيخ. وقد أكد زهير جرانة وزير السياحة أنه لا توجد حتى الآن تفسيرات محددة وراء هجوم بعض أسماك القرش على الشواطئ فى شرم الشيخ وأوضح الوزير ان كل ما تردد حتى الآن هو مجرد تكهنات ولم يحدث من قبل أن وقعت سلسلة هجمات متتالية لأسماك القرش فى شرم الشيخ. وأضاف الوزير أنه تم استدعاء خبراء فى شئون البحار وخاصة أسماك القرش لتقويم الوضع ومعرفة أسباب حدوث هذه الهجمات. من ناحية أخرى أكد د.ماجد الشربينى رئيس أكاديمية البحث العلمى ومساعد الوزير للشئون العلمية أنه تم استقدام خبراء من استراليا وأمريكا لتشكيل ورشة عمل بالتعاون مع الخبراء المصريين فى معهد علوم البحار لعمل دراسات وأبحاث سريعة للوقوف على أسباب النشاط العدوانى لأسماك القرش مع الوضع فى الاعتبار الدراسات البيئية والتغيرات المناخية والبيئية والسلوكية، هذا بالإضافة إلى تحرك سفينة الأبحاث المصرية سلسبيل، وعليها المعدات اللازمة والأجهزة الملاحية وأجهزة الرصد المائى والبيئى وتضم السفينة فريق عمل مكوناً من 18 عالماً وباحثاً من معهد علوم البحار المصرى بالتعاون مع وزارة البيئة وهيئة الثروة السميكة مع التأكيد على فريق العمل أن يقدم تفسيراً لهذه الظاهرة فى أقرب وقت ممكن وأن يقدم مقترحات وبدائل حتى يتسنى لمتخذ القرار معرفة المعلومات الكافية والتى سوف تساعد فىالحفاظ على سلامة السائحين عن طريق تقديم الارشادات وأخذ الاحتياطات المتعلقة بالسلامة، لأنه من غير الممكن أن تظل الشواطئ مغلقة، حيث إن ذلك سوف يكون له تأثير سلبى على السياحة فى مناطق شرم الشيخ.. وأضاف أنه من المتوقع أن تنتهى المجموعات البحثية من وضع حلول سريعة خلال أيام قليلة يعاد بعدها فتح الشواطئ. سمكة حساسة وفى أول تعليق له أكد د. محمد عطية رئيس معهد علوم البحار أن سمكة القرش هى فى الأساس من الأسماك «المحيطية» أى التى تعيش فى المحطيات ومنذ زمن بعيد دخلت إلى البحر الأحمر وتعايشت مع بيئته، وهى سمكة هادئة بطبيعتها ولا تهاجم إلا عندما تستفز، وخاصة إذا تعرضت لاستفزاز بيئى حيث إنها تتمتع بحاسة شم قوية جداً وحساسة جدا خاصة لروائح الدم والدهون منها عندما تشم هذه الروائح تثار ويحدث لها حالة من الهياج وتصبح عدوانية وتتجه مباشرة وبسرعة ناحية مصدر الروائح حتى ولو كانت بالقرب من الشاطئ ولو على بعد أمتار.. ورغم أن هذه الظاهرة تتكرر فىالكثير من شواطئ العالم فى استراليا وأمريكا إلا أن منطقة شرم الشيخ لم تكن أبداً ضمن المناطق المعروف عنها نشاط عدوانى لسمك القرش، حيث إن سمك القرش لا يحب التواجد قرب الشعاب المرجانية، فهو يخشى من هذه الشعاب حتى لا يصاب بجروح لأن القرش إذا جرح وسالت دماؤه فانه يتعرض للهجوم من أسماك القرش الأخرى وتلتهمه بسرعة، بالإضافة إلى أن سمك القرش من النادر أن يكون فى مجموعات فهو يقوم بعمليات الصيد بصفة فردية. وأسماك القرش ليست بالوحشية التى يتصورها عموم الناس، حيث أظهرت الأفلام السينمائية أسماك القرش على أنها وحوش بحرية تثير الرعب عند سماع اسمها حتى قبل رؤيتها وهو فى الحقيقة انطباع خاطئ، حيث يؤكد العلماء أن الذين يموتون من لسعات النحل يفوق بكثير الذين يموتون نتيجة لهجوم أسماك القرش. أما خطورة القرش عندما يُهاجم فتكمن فى انها تتمتع بحاستىشم وسمع قوية جداً إضافة إلى قوة فى الابصار فهى تستطيع شم الدم على بعد مئات الأميال كما تستطيع التنبه للذبذبات الناتجة عن حركة أى كائن آخر على مسافات بعيدة، وما يزيد من خطورة سمك القرش فىالهجوم فى أن لها أسناناً حادة جداً كالموس، حيث إن لمسة سريعة منها وإن كانت خفيفة تؤدى إلى جروح غائرة، بالاضافة إلى صف آخر من الأسنان الاحتياطية وقد تصل صفوف الاسنان إلى خمس أسنان فى كل صف، وعن حجم أسماك القرش يقول د. محمد عطية رئيس معهد علوم البحار إن اسماك القرش أنواع كثيرة وما يعنينا فى هذا الصدد هو ما يعيش فى شواطئنا وهى فى الأغلب ثلاثة أنواع أشهرها القرش الأبيض وهو المسئول عن الهجمات الأخيرة فى شرم الشيخ وتتراوح أحجامه ما بين نصف المتر إلى ثلاث أمتار وقد يصل طول سمكة القرش الأبيض فى حالات نادرة إلى اربعة امتار وفى البحر الأحمر من النادر أن تعثر على قرش أبيض بهذا الحجم. وتعتبر المناطق الحارة والاستوائية افضل المناطق لتواجد أسماك القرش الأبيض كالشواطئ الأفريقية والاسترالية وشواطئ كاليفورنيا. ظاهرة غير طبيعية وتؤكد د. إكرام مجد أمين الرئيس الأسبق لمعهد علوم البحار أن ما حدث فى شرم الشيخ هو ظاهرة غير طبيعية لابد من دراستها بشكل مستفيض يشمل كل الفروع العلمية المتلعقة بحياة وبيئة القرش، فلابد أن هناك خطأ بيئياً حدث وهو ما أدى إلى تواجد القرش الأبيض بالقرب من الشواطئ فى شرم الشيخ إضافة إلى مهاجمة البشر وهو أمر نادر الحدوث خاصة فى مناطق شرم الشيخ لأنها عبارة عن خلجان مرجانية وهى مناطق غير مناسبة لحياة سمك القرش ومن النادر أن يقترب منها ولو حدث فإنه سرعان ما يغادر إلى المياه العميقة. وتؤكد د. إكرام أن ما يقال عن إلقاء بعض السفن لحيوانات نافقة مثل الخراف أو الأبقار ليست السبب وراء هذا الهجوم وإلا لماذا انتظرت كل هذا الوقت إذا كانت الحيوانات النافقة قد ألقيت فى البحر قبل عيد الأضحى. وتضيف د. إكرام أن هناك أسباباً أخرى وراء تلك الظاهرة ولا يمكن معرفة هذه الأسباب إلا بإجراء المزيد من الدراسة والبحث وخاصة فى مجال البيئة المائية للبحر الأحمر مع إجراء مسح شامل للكائنات البحرية المتواجدة بالقرب من الشواطئ فى شرم الشيخ وأن تكون الدراسة شاملة لكل الكائنات البحرية وليس لسمك القرش فقط لأنه لابد أن نأخذ فى الاعتبار التوازن البيئى بين الكائنات وألا يطغى نوع علىحساب نوع آخر. لا .. لقتل الأسماك ويحذر د. محمد عطية رئيس معهد علوم البحار من الإفراط فى قتل سمك القرش لأن ذلك يحدث خللاً فى التوازن البيئى مما يؤثر بالسلب على كائنات أخرى تعيش فى بيئة البحر الاحمر وهناك برنامج بيئى لرصد البيئة البحرية فى البحر الأحمر حيث تقوم سفن الأبحاث التابعة لمعهد علوم البحار ومنها السفينة البحثية «سلسبيل» والمتواجدة بصورة دائمة فى البحر الأحمر وخاصة بمنطقة الغردقة وشرم الشيخ وهذه السفينة لها خط سير معروف يشمل كل الشواطئ المصرية على البحر الأحمر داخل المياه الإقليمية وخارجها وهى تقوم بالرصد البيئى من كافة النواحى وكذلك الرصد البيولوجى للكائنات البحرية. أثر محدود ورغم أن البعض قد يشعر بقلق تجاه احتمال تأثر السياحة بسبب الحوادث السابقة إلا أن الأرجح هو استمرار تدفق السائحين بالنظر إلى أن منتجع شرم الشيخ يعتبر من أهم المقاصد للسائحين من جميع انحاء العالم، هذا ما أكده د. زهير جرانة وزير السياحة وأضاف أن الشواطئ المصرية علىالبحر الأحمر وخاصة الغردقة وشرم الشيخ ستبقى المطلب الأول لهواة الغوص ومشاهدة الشعاب المرجانية، ويبقى الأمر الأهم وهو ان الحوادث السابقة عارضة كما أن الاستقرار الذى تتمتع به مصر وطبيعتها الخلابة وحضارتها العريقة من أهم العوامل الحاسمة للجذب السياحى وتدفق الأفواج السياحية.