لو تحدثنا عن العلاقة بين المسلم والمسيحى فى مصر، سنحتاج إلى مئات الصفحات كى نظهر شيئًا بسيطًا منها. أقلها تصريحات الرئيس السيسى التى أقر فيها أن القانون لابد أن يأخذ مجراه فى حادثة تعرية «سيدة الكرم» بمحافظة المنيا. تلك التصريحات التى تؤكد حدوث الواقعة وتكشف عن طريقة الدولة فى التعامل معها دون أى تمييز فالرئيس وصف «سيدة الكرم» بأنها مصرية وليست مسيحية، وهذا يكفى كل المصريين فخرا به لأنه ببساطة رئيس لا يميز بين مسلم ومسيحى. إذن من أين جاءت الفتنة، ولماذا يتم النفخ فى النار؟ روز اليوسف فى حوار لاحق مع عادل عجيب، الرئيس الأعلى للهيئة القبطية الأمريكية، قد اتهم صراحة الشيخة موزة وسعد الدين إبراهيم، والمخابرات القطرية بتأجيج الفتنة عن طريق عملائهم فى الداخل وهم بالفعل أذناب جماعة الإخوان الإرهابية. ولنبدأ بمن يقف خلف الطفلة نورا. اغتيال براءة طفلة الطفلة «نورا» هى ابنة السيدة «نجوى رجب إبراهيم» التى طالتها شائعة مغرضة بأنها على علاقة مع شاب مسيحى، تلك الشائعة التى كانت سببا فى اشتعال أحداث قرية «الكرم» بمحافظة المنيا فقام زوج السيدة وأبوه بتعرية السيدة «سعاد ثابت» والدة الشاب المسيحى وإهانتها فى الشارع، ونفت فى حينه «نجوى إبراهيم» الشائعة وحررت محضراً ضد زوجها واتهمته بترويج شائعة تهدف إلى النيل من سمعتها بسبب مشاكل بينهما وصلت إلى الطلاق. ولكن فى تطور خطير خرجت «نورا» بمقطع فيديو مصور تم نشره باحتراف على شبكات التواصل الاجتماعى تؤكد فيه الطفلة البريئة على أن أمها كانت على علاقة آثمة بالشاب المسيحى وأن الأم هى التى كانت تخبرها بتفاصيل تلك العلاقة وفى تناقض طفولى تعود الطفلة وتقر أنها عندما شاهدت والدتها على السرير بملابسها الداخلية وبجوارها «أشرف» الشاب المسيحى ضربتها الأم ونكلت بها. ورواية الطفلة تثير الكثير من الأسئلة فبعيداً عن ظهور من كان يلقنها حديثها فى مقطع الفيديو بشكل واضح فلم يعرف من الذى سمح لهذه الطفلة بالإدلاء بمثل هذا الحديث الذى ينتهك طفولتها ولن نبحث كثيراً عمن استخدم تلك الطفلة لإثارة مشاعر أهل القرية فجماعة الإخوان كثيراً ما دفعت بالأطفال واختبأت من ورائهم، كما أن ادعاء الطفلة بأن الأم كانت تحكى لها تفاصيل علاقاتها هو أمر غير منطقى وهذا يتناقض مع ادعاء الطفلة بأن الأم ضربتها حينما رأتها الطفلة فى ذات الفعل فلماذا تضربها الأم وقد سبق وروت لها تلك التفاصيل والأمر الذى يؤكد كذب ادعاء الطفلة هو لو كان لدى الطفلة كل تلك المعلومات منذ البداية فلماذا لم تخبر الأب؟ أصابع الجماعة الإرهابية تظهر بوضوح فى رواية الطفلة لتصدر للرأى العام طفلة جديدة تحمل كفنها على يديها فى مواجهة فساد الأم والعشيق كما حمل أطفال رابعة أكفانهم من قبل. إعلام التهييج لم نعتد التعليق على الأداء الإعلامى لزملاء المهنة أو التعرض له من قريب أو بعيد ولكن عندما ينحرف هذا الأداء الإعلامى عن الحيادية وينجرف ليصبح طرفاً فى قضية فنحن نتناوله كطرف فى الصراع وباستخدامه أسلوب الاجتزاء والقص واللصق وعمل تباديل وتوافيق لتصريحات الأنبا مكاريوس أسقف المنيا شن الكاتب الصحفى محمد الغيطى هجوماً غير مبرر على الأنبا مكاريوس واتهمه بأنه (كاذب كاذب كاwwذب) فى ادعائه بأنه رفض كل محاولات الاستقواء بالخارج وأنه لم يتواصل أحد من الخارج مع الأسقف وإنما جاءت تصريحات الأسقف للتلويح بالاستقواء بالخارج والغيطى كما أعلن استقى معلوماته من شبكات التواصل الاجتماعى دون التأكد من صحتها وشن هجوما ضاريا على الأسقف وهو ما لاقى ردود أفعال شعبية سلبية كثيرة دفعت بالنائب جون طلعت والنائبة نادية هنرى لتقديم بلاغ للنائب العام يتهمان الغيطى بإشعال الفتنة الطائفية باستخدام أدواته الإعلامية المتاحة له، كما أصدر المتحدث الرسمى للكنيسة تصريحات جاء فيها (إن الإعلامى محمد الغيطى اقتطع جملاً من مداخلات الأنبا مكاريوس وفسرها حسب رؤيته الخاصة وما ردده الإعلامى عار تماما من الصحة كما أن التشكيك فى وطنية قامة روحية ووطنية كالأنبا مكاريوس أمر غير مقبول على الإطلاق فأسقف المنيا مصرى قبطى حتى النخاع ولا مجال للمزايدة على وطنيته ولعل التاريخ يشهد ومواقفه تتحدث). وأضاف: إن تصريحات أسقف المنيا جاءت كالآتى: يجب علينا اتخاذ إجراءات سريعة حتى نقطع الطريق على أى شخص أو جهة تحاول التدخل» مؤكدا بأن هدف أسقف المنيا قطع الطريق على الآخرين وإغلاق باب التدخلات وليس العكس كما يصدرها «الغيطى». عمدة القرية يكذب عمر راغب عمدة قرية الكرم التى شهدت أحداث الفتنة الأخيرة لا يكل ولا يمل عن نفى واقعة تعرية «سيدة الكرم» ويكيل الاتهامات للأنبا مكاريوس أسقف المنيا بأنه من وراء افتعال الأحداث دون سند أو دليل ليخدم على مخطط جماعة الإخوان الإرهابية فى أفساد التحقيقات التى تجرى حاليا ومحاولة إجبار الكنيسة على الرضوخ لعملية صلح وهمية يتبناها وتضيع فيها حقوق المجنى عليهم وهو ما دفع المستشار نجيب جبرائيل رئيس المركز القبطى لحقوق الإنسان إلى تقديم بلاغ للنائب العام ضد العمدة اتهمه فيه بالعديد من الاتهامات ففى بيان لجبرائيل الذى تلقت روزاليوسف نسخة منه قال: (تصريحات العمدة لا يمكن السكوت عليها فلقد قمنا بتقديم بلاغ للنائب العام أوضحنا فيه أنه فى الوقت الذى تتضافر فيه جهود الدولة ومؤسساتها من أجل ترميم ما حاول هدمه المتطرفون وفى الوقت الذى انفطرت فيه دموع المصريين لوعة وأسى على سيدة مصرية تعدت السبعين من عمرها تعرت فتعرت معها مصر كلها نتيجة تصرفات حمقاء وتراكم من التطرف الدينى والطائفى يخرج علينا شخص مفترض أنه يتبع مؤسسة سيادية مهمة فى الدولة وهى وزارة الداخلية وهو عمدة قرية الكرم بمحافظة المنيا عمر راغب ليتحدى عبر وسائل الإعلام الشعب المصرى بجميع مؤسساته بما فيها رئاسة الجمهورية ويزعم بأن واقعة السيدة سعاد سيدة المنيا لم تحدث على الإطلاق) وتعليقاً على تصريحات العمدة يكمل جبرائيل: (العمدة يقوم عبر وسائل الإعلام فى مداخلات على القنوات الفضائية ليهدد نيافة الأنبا مكاريوس أسقف المنيا بتحميله مسئولية الفتن التى من الممكن حدوثها وتصاعدها فى حالة عدم جلوسه لصلح عرفى فى حين أن نيافة الأسقف كان يصر على تطبيق القانون أولا وتلك أخبار كاذبة يشيعها العمدة كادت تودى بالسلام الاجتماعى والوحدة الوطنية بين شركاء الوطن لولا حكمة المصريين مسيحيين ومسلمين لسار ما أشاعه هذا العمدة سريان النار فى الهشيم وانقلبت الأمور فى تصور هذه السيدة بأنها كاذبة لم تتعر) وعن التهم التى يوجهها جبرائيل للعمدة قال: (العمدة ما ارتكبه من أفعال يقع تحت طائلة قانون العقوبات فهو رجل مسئول فى وزارة الداخلية ليس من شأنه أو اختصاصه التصريح فى وسائل الإعلام بأى تصريحات خاصة إذا كانت تصريحات مستفزة تضر بالوطن وتقوض العلاقة بين المسلمين والأقباط ومن ثم وطبقا لمواد القانون فإنه يكون قد ارتكب جرائم الآتية: ترويج أخبار كاذبة والتحريض على تقويض السلم الاجتماعى والإضرار بالوحدة الوطنية والخروج عن الاختصاص الوظيفى بإدلاء بيانات كاذبة وتهديد رجل دين مسيحى وهو أسقف المنيا). الخفير اتهم واحداً متوفياً والثانى قعيداً! هناك أصابع خفية فى قضية سيدة الكرم لمحاولة إفساد القضية وإجبار أطرافها على صلح مخالف للقانون، فالسيدة «عنايات أحمد» هى الشاهدة الرئيسة فى واقعة تعرية سيدة الكرم فهى السيدة التى أقرت عقب الأحداث بأنها أدخلت السيدة «سعاد ثابت» إلى منزلها وكانت عارية وثيابها ممزقة عليها وقامت «بسترها» بشيء من ملابسها وقامت بتهريبها من أيدى المتطرفين إلا أنه عند قيام الشرطة بضبط المتورطين فى الحادث قامت بالقبض على نجل السيدة عنايات ويدعى «مجدى محمد» ضمن المتهمين بتعرية سيدة الكرم والغريب فى الأمر أن لا أحد يتهم نجل السيدة بأى تهم، ولا أحد يقلل من دور الشرطة وأجهزة الأمن فى حفظ النظام وسيادة القانون، ولكن فتش عن الذى قدم اسمه للشرطة على أنه من الجناة، وفتش عن الذين يقفون خلف السيدة والدته كى تغير أقوالها، فقد جاءت أقوال السيدة عنايات أحمد فى النيابة لتؤكد أن السيدة سعاد ثابت المجنى عليها كانت ترتدى ملابسها كاملة وأن (سعاد كانت ترتدى ملابس منزلية فاتحة اللون وتضع تعصيبة فلاحى على رأسها عندما اصطحبها ابنى مجدى إلى منزلنا لإخفائها) موضحة أنها قدّمت لجارتها عباءة سوداء لترتديها لأن سيدات القرية لا يخرجن إلى الشارع بملابس فاتحة اللون وساعدتها على الوصول إلى المنزل المجاور عبر السطوح. ولم يكن تغيير أقوال عنايات هو الأمر الوحيد الغريب فلقد تم اتهام شخص متوفٍ وآخر قعيد ضمن المتهمين فى الأحداث وهو الأمر المستحيل الذى يبطل الاتهام لباقى المتهمين وتؤكد مصادرنا داخل قرية الكرم أن إدراج المتوفى والقعيد ضمن أسماء المتهمين جاء بناء على معلومات من أحد الخفراء التابعين لوزارة الداخلية الذى يعتبر مصدرا من مصادر معلومات المباحث. تكريم دولى مضروب محاولات النفخ فى نار الفتنة لم تتوقف على المخططات الداخلية، ولكن هناك مخططات خارجية أحكمت بدقة وعناية بغرض تلميع بعض الأشخاص لأنفسهم إعلامياً بغض النظر عما إذا كان هذا التلميع يضر بالقضية محل التحقيق من عدمه، فلقد تداولت وسائل الإعلام خبراً مفاده أن جهات دولية قررت تكريم سيدة الكرم لجهودها الإنسانية!! وكذلك تكريم الأنبا مكاريوس والرئيس السيسى لموقفهما فى قضية قرية الكرم ويقول شريف الدهشان المحامى الحقوقى (هذا الأمر عجيب فعلى الرغم من أن سيدة الكرم تم الاعتداء عليها وتعريتها وجار اتخاذ الإجراءات القانونية لإعادة حقها لها ولكن ما هى الجهود الإنسانية لتلك السيدة التى تكرم عنها ومع أننا نحترم ونثمن وندعم موقف الأنبا مكاريوس الوطنى والحقوق المشروعة التى يطالب بها إلا أنه ما هو الدور الخارق لأسقف وهو مواطن مصرى يطالب بمطلب عادى وعادل وهو إعمال وتنفيذ القانون لكى يتم تكريمه فهل ستكرم الأممالمتحدة كل من يلجأ إلى القانون للمطالبة بحقوقه كما أن رئاسة الجمهورية لم تعلن عن أن هناك تكريما سوف يتم للرئيس من قبل أى جهة دولية الأمر مريب ويبطن ما لا يظهر). وبالبحث عن حقيقة هذا التكريم وجدنا أن من وراءه شخص يدعى «أشرف فهيم» يقيم خارج مصر ويتنقل بين العديد من الدول ويدير كيانا وهميا باسم «المفوضية الدولية لأصدقاء الأممالمتحدة» وهى منظمة لا مقر لها ولا تتبع الأممالمتحدة ولا إحدى منظماتها ولا يوجد للمفوضية المزعومة أى نشاط أو تاريخ سوى تكريم الكاتبة فاطمة ناعوت المتواجدة فى كندا والتكريم لا ضير فيه ولكن لا يكون من كيان مزعوم ووهمى يسعى صاحبه للظهور الإعلامى فهنا يفقد التكريم قيمته كما أن الأسقف والسيدة المجنى عليها هما أحد أطراف قضية تتداولها جهات التحقيق وتكريمهما على دورهما فى تلك القضية التى لم تحسمها التحقيقات بعد وهو استباق لانتصار لهما دون وجه حق وهو ما يمكن أن يثير الطرف الآخر ويشعل نار الفتنة. مزايدات كنسية قنبلة من التصريحات والبيانات لجهات كنسية انفجرت الأسبوع الماضى لم تأت فى مجملها بجديد ولكنها أعادت صياغة موقف البابا والأنبا مكاريوس فى القضية، ولكن بصيغة مستفزة بهدف الظهور بمظهر حماة الإيمان والعقيدة الأرثوذكسية والغريب فإن جميع البيانات سواء كانت من جهات كنسية أو أساقفة ثمنت وتبنت موقف الرئيس من القضية وهو ما يفرض على الجميع التوقف عن إصدار أى بيانات لحين ظهور نتيجة التحقيقات وإعمال القانون ولكن «الشو الإعلامى» دفع بالجميع إلى محاولات إيجاد موطئ لأقدامهم فى المشهد الإعلامى المزدحم المصاحب للقضية حتى إن هناك كيانات خرجت من قبور الموتى لتشهر سيف حماية الإيمان مثل المجلس الملى العام المنحل قانوناً الذى أصدر بياناً شديد اللهجة يطالب فيه بإعمال القانون الذى لم يلتزم به من أصدر البيان ويعلم أنه لا يحق له قانوناً التحدث باسم كيان منحل قانوناً وكان من تلك البيانات أيضاً بيان لجنة الازمات بالمجمع المقدس الذى جاء خاليا من أى خطة لإدارة الأزمة واكتفوا ب(التضرع لله القدوس ليحفظ بلادنا الغالية) كذلك بيان للمتحدث الرسمى بالكنيسة القس بولس حليم الذى احتفى فيه بالتكريم المزعوم للأنبا مكاريوس وسيدة المنيا المجنى عليها كذلك بيان تضامنى من أساقفة الصعيد وبيان من الأنبا بيمن لا يسمن ولا يغنى من جوع أما أغرب التصريحات التى لاقت هجوماً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعى فهى تصريحات الأنبا يؤانس أسقف أسيوط حيث قال فى رسالة لسيدة المنيا (اسمحى لى أن أناديكى «السيدة التى تمجدت»).