مثل البركان الذى ينفجر دون إنذار، انفجرت أزمة الملابس المحتشمة، داخل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، على خلفية إصدار بعض أساقفة الكنيسة تعليمات صارمة لرعاياهم من النساء والفتيات بالتزام الحشمة فى الملبس داخل أروقة الكنيسة خاصة فى الأفراح، وتوعدت تلك التعليمات من يخالفها بالويل وعظائم الأمور، وهو ما دفع أحد قساوسة الكنيسة القمص شنودة منصور للظهور بصحبة محام مغمور فى إحدى الفضائيات، وانبرى للدفاع عن قرارات الكنيسة التى تتصدى لعرى النساء داخل الكنيسة، وصور الأمر على أن الكنائس قد أصبحت مستعمرة للعراة من النساء. وفجأة أجرى قس آخر وهو جوناثان رفعت مداخلة هاتفية استنكر فيها حديث منصور ولامه على مناقشة أمور الكنيسة على شاشات التليفزيون، مؤكداً أن ما أتاه منصور يخرج عن أصول الكهنوت، وعلى أثر ذلك ثارت ثائرة الأقباط وهو ما دفع البابا تواضروس لإصدار تعليماته بإيقاف القمص شنودة منصور عن ممارسة كل الأعمال الكهنوتية وإحالته إلى التحقيق لامتصاص غضب الشارع القبطي، ونحن نؤكد مسبقاً أن الكاهن الموقوف لن توقع عليه أى عقوبات كنسية وسوف يعود لممارسة عمله، وسيتم الاكتفاء بتقديمه اعتذارًا يؤكد فيه أنه لم يقصد إهانة المسيحيات وأن تصريحاته فهمت خطأ وتم اقتطاعها من سياقها بمعرفة الإعلام المضلل، فالكاهن له (ضهر ومش ها ينضرب على بطنه) والأزمة مفتعلة واستغلها البعض لدق الأسافين بين البابا تواضروس ورعاياه ومحاولة اختلاق مشكلات قبل موعد انعقاد المجمع المقدس فى الشهر القادم لإحراج البابا داخل المجمع. فتش عن الأنبا بيشوى هو أول من أثار أزمة الحشمة داخل الكنيسة وأصدر تعليمات بعدم دخول أى فتاة أو سيدة ترتدى (بنطلون) وطالب المسيحيات بالاقتداء بالنساء المسلمات وارتداء الحجاب، وهو ما أثار وقتها موجة غضب عارمة أدت إلى تراجع الأنبا بيشوى عن تنفيذ تعليماته، وبيشوى يشن حرب خفية لتقزيم البابا وتحجيمه منذ أن جلس الأخير على كرسى مارمرقس وقد اشتدت نار تلك الحرب هذه الأيام حيث قام بيشوى بتسريب صور تجمعه مع البابا تواضروس يظهر فيها بيشوى مطراناً والبابا لا يزال علمانيا لم يسلك فى الرهبنة بعد، كما أن الأنبا بيشوى يمول بعض المواقع الإليكترونية وصفحات التواصل الاجتماعى التى تترصد البابا فى كل تصرفاته وآرائه خاصة فى العقيدة واللاهوت. إسدال الأنبا بموا على الرغم من أن خطة بيشوى لقمع نساء الكنيسة قد فشلت إلا أنه أوعز لبعض أتباعه من الأساقفة بإصدار تعليمات مماثلة فى إيبارشياتهم لقمع النساء وهو ما فعله الأنبا بموا أسقف السويس وكان أكثر تشددا من سيده، حيث أصدر لائحة تعليمات جاء ضمن ما جاء بها أن أى سيدة تحضر إلى الكنيسة خاصة فى الأفراح سواء كانت العروس أو المدعوات ولا يلتزمن بالحشمة فسوف يتم إلباسهن حرملة (إسدال) عند دخولهن من باب الكنيسة حتى خروجهن من الفرح دون أن يحدد مظاهر هذا الاحتشام أو شكل الزى الكنسى الذى يجب أن تلتزم به النساء. الرقص الخليع وتستمر خطة بيشوى فى قمع نساء الأقباط ليصدر الأنبا ديمتريوس بيانًا يحذر فيه من عدم إتمام مراسم الزواج بسبب ما أسماه (الرقص الخليع) فى ليلة الحنة فالأمر هنا لم يقتصر على قهر النساء داخل أسوار الكنيسة ولكنه تعدى ذلك إلى خارج الكنيسة ليقوم الأسقف بتعقب النساء داخل منازلهن أيضا. تعقب الجميع لم تقتصر بيانات أساقفة الكنيسة على فرض الحشمة على النساء فقط بل إن الأمر تعدى ذلك إلى الرجال أيضاً ولا نعرف بعد كيف يتحلى الرجال فى ملابسهم بالحشمة، فقد أصدر الأنبا بيانا حذر فيه العروس بعدم إتمام مراسم الزفاف إذا لم تتحلى بالحشمة فى ارتداء (فستان الفرح)، بل إن البيان تعدى العروس ليحذر كل المدعوين فى الفرح من مغبة عدم الالتزام بالحشمة. مخطط الكبار أزمة الحشمة إذن ليست مستحدثة ولكن يتم التخطيط لها منذ فترة طويلة، كما أنها ليست صناعة الكهنة ولكنها مخطط للكبار أرادوا من ورائه تفجير أزمة بين الكنيسة وشعبها ومع كل تلك البيانات التى أصدرها العديد من أساقفة المجمع المقدس، إلا أننا لم نسمع أن الكنيسة أحالت أحدهم للتحقيق أو أوقفته عن ممارسة عمله الأسقفى أو حتى وجهت له اللوم أو التوبيخ على خوضه فى عرض نساء الكنيسة، فلماذا إذن تم إيقاف القمص شنودة منصور عن كل الأعمال الكهنوتية وتم إحالته للتحقيق على الرغم من أنه لم يبتدع نظاماً ولكنه كان يدافع فقط عن قرارات وتعليمات وتحذيرات آباء الكنيسة؟ من هو منصور؟ القمص شنودة منصور شقيق الأنبا بطرس الأسقف العام صاحب قناة أغابى الأكثر مشاهدة بين الأقباط والسكرتير السابق للبابا شنودة والذى أطاح به البابا تواضروس من هذا المنصب عقب اختياره بطريركًا، ومنصور هو الكاهن المثير للجدل داخل الكنيسة وصاحب أشهر الفتاوى الجنسية فى كيفية (عودة المسيحى لصباه) فهو من أفتى بعدم جواز ختان الذكور على الرغم من أن ختان الذكور فريضة مسيحية ولكنه يرى أن الذكر الذى لم يختتن هو أكثر فحولة من الذكر المختون والغريب أنه يبيح ختان النساء بحسب الاحتياج كما أنه صاحب أشهر النصائح الجنسية للزوجين ليلة التقدم للأسرار المقدسة، كما أنه له باع كبير فى فتاوى تقدم (الطامث) إلى الأسرار المقدسة وهو رشحه للظهور الإعلامى على كل وسائل الإعلام وقد تم الدفع به من قبل أخيه الأنبا بطرس لطرح قضية الحشمة على الرأى العام وافتعال أزمة، فلو أن القمص أراد أن يناقش القضية مسيحياً فلديه قناة فضائية يمتلكها أخوه يستطيع الظهور فيها كيفما يشاء، ولكن الأزمة خطط لها خاصة لو علمنا أن بطرس هو الصديق الأوفى للأنبا بيشوى ويجمعهما ثأر من البابا تواضروس ومنصور يقف من ورائه الحرس القديم بالمجمع المقدس هذا الحرس لن يقبل بالإطاحة بمنصور أو توقيع أى عقوبات عليه، والأمر الذى يثير الاستغراب هنا أنه على الرغم من أن منصور قيد التحقيق بمعرفة البابا، إلا أنه أصدر بياناً أعلن فيه التحدى للبابا قام بإرساله إلى المتحدث الرسمى للكنيسة يطالبه بنشره على صفحته الرسمية، وهو ما لم يفعله المتحدث فقام بتسريب البيان إلى وسائل الإعلام حيث حذر البابا فيه من الإطاحة به و«أكل لحمه»، وقال محذراً (أتمنى أن يكون الصوم الكبير له فاعلية فى حياتنا مصداقا للقول المشهور خير لك أن تأكل لحما من أن تصوم وتأكل لحم الناس). جوناثان القس الغامض القس جوناثان رفعت هو القس الغامض فما أتاه مع زميل المهنة القمص شنودة منصور هو حق يراد به باطل ظاهره حسن وباطنه خبيث، فالمتعارف عليه داخل السلك الكهنوتى هو عدم تخطئة كاهن أمام علمانى أيًا كان خطأ الكاهن، ولكن يتم لوم الكاهن فى الغرف الضيقة فما بالنا وقد خطأ جوناثان زميله أمام 90 مليون علماني، كما أن جوناثان لام منصور على أنه يناقش أمور الكنيسة خارج الكنيسة، وهو ما وقع فيه جوناثان فكان الأولى به أن يتصل بزميله بعد البرنامج وينقده كيفما شاء فهو وقع فيما استنكره على زميل المهنة وبعيدا عن روحانيات الكنيسة فما أتاه جوناثان هو سقطة مهنية كان يجب محاسبته عليها وكان لابد لنا من التواصل معه لفك طلاسم موقفه الغريب ولكن على الرغم من تصريحاته المقتضبة معنا إلا أنها زادت الأمور غموضاً. بأمر البابا فى البداية رفض جوناثان التواصل تليفونياً معنا متعللاً بأنه ممنوع بأمر الطبيب من الحديث فى التليفون بسبب مشاكل يعانى منها فى أذنيه، فالقس الذى أجرى مداخلة هاتفية يكيل فيها لزميله الاتهامات أصيب فجأة فى أذنيه وطلب التواصل عبر الرسائل الإلكترونية وهو ما كان له ثم عاد وامتنع عن الحوار بحجة أنه لا يناقش أمور الكنيسة خارج الكنيسة فواجهناه بأن المشكلة كلها كانت خارج الكنيسة، وأنه اتصل ببرنامج تلفزيونى يناقش الشأن العام وأن هناك اتهامات موجهة له بافتعال الأزمة وإحراج القمص شنودة منصور على الهواء فحاول التهرب قائلاً: «حضرتك ماتجرنيش أنى أجاوبك على أسئلتك. أنا بخضع لكلام البابا تواضروس إن مافيش أى حد يتكلم عن الكنيسة غير بأذن خد إذن الكنيسة أن حضرتك تعمل معايا حوار»، ثم ألقى بقنبلة من العيار الثقيل قائلاً: «أنا مابعملش حوارات ولا بجاوب على أسئلة ولا بطلع فى برامج غير بإذن من قداسه البابا تواضروس.. وأنا أكن لحضرتك كل احترام. لكن مضطر أنهى الحوار»، وهو ما يعنى أن مداخلته التليفونية كانت بإذن من البابا تواضروس فهل يستعدى قداسة البابا كهنته ضد بعضهم؟ وإن كان الأمر كذلك فهل عدم البابا رجاله حتى يدفع بهذا القس ليدلى بتصريحاته النارية، كما أن البرنامج كان يذاع فى وقت متأخر من الليل فهل يعقل أن البابا فى هذا الوقت كان جالساً لمتابعة البرامج التليفزيونية؟ المتحدث لا يتحدث تواصلنا مع القس بولس حليم وحملنا له الأسئلة التى فجرتها تصريحات القس جوناثان التلغرافية وسألناه عن كيفية الحصول على إذن من الكنيسة لإجراء حوار مع القس فأفاد بأن «القس هو من يتقدم لطلب التصريح وليس الصحفي»، وعما إذا كان القس قد حصل على تصريح من البابا لإجراء مداخلته الهاتفية التى أشعلت الأجواء قال القس بولس حليم «يسأل فى ذلك أبونا جوناثان»، ولم ينف أو يؤكد صحة المعلومة وسألناه: هل تعنى تصريحات جوناثان أن البابا يستعدى رجاله ضد بعضهم فقال: «ما فيش داعى نحمل الأمور أكتر مما تحتمل» لتزيد تصريحات المتحدث الرسمى للكنيسة الأمور غموضاً وتعقيداً.