جاء المؤتمر العالمى للفتوى الذى عقدته دار الإفتاء المصرية الأسبوع الماضى وحضره العديد من كبار العلماء ورجال الدين من 50 دولة فى وقت نحتاج فيه لنشر مفاهيم الوسطية والاعتدال والبعد عن التشدد والابتذال بعدما أصيبت المجتمعات الإسلامية ببلاء فوضى الفتاوى الشاذة التى أدت بِنَا إلى ما نراه اليوم من اعتناق الأفكار المتشددة وما ترتب عليه من القيام بالعمليات الإجرامية والإرهابية. ولا يخفى على أحد مدى أهمية الفتوى وتأثيرها البالغ فى عقول الشباب وكيف يستخدمها بعض الحاقدين لنشر مآربهم الرخيصة دون أن يجدوا تصديًا حقيقيًا وآلية فعالة للقضاء على تلك الفتاوى الضالة أو محاربتها قبل أن تكون سببًا رئيسياً فى التأثير السلبى على عقول أبناء وشباب المجتمع فيعتنقون أفكاراً هدامة تؤثر على مسيرة التقدم والإصلاح. ولا شك أن فوضى الفتاوى التى نعيشها الآن سواء فى الفضائيات أو مواقع التواصل الاجتماعى ما هى إلا تدعيم للفكر الإرهابى الذى أصبحنا نعانى منه بشكل كبير فى الآونة الأخيرة، لذلك لابد من تسليط الضوء على الذين يتصدون للفتوى وإعدادهم وتهيئتهم لهذه المهمة الصعبة التى أصبحت فى رأيى (مهمة قومية) نستطيع من خلالها القضاء على الفكر الإرهابى وتنقيته من التطرّف والانحراف فالتأهيل العلمى للمفتى وإلمامه بأحكام القرآن الكريم وتفسيراته المعاصرة وربط الفتوى بالواقع الذى نعيش فيه والاهتمام بإنشاء مؤسسات تعليمية خاصة للتدريب على مهمة الإفتاء يعمل على تخريج المفتى المتخصص الكفء الذى يستخدم الفكر الوسطى المستنير الذى يستطيع التصدى للفتاوى الشاذة التى تعمل على تدمير وتخريب عقول الشباب فالقضاء على الإرهاب لن يكون سوى بمواجهة الفكر بالفكر والتجديد فى علوم الفتوى، حيث إن الحل الأمنى وحده لا يكفى. ولقد اهتم مؤتمر دار الإفتاء المصرية الذى جاء بعنوان (الفتوى.. إشكاليات الواقع وآفاق المستقبل) بالارتقاء بالإفتاء من أزمة الفوضى والجمود وصولاً إلى الإفتاء الحضارى الذى يحقق التنمية واستقرار المجتمعات سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وطرح المؤتمر 5 مبادرات لحل أزمة فوضى الفتاوى أهمها إنشاء أمانة عامة لدور وهيئات الفتوى فى العالم يكون مقرها القاهرة وإنشاء مركز عالمى لإعداد الكوادر القادرة على الإفتاء عن بعد كذلك إنشاء مركز عالمى لفتاوى الجاليات المسلمة وإنشاء ميثاق شرف للفتوى يتصدى لفتاوى غير المتخصصين مع تنفيذ مشروع علمى لتفنيد الفتاوى التكفيرية بالتعاون مع كبار العلماء والمفتين فى العالم. والسؤال: هل ستقضى تلك المبادرات على السلبيات التى أعاقت الإفتاء من القيام بدوره عبر سنوات طويلة وتنتهى فوضى الإفتاء؟! ∎