ضربة قاصمة وجهها الرجل القوى بالدعوة السلفية الدكتور ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية إلى «الحرس القديم» أو «الأربعة الكبار» مؤسسى الدعوة السلفية التاريخية. الضربة أطاحت بالأربعة الكبار، من مجلس إدارة الدعوة السلفية، على خلفية خلافهم مع برهامى حول العمل السياسى! ففى حين يرى نائب رئيس الدعوة أن دخول «دهاليز السياسة» سيقوى الدعوة، يدفع الأربعة الكبار بأن السياسة مفسدة يجب أن ينأى رجال الدعوة عنها، حفاظًا على الدين من «دنسها»، وهو الأمر الذى يتماشى مع مقولات السلفية قبيل ثورة 52 يناير، وهى المقولات التى «لحسوها» كليًا، عبر تأسيس حزب النور، وما أجراه من صفقات متنوعة، مع الفريق الهارب أحمد شفيق ثم مع الإخوان فى مرحلة لاحقة. والأربعة المطاح بهم هم: محمد إسماعيل المقدم، وأحمد فريد، وأحمد حطيبة، وسعيد عبدالعظيم، الذى قرر برهامى تجميد عضويته عوضًا عن استبعاده كليًا، لأسباب غير مفهومة، ولكن مما يثير الشكوك فى هذا القرار تحديدًا أن عبدالعظيم - الهارب حاليًا، إلى جهة غير معلومة - من مؤيدى الإخوان، ما يحمل احتمالات أن يكون الرجل بطريقة ما يؤدى دور همزة الوصل بين برهامى والإخوان.. صحيح أن هذا احتمال مستبعد، فى ظل المعلن من خلافات بين الفصيلين السياسيين ذوى المرجعية الدينية، لكن بالنسبة لبرهامى فكل شىء ممكن، وكل صفقة سرية ليست مستبعدة، ولم يتسن لبرهامى حسب مصادر سلفية اتخاذ قرار الإطاحة بالأربعة الكبار إلا بعدما ضم إلى عضوية مجلس الدعوة خمسة من أبرز مؤيديه وتلاميذه، وهم: غريب أبو الحسن ورضا ثابت ومحمد شريف أبو عابد وعادل نصر ومحمد إبراهيم منصور. وعندما أصدر برهامى «فرمان» الإطاحة بالأربعة الكبار، خلال اجتماع الجمعية العمومية لجمعية الدعاة الخيرية، نهاية الشهر الماضى، أيده المجلس بأعضائه الجدد، بالإضافة إلى ثمانية أعضاء من المجلس القديم، مقابل وعود بعدم المساس بهم، والإبقاء عليهم فى المجلس، إن لم يخرجوا عن سمع وطاعة برهامى الذى أصبح الرجل رقم واحد، أو ربما الرجل الأول والأخير فى الدعوة. وتعتبر جمعية الدعاة الخيرية هى الكيان الرسمى والقانونى للدعوة السلفية والمقيد بوزارة التضامن الاجتماعى. وكشف المصدر السلفى ذاته عن أن الثمانية القدامى بالمجلس قبلوا صفقة برهامى بعدما هددهم فى جلسة خاصة قائلاً: «الكلام عن البعد عن السياسة كلام فاضى وغير مقبول، واللى مش عاجبه يقدر يقدم استقالته، أما اللى هيوافق على طريقتنا فى خدمة الدعوة فأهلاً وسهلاً به، لا يمكن الابتعاد عن السياسة لأنها فرع من العمل الدعوى. ومؤخرًا ضم مجلس إدارة الدعوة 5 قيادات من حزب النور إلى صفوفه وهم: الدكتور يونس مخيون رئيس حزب النور، والمهندس جلال مرة الأمين العام للحزب، والمهندس أشرف ثابت نائب رئيس الحزب، والدكتور محمد إبراهيم منصور مساعد رئيس الحزب، والشيخ غريب أبو الحسن أمين شئون العضوية بالحزب، مما يدل على كذب التصريحات المتكررة لقيادات الدعوة السلفية ولحزب النور والتى تؤكد الفصل التام بين إدارة كل كيان منهما، وأن قيادات الدعوة لا شأن لهم بأمور الحزب وقيادة الحزب لا وجود لهم بالعمل الدعوى، ولكن جاءت نتائج انتخابات مجلس إدارة الدعوة السلفية الأخيرة لتفضحهم، وأكد المصدر السلفى أن مشايخ الدعوة السلفية هم أصحاب القرار الأول والأخير داخل حزب النور السلفى موضحًا أن عددًا من المشايخ يحضرون اجتماعات الجمعية العمومية بالحزب مع التكتم على هذه الأنباء مخافة وصولها إلى الصحف التى تشن هجومًا على السلفيين. وتنص المادة 44 من لائحة الحزب أن الجمعية العمومية للحزب تتشكل من خمسة مندوبين من كل محافظة، والأعضاء الدائمين باللجان المتخصصة على مستوى الجمهورية، والمحافظين من أعضاء الحزب، ورؤساء المجالس المحلية والشعبية بالمحافظات، وأعضاء الهيئة العليا، وأعضاء الحزب السابقين بمجلسى الشعب والشورى، وخمسين من الأعضاء المؤسسين يتم انتخابهم وفقًا للمادة 43 من اللائحة، وأمين عام المحافظات، ولكن حضور مشايخ الدعوة السلفية لاجتماع الجمعية العمومية لحزب النور كان السبب الرئيسى فى عقدها فى سرية بعيدًا عن أعين الجميع، وذلك لسببين: أولهما أن الحزب يخشى من شبهات الجمع بين العمل السياسى والدعوى، والثانى أن مشايخ الدعوة يخشون من سحب تصاريح الخطابة واتهامهم باستغلال المنابر فى العمل السياسى فى حال اكتشفت وزارة الأوقاف حضورهم. وقال المصدر: إن قرار برهامى بالإطاحة بالأربعة الكبار أشعل ثورة داخلية بين القواعد الشبابية من السلفيين الذين اعتبروا تصرف برهامى إهانة للرجال الذين بذلوا الجهد والعرق من أجل تدشين المدرسة السلفية والحفاظ على الدعوة التى تتعرض إلى هجوم شرس ممن يوصفون بأعداء التيار الإسلامى. وهدد الشباب بانشقاق جماعى من الدعوة السلفية ما لم يتراجع برهامى عن قراره، لكن الرجل القوى أبلغ عددًا من المقربين إليه بأن قراره لا رجعة فيه، وعلى الذين لا يعجبهم الأمر أن يخبطوا رءوسهم فى الجدار.∎