صاعدت أسهم بورصة الهجرة إلى أوروبا من العالم العربى، فى ظل الأوضاع المأساوية التى يشهدها الشرق الأوسط، وحالة الإحباط التى تسيطر على الشباب بوجه خاص، بعد ثورات انحرفت وأخرى لم تؤتِ ثمارها. ووفقا لإحصائية ألمانية، فإن طلبات الهجرة تحت بند اللجوء السياسى من سوريين بلغت أكثر من 2500 طلب منذ بداية العام الجارى، أما فرنسا التى أصبحت عاجزة عن استقبال موجات المهاجرين من المغرب العربى، فقد سنت قوانين تحرم حتى الطلبة العرب من امتيازات كالحق فى العمل إلى جانب الدراسة.. هذا إلى جانب الهجرة غير الشرعية التى قدرت دراسة إيطالية أرباح السماسرة من ورائها بأكثر من 6 مليارات جنيه. صحيفة «الجارديان» البريطانية قالت فى تقرير بالغ الأهمية: إن الحروب فى سوريا والعراق وليبيا، بالإضافة إلى الاضطرابات فى بلدان الربيع العربى أسفرت عن تشريد نحو 17 مليون لاجئ. وأضافت الجارديان أن هناك ما يقرب من 3,33 مليون «مشرد داخلى» فى البلدان التى مزقتها الحروب. الأمر الذى اضطر الكثير من الناس فى منطقة الشرق الأوسط لاختيار أخف الضررين ومحاولة عبور البحر الأبيض المتوسط بطرق خطيرة، على أمل الحصول على حياة أفضل فى أوروبا. ونقلت الصحيفة عن «ليونارد دويل» المتحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة أن «هذه الأرقام للاجئين والمهاجرين غير مسبوقة، وإن مثل هذه الأرقام لم تسجل منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، بل إنه فى تلك الأثناء، كان تدفق الهجرة يحدث فى الاتجاه المعاكس». وتابعت الصحيفة: السياسيون الأوروبيون يعتبرون أن بإمكانهم الحد من عبور المهاجرين للبحر المتوسط عن طريق الحد من عمليات الإنقاذ، ولكن من ناحية أخرى يرى اللاجئون أن الاضطرابات فى الشرق الأوسط لم تترك لهم أى خيار آخر سوى التوجه إلى البحر. وأشارت الصحيفة إلى أن أكثر من 45000 مهاجر، قد قاموا بتعريض حياتهم للخطر خلال عبورهم البحر المتوسط للوصول إلى إيطاليا ومالطا فى عام 2013 بينما توفى 700 آخرون أثناء محاولتهم القيام بذلك، مشيرة إلى أن عدد القتلى ارتفع أكثر من أربع مرات فى عام 2014 ليصل إلى 3224 شخصا. وقال أحد اللاجئين السوريين يعيش فى مصر إنه يريد الآن الوصول إلى أوروبا لأن «أولئك الناس الذين لقوا حتفهم كانوا يعيشون معنا ونحن نعرفهم جيدًا»، مؤكدا: «سنحاول عبور البحر مرة أخرى، لأنه ليس هناك فرصة للحياة بالنسبة لنا كسوريين هنا». وأوضحت الصحيفة أن الوضع فى سورياولبنان وفى الأردن يزداد سوءًا، حيث يوجد فى لبنان أكثر من مليون لاجئ سورى، وهو ما يمثل أكثر من خمس إجمالى عدد السكان فى البلاد؛ وقد خلق وجودهم عبئا غير مسبوق على الموارد الوطنية، مما أدى إلى قيام الحكومة اللبنانية الأسبوع الماضى، بتشديد القيود على دخول السوريين إلى البلاد. واستطردت: رغم توجه تركيا بقوة نحو تعزيز حقوق اللاجئين، فإنها من المرجح أن تظل الشواطئ التركية نقطة انطلاق شعبية للمهاجرين الذين يتطلعون إلى الوصول إلى أوروبا بسبب التكلفة العالية نسبيا للمعيشة، فضلا عن تنامى ظاهرة كراهية الأجانب، وخاصة فى جنوب البلاد. وأشارت الصحيفة إلى أنه بالنسبة لليبيا، التى تعد نقطة رئيسة أخرى على طريق الهجرة من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فهى أيضا لم تعد ملاذا آمنا بعد اندلاع الحرب الأهلية بها فى العام الماضى، وتثير محنة اللاجئين هناك، وكذلك فى جميع أنحاء المنطقة، السخرية من الفكرة التى تقول إن سبب تزايد موجات الهجرة ببساطة أسباب اقتصادية فقط. وأظهرت دراسة أعدتها مجموعة مبادرة التعدد العرقى الإيطالية حجم الزيادة الهائلة فى أعداد المهاجرين غير الشرعيين منذ انطلاق شرارة الثورات العربية فى تونس بداية عام 2011 وأوضحت أنه خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2012 وصل إلى إيطاليا عن طريق البحر أكثر من 51 ألف مهاجر غير شرعى. وتحت عنوان «الربيع العربى يتسبب فى أكبر موجة للمهاجرين منذ الحرب العالمية الثانية»، سلطت صحيفة «جارديان» البريطانية الضوء على أن المهاجرين الفارين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يخاطرون بكل شىء أثناء محاولتهم الهرب من الحرب فى أوطانهم. أوضحت الصحيفة أن اكتشاف «سفينتين»، تحملان مئات المهاجرين دون طاقم، وتبحران نحو السواحل الإيطالية، ليس سوى أحدث أعراض ما يعتبرها الخبراء أكبر موجة من الهجرة الجماعية فى العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وفى السياق ذاته، أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إلى أن السلطات الإيطالية تخشى أنه قد يكون لدى «مهربى» المهاجرين غير الشرعيين استراتيجية جديدة وخطيرة لتجنب الاعتقال، وذلك من خلال هجرهم السفن والقوارب المستخدمة وتركها لمصيرها عائمة فى عرض البحر. وتشير إحصاءات مصرية إلى أن تزايد نسبة البطالة بشكل كبير بين الشباب المصرى والتى تتراوح بين مليونين وستة ملايين شاب بنسبة تقترب من 10 - 20٪ من العمالة المصرية، واكبها زيادة إقبال الشباب على السفر إلى الخارج، خصوصا إلى الدول الأوروبية بهدف تحقيق الثراء السريع من جانب شبان تأثروا بالأفلام الأجنبية وقصص رواها نفر قليل منهم سافر للخارج وعاد غانما بعدما استقر هناك منذ سنوات وتزوج أوروبية. وبين الحين والآخر، تشهد صالات الوصول بمطار القاهرة الدولى أو الجزائر أو المغرب أو ليبيا مشاهد مأساوية فى صورة مجموعة من الشباب المحطم نفسيًا وماديًا قادمين وسط حراسة أمنية مشددة من الجهات الأمنية فى البلاد الأوروبية المرحلين منها بعدما كانوا يحلمون بالسفر إلى هذه البلدان والعيش بحياة رغدة، وكل منهم يروى حكاية مختلفة عن ظروف معيشية صعبة وبطالة قاتلة دفعته للبحث عن أى وسيلة للسفر.∎